بالتعاون مع «قضايا الدولة».. تنظيم معرض لمنتجات ذوي الإعاقة    رئيس جامعة بورسعيد يكشف تفاصيل الاستعدادات لامتحانات الفصل الدراسي الأول    أكاديمية الشرطة تنظم دورتين تدريبيتين للكوادر الأمنية الأفريقية في المركز المصري لحفظ السلام    التنمية المحلية: 52.3 مليون جنيه استثمارات مقدمة لأسوان لتطوير منظومة المخلفات الصلبة    مؤسسة التضامن للتمويل الأصغر تجدد اتفاق تمويل مع بنك البركة بقيمة 90 مليون جنيه    عاجل- مدبولي يترأس اجتماع اللجنة العليا للعدالة الاجتماعية لمتابعة تطبيق الدعم النقدي    «المركزي» يقرر تعطيل العمل بالبنوك الخميس المقبل بمناسبة انتهاء السنة المالية    "المركزي" يعلن موعد عطلة نهاية السنة المالية للبنوك    محافظ الدقهلية يتفقد المركز التكنولوجي بحي غرب المنصورة    حكومة غزة: إسرائيل خرقت الاتفاق 969 مرة في 80 يوما    بريطانيا وألمانيا توقعان صفقة أنظمة مدفعية متنقلة ب70 مليون دولار    أشرف حكيمي: كأس أمم أفريقيا ليست سهلة.. وسنقاتل للفوز على زامبيا    «نعرفهم جيدا» مدرب زامبيا يتحدى المغرب قبل المباراة الحاسمة    الأرصاد: استمرار تكاثر السحب المنخفضة والمتوسطة على السواحل الشمالية غدا    الداخلية تضبط شخص يوزع كروت دعائية بمحيط لجان دمنهور    الداخلية تقضي على بؤر إجرامية بالمنوفية وتضبط مخدرات بقيمة 54 مليون جنيه    مرخصة أم مخالفة؟.. «الصحة» تحقق في فيديو هروب جماعي من مصحة بالمريوطية    وداعًا المخرج عمرو بيومي بعد مسيرة سينمائية حافلة    مي كساب تبدأ تصوير مسلسل «نون النسوة» استعدادًا لرمضان 2026    وصول جثمان المخرج داوود عبد السيد إلى كنيسة مارى مرقس    دار الإفتاء توضح حكم إخراج الزكاة في صورة بطاطين    أعشاب تقلل التوتر العصبي للنساء، قبل الدورة الشهرية    حسام حسن يدرس إراحة مروان عطية وتريزيجيه في مباراة مصر و أنجولا    القوات الروسية تحرر 5 بلدات في مقاطعة زابوروجيه وجمهورية دونيتسك الشعبية    رد ناري من عمر الفيشاوي على أزمة شقيقه مع المصورين في عزاء والدتهم    حقيقة اختطاف أجنبي بالقاهرة.. الداخلية تكشف تفاصيل الواقعة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم فى سوهاج    وزير المالية: توسيع القاعدة الاقتصادية والإنتاجية والضريبية هدف استراتيجي للدولة    هيئة الرعاية الصحية تستعرض إنجازات التأمين الصحي الشامل بمحافظات إقليم القناة    الصحة: الشيخ زايد التخصصي يجري قساطر قلبية معقدة تتجاوز تكلفتها مليون جنيه على نفقة الدولة    أمم أفريقيا 2025.. تشكيل بوركينا فاسو المتوقع أمام الجزائر    وزير الصناعة يزور مقر سلطة الموانئ والمناطق الحرة في جيبوتي ويشهد توقيع عدد من الاتفاقيات    وزير الخارجية: مصر لا يمكن أن تقبل باستمرار القتل والتدمير الممنهج لمقدرات الشعب السوداني    8 أبطال بجنوب سيناء يصعدون للمشاركة في تصفيات أولمبياد المحافظات الحدودية بالوادي الجديد    الناخبون يتوافدون للتصويت بجولة الإعادة في 19 دائرة ب7 محافظات    21 مواطنًا يحصلون على جنسيات أجنبية مع الاحتفاظ بالجنسية المصرية    العراق يتسلم 6 مروحيات "كاراكال" فرنسية لتعزيز الدفاع الجوي    أمم إفريقيا - طرابلسي: الهزيمة أمام نيجيريا مؤلمة لكنها أثبت قدرتنا على منافسة أي خصم    أول تعليق من حمو بيكا بعد انتهاء عقوبته في قضية حيازة سلاح أبيض    كيف ينتج تنظيم الإخوان ازدواجيته.. ثم يخفيها وينكرها؟    