بالرغم من زيارة الرئيس مبارك لمدينة طامية في أكتوبر الماضي لافتتاح محطة مياه عملاقة بها تأخذ مياهها من النيل مباشرة فإن هذه الزيارة لم يكن لها أي مردود علي أهالي المدينة الذين يزيد عددهم علي 150 ألف مواطن لا يجدون قطرة مياه نقية في أكثر من نصف المدينة والتي تتميز بعشوائياتها فأكثر من 50% من مناطقها عشوائيات تفتقر لأبسط الخدمات من مياه وصرف صحي وكهرباء ونظافة. وتنتشر العشوائيات في جميع أرجاء المدينة في أرض الشريف والجبلاية ومحمود عبد الخالق وخلف قصر الثقافة فضلاً عن وقوع أكثر هذه المناطق أسفل خطوط الضغط العالي الأمر الذي يهدد بانتشار الأمراض السرطانية بين المواطنين فضلاً عن اشتعال الحرائق، وتعد مشكلة مياه الشرب هي الأخطر بالمدينة التي تعتبر من أكبر المدن إصابة من حيث الإصابة بأمراض الكبد والكلي إضافة إلي عشرات الحالات من التيفود التي ظهرت قبل أشهر بسبب اختلاط مياه الشرب ببيارات المجاري المنزلية كما تغرق مياه الصرف الصحي عشرات المناطق طوال العام مثل شوارع النهضة و23 يوليو وصلاح سالم والمنطقة الصناعية وخلف المساكن الجديدة. ورغم عمل مشروع صرف صحي ببعض الأحياء فإن تكلفته المرتفعة حالت دون استفادة المواطنين منه نظراً للفقر الشديد الذي يعانيه سكان المركز الذي يعد من الأفقر بين مراكز محافظة الفيوم لأن غالبية سكانه يعملون في الزراعة فقط، كما يعاني مستشفي طامية المركزي من الإهمال وهروب الأطباء منه لبعد طامية عن مدينة الفيوم بأكثر من 40 كيلو متراً والمستشفي دائما بلا أدوية ولا أجهزة طبية ولا تعمل به سوي العيادات الخارجية وتقوم فقط بتحويل أي حالة إلي مستشفي الفيوم العام حتي إن قسم الطوارئ والاستقبال لا يعمل ليلاً بسبب غياب الأطباء الذين لا يعملون بالمستشفي إلا يومين أسبوعياً فقط. كما أدي سوء حال المدينة إلي حالة من الانفلات الأمني فانتشرت السرقة خاصة للسيدات وتحولت المدينة إلي سوق كبير معظم أيام الأسبوع وسط غياب تام لشرطة المرافق ومجلس المدينة. ورغم وجود أكثر من 100 قرية وعزبة تابعة للمدينة إلا أنها تفتقر لمقومات المدينة فانتشار القمامة وفوضي التوك توك وغياب التنظيم وعجز رئيس المدينة عن حل كل هذه المشاكل جعل المدينة أقرب إلي قرية في العصور الوسطي! ويعاني مزارعو القرية نقصاً حاداً في مياه الري التي تهدد أكثر من 6 آلاف فدان بالبوار خاصة أن أراضي المدينة تقع في نهايات بحري فرقص والنقلة ويضطر الأهالي لري أراضيهم بمياه الصرف من حوض البطس لأن البديل هو موت الأرض. وبالرغم من أن مدينة طامية كان يطلق عليها في الماضي «مدينة البهوات» نظرا لأنها مسقط رأس الدكتور صوفي أبو طالب وعدد كبير من قيادات الشرطة والقضاء فإنها أصبحت اليوم مدينة العشوائيات في ظل ضعف نوابها وعدم وجودهم وسط أبناء المدينة لحل مشاكلهم. ونظراً لوقوع المدينة وسط الظهير الصحراوي، تنتشر فيها بقوة عمليات القرصنة والاستيلاء علي أراضي الدولة لصالح أصحاب النفوذ حتي إن عائلة واحدة تسيطر علي أكثر من 5 آلاف فدان من أراضي المدينة ولا يستطيع أحد أن يفتح فمه وسط غياب تام للرقابة بالمدينة.