مصر سداح مداح للفساد.. ولايوجد دولة بها 9 آلاف صندوق خاص غيرها لايمكن مكافحة الفساد دون إرادة سياسية من الرئاسة أستغرب رفع أسعار السماد الآن.. لأن السيسي دعا لخفضها حين كان وزيرا أخطر مايمكن أن يحدث لمصر هو تعاون السلطة مع رجال مبارك النجار: مصر لن تعود لما قبل 2011.. ومن يتوهم خلاف ذلك يفتح بابا لجهنم رفع الرسوم على الحديد المستورد تصب في مصلحة المحتكرين المحليين المقرحي: أرباح الأسمنت والأسمدة والحديد أكثر من أرباح المخدرات قانون 203 لسنة 1992 هو بداية مسلسل الفساد بالخصخصة عبد المنعم: أطالب النائب العام بإعلان نتيجة التحقيقات في بلاغي ضد "سليمان" علينا استرداد الأموال المنهوبة في الداخل قبل الخارج
قال الفقيه القانوني ونائب رئيس الوزراء السابق حسام عيسى, إن عودة الحزب الوطني المنحل, على يد القيادي السابق في الحزب, أحمد عز, "تعطي شرعية لجماعة الإخوان", وأنه من العار حدوث ذلك. ودعا في برنامج "صالون التحرير" مع الكاتب الصحفي عبد الله السناوي, ليلة السبت, إلى إنشاء المفوضية المصرية للشفافية ومكافحة الفساد, باعتبار إنشاءها "شرطا أساسيا لاسترداد الأموال المنهوبة في الخارج", واصفا مصر بأنها "سداح مداح للفساد".
شارك في البرنامج, الخبير الاقتصادي, ورئيس مجلس إدارة الأهرام, أحمد السيد النجار, ومساعد وزير الداخلية الأسبق للأموال العامة, اللواء فاروق المقرحي, والنائب السابق في مجلس الشعب, علاء عبد المنعم.
قال عيسى إنه من الواجب التفرقة بين الفساد الصغير و الكبير, واعتبر أن ظاهرة الصناديق الخاصة "تعني العودة لما قبل الدولة الحديثة", وأن الفساد يؤدي إلى تحلل الدولة, من جهة, وهو نتيجة لتحللها, من جهة أخرى.
ورأى الفقيه القانوني, أنه كان ينبغي "إجراء محاكمات ثورية لرموز النهب والفساد في عهد مبارك", كما تطرق إلى فترة عمله كوزير للتعليم العالي, وقال: "وجدت فسادا لايُعقل في صندوق تمويله", وتحدث عن فساد التعيينات في بعض المعاهد والجامعات, ضاربا المثل بأحد المعاهد, حيث زاره بعض الطلاب وأخبروه بنتيجة المعهد قبل ظهورها بشهر, بحصول أبناء الأساتذة على المراكز الأولى, وهو ماحدث بالفعل, بحسب عيسى.
نائب رئيس الوزراء السابق, قال إن رجال نظام مبارك, استغلوا غضب المصريين ضد الإخوان لإعادة الفساد, واعتبر أن أخطر مايمكن أن يحدث لمصر هو تعاون السلطة الحالية مع رجال مبارك.
وقال عيسى إن فقراء المصريين يتحملون تكلفة بناء الدولة أكثر من الأغنياء, وشدد على أن "ثروة رجال الأعمال في مصر, صنعتها الدولة", وتابع: "الخصخصة هي أكبر عملية نهب حدثت على مدار تاريخ مصر, وقد حضرت مؤتمرا لرجال الأعمال في عهد مبارك, طالبوا فيه بالاقتراض من بنوك الدولة حتى يتمكنوا من شراء الشركات العامة المعروضة ضمن برنامج الخصخصة, مايعني أنهم اشتروا أملاك الدولة بأموالها".
وهاجم عيسى, الصناديق الخاصة بالوزارات والهيئات الحكومية, قائلا: "الصناديق الخاصة, عار, وهي أبرز أشكال الفساد في مصر, ولاتوجد بلد في الدنيا لديها تسعة آلاف صندوق خاص كما هو حاصل لدينا, كما أن البنك المركزي المصري, ليس لديه إحصاء كامل بها, ولايعرف كثير منها".
وراجع اللواء المقرحي, عيسى, في عدد الصناديق الخاصة, فأبلغه الأخير بأنه حصل على عددها المقدر بتسعة آلاف, من حركة "رقابيون ضد الفساد", في حين أصرّ المقرحي على أن عددها حوالي ستة آلاف وستمائة, وتدخل أحمد السيد النجار, فقال إن البنك المركزي لايملك حصرا كاملا لها, ويتحدث دوما "عما أمكن حصره منها".
وقال عيسى إن قواعد الشفافية والمساءلة غير موجودة في مصر ولدينا سلطات بلا مساءلة, منتقدا توريث الوظائف الحكومية, وقال إنها "شيء لايقبله عقل", وأشار إلى مناصب في كليات جامعية بأسرها يتم توريثها للأبناء والأشقاء, وشدد على أن الحرب ضد الفساد شرط أساسي لتجميع كتلة وطنية في مصر.
