الوزراء والمحافظون يعلنون الطوارئ استعداداً لرمضان وكأن حل مشاكلنا كلها في الطوارئ

في هذا التوقيت من كل عام يخرج علينا المسئولون من وزراء ومحافظين ليفتحوا «حنفية» تصريحات تؤكد أن شهر رمضان سيكون شهر حل لكل المشاكل وستنخفض فيه أسعار السلع وتتوافر بكميات كبيرة و يبالغ بعضهم ليؤكد أنها ستفيض عن حاجات الناس، سيكون المرور في أحسن حالته ولن تشهد مصر أزمة في رغيف الخبز ولا في أنابيب البوتوجاز، لن ترتفع أسعار اللحوم ولن تختفي الدواجن، تصريحاتهم تؤكد أن الحياة ستكون وردية وسندعوا ربنا جميعا في وقت واحد أن تكون السنة كلها رمضان. كل الوزارات تقريبا لديها نفس الكلام ونفس الوعد.. غير أن كل وزير يصيغ التصريحات وفقا لمهام وزارته، فوزير التضامن مثلا يؤكد إعلان حالة الطوارئ استعدادا للشهر الكريم، ووزير الداخلية يصرح هو الآخر عن طوارئ في وزارته لضبط المرور والخارجين عن القانون، وزير النقل يعلن الطوارئ كذلك ويعد بخدمة أفضل في السكة الحديد والمترو استعدادا لشهر رمضان، ووزير الأوقاف يستعد هو أيضا بطوارئ بتوفير الأئمة والمشايخ وساحات الصلاة، وهو نفس حال المحافظين كل واحد منهم يعلن الطوارئ وكأن حل مشاكلنا لن تتم إلا بهذه الطوارئ، هذه التصريحات تتكرر في كل عام وكل عام أيضا نشهد أزمة في كل شيء بداية من المرور وصولا إلي رغيف الخبز، هذه التصريحات تستحق أن تدرج جميعها تحت المثل الشعبي الذي يقول «أسمع كلامك أصدقك وأشوف أمورك أتعجب»، ففي رصد لتصريحات المسئولين خلال الأيام القليلة الماضية تجد ما يسعدك بالفعل لكن الواقع والتجربة تقول إن هذه التصريحات لن تتعدي الكلام فقط وهذه عينة من تصريحات المسئولين... في العاصمة الدكتور عبد العظيم وزير محافظ القاهرة أعلن عن حالة طوارئ استعدادا لرمضان حيث تم تشكيل غرفة عمليات بمديرية التموين بالقاهرة لتلقي بلاغات المواطنين وإخطار غرف العمليات الفرعية بإدارات التموين وإدارة الرقابة التموينية بالمديرية لاتخاذ الإجراءات اللازمة للقضاء علي شكوي المواطنين خلال شهر رمضان، مشيرا إلي أنه تقرر زيادة المعروض من أسطوانات البوتاجاز بنسبة 25% عن العام الماضي لسد احتياجات المواطنين من هذه السلعة الحيوية خلال شهر رمضان، كما تم التنسيق مع شركة بوتاجاسكو وبتروجاس لطرح كميات من أسطوانات البوتاجاز المنزلية من الاحتياطي الاستراتيجي بالمناطق التي يحدث بها أي عجز في الكميات التي تم تسليمها للمستودعات وسيارات شباب الخريجين وسيارات شركة المصريين لإنهاء معاناة المواطنين بهذه المناطق، ووعد المحافظ ومدير المديرية بتوفير جميع السلع التي يزداد الإقبال عليها في شهر رمضان عبر المعارض التي تنظمها المديرية بالقاهرة لتوفير جميع السلع الاستهلاكية من سكر ودقيق وبلح وياميش وأرز ومكرونة وبقوليات بأسعار أقل من الأسعار المعروضة في الأسواق، واستمراراً لهذه التصريحات وعد «وزير» بإعادة تعديل مواعيد تشغيل المخابز البلدية خلال شهر رمضان بما يتوافق مع المواعيد المناسبة للمواطنين وتشغيل مخبز أو أكثر في كل منطقة بعد الإفطار لتوفير الخبز خلال فترة السحور وتشديد الرقابة علي حركة الدقيق ورصد الكميات المنتجة والتأكد من توزيعها علي المواطنين من خلال المنافذ، وكذلك توفير مفتش مقيم بمستودعات البوتاجاز الرئيسية للإشراف علي التوزيع وتسليم الحصص واتخاذ الإجراءات القانونية ضد كل من يتلاعب بالأسعار المحددة، وعن الخوف من أزمة اللحوم في القاهرة قرر أعلن وزير عن فتح 6 منافذ جديدة لبيع اللحوم الطازجة بأسعار مخفضة لا تزيد علي 35 جنيها للكيلو بالأحياء الشعبية ليصل إجمالي عدد المنافذ التي فتحتها المحافظة إلي 12 منفذاً.
