أخيراً بدأ الشعب المصري يلمس علي أرض الواقع نتائج سياسات إصلاح العملية التعليمية، فقد تم إنشاء مدرسة جمال مبارك «ابتدائي- إعدادي» تحت إشراف إدارة البساتين ودار السلام التعليمية، وهي مدرسة حكومية مجانية تابعة لجمعية الرضا الخيرية «من المؤكد أن الرضا الرئاسي اسم أنسب لرسالة وهدف هذه الجمعية». هذه مدرسة بالتأكيد ليست كغيرها من المدارس، أحسب أن التحية فيها ليست للعلم بل للعاذلة وكلمات نشيد الصباح تبدأ وتنتهي ب: موافقون، موافقون والله العظيم موافقون. والخنوع والنفاق مادتان أساسيتان، والوصولية مادة رسوب، كما أن تربية جيل المستقبل علي النظافة تعني التدريب المستمر لإتقان مسح الجوخ ولعق الأحذية. فهكذا يتم تسليحهم بمفاتيح النجاح الضرورية للتقديم في جمالكية المستقبل. تسمية مدرسة باسم ابن السيد رئيس الجمهورية تقليد جديد لم يعهده شعب مصر من قبل، وهو سبق يحسب بلا شك للحزب الحاكم ولعائلة سيادة الرئيس. فلا يوجد في أي بلد ديمقراطي- أو غير ديمقراطي- بالعالم أجمع مدارس بأسماء أولاد رؤساء الجمهورية. لقد جرت العادة في مصر في الماضي علي تسمية المدارس علي أسماء الزعماء السياسيين أبطال الكفاح الوطني والنضال ضد فساد الحكم وضد الاحتلال الإنجليزي لمصر أمثال محمود سامي البارودي، وأحمد عرابي الذي قال قولته الشهيرة للخديو توفيق: «لقد خلقنا الله أحراراً، ولم يخلقنا تراثاً أو عقاراً، فوالله الذي لا إله إلا هو، لا نورث، ولا نستعبد بعد اليوم». ومحمد فريد المحامي الفذ الذي أنفق ثروته في سبيل القضية المصرية، وسعد زغلول قائد ثورة 19 الذي نفاه الإنجليز خارج البلاد أكثر من مرة. وكذلك علي أسماء كبار الكتاب والأدباء والشعراء أمثال طه حسين عميد الأدب العربي، وأحمد شوقي أمير الشعراء، وعباس محمود العقاد صاحب العبقريات، الذي نظم نشيد العلم الذي يقول فيه: مصر أم البناة.. من عريق الجدود أمة الخالدين.. من يهبها الحياة .. وهبته الخلود فارخصي يا نفوس.. كل غال يهون .. وهبته الخلود إن رفعنا الرءوس.. فليكن ما يكون .. ولتعيش يا وطن، ولتعش يا وطن جاحد من يدعي أن وريثنا الجديد مفجر الثورة بالحزب الحاكم لا يستحق التخليد مثل رموز مصر العظماء!