مراقب بالكاميرات.. وزير النقل يكشف عن المنظومة الجديدة على الطريق الدائري    200 أتوبيس كهرباء بتكلفة 2 مليار جنيه.. وزير النقل: الترددي صناعة مصرية خالصة    ترتيب الدوري الفرنسي.. موناكو يتأهل لدوري الأبطال وهبوط سانت إيتيان    12 شهيدا بقصف على نازحين فى مواصى خان يونس    عباس شراقي يكشف تأثير النشاط الشمسي على الاتصالات والملاحة والطيران    انفجار عبوة ناسفة خارج عيادة في ولاية كاليفورنيا    إعلام عبري: 24 ساعة حاسمة في مفاوضات غزة بين إسرائيل وحماس    أتالانتا يحقق فوزًا مثيرًا على جنوى 3-2 في الدوري الإيطالي    معتصم سالم: لماذا تحاربون بيراميدز في نهائي الأبطال وتساعدون الأهلي في كأس العالم؟    "الأول منذ 15 عاما".. عمر مرموش يسجل رقما سلبيا في بطولة كأس الاتحاد الإنجليزي    الدكش يكشف ما قاله وسام بعد هدفه القاتل في البنك وما فعله النحاس مع معلول    بمشاركة جزئية من كوكا.. لو هافر يهزم ستراسبورج في الوقت القاتل ويضمن البقاء    كيف تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع فوز الأهلي على البنك الأهلي؟ (كوميك)    ستوري نجوم كرة القدم.. رامي ربيعة مع تامر حسني.. احتفال إمام عاشور بعد الفوز على البنك    الأرصاد الجوية تزف بشرى سارة عن حالة الطقس اليوم الأحد (فيديو)    الاقتصادية تنظر أولى جلسات محاكمة راندا البحيري بتهمة سب وقذف طليقها    للمرة الأولى.. إعلان أرقام جلوس طلاب الشهادة الثانوية الأزهرية بالصورة    حدث بالفن| نجوم الفن يحتفلون بعيد ميلاد الزعيم وحقيقة خلاف تامر مرسي وتركي آل الشيخ    كالعروس.. مي عمر تتألق بفستان أبيض في خامس أيام مهرجان كان    "أسعدت الملايين ونورت حياتنا".. رسائل نجوم الفن في عيد ميلاد الزعيم عادل إمام    سعر الذهب اليوم الأحد 18 مايو محليًا وعالميًا.. عيار 21 الآن بعد الزيادة الأخيرة (تفاصيل)    الوادي الجديد: رفع درجة الاستعداد القصوى بالمراكز لمواجهة الأحوال الجوية    "جميعها قانونية 100%".. طه عزت يشرح حيثيات قرار الرابطة بشأن أزمة القمة    انقطاع الكهرباء بطور سيناء اليوم الأحد 5 ساعات للصيانة    مرسوم رئاسي سوري بتشكيل الهيئة الوطنية للمفقودين قسرا    بالصور.. رامي صبري والنجوم يحتفلون بعيد زواج المهندس محمد عطا وسيدة الأعمال فاطمة المهدى    خبير لإكسترا نيوز: إسرائيل لن تسمح بحل الدولتين لتعارضه مع حلمها الإمبراطوري    أنجح فنان في التاريخ.. محمد إمام يوجه رسالة لوالده في عيد ميلاده.. تعرف عليها    تعاون بين «التأمين الشامل» و«غرفة مقدمي الرعاية الصحية»    ضبط 12 طن قمح بمحال أعلاف لاستخدامها في غير الأغراض المخصصة لها بالبحيرة    جمال عبد العال: زيارة الرئيس السيسي لبغداد تؤكد دعم مصر للعراق    وزير الشباب والرياضة: نتحرك بدعم وتوجيهات الرئيس السيسي    "الجبهة الوطنية" يعلن تشكيل أمانة الرياضة برئاسة طاهر أبوزيد    "سفاح المعمورة".. لغز محيّر في مسقط رأسه بكفر الشيخ بعد إحالته للمحاكمة -صور    افتتاح ورشة عمل بكلية دار