النحتجي شخص أوتي من المهارة والشطارة أن يكرر ما يفعل بأشكال مختلفة لتظن أنه بذلك يبذل مجهودا فذا لكن دون إبداع، ملاحظتي لفئة النحتجية بدأت من خلال القراءة، فوجدت من خلالها أن هناك من يكتب أكثر من موضوعين باليوم الواحد لتنشر في أماكن مختلفة، وبظن بريء مني بدأت أتعجب لتلك المقدرة علي كل هذه الكتابة، مع العلم أن الكتابة ليست بالسهلة أو هكذا كنت أتصور... ثم بملاحظة الكتاب الشباب وكل منهم يطبع كتابين بالعام الواحد لا يختلفان كثيرا سوي في شكل الغلاف الخارجي ودار النشر وبعض الهراء بالداخل، تتفوق عليهن الفتيات صاحبات الحس المرهف والآراء البلاستيكية والمواضيع التي مازالت تثبت أن ركن المرأة في كل الصحف والمجلات كانت تسمية عبقرية لوصف الركن الذي تعبر فيه عما لا ولن يهم سواها... وخروجا من دائرة الكتابة بدأت أتوسم النحتجة في كل من أراه، فالطبيب مهنته الطب تعدت عنده التعريف الملائكي لكتاب اللغة العربية في المراحل الدارسية المختلفة، من مهنة إنقاذ الأرواح لمهنة ينحت من خلالها كام مريض في الليلة بعد أن تخرج في كلية دخلها بالأساس لأنه منحوت بعقله أنها تقع بالقمة وماعداها في القاع، والأستاذ الجامعي ينحت طوال العام مذكرات وكتب وشيتات وسيديهات وغيرها لأن مهنة التدريس هي أيضا نحتاية، مرورا بالطالب وهو ينحت من ملخصات وآراء زملائه صباح يوم الامتحان ليقوم بفعل النحت السريع لمدة ساعتين زمن الإجابة ويخرج منها متخلصا مما علق بذهنه من مخلفات النحت.. أما والدك فهو ينحت من أجل لقمة العيش وتربيتك أنت والأوغاد من إخوتك ووالدتك تنحت في الحياة وهي غير مقتنعة باختيارها السيئ لزوجها لكنها نحتاية تساعدها علي المعيشة في ظل عدم وجود مورد مالي آخر، أو أنها موظفة فالنحت في العمل يكون من التاسعة صباحا وحتي ميعاد الواحدة ظهرا تأهبا للرحيل بعد أن أفرغت محتويات عقلها وتتحول بالتدريج لكرة متدحرجة كناية وفعلا فوق سلالم الحياة.... وتواصل رحلة النحت العقلية من خلال مشاهدة التليفزيون الذي ينحت عقلها فإما أنها تفكر ليل نهار في التخسيس وتحلم بالأدوية والأعشاب التي ذكرها الطبيب النحتجي، أو من خلال المسلسلات التي تنحت عقلها لتقضي علي البقية الباقية المندثرة من ذكائها. ينضم لصف النحتجية كل يوم فرد جديد، لو قدر لك أن تري كوكب مصر من علٍ لوجدتنا نسير في صفوف منحوتة المسار، لك الآن أن تقرر إما أن تخرج من الصف أو تظل بالداخل، وتذكر النحتجي يواريه التراب ولو جمع ذهبا، أما من خرج عن النص فهو يخلق مسارا جديدا فتتشعب الحياة... خروجك عن النص هو إبداعك الشخصي لتصنع شيئا، أما اعتراضك الهلامي غير المبين أهدافه فهو نحت أيضا ولكن لمسار المتخلفين عقليا ومدعي الحرية ومثقفي المقاهي والمدمنين ومذيعي القنوات المحلية وصحفيي الجرائد الحكومية، دعك إذن من مصاف النحتجية الذي لن يكون خروجك منه سهلا، لكن إن هممت بالخروج فكن مستعدا للاحتمال لحين الوصول إلي ما لا يصل إليه ذهن النحتجية...