الزمالك يخشى مفاجآت كأس مصر في اختبار أمام بلدية المحلة    2026 .. عام الأسئلة الكبرى والأمنيات المشروعة    2025.. عام المشروعات الاستثنائية    حبس مها الصغير شهر بتهمة سرقة لوحات لفنانين أوروبيين وتغريمها 10 آلاف جنيه    كاسات الزبادي بالفواكه والمكسرات والعسل، فطار خفيف أو سناك مشبع    شريف الشربيني يشارك في اجتماع لجنة الإسكان بمجلس الشيوخ اليوم    إصابة شخصان إثر تصادم ميكروباص مع توك توك بقنا    لافروف: القوات الأوروبية في أوكرانيا أهداف مشروعة للجيش الروسي    عبد الفتاح عبد المنعم: الصحافة المصرية متضامنة بشكل كامل مع الشعب الفلسطينى    نيللي كريم وداليا مصطفى تسيطران على جوجل: شائعات ونجاحات تُشعل الجدل    أمطار ورياح قوية... «الأرصاد» تدعو المواطنين للحذر في هذه المحافظات    يوفنتوس يقترب خطوة من قمة الدوري الإيطالي بثنائية ضد بيزا    واتكينز بعدما سجل ثنائية في تشيلسي: لم ألعب بأفضل شكل    لافروف: نثمن جهود ترامب لتسوية الأزمة الأوكرانية    كيف يؤثر التمر على الهضم والسكر ؟    هل يجوز المسح على الخُفِّ خشية برد الشتاء؟ وما كيفية ذلك ومدته؟.. الإفتاء تجيب    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : المطلوب " انابة " بحكم " المنتهى " !?    أخبار × 24 ساعة.. موعد استطلاع هلال شعبان 1447 هجريا وأول أيامه فلكيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد القدوسى يكتب: مغالطات يجب تصحيحها: الأخذ بالحساب الفلكي أولي "2-2"
نشر في الدستور الأصلي يوم 20 - 08 - 2010

من الأدلة الواضحة علي ثبات شهور العرب برغم أنها قمرية وعدم دورانها في الفصول، ما أشار إليه «عرفان محمد حمور» حيث يقول: «للعرب في ذي الحجة الحج إلي بيت الله الحرام بمكة، ويبدو أنهم كانوا يحرصون علي أن يظل موعد حجهم موافقا موعد نضج غلاتهم، ولذلك كانوا كلما تقدمت سنة القمر علي سنة الشمس، يطلبون من فقهائهم تأخيرها، ليظل موقع ذي الحجة ثابتا بين شهري آب (أغسطس) وأيلول (سبتمبر)، وليظل موعد الحج موافقا موسم نضج الغلات».
ويقول «بروكوبيوس» وهو مؤرخ روماني عاش في القرن السادس الميلادي، إن عرب العراق كانوا يجعلون في السنة شهرين حرما لآلهتهم، لا يغزون فيهما، ولا يقاتل بعضهم بعضا، يقعان في يوليو وأغسطس. واعتبر «جواد علي» هذا النص إشارة قيمة إلي وجود الأشهر الحرم عند عرب الشمال، ودليلا علي أنها كانت ثابتة لا تدور، فلا يقع حجهم تارة في الشتاء وتارة في الصيف.
وفي ضوء هذا الثبات يمكن أن نفهم أسماء الشهور عند العرب، ولنبدأ بأولها: «المحرم»، الشهر الوحيد الذي جاء معرفا بالألف واللام، وهي حقيقة تلفت نظرنا إلي أن تسمية «المحرم» كانت في البداية صفة للشهر قبل أن تصبح بكثرة التداول علما عليه واسما له، فالنبي صلي الله عليه وسلم يشير إليه باعتباره «شهر الله المحرم»، وكان أهل الجاهلية يسمونه «صفر الأول» ويليه «صفر الآخر»، المعروف الآن ب «صفر».
