.. عملياً في مصر.. لا يمكن أن تخاصم رجل الشرطة!! لو لجأت إلي القسم لتكتب محضراً ضده ستجد رجالاً يسمعون لك جيداً، وربما يبتسمون في وجهك، وأحياناً يقدمون لك كوب شاي علي نفقة المأمور أو رئيس المباحث، إلا أنهم لا يقصدون فقط حسن ضيافتك، فالهدف الحقيقي هو المطل لشراء بعض الوقت لعرض الأمر، وانتظار التعليمات التليفونية التي تصدر في العادة بتحويلك من مجنٍ عليه لجانٍ ومتهم!! .. أحمد بدوي إبراهيم مهندس كمبيوتر شاب، والمخرج الفني لموقع جريدة الغد الإلكترونية وعضو بالحزب، قاده حظه العاثر لكمين مروري صباحي بشارع صلاح سالم بالقرب من السيدة عائشة ظهر أمس الأول الخميس حيث كان يستقل سيارته وبجواره شقيقه سامح. .. أحمد فك حزام الأمان وهبط من سيارته ليقدم الرُخص للباشا أمين الشرطة الذي يتقدم الكمين والذي عاجل أحمد بدفعه في صدره وهو يقول له: اخلص ياواد قاصداً أن يسرع في تقديم الرُخص قال أحمد للباشا الصغير: أنا لست بولد ولا سائق ميكروباص كي تعاملني بهذه الصورة أمام الناس!!، فلم يكن من أمين الشرطة إلا أن صفع أحمد علي وجهه وانهال عليه ضرباً.. في إشارة لبداية حملة تأديب شاركت فيها قياداته ورفاقه!! .. الباشا الكبير ملازم أول قائد الكمين المروري، تخلي عن الأجهزة التي كانت في يده ودخل معركة تأديب أحمد وشقيقه سامح فانهال عليهما ركلاً ولكماً وسباً وقذفاً!! ويساعده في هذا باقي أفراد قوة الكمين من أمناء ومخبرين!! .. المشهد المأساوي الذي تم جهاراً نهاراً علي قارعة الطريق استفز بعض المارة ممن التقطوا عبر كاميرات المحمول مشاهد للضابط والأمين وأفراد الكمين أثناء وعقب حملة تأديب أحمد وسامح وأرسل بعضهم فوراً هذه المشاهد علي تويتر والفيس بوك!! .. بلغني الخبر الساعة السابعة فوصلت إلي قسم الخليفة في السابعة و45 دقيقة لأري الشاب الوسيم المهندم «أحمد بدوي» ممزق الملابس وآثار حذاء الضابط مطبوعة علي ملابسه بفعل عمليات الركل وكذلك الكدمات المنتشرة في وجهه وباقي جسده بفعل الصفعات، والركلات، وسحجات في معصمه وساقه.. إلخ.. إلخ. .. مأمور قسم الخليفة ورئيس مباحث القسم والعلاقات العامة بالقسم تعاملوا جميعاً في بداية الأمر بقدر من الحياد، والموضوعية في محاولة لإنهاء الأزمة بمذكرة تصالح بين الجاني والمجني عليه. .. تحدثت إلي الضابط الملازم أول المتهم بضرب وتعذيب أحمد وشقيقه، وكذلك مع أمين الشرطة، ولم ينكر أي منهما الواقعة أو ينفي الاعتداء علي أحمد وشقيقه، ولم يدع الضابط أو الأمين وقوع أي اعتداء عليهما!! وحتي التاسعة مساء أمس الأول الخميس كان الضابط والأمين في كامل أناقتهما وهندامي هما، بذات الصورة التي التقطت لهما عقب معركة تأديب أحمد وسامح. .. أحمد بدوي الذي لم يدخل قسماً للشرطة في حياته لم يفهم قواعد اللعبة، وأصر علي التمسك بحقه في عرض الأمر علي النيابة ومعاقبة من اعتدوا عليه الضابط والأمين لم يفهم أحمد أن القاعدة لدي الشرطة أن رجالها أبرياء دائماً، وأن دعاوي المدنيين أمثاله ضدهم لا يجوز الاكتراث بها أو الاستماع أصلاً إليها!! بل لابد من إجهاضها وتأديب أصحابها!! .. لقد كان لإصرار أحمد وتصميمه علي المضي في الموضوع وفقاً للقانون مفعول السحر في انقلاب المشهد رأساً علي عقب.. فقبل أن يوافق قسم الخليفة علي تحويل أحمد وشقيقه لتوقيع الكشف الطبي عليهما لإثبات الإصابات، كان زملاء الباشا الأمين قد قاموا بتمزيق ملابسه وأحدثوا بجسده عدداً من الإصابات، تفوق ما ظهر علي جسد أحمد وشقيقه وحرروا تقريراً طبياً بالإصابات المختلفة.. والتلفيات التي أحدثها أحمد في العهدة، وهي الملابس والأجهزة التي كان الأمين يحملها ويرتديها!! .. ذهب أحمد للنيابة متهماً بعد أن كان مجنياً عليه!! واستمرت التحقيقات من الثانية بعد منتصف الليل حتي بعد صلاة الجمعة أمس، ولم يصدر القرار بعد حتي كتابة هذه السطور!! ومازال أحمد متهماً بالاعتداء علي موظف عام، وإتلاف ممتلكات حكومية!! .. ألم أقل لكم إنه «عملياً»، لا يمكن أن تخاصم رجل الشرطة في بلد لا يعرف الحد الأدني من العدل والعقل والقانون!! ويتعين علينا أن نحتمل في بلد يعتمد منطق التلفيق، كل من علي كتفه «دبورة» حتي يعود للإنسان المصري قدره، وقيمته كإنسان ومواطن!! .. في بلد أصبح فيه زي الشرطة حصانة تنزه صاحبها وترفعه فوق رقاب البشر!! .. تضامنوا مع «أحمد بدوي إبراهيم» المجني عليه الذي أصبح متهماً في بلد يتحول فيه الضحايا إلي جناة بجرة قلم!! وشاهدوا صور الجناة علي صفحتي بالفيس بوك!!.. فكلنا يمكن أن يصبح أحمد بدوي!!