وسط أكثر من 50 مسلسلا وما يزيد علي الثلاثمائة فنان، كان لهؤلاء الاثني عشر الفضل في إجبارنا علي الجلوس أمام التليفزيون في رمضان.. كانوا هم السبب في أن ننتظر طلتهم بعدما أصابتنا خيبة الأمل في مبدعين آخرين كنا ننتظر منهم أكثر مما قدموا.. كانوا نجوما - كل في مجاله- تصدوا لمهامهم بأرواح محاربين دون صخب الكبار.. لم يصرخوا مؤكدين أنهم الأفضل، بل إنهم قدموا أنفسهم لنا بكل هدوء ودون فرد للعضلات.. خالد الصاوي بأدائه رفيع المستوي في «أهل كايرو» والذي جعله واحداً من أهم نجوم الدراما المصرية، مجبراً الجميع علي انتظار جديده كل عام، مع نص بديع للكاتب بلال فضل قلب به موازين الدراما التليفزيونية، ووضعه في مقدمة كتابها، ومخرج متمكن كان أمينا علي النص وعلي ممثليه، ثم خالد صالح بأداء راق لممثل متمكن من أدواته في مسلسل «موعد مع الوحوش»، جعله ينافس ويتفوق علي الكبيرين عزت العلايلي وسهير المرشدي، ويناطحهما رأسا برأس. ثم يقدم لنا المخرج سامح عبد العزيز مع السيناريست أحمد عبدالله في أول أعمالهما للدراما، أحد أجمل الأعمال الدرامية التي صنعت في الأعوام الأخيرة.. في "الحارة" نحن أمام دماء جديدة في الكتابة والإخراج والتمثيل.. لا توجد حدوتة واحدة، وإنما حواديت.. بانوراما كاملة للحارة المصرية وأهلها - أهلنا- الذين شوه الفقر ملامحهم وأرواحهم.. نقل لنا الثنائي عبدالعزيز وعبدالله نبض هؤلاء بأمانة وصدق، وحوار لا يعرف الافتعال، فاستحقا أن يكونا الأفضل والأجمل هذا العام.. تمكنا أخيرا من إخراج أجمل ما في الممثلين دون أن نضحك من فرط مكياجهم وسخف مبالغته.. ظهر في المسلسل صلاح عبدالله في دور صعب ومجهد، فأداه باحترافية ممثل متمرس في طريقة السهل الممتنع، كما ظهرت نيللي كريم أخري لا نعرفها.. قوية وجريئة وواثقة بأداء يخاصم التكلف، ورانيا يوسف جديدة لم يكتشفها أحد من قبل سوي سامح عبد العزيز ومن قبله محمد علي في «أهل كايرو». أما بسمة في «قصة حب» فقد فجرت المفاجأة بدور بعيد عنها تماما، ولكنها تلبسته وكانت جديرة باحترامنا ومستحقة لدور صعب مكتوب باحتراف ومختوم بضمان السيناريست مدحت العدل. ودون أي دعاية مفرطة قدم لنا السيناريست الكبير يسري الجندي نصا راقيا يليق باسمه بعنوان «سقوط الخلافة»، بينما فاجأنا المخرج حسني صالح في ثاني تجاربه الإخراجية بواحد من أعمق وأجمل المسلسلات التي قدمت هذا العام «شيخ العرب همام» لنص كتبه بتعمق و«حرفنة» السيناريست عبد الرحيم كمال، ليبهرنا بحياة رجل لم نكن نعرف عنه شيئا، وكانت صابرين مع القدير يحيي الفخراني علي قدر عظمة النص وروعة إخراجه، فاستحقت أن تكون الأفضل بالباروكة أو بدونها، ولو كره أعضاء حزب ضرب النار في الفرح. أما الشاعر الجميل أيمن بهجت قمر فقد قدم لنا من خلال تتر «أهل كايرو» نقدا اجتماعيا لاذعا دون بهرجة أو ضجيج.. بكلمات بسيطة دخلت العقول واستقرت في الوجدان. اخترنا هؤلاء الاثني عشر، لأنهم الأفضل عن جدارة، ولأنهم لا يملكون شللا «تطبل» لهم وتثني علي ما يقدمونه بعد مكالمات هاتفية تطلب ذلك.. اخترناهم لأنهم لم يطلبوا الأفضلية، ولكن لأنهم فرضوها علينا وأجبرونا علي احترام استحقاقهم لها.