وكلاهما أي صفر الأول والآخر كان منسوبا إلي الفصل الذي كان يوافقه، وهو فصل الخريف، وكان العرب يعدونه أحد الربيعين، لأنهم ينتجعون فيه مرابع البوادي، طلبا للماء والكلأ، يقول «النابغة الذبياني»:
لقد نهيت بني ذبيان عن أقر
وعن تربعهم في كل أصفار
و«أقر» واد من أودية غطفان، حرمه «النعمان بن المنذر» ولهذا يشير «النابغة» إلي أنه نهي قومه عن تربعه بالخروج إليه والرعي فيه في شهري صفر، اللذين كانا يبدآن في أكتوبر ونوفمبر كما يقول «عرفان محمد حمور» مضيفا ملحوظة مهمة، هي أن اليهود كان ومازال لهم تقويمهم الخاص الذي يختلف بسنينه وشهوره عن تقويم العرب، وفي الحديث أن النبي صلي الله عليه وسلم عندما قدم المدينة المنورة وجد اليهود يصومون العاشر من المحرم، ويقولون ذلك يوم نجي الله فيه موسي، فقال صلي الله عليه وسلم: «نحن أولي بموسي منكم» وصامه، وأمر المسلمين بصيامه. واليهود قطعا لم يتبعوا التقويم العربي، لكنهم كانوا يصومون اليوم العاشر من شهرهم «تشري»، الموافق: أكتوبر، والذي كان يوافق المحرم أيضا حسب تقويم العرب القمري الشمسي. وبدهي أن «الصفرين» اكتسبا اسمهما من وقوعهما في فصل الخريف، حيث تصفر أوراق الشجر، و«تَصفُر» الديار، أي تخلو من ساكنيها لخروجهم في طلب الماء والكلأ، وحيث تصفر الرياح تحدث صوتا قرب نهاية الشهرين، إيذانا بمقدم الشتاء. أما «المحرم» فقد اكتسب هذه الصفة التي أصبحت اسما تمييزا له عن صفر الآخر، من تحريم العرب له لما جعلوه رأسا لسنتهم بدلا من «رجب» الذي كانوا يبدأون السنة به، علي نحو ما نقل الغربيون بداية سنتهم الشمسية من أبريل إلي يناير.
وبعد الصفرين يأتي الربيعان شهرا ربيع الأول وربيع الآخر والملاحظ أن العرب كانوا يقولون صفر وجمادي وشعبان ورمضان.. إلخ، بينما كانوا يلتزمون صيغة «شهر ربيع» الأول أو الآخر، وذلك تمييزا لكل من الشهرين عن فصل الربيع، الذي لم يكن للشهرين أية علاقة به، وإنما اكتسبا اسمهما من «الارتباع» أي «الإقامة» في الديار، في الربع والمَربَع، ومنه قولهم: يربعون أي يقيمون في ربعهم، أومرابعهم، طلبا للدفء بسبب البرد الشديد الذي يحل بعد العودة من «النجعة» في الخريف. كان الشهران يبدآن في شهري ديسمبر ويناير، وهما شهرا كانون (الأول والثاني) ويلاحظ «عرفان محمد حمور» أن الجذر اللغوي «كن» يعني في كل اللغات السامية استقر وأقام، والكِن في العربية البيت، والكانون الموقد والمصطلي.
كان البرد يتواصل بعد الربيعين في شهري «جمادي» الأولي والآخرة، الذي نلاحظ أن العرب التزموا تأنيثهما دائما، ويصفونهما ب«الأولي والآخرة» علي خلاف باقي الشهور المذكرة دائما، وهي تسمية تأخذنا إلي اسم المرة من الفعل «جمد» حيث تجمد حبات الندي في ليالي الشهر شديدة البرد، وتصبح واحدتها «جمادي». وكان شهرا جمادي يوافقان فبراير ومارس اللذين يشهدان بعض أشد أنواء الشتاء بردا، ويتميزان بالفرق الكبير بين درجات الحرارة في النهار والليل، ذلك الفرق الذي يجعل الليل كثير الندي، ويجعل حبات البرد تجمد علي شعر ثور وصفه الشاعر «بشر بن أبي خازم». وتأتي «جمادي» أيضا نسبة إلي «الجمد» أي الشح والبخل، إذ إن الشتاء في جزيرة العرب كثيرا ما يبخل بأمطاره برغم اشتداد البرودة في هذين الشهرين. يقول «أحيحة بن الجلاح»:
إذا جمادي منعت قطرها
زان جنابي عطن مغضف
أي أن النخيل الراسخ في الماء المحمل بالبسر يزين دياره وإن منعت «جمادي» قطرها، والنخل يكون علي هذه الصورة مع نهاية مارس.
