«هل نحن بحاجة إلى قنوات دينية متخصصة؟ أم أن مساحة البرامج الدينية على القنوات العامة كافية لتقديم هذه الخدمة الإعلامية للمشاهد المصرى؟ أسئلة أصبحت مطروحة فى ظل تلك الحملات التى طالت عددا كبيرا من القنوات ذات الطابع الدينى، واتهمتها بمخالفتها مواثيق الشرف بترويجها لأفكار تحرض على الفتنة، أو سلع غير مصرح بتداولها فى الأسواق أو مخالفة طبيعة الترخيص المخصص لها واستعانتها بأشخاص غير مؤهلين للفتوى والحديث فى الشئون الدينية».. أصحاب القنوات الدينية أجمعوا بأن الاتجاه العام فى الإعلام العالمى يسير نحو تخصص التخصص وهناك قنوات تتناول موضوعا واحدا فقط لتدور حوله كل ما تعرضه من برامج وتغطيات ذات طابع خبرى، وأن هناك قنوات دينية كثيرة حول العالم، وأن القنوات الإسلامية ليست بدعة. فيما أشار أصحاب القنوات إلى أن مؤسساتهم الإعلامية تلقى اهتماما من شريحة عريضة من الجمهور الذى تمثل له البرامج الدينية مطلبا أساسيا على الشاشة التى يرتبط بها، وهو ما يؤكد احتياج الناس لهذه القنوات الدينية. على صعيد القنوات الفضائية العامة تختلف النظرة حيث يرى وحيد حلمى المتحدث الرسمى باسم قنوات مودرن أن مناقشة الأمور الدينية شديدة التخصص مكانها الطبيعى هى دار العبادة أى المسجد والكنيسة، وأن شاشة التليفزيون يجب أن تهتم بالشئون الإعلامية سواء كانت إخبارية أو ثقافية وترفيهية، ومن هنا فإن فكرة طرح برامج دينية على شاشة قنوات مودرن هى خطوة مؤجلة حتى تتوافر فكرة جديدة نقدم من خلالها البرنامج الدينى بشكل مختلف. ومن وجهة نظره يرى المخرج يحيى ممتاز مدير قناة المحور أن تقديم جرعة من البرامج أمر مهم على الشاشة مع الوضع فى الاعتبار اختيار ضيوف هذه البرامج من سيقدمون الفتاوى، ومن هنا تضع المحور شرطا مهما لمن سيظهرون على البرنامج اليومى «المسلمون يتساءلون» ومنها ان يكون من علماء الأزهر الشريف، أو أحد الأساتذة بالجامعات المصرية المشهود لهم بالعلم والاعتدال، خاصة أن فكرة البرنامج تقوم على تقييم الإجابات لتساؤلات تشغل المشاهدين، وتعد هذه الإجابة بمثابة فتوى شرعية إذا عمل بها المتلقى، ومن هنا تتحمل إدارة القناة والعاملون فى البرنامج مسئولية تلك الفتاوى أمام الله. وأشار إلى اهتمام قناة المحور بعرض تسجيلات الشيخ محمد متولى الشعراوى قبل صلاة الجمعة من كل أسبوع لعلم إدارة القناة بأن الشعراوى له قاعدة عريضة من المريدين الذين ينتظرون أحاديثه ويسترشدون بها فى أمور دينهم. وأكد ممتاز أن البرامج الدينية تلقى اهتماما كبيرا من المشاهدين، والذى ينعكس على حجم الاتصالات التى يتلقاها برنامج «المسلمون يتساءلون». فى قنوات دريم يرى مديرها الدكتور محمد خضر أن البرامج الدينية تشغل حيزا مناسبا على قناة دريم 2، مؤكدا أن دور هذه البرامج هى إرشاد المشاهدين للسلوك السليم، وكيف نتحلى بالخلق الدينية الصحيحة، أما مناقشة الأمور شديدة التخصص فإن الشاشة ليست مكانا مناسبا لها، لأنها قد تثير الخلاف، وقد تتسبب فى إحداث حالة من الاضطراب بالنسبة للعامة من محدودى الثقافة، ولذلك يفضل أن تكون مناقشة الأمور الفقهية