اللواء عادل لبيب محافظ الإسكندرية من جهته هو الآخر كان له نصيب في تصوير الحياة علي أنها ستكون وردية في رمضان فأعلن عن استعداد محافظته لاستقبال هذا الشهر من خلال توفير السلع الأساسية، بالإضافة إلي توفير أنابيب البوتاجاز بكميات كبيرة ومراقبة الأسعار وتشديد الرقابة علي المطاحن والمخابز ومستودعات الدقيق والبوتاجاز و الأسواق العامة، وكذلك لن نجد أزمة في المرور بل وأعلنت الهيئة العامة لنقل الركاب بالإسكندرية عن خطة لمواجهة الأزمة في شهر رمضان.
وفي كفر الشيخ بشر المهندس أحمد زكي عابدين المحافظ برمضان مختلف عن أي شهر آخر بلا أزمات لا في الخبز ولا في أنابيب البوتاجاز ولا في اللحوم ولا الدواجن مؤكدا أنه تقرر زيادة حصة الدقيق عن الحصة المقررة للمحافظة أساسا بنسبة 5% استعدادا للشهر المعظم، وكذلك زيادة حصة الغاز المقررة للمحافظة بنسبة 20% لمواجهة الإقبال الكبير من المواطنين علي هذه السلع في شهر رمضان، وعن ارتفاع أسعار اللحوم قرر عابدين إقامة شوادر لبيع المواد الغذائية بأسعار مخفضة لمحاربة استغلال التجار والجزارين.
وفي الأقصر أيضا التصريحات نفسها تقريبا فالدكتور سمير فرج محافظ الأقصر وعد سكان محافظته هو الآخر برمضان مختلف وجميل حيث أمر بتشكيل لجنة من المحافظة لمراقبة حالة السوق في رمضان وضبط المخالفين والمتلاعبين بالأسعار من التجار، وتوفير كميات كبيرة من السلع بالمجمعات الاستهلاكية، وتعديل مواعيد المخابز البلدية التي تقوم بإنتاج الخبز المدعم لتعمل خلال الفترات الصباحية والمسائية لمنع حدوث أي زحام مع مراعاة مواعيد الإفطار والسحور.
السكة الحديد هي الأخري بشرت جمهورها من الركاب برفع درجة الاستعداد القصوي بجميع قطاعات الهيئة وتكثيف الحملات التفتيشية علي المحطات والورش والوجود الدائم للقيادات بمواقع العمل علي مدار اليوم لخدمة الركاب طوال شهر رمضان المبارك وأكد المهندس مصطفي قناوي رئيس الهيئة تغيير وتعديل مواعيد بعض القطارات لتناسب هذا الشهر بالإضافة إلي تخصيص قطارات تتوافق مع مواعيد الإفطار والسحور . وفي المترو أيضا تصريحات توحي بأننا سنركب قطاراته دون مشاكل في التقاطر ولا في الزحام علي شبابيك التذاكر ولا تكدس داخل العربات ولا مشاكل في ماكينات الخروج ولا أعطال ولا باعة جائلين وستكون رحلة المترو مريحة وممتعة وكان نصيب المهندس علاء فهمي وزير النقل من تصريحات الاستعداد لشهر رمضان كبير فوعد الوزير بتشغيل قطارات المترو طوال شهر رمضان 21 ساعة يوميا بحيث يتم مد ساعات العمل حتي الساعة الثانية والربع صباحا خلال هذا الشهر مؤكدا الالتزام بالمواعيد وزمن التقاطر وزيادة عدد الرحلات قبل الإفطار وتقديم خدمة متميزة للركاب وأكد المهندس محمد شيمي رئيس مجلس إدارة شركة مترو الأنفاق أنه تم إعداد جداول تشغيل قطارات المترو لتواكب الزيادة في عدد الركاب بحيث تصل عدد الرحلات إلي 1196 رحلة بالخطين بدلا من 1126 رحلة عن الجدول الصيفي بنسبة 6.2% بحيث يتم زيادة عدد الرحلات بالخط الأول ما بين حلوان - المرج