العلوم ضمن مبادرة «أسرتي قوتي»    معيط: صندوق النقد لا يتدخل في سياسات الدول وتوقعات بتحسن الاقتصاد المصري    رئيس جامعة الأزهر يكشف الحكمة من تغير أطوار القمر كما ورد في القرآن    أمين الفتوى يوضح أهمية قراءة سورة البقرة    الشيخ رمضان عبد المعز: "اللي يتقي ربنا.. كل حاجة هتتيسر له وهيفتح له أبواب ما كانش يتخيلها"    تفاصيل لقاء بطاركة الكنائس الأرثوذكسية الشرقية بالشرق الأوسط في مركز لوجوس بوادي النطرون    رئيس جامعة طنطا خلال زيارة طالبات علوم الرياضة: تحركنا لصالح بناتنا    مصر تفوز بجائزة أفضل جناح فى مهرجان كان 78.. حسين فهمى: التتويج يعد اعترافا عالميا بالمكانة التى تحتلها السينما المصرية اليوم.. ووزير الثقافة: الفوز يسهم فى إبراز مصر كوجهة جذابة للتصوير السينمائى    السلعوة تعقر 7 أطفال بحى الصوفى في الفيوم.. صور    عالم أزهري: «ما ينفعش تزور مريض وتفضل تقوله إن كل اللي جالهم المرض ده ماتوا»    داعية: وجوب تقسيم الميراث على وجه السرعة لهذا السبب    هيئة الخدمات البيطرية تكشف حقيقة نفوق الطيور في مزارع الدواجن    إصابة 48 طالبة.. رئيس جامعة طنطا يطمئن على الحالة الصحية لطالبات «تربية رياضية»    المسار الأخضر نقطة انطلاق الصناعة المصرية والصادرات    ضحية الانتقام بكرداسة    احتفالاً باليوم العالمي للمتاحف.. المنيا تحتضن الملتقى العلمي الخامس لتعزيز الوعي الثقافي والتاريخي (صور)    مستشار رئيس الوزراء العراقي: قمة بغداد تؤكد أهمية التضامن العربي في مواجهة الأزمات الإقليمية    3 أمناء مساعدين بالجبهة الوطنية.. زكى والصريطي للفنون وضيف الله للتنظيم    اليوم وغدا.. قصور الثقافة تحتفي بسيد حجاب في مسقط رأسه بالدقهلية    صور| أكاديمية الشرطة تنظم ندوة "الترابط الأسري وتأثيره على الأمن المجتمعي"    مخرجش من المنهج.. ردود أفعال طلاب الشهادة الإعدادية الأزهرية بسوهاج بعد امتحان مادتي اللغة العربية والهندسة "فيديو"    وكيل الزراعة بالبحيرة يوجه بسرعة توزيع الأسمدة وإزالة التعديات على الأراضي الزراعية في حوش عيسى    الحماية المدنية تسيطر على حريق نشب داخل معمل تحاليل بحدائق الأهرام    قصر العيني يحتفل ب 80 عامًا على تأسيس قسم المسالك ويطلق برنامجًا لأطباء الامتياز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحمد زغلول الشيطي يكتب : ماتيلدا


حين احترق «سيدي القناديلي» كان الغجر قد رحلوا إلي أطراف المدينة، إلي حيث مقابر «أبو المعاطي» وسوق الجمعة وحارة العيد. كان بيتنا في أرض «زعتر» تطل خلفيته علي مخيم الغجر، وكنت إذا ما صعدت إلي السطح أري مقام سيدي القناديلي وسط غيط سيد قريش، بلونه الأبيض وقبته الصغيرة الخضراء. كان بيتنا يطل علي شارع ضيق غير ممهد هو جزء من أرض زعتر التي راحت تتحول إلي بيوت، وكان الغجر أنفسهم يأتون إلي بيتنا لمساعدة أمي في أعمال الكنس والمسح. أظن أن أمي كانت تتعامل معهم بحذر فهم يشربون السبرتوالأحمر، ويقومون بالليل بمعارك رهيبة علي ضوء مواقدهم التي يحرقون بها قطعا