فجأة كما يعتقد رجال النظام ضاع نهر النيل من مصر، وخرجنا من الجولة الأخيرة في إثيوبيا بصفر عظيم ينضم لإخوته من الأصفار التي يحصل عليها كل رجال النظام، في غزة، في المصالحة الفلسطينية الفلسطينية، في السلام مع إسرائيل، في الأقباط والفتنة الطائفية، وفي جنوب النيل وأخيراً في سيناء، ولكي أصدقكم القول وتعرفون الحقيقة، مصر لايصة، غرقانة ولا تعرف فن العوم، رجال لا يعرفون قيمة هذه الدولة العظيمة، وهذا الشعب العظيم، مجموعة من الأقزام تحكم سياسة مصر الداخلية والخارجية، فتقزمت مصر بحجمهم وضاعت، تصريحات الأخ وزير الري بعد الإخفاق في إثيوبيا تثير الشفقة، مصر وصلت لحد التسول بأن يصرح وزير ريَّها بأن مصر يا جماعة 82 مليون نسمة وستزيد إلي 90 مليون نسمة وشعبها يحتاج إلي مياه النيل، النظام أصبح يشحت علي حس شعبه، إلي هذه الدرجة من الفشل وصلنا. أتعرفون متي ضاع النيل، ليس كما يقال من ثلاثين عاماً من الإهمال الأفريقي، بالطبع حدث إهمال جسيم ومأساة دبلوماسية مصرية تجاه أمننا القومي، دعنا من الماضي البعيد، النيل ضاع فعلياً عندما وافقت مصر لإثيوبيا أن تدخل الصومال في 2007 تقريباً، الإثيوبيون جاءوا إلي مصر يظنون أن هناك في القاهرة مازال نظام قوي قد يغضب لو دخلت إثيوبيا الصومال، ووافقت مصر بدون أي مساومات، وكان وقتها لو كان هناك عقل يفكر أن نجبر الإثيوبيين علي توقيع عدة اتفاقيات وتعهدات تخص النيل والعمل المشترك وبعدها نفكر بالموافقة علي دخول الصومال لنكتسب مزايا أخري تخص أمننا القومي، لكن الذي حدث أننا رحبنا ووافقنا علي دخول الإثيوبيين الصومال بترحيب وتأييد عظيم، وبعض الجهلاء الآن يطلبون من إثيوبيا أن ترد الجميل لمصر علي موافقتها، ليس هكذا تدار السياسة الدولية للدول الكبري. أعطيت بالمجان هذا شأنك ولكن أن تريد الرد بالمجان فهذه هي المراهقة السياسية والضعف العام، لذلك إثيوبيا الآن شوف الزمن تشترط علي مصر وتعترض وترفض وتصرح ومصر تطلب الرحمة، هكذا تبدو مصر الآن بهذا الضعف والهوان وحتي الفرصة الوحيدة للعب معهم عن طريق الصين، لم تتقدم خطوة واحدة، والصينيون وجدوا بديلاً لمصر اليونان ووقعوا معها 86 اتفاقية اقتصادية ، حيث إن اليونان الآن للبيع لمن يدفع أكثر، الفرصة الوحيدة التي قد تصدم بعض رجال النظام في حل أزمة مياه النيل، هم الإخوان المسلمون لما لهم من نفوذ كبير داخل الصومال العدو اللدود والأبدي لإثيوبيا، أعرف أن هناك أجنحة داخل النظام ترفض الإخوان، لكن السياسة هي فن الممكن لتحقيق المستحيل، واللعب علي الأعراق والاختلاف الطائفي داخل إثيوبيا هو أحد الحلول الآن وهنا عندك الأزهر والكنيسة والإخوان، وبما أن الأزهر مغيب والكنيسة تغرق في مشاكلها مع الدولة ولن تقدم يد العون لم يبق عندك سوي الإخوان، والتعامل مع الإخوان لا يتم إلا من خلال دولة قوية ونظام حاكم قوي له يد من حديد ولا يقبل المساومة أو التفاوض، وتوقعوا ألا يحدث أي شيء، النظام مشغول بأمور أتفه وهو يغرق، الفوضي العارمة التي تجتاح بر مصر الآن وأخيراً في سيناء تشعرني بالطمأنينة، لأني أؤمن بالمقولة الشهيرة، «مزيد من الفوضي للتعطش القوي». حدث هذا قبل تولي محمد علي الحكم، وحدث هذا قبل تولي جمال عبدالناصر الحكم، مزيد من الفوضي ومزيد من الانهيار يأتي القوي ويلملم الدولة المفككة المنهارة ويأخذها حيث حجمها الطبيعي، لذلك ما يحدث في مصر الآن أجله قصير ومطمئن لنتعطش للقوي القادم، لذلك ستجد في الأيام المقبلة وبشكل سريع مزيداً من الفوضي ومزيداً من المظاهرات ومزيداً من المشاكل المعقدة علي عقل هذا النظام ليشعر الناس أنهم في حاجة إلي الأمان وإلي الاستقرار والاطمئنان علي مستقبلهم ومستقبل أولادهم، وستخرج القضايا المخزنة في الأدراج والجاهزة والكاملة تنتظر إشارة البدء لتظهر علي السطح وسنجد أشخاصاً من العيار الثقيل في قضايا كبري تهز المجتمع وسيتوالي الضرب في الحزب الوطني المزور الديمقراطي، حيث إنه يتبني ديمقراطية التزوير وقتها فقط سيكون المسرح قد أعد للبطل القادم أياً كان اسمه، نعرفه أو لا نعرفه، يعمل لصالح الشعب أو يعمل لمصالح شخصية لمجموعة قوية تخاف علي بقائها أو علي مصالحها أو وهذه أمنية علي مصالح الأمة المصرية، راقبوا باهتمام شخصين مهمين يعرفان ما يفعلان، الدكتور محمد البرادعي، والدكتور السيد البدوي جناحين لفريق واحد يعمل لمصلحة الأمة المصرية ولا يقترب منهما أحد، ولا يجرؤ علي الاقتراب منهما أحد، والاثنان كل يوم يكتسبان أرضاً جديدة وشعبية جديدة خالصة والاثنان يرسلان رسائل للغرب لها مغزي لو تعلمون عظيم. الوفد كل يوم يضم شخصية معروفة ويحبها الناس، بل وتنير الوحدة الوطنية وهذا هو مراد كل المصريين، مسلمين وأقباطا، والدكتور البرادعي في كل تحرك يضع يده علي جرح وتسلخ في النظام، مقابلته لأم خالد سعيد الشاب المسكين لها أثر السحر في نفوس كل الأمهات مستغلاً كره الناس للشرطة وللنظام ككل، ولو تابعنا الاثنين جيداً وراقبنا كل تحركاتهما التي هي تحرك جهاز وليس تحرك أفراد سنطمئن علي مستقبل مصر وسنعرف إلي أين تسير مصر التي آمل أن تكون للخير وليس لمزيد من الانحطاط!!