المتخصصة فى المؤسسات الدينية، بينما تقدم البرامج التليفزيونية ما يحتاجه الناس فى حياتهم اليومية. وأشار خضر إلى برامج القناة التى تدور فى هذا الإطار ومنها برنامج «الموعظة الحسنة» الذى يقدمه عاطف الشرقاوى وضيفه الدائم الدكتور مبروك عطية، و«طريق الهدايا» الذى يقدمه علاء بسيونى وضيفه الدائم الدكتور محمد هداية، وبرنامج «الحبيب» الذى يقدمه عمر الليثى ويستضيف فيه الشيخ على الجفرى. وقال مدير قنوات دريم إن ثلاثة برامج اسبوعيا تعد جرعة دينية مناسبة جدا، وكافية لتلبية احتياجات المشاهد خاصة أنه قد يتابع برامج دينية على قنوات أخرى، فيما أشار إلى حجم الجماهيرية التى تتمتع بها برامج القناة والتى تنعكس على الاتصالات التليفونية والرسائل التى تصل لهذه البرامج. فيما أكد أن البرامج الدينية لا تشكل دخلا للقناة وإنما هى خدمة خاصة للمشاهد، مؤكدا رفض إدارة القناة لبعض الإعلانات التى تأتى على هذه البرامج لا تناسب طبيعة البرنامج الدينى، بينما أشار الى الدور الاقتصادى الذى قد تلعبه البرامج الدينية من خلال رفعها لنسبة المشاهدة والتى تنعكس على الإعلانات بوجه عام. وقال د.خضر: «لا نقدم برامج دينية من اجل الإعلانات، لأن هناك برامج أخرى تحقق الإعلان، ولا يمكن أن نستغل الدين لتحقيق أرباح». وعبر عن رفضه لفكرة القنوات الدينية المتخصصة التى تضر للوقوع فى المحاذير لتحقق عائد كأى مشروع تجارى، وأضاف: «أنا ضد وجود قنوات دينية، لأن وجود قناة إسلامية ستقابله وجود قنوات مسيحية، ومقابل وجود قنوات سنية ستكون هناك قنوات شيعية، وستكون تلك القنوات مثل قنابل موقوتة تهدد بالانفجار فى أى لحظة خاصة عندما تتطرق إحداها للقضايا الخلافية، لتفتح الباب أمام التطرف والعنف وتضع الجميع على حافة الهاوية». واختارت قنوات الحياة تيمة خاصة لبرامجها الدينية، وهى الاهتمام بما يتصل بحياة الناس، ومن هنا يقول معتز صلاح الدين المتحدث الرسمى باسم القنوات إن البرنامج اليومى «الدين والحياة» يعبر عن هذه الفكرة ويستضيف علماء مثل الدكتورة سعاد، وفرحات المنجى ليتحدثوا فى علاقة الدين بحياة المشاهد، وكيفة التعامل مع الأمور الشرعية، والى جانبهم يستضيف البرنامج طبيبا فى تخصص معين ليقدم نصائح طبية ويجيب عن تساؤلات الناس على الهواء مباشرة. فيما أشار صلاح الدين الى برنامج «كلام من القلب» الذى تقدمه المذيعة دعاء فهمى، ويعد برنامج توك شو اجتماعى، يتناول العديد من أمور الحياة وتكون الأمور الدينية قاسما مشتركا فى كل حلقاته، حيث يستضيف البرنامج خبراء فى الشئون المجتمع واطباء من كل التخصصات الى جانب الدعاة ورجال الدين. وأكد وجود شروط محددة فيما يخص استضافة من يتحدثون فى الدين، ومنها الوسطية والاستنارة وعدم التطرق للمسائل الخلافية. وعن فكرة القنوات الدينية التى تقدم الفتاوى على الهواء قال معتز صلاح الدين: «لسنا بحاجة لفتاوى، ولمن يدعى أنه رجل دين، فلا يوجد فى الإسلام رجل دين، وعلى الجميع أن يبحث فى المكتبات الإسلامية أو يلجأ لجهات الفتوى إذا احتاج إليها، ولا ينتظرها من شاشة التليفزيون أو عبر محطة إذاعية».