وبنهاية «جمادي الآخرة» يكون نصف السنة (6 أشهر) قد انقضي، ليبدأ النصف الآخر علي نحو يشبه بداية النصف الأول، الذي بدأ بأحد الاعتدالين (الخريف)، والنصف الآخر يبدأ بالربيع، يبدأ ب«رجب» الذي يوافق أبريل، مع ملاحظة أن قولنا «يبدأ» لا يلزم معه أن تتوافق بداية الشهرين، إذ ربما بدأ «رجب» وغيره من الشهور القمرية بعد مرور عدة أيام من الشهر الشمسي. و«رجب» اكتسب اسمه من «ترجيب» النخل أي دعمه وإسناده بما يمنع وقوعه لكثرة ما يحمل من التمر. أما تحريم الشهر فهو إما لأنه كان يأتي في أول السنة قبل أن يصبح «المحرم» أولها، وإما لأنه كان بداية الربيع، حيث تجود الأرض بثمرها بعد طول قحط، وهي مناسبة تستحق الاحتفال، وقبل هذا تستحق الاستثمار، بالتفرغ للجمع والحصاد والتخزين، ذلك التفرغ الذي يضمنه تحريم القتال في هذا الشهر.
وفي «رجب» كان العرب يجتمعون في البوادي طلبا للكلأ والثمر، حتي إذا انتهي وآذن الحر بالمجيء، «تشعبوا» عائدين إلي ديارهم، في شهر «شعبان»، الذي كان يوافق مايو، وفي منتصفه تقريبا يطلع نجم «الثريا» إيذانا بإقبال الحر واشتداده.
ويلي ذلك شهر «رمضان» الذي يوافق يونيو، والاسم مشتق من الرمض أي شدة الحر.
وبعده «شوال» الذي اشتق اسمه من «الشول» أي الارتفاع، ففيه ترتفع الحرارة إذ يوافق يوليو وفيه يرفع العرب متاعهم مرتحلين لشهود الحج وأسواقهم المشهورة، ومنه قولهم: «شالت نعامتهم» أي ارتحلت جماعتهم مسرعة.
ثم شهر «ذو القعدة» الذي ينسبه «عرفان محمد حمور» إلي مادة «قعد» التي كانت تعني في السريانية «الركوع وثني الركب»، وهي هيئة لا تكون إلا عند العبادة. ما يعني أن الشهر اكتسب اسمه من بداية توافد العرب إلي مكة للحج، وقعودهم أي ركوعهم مع ثني الركب أمام أصنامها التي كانوا يعظمونها. وكان ذو القعدة يبدأ في أغسطس.
وأخيرا «ذو الحجة» الشهر الثاني عشر، والذي كان عرب الجنوب في اليمن يسمونه «ذو حجتن»، والذي اكتسب اسمه من قيام العرب بأداء مناسك الحج فيه، كان يوافق سبتمبر (أيلول)، وربما جاء بعضه في أغسطس نظرا لكون السنة القمرية تقل نحو 10 أيام عن السنة الشمسية، وهو الفرق الذي كان العرب يصححونه بكبس أي إضافة شهر إلي سنتهم كل ثلاثة أعوام، ليضمنوا توافق شهورهم القمرية، مع مواسم الحر والبرد، الزرع والحصاد، وهي بالضرورة مواسم شمسية. هذا الكبس هو ما حرمه الإسلام، معيدا الشهور لدورتها الحرة مع منازل القمر «اليوم استدار الزمان حتي عاد كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض»، وهي العلامة الوحيدة في الطبيعة التي تحد بدايات الشهور. وعلميا فإن لحظة ميلاد الهلال (لا ظهوره) لحظة عالمية، بمعني أنها لحظة واحدة في العالم كله من، حيث هي علاقة هندسية بين وضع القمر بالنسبة لكل من الشمس والأرض. لهذا فإن القمر ارتبط بالشهر في مختلف اللغات والثقافات، وأوضح علامات هذا الارتباط نجدها في اسم الشهر نفسه، كما يتردد في عدة لغات غربية. وعلي سبيل المثال فإن اسم الشهر بالإنجليزية «month» يعني القمري أو المنسوب للقمر «moon» حيث المقطع «th» يدل علي النسبة، كما نقول «four» أي أربعة و«fourth» أي الرابع أو المنسوب إلي أربعة، ونستمر علي هذا المنوال في بقية الأعداد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.