منذ ما يقرب من ثلاثة عقود من الزمن، ونحن نحكم بوساطة طغاة.... طغاة أسوأ ما فيهم، هو أنهم يرتدون ثوب المؤمنين بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، علي الرغم من أن أفعالهم وقوانينهم - خاصة قوانينهم - تثبت أنهم أبعد ما يكون عن الحرية والديمقراطية، وحتماً ليست لهم أدني صلة بحقوق أي إنسان. هناك طغاة حكمونا من قبل... طغاة يرقدون أو ترقد بقايا أجسادهم في قبور، مهما بلغت فخامتها من الخارج، فهي مجرَّد وعاء لأجساد التهمها الدود، وتحولت إلي تراب، في حين صعدت أرواح أصحابها إلي بارئها، لتدفع ثمن طغيانها وفقاً لما ذكره في كتابه العزيز، من أن من عمل مثقال ذرة خيراً يره، ومن عمل مثقال ذرة شراً يره... السلطة أعمتهم، وسلطان الدنيا أغواهم، وارتكبوا فظائع في شعوبهم، وتكبروا وتجبروا سنوات، طالت أم قصرت، ثم حان حسابهم، الذي لن ينفعهم فيه سلطان أو سطوة، وليس به نفوذ، أو حراسات، أو أمن، لا قومي ولا شخصي ولا يحزنون. ولو أنهم يتصوَّرون، بعد كل ما فعلوه، أنهم سيدخلون الجنة، فهذا شأنهم، ولكن التاريخ وصف ما يفعلونه بأنه طغيان، وفساد وجبروت وظلم فادح، ووصف أمثالهم بالديكتاتورية، كما أن الدين وصفهم بأوصاف، لو فهموا عشرة في المائة منها، لاعتزلوا في كهف، وظلوا يستغفرون، حتي آخر لحظة في حياتهم. ولكنهم طغاة، وسمة الطغاة، كما قال الدين، وأكَّد التاريخ، أنهم ينسون أبسط حقائق الحياة، وهو الموت، الذي سيأتيهم حتماً، ولو كانوا في بروج مشيدَّة.... وعلي كل حال فهذا ليس موضوعنا الآن، ولن تؤثر فيهم هذه الكلمات؛ لأنهم طغاة، والطغاة يرون دوماً أنهم علي حق، وحتي وهم علي منصة المشنقة، ولا يعترفون بطغيانهم، إلا عند الحساب، والحساب أمر في الدين، الذي لا يؤمنون به.... فما علينا.... موضوعنا الفعلي هو تلك القوانين الجائرة، التي يصدرها السادة الطغاة، ويطغون بها علي شعوبهم..... ومن هنا البداية.