من الحطب أو مخلفات ورش النجارة و«الأويما»، كما أنهم لصوص. لاتنسي أرض زعتر وحارة معري صورة أقدام خميس بالكعب والأصابع الخمسة، مطبوعة علي جدار دكان حامد البقال، حين اقتحم الدكان ليلا من الشراعة العلوية وسرق ما فيه، وبقيت آثار أقدامه الحافية علي الجدار. اصطفت أمي واحدة كانت تأتي عندنا باستمرار هي «سعدية الغجرية» كانت تقول إنها ولدت في بلد يعرف بالبحر الصغير. كنت أعجب أي بحر وأي صغير، وأندهش من ردائها الأسود وعقودها الخرزية الملونة والحلقان والشخاليل التي تزين ملابسها وتخترم أنفها، وأتساءل لماذا يلبسون هذه الملابس؟. حين مات أبي كانت تجالس أمي أوقاتاً كثيرةً للترويح عنها. أخذني الذهول حين رأيتها تقف أمام أمي، تضرب أصابعها بصاجات معدنية وترقص وأمي تضحك بصوت عال. فاجأهما دخولي فتوقفت سعدية عن الرقص. قالت لي أمي إن سعدية حين تغيب أياما كثيرة تذهب إلي بلاد الفلاحين في مواسم حصاد الأرز، ترقص أمامهم ليعطوها مايقدرون عليه من المحصول. لا أنسي يوم هاجمنا عطية صانع المفاتيح كان قد شرب السبرتو الأحمر، وراح في حلكة الليل يخبط علي باب بيتنا المقفل دون سبب مفهوم. استيقظنا جميعا في رعب. قالت أمي بهدوء: عطية تقّل العيار حبتين. كنت أعجب أنه رغم فقرهم وسكنهم الخيام كانوا شديدي الجمال، علي الأخص «ماتيلدا» ذات الشعر الأحمر، لعلها كانت في مثل سني. كانت تنظر إليّ بعينين لن أنساهما بعد ذلك بسنين، علي أنني رأيتها حين كنت في الإعدادية وبعد رحيل الغجر، تلعب أكروبات علي مسرح صغير في مولد "أبو المعاطي" وكان الرواد يصيحون حين تكشف عن كيلوتها الوردي. هل أحببت ماتيلدا؟ كنت أعرف أنه ممنوع زواجها منا نحن البشر العاديين، يقولون إننا فلاحون وهم لا يتزوجون من الفلاحين، كان يأخذني الألم كيف لا يسمح لي أن أقترن بماتيلدا؟. كانت ماتيلدا تقف علي مبعدة ونحن نلعب أنا وأختي وابن عمي لعبة البيوت أو لعبة عروسة وعريس. كان شعرها الأحمر مهوشاً دائماً، لكنها كانت لا تقترب ولا تلعب معنا. فقط تنظر إلينا. كنت أناديها، تعوج رأسها علي جانب ولا تأتي، لماذا لم تلعب معنا ماتيلدا؟ كان يمكن أن تكون عروستي في لعبتنا. انتشرت الشائعات أن بيتنا سيزال لتوسيع الشارع وأن الشارع سيقسم أرض قريش نصفين، وأن سيدي «القناديلي» سيزال بدوره لأن الدولة ستبني مستشفي مكان الغجر. بالفعل راحوا يهدمون البيوت ليفتحوا شارعاً عريضاً يصل إلي شارع المتنبي، نجا بيتنا من الإزالة وانفتح شارع باتجاهين أمامنا ثم جاءت قوات كثيرة لترحيل الغجر. لا أنسي يوم حملوا أشياءهم وأغنامهم علي عربات كارو، كانوا يتصايحون ويزعقون ويتشاجرون وكانت العربات تحملهم وتمضي دون أن ينظروا خلفهم، وحدها ماتيلدا جالسة في مؤخرة العربة مستندة بظهرها إلي الخيمة الملفوفة، راحت تنظر إليّ، هل رفعت يدها حين بدأت العربة تستدير لتغوص في حارة معري، هل رأيت دمعة تنحدر؟ هل ابتعدت ماتيلدا؟. بعد أربعين سنة أسأل نفسي، أسألها كثيراً، لماذا رفضت ماتيلدا أن تأتي.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.