بينما الأحداث تتصاعد انتقاداً لبناء مصر الجدار الفولاذي علي الحدود بين مصر وقطاع غزة خرجت علي المسلمين فتوي من المؤسسة الرسمية الإسلامية تقول بحل بناء الجدار وأن الشرع يؤيد ذلك مما جعل الناس يقولون تبا لتلك الفتوي وتب، نعم فتلك المؤسسة هي نفسها التي أصدرت الفتاوي في 48 بفرضية الجهاد لتحرير فلسطين وفرضية مساعدة الفلسطينيين ودعمهم بكل أنواع الدعم وتتابعت علي ذلك الفتاوي من المؤسسة الرسمية الإسلامية في مصر حتي بلغت مجلدات حتي عام 73، وبعد ذلك مع عام 78 وكامب ديفيد المشئومة بدأت الفتاوي تتغير مع أن العدو لم يتغير واحتلاله لفلسطين لم يتغير وقتله وسفكه لدماء الأبرياء من الفلسطينيين لم يتغير وتدميره للحياة والمنازل وشجر الزيتون لم يتغير بل زاد أضعافاً مضاعفة، لكن الذي تغير هو البعض في المؤسسة الرسمية الإسلامية الذين خافوا علي مناصبهم ودنياهم وتناسوا حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم : «ألا لا يمنعن أحدكم رهبة الناس أن يقول بحق إذا رآه أو شهده فإنه لا يقرب من أجل ولا يباعد من رزق أن يقول بحق أو يذكر بعظيم» مسند أحمد، وبعد أن كانوا يستحثون الناس علي الجهاد لتحرير فلسطين ويستشهدون بقول الحق تبارك وتعالي وهو الحق «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ» «الحجرات: 15». اليوم يقولون بحتمية السيادة الوطنية وتناسوا وغفلوا أن المحافظة علي السيادة من العدو الصهيوني وليس من الأخ الشقيق المظلوم الواجب نصرته، وصدق فيهم قول الصحابي الجليل حذيفة وهو يقول : «إنه كان الرجل ليتكلم بالكلمة علي عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم فيصير منافقا وإني لأسمعها من أحدكم في المقعد الواحد أربع مرات لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتحاضن علي الخير أو ليسحتنكم الله جميعا بعذاب أو ليؤمرن عليكم شراركم ثم يدعو خياركم فلا يستجاب لكم» مسند أحمد، ولا أجد كلاماً خيراً مما قاله الإمام العظيم شيخ الإسلام ابن القيم :حيث قال (وأي دين وأي خير فيمن يري محارم الله تنتهك، وحدوده تضاع، ودينه يترك، وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم يرغب عنها، وهو بارد القلب ساكت اللسان شيطان أخرس، كما أن المتكلم بالباطل شيطان ناطق. وهل بلية الدين إلا من هؤلاء الذين إذا سلمت لهم مآكلهم ورياساتهم، فلا مبالاة بما جري علي الدين، وخيارهم المتحزن المتلمظ، ولو نوزع في بعض ما فيه غضاضة عليه في جاهه أو ماله، بذل وتبذل وجد واجتهد، واستعمل مراتب الإنكار الثلاثة بحسب وسعه. وهؤلاء -مع سقوطهم في عين الله ومقت الله لهم- قد بلوا في الدنيا بأعظم بلية تكون وهم لا يشعرون، وهو موت القلوب، فإن القلب كلما كانت حياته أتم كان غضبه لله ورسوله أقوي وانتصاره للدين أكمل. ويبقي أنه لن تحرر فلسطين إلا بالجهاد، والجهاد يحتاج الي علماء أقوياء في الحق كما كانوا منذ أكثر من خمسين عاماً وظلوا ثابتين علي ذلك عقود والآن تغيرت فتاويهم رهبة أو نفاقا فلايبقي إلا أن نذكرهم بفتاويهم والشرع والقرآن فإن الذكري تنفع المؤمنين فالحق سبحانه وتعالي يقول «قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّي يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ» «التوبة: 24». أخيراً، أي زمن نعيش فيه وأي تراجع وهزيمة نحياها بدلاً من فتاوي تساعد الفلسطينيين وتدعم صمودهم تصدر الفتاوي بتشديد الحصار وبناء الجدار، فتباً لتلك الفتوي وتب.