.. لماذا سافر جمال مبارك علي طائرة رئاسة الجمهورية، ضمن الوفد الرسمي المصاحب للرئيس مبارك لزيارة فرنسا، ثم أمريكا؟! .. لماذا ظهر جمال علي طاولة الرؤساء، شاغلاً مقعدًا متقدمًا لا يتفق مع صفته الحزبية، كأمين مساعد لأحد الأحزاب المصرية، ولا يمكن تبريره بأنه شغل هذا المقعد بوصفه نجلاً أصغر للرئيس!! وإلا كان نجله الأكبر أولي وأحق !! ولكنا قد شاهدنا ابنة أوباما وأولاد عباس ونتنياهو علي ذات الطاولة! .. إخلاء مقعد لجمال مبارك في طائرة وطاولة الرئيس هو إشارة جديدة لمشروع قديم طالما حاول الرئيس أن يخفيه وينفيه في العلن، بينما تتسارع خطي هذا المشروع بسياسة الأمر الواقع!! .. نحن لا نتعقب ولا نترصد خطوات جمال مبارك، ولا نبالغ في تقدير دلالات حضوره الثقيل في رحلة الرئيس الأخيرة، فالأمر جد خطير وبالغ الدلالة وموحٍ - عن عمد- بالصورة التي استلفتت انتباه وسائل الإعلام الغربي والأمريكي والإسرائيلي خاصة. .. صحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية أبدت دهشتها من حضور جمال قمة إعادة إطلاق مفاوضات السلام في واشنطن، وكشفت في عددها الصادر أمس الأول -الثلاثاء- أن جمال سيلتقي مندوبي دولة إسرائيل في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وربما يلتقي- في لقاء خاص- رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو خلافًا للقاء الذي سيتم بينهما ضمن الوفود الرسمية المشاركة في أعمال القمة!! هذا نص ما ذكرته الصحيفة في عدد أمس الأول الثلاثاء. .. والسؤال الذي لم تطرحه صحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية هو: بأي صفة يلتقي جمال مبارك مندوبي دولة إسرائيل، أو رئيس وزراء إسرائيل؟! وما جدول أعمال مثل هذه اللقاءات بين أمين مساعد حزب مصري ورئيس وزراء دولة إسرائيل؟! وما القضايا المشتركة التي سيتم التباحث بشأنها في ظل وجود وفد رسمي يضم وزير الخارجية ورئيس المخابرات العامة وغيرهما من المسئولين الرسميين المصريين ممن يناط بهم القيام بمثل هذه اللقاءات الرسمية باسم مصر وليس الأسرة؟! .. الصحيفة التي اعتبرت حضور جمال مبارك للزيارة الأخيرة هو الإشارة الأوضح لإعداده لخلافة والده، لم تتطرق بعد لإشارة أخري بأن يكون هذا الإعداد للقاءات مع ممثلي إسرائيل تحديدًا بما يعيد لذاكراتنا ذلك التصريح الغريب، الذي أدلي به الدكتور مصطفي الفقي منذ شهور قليلة مؤكدًا فيه أن رئيس مصر القادم لابد أن يمر لموقعه بمباركة أمريكية وموافقة إسرائيلية!! .. نعود للموضوع من حيث المبدأ لنستوضح السند القانوني الذي يجعل مصر تتحمل نفقات رحلة جمال مبارك لأمريكا أو غيرها من دول العالم، ولن نتحدث عن تلك النفقات السرية التي تقدم لبعض الشركات الدعائية الأمريكية وشركات العلاقات العامة، المكلفة بالترويج لجمال مبارك في أمريكا، التي كشفت عنها مؤخرًا وزارة العدل الأمريكية، معلنة عن أرقام بالملايين سددت لهذه الشركات للقيام بمهمتها الغريبة. .. فإذا كان جمال لم يعلن بعد ترشحه كما تدعي بعض الأبواق المروجة لمشروع التوريث في الداخل، فلماذا يقدم نفسه للخارج أولاً كبديل ووريث لوالده؟! .. وهل يمكن الربط بين الحملة «المدبرة» التي انطلقت في مصر منذ أسابيع لطرح اسم جمال، والترويج الكاذب لوجود مساندة شعبية له، وتلك الرحلة التي يتم فيها تدشين مشروع التوريث، والسعي لمباركته خارجياً!! .. الرسالة التي حملتها زيارة جمال مبارك لواشنطن، واضحة الدلالة مجردة من الطبيعة المراوغة، التي تتسم بها رسائل التوريث في الداخل. .. بالقطع الذي اتخذ قرار سفر جمال ضمن الوفد الرسمي المصري إلي واشنطن لم يكن هو مجدي الكردي!!