أبلغ دلالة ووصف حقيقي وصادق لما تمر به مصر ويعاني منه الوطن في هذه الفترة الحالكة الظلام هي بالفعل حالة الظلام نفسها التي تكتسح مدن وأحياء ومحافظات مصر، أما حالة العطش والحرمان من نقطة المياة في شهر رمضان في بلد تعيش في القرن الحادي والعشرين في ظل حكومة تدعي الإصلاح والتطور والديمقراطية والعدالة و..( يا خبر إسود إزاي بييجي لهم عين يتكلموا بهذا التصديق لأنفسهم وهم يشهدون ويتابعون عن قرب أحوال مواطنين يعيشون بلا ماء وبلا كهرباء ؟) ولكن ماذا أقول في «حكومة» لا تستحق إلا أن نقول عليها « كومة» وهنا الكلمة تحمل معنيين.؟ أقصدهما معاً.: الكومة المصرية..هي كومة من البشر وضعوا في قالب أكبر بكثير من أحجامهم.، لدرجة أننا إذا بحثنا في القالب وفتشنا عنهم لا نجدهم، وكأن المناصب خاوية وهنا أتحدث عن حالة عامة، وكل منا لديه الدليل علي حقيقتها بالتطبيق وبذكر صاحب المنصب سواء كان وزيراً أو أكبرمنه أو أقل. الكومة المصرية..هي حالة الإعياء وغياب الوعي الذي تعاني منه حكوماتنا أو «كومتنا المصرية»، بالفعل نحن في كومة!! الله وحده هو الذي يعلم متي ستنتهي أم هي كومة ما قبل الوفاة أم أنها كومة أهل الكهف ؟ كلها تساؤلات قد يعتبرها البعض تشاؤمية ومظلمة ولكن الحقيقة دائماً موجعة وقد لا يتحملها الكثيرون خاصة وإن كان هؤلاء الكثيرون هم المتسببين في ظلامنا وعطشنا. ولكن ما الحل وسط «كومتنا» المصرية المغيبة ؟ هل ننتظر الحل أم نصنعه ؟ هل نعيش الحياة في انتظار الحل بدلاً من أن نقرر نحن الحل !! المعادلة صعبة..وربما يكون حلها هو أن يسعي كل منا جاهداً بحق حتي يعثر علي لوحة زهرة الخشخاش ويتقاضي مكافأة المليون جنيهاً التي خصصها رجل الأعمال نجيب ساويرس. هذا هو الحلم الذي لابد أن نضعه أمام مستقبلنا ومستقبل أولادنا ولكن المشكلة كيف سنبحث عن اللوحة في الظلام وكيف سنبذل المجهود ونحن عطشي لا نجد نقطة المياه في بلد النيل ؟ سبحان الله الذي حسمها في كتابه الكريم بقوله تعالي : «فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف» صدق الله العظيم، إن الله تعالي قد قدم الأولويات بضرورة أن يشعر العبد.. عبد الله وليس عبد «الكومة المصرية» بالشبع والإحساس بالاكتفاء الأساسي من المتطلبات البديهية للحياة حتي قبل الشعور بالأمان، لأنه لا يمكن لإنسان علي وجه الأرض يمكن أن يشعر بالأمان أو حتي الإيمان أو يتقبل مجرد فكرة الحديث عن الأمان في حياته إلا أن يكون شاعراً بالشبع، فما بالك « الشعور بالارتواء من قسوة العطش » ؟!! كل هذا يشعرني بل يؤكد لي أن الحياة التي نعيشها في ظل «الكومة المصرية»..حياة لاسعة..مهييسة..غير منطقية عبثية «مش لايقة علي بعضها»، السياقات التي نعيش فيها مرعبة من حيث الارتباك والتشوه. ولكي أكون عادلة..ماذا تتوقع من أكثر من 16 مليون مواطن مصري يعيش في العشوائيات التي اكتسحت أكثر من 42 % من المناطق والمساحات في مصر. ماذا نتوقع منهم بكل طاقة الغضب، بكل المشاعر السلبية التي يحملونها تجاه «الكومة المصرية» خاصة أن أغلب هؤلاء السكان بالفعل يعيشون في «كومة» قرروا أن يدخلوا فيها باختيارهم ؟ ماذا نتوقع من شعب يعيش حوالي ربع سكانه وربما أكثر تحت خط الفقر ويعيش أغلب سكانه تحت خط الفقر المائي..؟ يبدو أن «كومتنا المصرية» لديها توقعات كثيرة في شعبها الذي يقرر ربع سكانه أن يعيش في كومة حقيقية لتغييب وعيه غير القادر علي استقبال أو فهم ما يحدث له وبه. شعب مرتبك يعيش في الظلام «شكلاً ومضموناً» ويعاني من العطش « قلباً وقالباً»..ماذا تتوقع منه ؟ من المؤكد أن سقف توقعاتك يوازي سقف توقعات نجيب ساويرس الذي خصص مليون جنيه لمن يعثر علي لوحة زهرة الخشخاش..والمفاجأة السعيدة أن يظهر علينا بعد أيام الواد «بانجو» صبي الميكانيكي الذي يعيش في شق التعبان بأنه عثر علي «طلبية الخشخاش» إياها التي تم تخليصها من إطارها بمنتهي السلاسة والحرفنة من المتحف وفي عز الظهر وبإيه ؟ «بالكاتر». شوفتوا الحرفنة..ما يعملهاش غير واحد خارج من «كومة».