كعادته لم يدخل «الأستاذ» فى تفاصيل الأزمات التى طرحها الحضور للنقاش. بل استمع إلى توصيفهم لها وكيفية الحل، وأجمل إجابته فى نهاية الحوار قائلا «عليك أولا أن تقف وتقرر ما رؤيتك وما مشروعك وما القوى السياسية والمجتمعية التى تستطيع أن تنفذ وتدعم هذا المشروع». «الأستاذ» يطالب السيسى بطرح رؤية واضحة للمستقبل تحدد القوى السياسية والمجتمعية الداعمة له كان الأستاذ، محمد حسنين هيكل، يجيب عن سؤال الكاتب عبد الله السناوى «ماذا ينبغى أن يفعل الرئيس السيسى ونظامه حتى نخرج من نفق الأزمات التى أحاطت بالدولة المصرية؟»، ضمن حوار امتد نحو ساعتين مع عدد من تلاميذه ومحبيه، الذين تجمعوا فى مكتبه صباح أمس للاحتفال بعيد ميلاده. قال «الأستاذ»: «لن نتقدم ولن تستطيع مصر تحقيق عائد من مشروعات كبرى دون أن تكون هناك رؤية واضحة أو مشروع متكامل واضح للمستقبل». وأجمل إجابته فى نهاية الحوار: «عليك أولا أن تقف وتقرر ما رؤيتك وما مشروعك وما القوى السياسية والمجتمعية التى تستطيع أن تنفذ وتدعم هذا المشروع». ورفض هيكل الرؤية التشاؤمية التى وصفت المجتمع المصرى ب«الميت»، وقال: «نحن مجتمع يستيقظ لكنه لم يمت، فالميت لا يبعث من جديد»، واصفًا ما حدث فى مصر خلال الأعوام الثلاثة الماضية ب«انكشاف الحقائق التى حاول البعض طمسها خلال العقود الماضية». وتساءل الأستاذ: تجلى الأمر فماذا أنتم فاعلون؟ وأضاف «هناك من حاول بكل قوة أن يغطى على الحقيقة بقسوة لكن مع التغيير الهائل الذى حدث سقطت كل البراقع وانجلت الأمور، وأصبحنا أمام لحظة حقيقية نستطيع خلالها أن نقف ونبحث عن مخرج». وتعليقًا على حديث الحضور عن تداعيات الاختراق الذى حدث للمجتمع المصرى خلال العقود الأربعة الماضية، ذكَّر الأستاذ الحضور باللقاء الذى جمع الرئيس أنور السادات بهنرى كيسنجر، وزير الخارجية الأمريكى الأسبق، فى 9 يناير عام 1974، وروى: «فى هذا اليوم كيسنجر سأل السادات عن مستقبل العلاقة بين مصر وإسرائيل، فرد الأخير: «اطمئن لقد اتخذت قرارًا بأن العدو ليس إسرائيل لكنه الاتحاد السوفييتى، كما أننى لست خليفة لعبد الناصر إنما خليفة لرمسيس الثانى». وأضاف هيكل أن «الشعور السائد لدى القيادة السياسية الإسرائيلية، فى ذلك الحين، أن ما حدث فى حرب أكتوبر 1973 لا ينبغى أن يتكرر. بالنسبة إلينا، كان هناك شباب مؤهل خاض معركة، وشعب واعٍ وقف خلف جيشه وشبابه وقيادته»، مشيرًا إلى أن التجريف حدث للمجتمع المصرى من ذلك اليوم، ليس فى مصر فقط لكن فى كل دولة عربية». وتابع الأستاذ: فى بعض جلسات هذا التوقيت كان هناك طلبات مباشرة وواضحة حتى يسمح للتيار الإسلامى بالعمل السياسى، وبالوجود، ودعم القطاع الخاص. السناوى حذر مما سماه تغول مؤسسة الفساد فى كل أجهزة الدولة. وقال: الدولة جُرفت بالكامل.. والعطب طال مفاصلها.. من القضاء إلى الأمن إلى الإعلام. والنظام يفتقر إلى فلسفة اجتماعية واضحة، لإصلاح الخلل المجتمعى، وتغيب عنه الرؤية السياسية المتكاملة لمواجهة الإرهاب. وتابع: «كل هذا يحتاج إلى خارطة طريق متكاملة، وإلا فسنظل فى النفق المظلم». طبيعة الحضور، دفعت ما سماه بعضهم أزمة الإعلام والصحافة فى مصر إلى مقدمة النقاش. فطالب الكاتب الصحفى يحيى قلاش بضرورة فتح نقاش عام عن إنفاذ مواد الدستور المنظمة للإعلام عامة، واقترح الكاتب الصحفى أحمد السيد النجار، رئيس مجلس إدارة «الأهرام» أن تتبنى مؤسسته مؤتمرًا عن أزمة الصحافة والإعلام، على أن يرعاه الأستاذ هيكل. وقال الإعلامى حسين عبد الغنى إن الأزمة ليست فى مواد الدستور أو القانون، لكن فى العلاقة بين الإعلام والسلطة ورأس المال، ورأى أنه لا توجد إرادة سياسية لدى نظام الحكم للإصلاح ومحاربة الفساد. واتفق معه الدكتور حسام عيسى، نائب رئيس مجلس الوزراء السابق، مشددًا على أن الأزمة ليست فى البنية القانونية والتشريعية، وقال «لا أمل فى أى إصلاح إذا لم تبدأ بمحاربة شبكات الفساد التى طالت مؤسسة الدولة، ممثلا ببعض الأمثلة التى رصدها عندما كان نائبا لرئيس الوزراء ووزيرًا للتعليم العالى». ذات الرأى أكده جمال فهمى، وكيل أول نقابة الصحفيين، الذى تحدث عن ضرورة مجابهة منظومة الفساد فى الإعلام قبل الحديث عن سن التشريعات، فالتشريعات وحدها لن تحل الأزمة. هيكل استمع بإنصات للجدال الدائر حول أزمة الإعلام وشبكات المصالح من رجال أعمال ومسؤولين فى الدولة، ثم تدخل قائلا: «كل سياسى يتردد كثيرًا قبل أن يأخذ قرارًا لمواجهة تلك المشكلة فالشبكات كبيرة». وأكمل الأستاذ: إذا كان هناك خلل أساسى فهو فى حركة المجتمع وليس فى الإعلام فقط، فوظيفتنا كصحفيين أن نرصد ونتابع الحدث، وما يحدث أن برامج «التوك شو» تتحول مساء كل يوم إلى «برلمان وحكومة ورئيس» تقضى بأحكام قاطعة متجاوزة دورها فى التغطية، والمتابعة» مشيرًا إلى أن هناك تغولًا لرأس المال امتد إلى الساحة الإعلامية والدولة قبلت به. شارك فى اللقاء الدكتور حسام عيسى، نائب رئيس الوزراء السابق، والكاتب الصحفى عبد الله السناوى، والكاتب الصحفى جمال فهمى، وكيل أول نقابة الصحفيين، والكاتب الصحفى أحمد الجمال، والإعلامى حسين عبد الغنى، والإعلامية فريدة الشوباشى، والروائى يوسف القعيد، وأحمد السيد النجار، رئيس مجلس إدارة الأهرام، والكاتب الصحفى إبراهيم منصور، رئيس التحرير التنفيذى لجريدة «التحرير»، وإبراهيم المعلم، رئيس مجلس إدارة «الشروق»، ومحمد سعد عبد الحفيظ، مدير تحرير «الشروق».