انفجرت قنبلة بيع قرية آمون في صورة خلاف حول تورط وزير في تسهيل الاستيلاء علي ملكية عامة لصالح شركاته، وتحول الخلاف إلي فضيحة مع إعلان مسئولين رقابيين عن اعتراضهم علي البيع وتجاهل ملاحظاتهم، وحتي بعد تدخل الرئيس لإعادة البيع بحق الانتفاع تظل قضية آمون نموذج إدانة للخطوات الذي اتبعتها الدولة منذ سنوات في بيع الملكية العامة. وربما من هذا المنطلق تأتي أهمية الحوار مع المهندس محمد حسن رئيس شركة مصر أسوان المالكة للقرية سبب الأزمة . الرأي العام يتساءل :ما قصة جزيرة آمون؟ - أولا هي ليست جزيرة، نحن لانملك جزيرة وما نبيعه ليس جزيرة، الخلط جاء من اسم القرية آمون، واسم الشركة التي بيعت لها القرية أول مرة شركة جزيرة آمون. شركة مصر أسوان تأسست 1979 وتمتلك قريتين «آمون» علي بعد 22 كم جنوبأسوان ونفرتاري في أبو سمبل. قرية آمون افتتحت في 1985 وأسندت إدارتها إلي شركة شيراتون لمدة سنتين وحققت أرباحا لم تحصل منها الشركة علي شيء بسبب عقد الإدارة، وتولت الشركة إدارة القرية 3 سنوات حققت أرباحاً ساعدتها في سداد القروض ولكن وقعت حرب الكويت 1990 وتراجعت السياحة فتأثرت القرية بشدة، وواكب ذلك التوسع في تشغيل الفنادق العائمة الذي أدي لزيادة السعة الفندقية في أسوان وخرجت آمون من المنافسة بسبب موقعها البعيد عن وسط المدينة حيث يجد السائح المطاعم والحنطور والمقاهي والمزارات، في حين كانت آمون أقرب للمنتجع الهادئ المطل علي السد العالي وبحيرته، ورغم أن المهندس حسب الله الكفراوي خطط لإنشائها كباكورة لمدينة سياحية من الطراز الأول خارج أسوان، لكن القرية انتهت لأن تكون الأولي والأخيرة. لماذا؟ - طبيعة المنطقة صخرية وبمناسيب وارتفاعات مختلفة صعب البناء عليها والزراعة بها مستحيلة مما جعل الاستثمارات تتجه بعيدا عن المنطقة، وفي ظل عدم وجود إدارة أجنبية وصعوبة فرصة تسويقها استمرت في تحقيق خسائر، وقرر المساهمون في 1996 وقف التشغيل الكلي للقرية وسعته 250 غرفة والاكتفاء بتشغيل 50 غرفة فقط، وظلت هكذا حتي 2005 تحقق خسائر وطوال هذه السنوات حاولت الشركة حث المساهمين لضخ استثمارات جديدة لتجديد القرية وإعادة تشغيلها لكنهم رفضوا وكانوا لديهم كل الحق. كيف؟ - لأنهم منذ 1979 مع تأسيس الشركة وإنشاء القرية أنفقوا ملايين لم يحصلوا علي أي عائد منها. حيث بلغ رأسمال الشركة 54 مليون جنيه بخلاف قرض تم سداده في المرحلة الأولي. وفي 2005 استقر المساهمون علي بيع القرية والحقيقة أن القرار يتناغم مع اتجاه الدولة آنذاك للتخلص من الملكية العامة، وشركتنا بها 94% ملكية قطاع الأعمال ممثلة في 7 مساهمين أكبرهم مصر للطيران 26%ومصر للتأمين 24% وهيئة المجتمعات العمرانية 14% والملكية الخاصة ممثلة فقط في شركة الاستثمار المصرية الكويتية 4% وشركة مصر للتعمير 2%. إذن قرار البيع بالأغلبية، ماذا عن شفافية تقييم ثمن الأرض والقرية وهل من المقبول أن قرية تكلفت أكثر من 54 مليوناً عام 1985 يتم تقييمها بسبعين مليوناً بعد 22 سنة؟ - أولا: التقييم تم من خلال 3 مكاتب ذوي ثقة وأسماء معروفة في تثمين العقارات اثنان وضعا تقييمين واحد ب50 مليوناً والثاني 55 مليوناً لكن الشركة اعتمدت التقييم الثالث 71.8 مليون جنيه. والتقييم يتم من خلال معايير مقارنة تراعي الأختلافات. ثانيا: ماقيل من انتقادات في هذه النقطة حول أن سعر المتر في أسوان 200 جنيه والتقييم قدرها بين 3 جنيهات لمتر الفضاء و80 جنيهاً للمباني اتسم بالسطحية لأنه قارن القرية بأراضٍ داخل أسوان تباع بغرض إنشاء مبانٍ سكنية يكون سعرها أعلي والطلب عليها كبيراً. لكن الجهاز المركزي اعترض علي البيع بهذا الثمن؟ - الجهاز أحضر ممثلون عنه، ورأيهم استرشادي وبالفعل وضعوا ملاحظات طرحت علي الجمعية ونوقشت في الاجتماع، وفي نهاية المناقشات قال رئيس المجموعة الحاضرة من الجهاز حرفيا:« الجهاز غير معترض علي البيع» وهذا الكلام مسجل في المحضر الذي شارك الجهاز في توثيقه دون إضافة أو حذف لما دار في الاجتماع. ووفقا للقانون فملاحظات الجهاز غير ملزمة للجمعية العمومية، لكن إذا كان الجهاز غير مقتنع بالبيع أو يري فيها مخالفة فله أن يطلب التحقيق رسميا وهو مالم يحدث. ولماذا رفضت مصر للطيران أكبر المساهمين وحدها قرار البيع؟ - عند إعادة طرح القرية للبيع بعد فسخ التعاقد مع شركة جزيرة آمون، رأي ممثل الجهاز المركزي أن التقييم الأول يجب تحديثه وليس إعادته وذلك لمرور عامين، طرأت خلالهما متغيرات علي الأسعار ونلاحظ أن طلب التحديث معناه أنه لم يرفض التقييم الأول وممثل مصر للطيران رفض البيع لاقتناعه بضرورة تحديث التقييم. لماذا لم تأخذ الجمعية بطلب تحديث التقييم؟ - كقارئ للملفات، المساهمون رأوا أن تحديث التقييم سيستغرق عاما وتكلفة جديدة، في الوقت الذي كان فيه أمامهم عرض جديد من «بالم هيلز» يمثل فرصة قد لا تتاح مرة أخري؛ فالعرض الجديد كان 84 مليون جنيه وهذا يزيد علي الأول بنحو 19% ولم يكن التحديث سيرفع التقييم بنسبة أكبر من تلك بأي حال. المساهمون رفضوا تطوير القرية وأصروا علي البيع ثم نسوا استثماراتهم منذ 2008 ولم يتسلموا باقي ثمن الأرض.. ماذا حدث؟ - «بالم هيلز» وقعت عقداً ابتدائياً وعند تسجيل البيع في الشهر العقاري اكتشفوا أن ملكية «مصر أسوان» للأرض غير موثقة، ما حدث أن هيئة المجتمعات العمرانية خصصت 200 فدان للشركة في 1979 لإقامة القرية ووقع بالبيع رئيسها المهندس الكفراوي و38 فدانا لإقامة طريق يربط القرية بأسوان وقع ببيعها رئيس هيئة السد العالي، والاثنان في عقد واحد، وتم تسجيل العقد في الشهر العقاري لكن اتضح أن هناك خطوة لم تكتمل وهي إشهار التسجيل مقابل سداد رسوم لم تهتم الشركة آنذاك أو ربما لتفادي سداد الرسوم وربما قالوا إن البائع للدولة والشركة مال عام فلن يضر شيء، هذه الخطوة تمنع تسجيل البيع من «مصر أسوان» للمشتري الجديد، وعندما تحركوا لتصحيح الخطأ وإشهار العقود القديمة ظهرت مفاجأة أخري. ماهي؟ - الشهر العقاري وافق علي تسجيل 200 فدان المقامة عليها القرية ورفض تسجيل أرض الطريق، وقال إن هيئة السد العالي التي باعتها لنا لها حق التخصيص لا البيع وليس لها ولاية علي أراضي الدولة. ودخلنا في معضلة البحث عن ثمن أرض الطريق أين ذهب، واكتشفنا في النهاية أنه سدد لهيئة المجتمعات العمرانية؛ فسألنا: لماذا إذن تم فصل القطعتين وبيعت كل منهما لمشترٍ مختلف؟ فأجاب الشهر العقاري: غلطة!! بهذا الشكل لن تستطيعوا بيع القرية حتي وفقا لتوجيهات الرئيس الأخيرة؟ - بدأنا مخاطبة المهندس المغربي من خلال مساعديه لكن المسألة يبدو أنها كانت صعبة الفهم بتسلسلها المعقد. هل تقول إن الوزير المغربي في يده تسجيل الأرض ولم يفعل رغم أنه أحد الشركاء في «بالم هيلز».. ما مصلحته في تعطيل التعاقد؟ - هناك أسئلة لا أملك إجابات عنها، نحن خاطبنا المهندس المغربي بصفته رئيس هيئة المجتمعات العمرانية وليس الوزير؛ لأن القانون 143 لعام 1981 المعمول به آنذاك ينص علي أنها الجهة الوحيدة التي لها حق الولاية علي الأراضي الصحراوية وحق التصرف بها ويؤول لها ثمن البيع ولا يورد بالخزانة العامة، فأصبح تسجيل الأرض لا يمكن إلا من خلال الهيئة التي حصلت علي الثمن. ألا تري أن فسخ التعاقد مع شركة جزيرة آمون بسرعة أثار شبهة تواطؤ لصالح أسماء بعينها؟ - لا أري ذلك ولم يدع أي طرف هذا، والشركة دخلت في مفاوضات طويلة حول التنفيذ وسداد المقدمات قبل فسخ التعاقد. هل الهجوم علي بيع آمون سببه فساد الصفقة أم تصفية حسابات؟ - لا تعليق. أمامكم التزامات بسداد 17 مليوناً مقدمات مدفوعة من الشركتين.. هل لديكم مشاكل مالية للتسوية مع الشركتين، وما شكل التسوية؟ - الشركة لم تكن محملة بديون في أي وقت منذ إنشائها سوي قروض التأسيس التي سددتها في بداية التشغيل وليس لديها أي مشاكل مالية تعوق سداد التزامات التسويات مع الشركتين. والتسوية ستكون متوازنة لشركتنا والشركتين المتعاقدتين، بحيث يتم إعادة المقدم المدفوع من «بالم هيلز» وإنهاء الخلاف الذي وصل للقضاء مع شركة «جزيرة آمون». كيف سيتم الطرح للبيع بحق الانتفاع، وهل ستطرح القرية لمستثمرين أجانب؟ - سنراجع القوانين لمعرفة وجود موانع للبيع للأجانب من عدمه، أما شكل الطرح الذي يعرف العلاقة بيننا وبين المنتفع ففيه خيارات متعددة ويحتاج دراسات متخصصة والاستعانة بجهات استشارية لوضع أفضل نموذج للبيع بهذا النظام ولكن هذا كله لن نبدأ فيه قبل انتهاء تسوية التعاقدات القديمة تماما وإنهاء مشاكل تسجيل الأرض لشركتنا.