في جلسة جمعتني بكل من الدكتورين الصديقين حماد إبراهيم وكمال قابيل وهما من أكفأ أساتذة الإعلام والصحافة في الجامعات المصرية، وكان معنا صديقي إبراهيم منصور، دار الحديث حول برامج التوك شو في الفضائيات المصرية، وحول الضيوف المفروضين علي المشاهد المصري في كل القنوات مع اختلاف أسمائها، وحول الدور الذي تلعبه أجهزة الأمن في السيطرة علي عين المشاهد وأفكاره وهو أمر صرح به علانية أحد أصحاب القنوات، ويتداوله العاملون في القنوات مصحوبا بحالات محددة وصارخة، وكتب عنه أكثر من كاتب صحفي أبرزهم الأستاذ الكبير فهمي هويدي الذي لا يمل من مناقشة هذا الموضوع الخطير. وتناول الدكتور حماد حلقات محددة لبرامج محددة تؤكد أن المقدم كان يستهدف حصار الضيف من أجل أن يؤكد علي كلام بعينه يؤدي في النهاية إلي إقناع المشاهد بأفكار معينة تصب في النهاية لصالح الحكومة وأدائها في أكثر من ملف. وقال: إن سلوك مقدم البرنامج يختلف من ضيف إلي آخر حسب موقعه السياسي، فإن كان معارضا كشر المقدم في وجهه وكانت أسئلته مستفزة، وإن كان حكوميا كان المقدم بشوشا وابتسم في وجهه وكانت أسئلته علي سبيل تطييب الخاطر. وتناول أيضا ما أسماهم وائل عبد الفتاح من قبل بالكومبارس، هم الذين يهدفون إلي دفع الناس إلي الاهتمام بالقضايا الفرعية والثانوية أو افتعال الخناقات علي الهواء مثل محامي الحسبة، والخناقة بين شوبير ومرتضي التي شغلت الرأي العام لعدة شهور عبر الفضائيات. وقلت من جانبي إن هذه البرامج يطلق عليها علماء الإعلام الفرنسيون مسمي برامج الزبالة (pouples shows) ، وهي للأسف أصبحت تمثل الجزء الأكبر من برامج التوك شو. وانتهي الحديث إلي ضرورة أن يكون لدينا جهاز أو مؤسسة تقوم بعملية المراقبة المهنية والأخلاقية للأداء الإعلامي بكافة عناصره وصوره أي الإعلام المكتوب والمقروء والمرئي. لأن عقل المواطن المصري من الخطأ أن نتركه لعصبة من الإعلاميين الجدد غير المؤهلين المرتبطين بمصالح اقتصادية وارتباطات أمنية، واتفقنا علي أن يكتب الدكتور حماد مقالا في هذه الصفحة يضمنه مشروعه لهذه المؤسسة نطرحه للنقاش والجدل بين المتخصصين والمهتمين لكنه كعادته لم يف بوعده. فقررت أن أبدأ بطرح الفكرة علي أن يطرح هو مشروعه فيما بعد. وأنا من جانبي أري أن هذا المشروع يحقق هدفين متناقضين فهو من جهة سيحصن المصريين من خطر الفضائيات والبرامج غير المسئولة، لكنه من جانب آخر سيساهم في ضبط الأداء المهني والأخلاقي لها أو لبعضها، وهو الأمر الذي سيجعلها تدخل في منافسة حقيقية مع الفضائيات العربية التي تأسست من الأساس لكي تمنع المشاهد المصري من أن يجعلها هي مصدر المعلومات الخاصة به عن مصر. فوجود هذه المؤسسة المستقلة ستجعل الفضائيات ومقدموها تلتزم بقدر ولو ضئيل من المهنية في عملها، خاصة وأن التقارير الدورية التي ستخرج عنها ستنشر في وسائل إعلامية أخري. وهناك في الولاياتالمتحدة وأوروبا مؤسسات متعددة ومستقلة تقوم بهذا الغرض، وهي تفضح أداء وسائل الإعلام التي تملكها المؤسسات الكبري، وتصدر تقارير موضوعية علي الانترنت أو ورقية تحظي بعدد واسع من القراء، مثل مؤسسة «ميديا لنس"و مؤسسة «مراقب» وغيرها. ومن الأمور التي يجب أن تحظي بالمراقبة والتحليل الإعلانات، لأنه في كل دول العالم هناك مواثيق أخلاقية تتضمن عدم الإعلان عن سلع محددة أو ظهور الأطفال والمرضي فيها فهل يتقدم أحد من المتخصصين لتأسيس مثل هذه المؤسسة من أجل أداء إعلامي مصري مهني وأخلاقي؟