الفقيه القانوني اعتبر أنه لايمكن مكافحة الفساد دون إرادة سياسية من الرئاسة بذلك, وأبدى استغرابه من قرار الحكومة بزيادة أسعار السماد الزراعي إلى ألفين جنيه للطن, وقال: "كنت مع السيسي في أحد اجتماعات مجلس الوزراء, حين كان وزيرا للدفاع برتبة فريق أول, وتحدث عن ضرورة انتاج السماد وبيعه بأسعار ميسرة للفلاحين, لذا أستغرب زيادة أسعاره الآن".
من جانبه, قال أحمد السيد النجار إن وقوف الغرب ورجال الأعمال ضد عبد الناصر هو الذي أوجد "الناصرية، وأن ثقة المصريين في الرئيس عبد الفتاح السيسي, هي أحد أسباب شرائهم لشهادات قناة السويس الجديدة.
وأضاف الخبير الاقتصادي أن مصر لن تعود كما كانت قبل عام 2011 , ومن يتوهم غير ذلك يفتح بابا لجهنم, واصفا نظام مبارك, بأنه "كان قائما على هيكل من الفساد", وتابع: كل صفقات الخصخصة فاسدة, ومن الأمثلة الصارخة صفقة بيع "المراجل البخارية" التي تمثل عاراً على مصر.
وزاد رئيس مجلس إدارة الأهرام أن الآلية الرئيسية لصناعة المليارديرات هي منحهم أراض شاسعة بمبالغ زهيدة, وتطرق الحوار إلى مديونيات المؤسسات الصحفية القومية, وأبرزها ضريبة التمغة المقدرة بمئات الملايين, وقال النجار إن المؤسسات "لم تدفع هذه الضريبة ولن تدفعها", وحمّل رؤساء مجالس إدارات الجمهورية, والأهرام, وأخبار اليوم, السابقين المسؤولية عنها, وهم سمير رجب, وإبراهيم نافع, وإبراهيم سعدة.
وأشار النجار إلى خسارة أحدى المؤسسات الصحفية القومية مئات الملايين في عام 2004, ورغم ذلك فإنها قدمت هدايا لمسؤولين بأكثر من مائة مليون جنيه في نفس العام, ودعا لمواصلة التحقيق في تلك القضية.
ورأى أن سلطة مبارك صنعت نظاما للفساد, معربا عن أسفه لوجود قانون تحصين العقود المبرمة بين الحكومة والمستثمرين, من الطعن عليها من غير طرفي التعاقد, ودعا لتعديل نظام الأجور لتمكين الموظفين من حياة كريمة, حتى لايتورطوا في أعمال فساد, منتقدا قرار زيادة الرسوم على الحديد المستورد, واعتبر أنه "يحمي المحتكرين في السوق المحلي", مشددا على أن "منع الفساد يبدأ بإطار تشريعي قوي وصارم".
وقال اللواء فاروق المقرحي إن قانون 203 لسنة 1992 هو بداية مسلسل الفساد بالخصخصة, وأن نظام مبارك باع الشركات الرابحة والتي كان الاقتصاد يعتمد عليها. وانتقد بشدة زيادة سعر السماد, قائلا: "السماد مكون من غاز ومياه ولا أعرف لماذا رفعت الحكومة سعر الطن إلى 2000 جنيه, الرئيس السيسي مش على راسه بطحة, ولا أفهم سبب رفع أسعار الأسمدة وزيادة الرسوم على الحديد المستورد".
وأضاف المقرحي, يجب إنشاء مفوضية مستقلة لمكافحة الفساد فورا إذا كنا جادين في محاصرته, وأن تكون مدة عملها أربع أو خمس سنوات, وأن يصدر قرار بتعيين أعضاءها من رئيس الجمهورية, ولابد من تفعيل قانون غسل الأموال, كما يجب إثبات فساد الهاربين أموال في الخارج قضائيا ثم ملاحقتهم.
واختتم المقرحي حديثه بإن نسبة الربح في الأسمنت والحديد والأسمدة تتجاوز نسبته في المخدرات.
وقال البرلماني السابق علاء عبد المنعم, إن الفساد في مصر "وقح لايختبيء ولا يتوارى", وأنه في المؤسسات أخطر أثرا من الأفراد. وضرب مثالا بإن أحمد عز أصدر قانوناً للاحتكار, أثناء حكم مبارك, وعدّله في 48 ساعة فقط.
وأشار عبد المنعم إلى أن نواب الحزب الوطني أنفقوا من أموال الدولة على الدعاية الانتخابية, وأن يوسف بطرس غالي أخفى من أحدى موازنات الدولة 13 مليار جنيه. وطالب النائب العام بالإعلان عن نتيجة تحقيقات النيابة في بلاغه المقدم ضد محمد إبراهيم سليمان عام 2009, وقال إن الفساد مازال ساريا حتى الآن.
وأضاف البرلماني السابق، إن مجلس النواب القادم سيواجه مشكلات لاحصر لها بسبب الدستور وقانون الانتخابات, متوقعا أن تكون أغلبية البرلمان القادم للمستقلين, وأن يعود رأس المال إلى البرلمان.
وتابع عبد المنعم: علينا العمل لاسترداد الأموال المنهوبة في الداخل قبل الخارج, فهناك قائمة كبيرة من المليارديرات حصلوا على ثروات عقارية غير مشروعة, وعلى الحكومة تيسير إنهاء مصالح الناس دون تعامل مباشر مع موظفيها لتقليل حجم الفساد.