لو كانت الملكة «نازلي» شخصيًا علي قيد الحياة لما تابعت مسلسل «ملكة في المنفي»، والذي يقود المشاهد إلي الرغبة في أن يحكم علي نفسه بالنفي إلي أي مكان لا يعرض فيه المسلسل، فلو كانت حياة الملكة بهذا الملل لانتحرت قبل أن يتم نفيها، فرتم المسلسل قد تعدي مرحلة أنه يسير ببطء. في الواقع لا يوجد «رتم» في الأساس.. الحوارات داخل مشاهد المسلسل بين الشخصيات تكاد تقود المشاهد للشك في أنها معروضة بعد إضافة مؤثر «العرض البطيء» في المونتاج، في أداء رخيم يكاد يخرج الممثلين فيه «أوراق السكريبت» من أجل القراءة منه، وفي مشهد في الحلقة الخامسة والعشرين من المسلسل، يدور حوار بين «شريف سلامة» وزوجته الأميرة، خرج الحوار بشكل قد يعد الأغرب في مسلسلات رمضان منذ بدايتها، إذ تم تصوير المشهد في لقطة متوسطة القرب ل«شريف سلامة»، وبعد أن انتهي من جملته، بدلاً من أن يتم القطع علي صورة الأميرة، تبادلا الأماكن ليأتي «شريف سلامة» وظهره للكاميرا وتأتي الأميرة في مواجهة الكاميرا! وياليت الأمر ينتهي عند ذلك، فعندما تنتهي الأميرة من جملتها، يتبادلان الأماكن مرة أخري ليأتي شريف سلامة في مواجهة الكاميرا والأميرة بظهرها، ويظلان يتبادلان الأماكن بهذا الشكل حتي ينتهي الحوار بينهما.. في أي مكان في العالم يتكلم الأشخاص بهذه الطريقة؟! فمن الذي يدور في حركة دائرية مع من يتكلم معه، وكأن هناك مكانًا معينًا أو قطعة بلاط بالتحديد في الغرفة يجب أن يقف عليها من يريد الكلام! فيقف فيها من يأتي عليه الدور في الكلام، وينتظر الآخر حتي يأتي دوره فيقف في المكان المسموح له بالكلام فيه! لم ينقص هذا المشهد سوي «zoom out » للكاميرا ليظهر في الكادر فريق العمل بالكامل، والمخرج وهو يشير للممثلين بأن يتبادلوا الأماكن، لأن هذا المشهد لا يتحدث أو يروي أحداث المسلسل ولكنه يقول «علي فكرة إحنا بنمثل!»، فرسم الحركة في هذا المشهد جاء أغرب ما يكون وأقرب لرسم الحركة في المسرح وليس التليفزيون، بل أن رسم الحركة بهذا الشكل في المسرح لا يستخدم إلا من أجل هدف درامي معين. الأمر الغريب أيضًا هو عدم تغيير تعابير وجه «نادية الجندي» طوال أحداث الحلقة.. فقط الجمل الحوارية تخبرنا في غفلة منها عما تشعر به، فتعابير وجه «نادية الجندي» متجمدة طوال الأحداث، ولا نعلم هل هذا شيء عادي ضمن حالة «ضغط الدم المنخفض» في أحداث المسلسل، أم أن نادية الجندي لا تستطيع تحريك عضلات وجهها أصلاً! ففي حديث لها مع إحدي الأميرات، كانت تتحدث بحزن، ولكن مع تعابير وجه لا تتغير، وعندما أهدتها الأميرة تاجها الملكي، وقالت لها: «ده تاجك يا ملكة».. أخذت «نازلي» أو «نادية الجندي» التاج ونظرت لها بنفس تعابير الوجه، ولكن مع إضافة دموع نزلت فجأة من عينيها! دون أدني تغيير يذكر في وجهها! وكأننا انتقلنا فجأة إلي موقع التصوير، لتقول لها الأميرة: «ده تاجك يا ملكة» فيقول المخرج «cut!» .. مع إضافة دموع، فيعود المخرج ويقول «صوور»! فتأتي الدموع! ما يحدث في «ملكة في المنفي» هو اختبار لقدرة المشاهد علي الصمود أمام كل هذا القدر من التجمد والبطء.. لو كانت «نازلي» علي قيد الحياة لوافتها المنية أثناء مشاهدتها المسلسل، فقد بقي للمسلسل أقل من خمس حلقات، وقد شاهدنا أكثر من خمس وعشرين حلقة ومازلنا نتساءل: متي سيحدث أي شيء؟!