اندلعت شرارة الفتن الطائفية خلال 2009 في صعيد مصر حيث الأكثرية المسيحية، فبحسب بيانات الكنيسة هناك 25 مطرانية في «بني سويف، ببا والفشن، مغاغة والعدوة، بني مزار والبهنسا، مطاي، سمالوط، المنيا، ملوي، دير مواس، ديروط، القوصية، منفلوط، أسيوط، أبنوب، أبوتيج، طما، طهطا، سوهاج، جرجا، البلينا، نجع حمادي، دشنا، قنا، أخميم، الأقصر، أسوان»، وتلك الابراشيات يعمل فيها قرابة 2000 قمص وقس وخادم، وبما أن الاحتقانات الطائفية هناك تهدد باشتعال فتنة جديدة في أي لحظة فهل الحل لوقف تلك الاحتقانات هو وضع تلك الكنائس وقساوستها تحت الحراسة المشددة بعد تأكيد الأنبا كيرلس أنه كان المستهدف من حادث نجع حمادي الأخير؟ جمال أسعد - المفكر القبطي - يؤكد أن الفتن الطائفية التي حدثت في 2009 معظمها بسبب علاقات جنسية، أو تتعلق بتحويل دور خدمات للكنائس، فالمسلمون لا يهاجمون الكنائس كهدف استراتيجي في حد ذاته، وإلا كانوا هاجموا الكنائس علي امتداد مصر، وهو ما أرجعه «أسعد» إلي التنفيس الطائفي المتراكم، والتعامل مع أرضية طائفية من منطلق الدين وليس الوطنية.ويضيف أسعد: لقد تحولت المؤسسات الدينية إلي جزء من المشكلة بدلا من أن تكون جزءاً من الحل، فبدلا من أن تنشر قيم الحب والتسامح سعي رجال الدين إلي أن يكون لهم دور «زعامة» من خلال ازدراء الآخر ليكون بطلاً قومياً في نظر تابعيه، يأتي ذلك في سياق عدم تطبيق القانون علي المخطئين بالإعدام مثلا لمغتصب الفتاة المسلمة في فرشوط، فضلا عن محاكمة من تسببوا في حرق منازل الأقباط في ديروط، علاوة علي فساد منظومة الإعلام الذي يبدو محرضا أكثر منه حيادياً. الحل حسب رأي أسعد يتمثل في ألا يكون أمنياً بالمرة وإنما عن طريق تفعيل قيم المواطنة في شتي المؤسسات الاجتماعية من البيت حتي المسجد والكنيسة، فضلا عن الدعوة للاندماج بين عنصري الأمة.ويقول الكاتب القبطي رفيق حبيب إن الحل لن يكون أمنياً بأي حال من الأحوال، فالأمن لن يستطيع كبح جماح العنف الشعبي الذي يمكن أن يندلع في أي وقت وتجاه أي شخص، فالحل في رأيه مجتمعي بالدرجة الأولي من خلال رجال الدين المستنيرين، فهم أول من يملك مفتاح الحل، فضلا عن مشاركة المسلمين مع الأقباط في العمل الأهلي المشترك، وهو ما يحول دونه السيطرة الأمنية علي جميع الأنشطة المجتمعية.ويشدد «حبيب» علي أن النظام لم يشأ الدخول إلي المشكلة وإنما اكتفي بدور المتفرج وكان ينحاز في مرات لهذا ومرات لذاك، حفاظا علي أمنه السياسي. بدوره أكد سامح فوزي - الباحث القبطي - أن الأمن يتعامل فقط مع جرائم وقعت بالفعل، وإنما نحتاج لمعالجة انغلاق الفكر المتطرف، والتصدي بقوة للأفكار المتطرفة التي تسمم العلاقة بين المسلمين والأقباط، والدفع بإعلام شفاف غير تحريضي يبحث عن مسببات الاحتقان ليقدم لها حلولا «تنويرية» وليست تحريضية، فضلا عن التوقف عن حالات السجال الديني في القنوات الفضائية ووقف مواقع الإنترنت التي تبث سموم الفتنة بسبب الكتابات المتعصبة ضد الآخر.