إلي 526 رحلة بدلاً من 506 رحلات يومياً بزيادة قدرها 20 رحلة إضافية عن الجدول الصيفي بنسبة 4 %، وأكد شيمي أن زمن التقاطر سيكون 4 دقائق طوال فترة الذروة وفي أوقات غير أوقات الذروة حتي نهاية التشغيل سيكون زمن التقاطر 6 دقائق، وأشار شيمي إلي زيادة عدد الرحلات بالخط الثاني أيضا ما بين محطتي شبرا الخيمة والمنيب إلي 670 رحلة بدلاً من 620 رحلة يومياً بزيادة قدرها 50 رحلة إضافية عن الجدول الصيفي بنسبة 8%، بزمن تقاطر3 دقائق طوال فترة الذروة وزمن تقاطر 5 دقائق حتي نهاية التشغيل وفي أوقات غير الذروة، وأكد شيمي أنه تم عمل مجموعات عمل بالمحطات لمتابعة أي مشاكل تحدث فوراً والعمل علي حلها و تسهيل متطلبات الجمهور وتم الاستعداد بقطارات إضافية يتم تشغيلها في حالة الزيادة غير المتوقعة في عدد الركاب و أنه أصدر تعليمات للسائقين بزيادة توقف القطارات بالمحطات المزدحمة طبقاً لجداول التشغيل لإتاحة فرصة أكبر للركاب في النزول والصعود وبما لا يتعارض مع التشغيل، وكذلك سوف يتم زيادة منافذ توزيع التذاكر بالمحطات ذات الكثافة العالية لتخفيف الزحام علي الشبابيك ويتم تشغيل مكاتب الاشتراكات يومياً من الساعة السابعة صباحاً حتي الساعة الثالثة مساءً.
رئيس هيئة نظافة وتجميل القاهرة من جهته هو الآخر أعلن عن انتهاء الهيئة من إعداد خطة لاستقبال شهر رمضان وإعلان حالة الطوارئ بالهيئة لحين انتهاء هذا الشهر مشيرا إلي أنه في مجال الإنارة تقرر تشكيل 12 فرقة صيانة مزودة بالأبراج وتكون جاهزة طوال ال 24 ساعة لإصلاح أي أعطال بأعمدة الإنارة، ومراجعة إنارة المناطق المحيطة بالمساجد وإنارة مآذن المساجد، ومراجعة جميع كابلات أعمدة الإنارة والتركيز علي المناطق المحيطة بتجمعات المواطنين في المناطق الأثرية والحدائق التابعة للهيئة، ومراجعة الإنارة بالمحاور الرئيسية والطرق المؤدية إلي المساجد والميادين الرئيسية والعامة وأضاف علي أن في مجال النظافة تم تجهيز أربع فرق طوارئ للمناطق الأربعة بالمحافظة مزودة بلودر وسيارة حوادث و 2 لوري قلاب وسيارتين، كما تم تجهيز جميع الشفاطات وماكينات الشفط النقالي تحسباً للطوارئ.
تعليقا علي هذه التصريحات يري الدكتور عبدالعزيز سيد رئيس شعبة بالغرفة التجارية بالقاهرة أن هذه التصريحات بعيدة عن الواقع لعدم وجود آليات رقابية حقيقية تحدد أسعار السلع وبالتالي تكون تلك التصريحات عبارة عن شعارت ترفع في هذا الشهر الكريم ولابد أن تكون مواكبة للحدث بالفعل، وأكد سيد أننا نعاني في مصرمن أزمة حقيقية في مسألة ضبط الأسعار وأول لحل هذه المشكلة هو الاعتراف بالأزمة لا أن ننكرها دائما، مشيرا إلي أنه ليس من العيب أبدا أن نعترف بوجود أزمة لدينا، ولابد من دراسة أسباب المشكلة لمعرفة حلها لا أن نقنع أنفسنا بأن الحياة وردي والحقيقية أن الناس تعاني كثيرا، وأستغرب سيد من تزايد هذه التصريحات في شهر رمضان متسائلا إذا كان لديهم القدرة علي حل المشاكل في شهر رمضان فلماذا لا يطبقون هذا المنهج علي باقي الشهور ونعيش بلا أزمة.