أكثر من نصف قرن من الزمان مضت علي دخول سميرة أحمد عالم الفن، هذه الجميلة الناعمة الحالمة ذات الملامح الرقيقة البريئة التي تذكرنا كلما رأيناها علي الشاشة بزمن من الفن نفتقده دوما، استطاعت أن تتسلل بكل بساطة وثقة وعفوية إلي المشاهد الذي رافقها سنين طويلة، وذلك بصدق أدائها في معظم أدوارها وشخصياتها التي قدمتها في أفلام «قنديل أم هاشم»، و«أم العروسة»، و«الخرساء»، بالإضافة إلي أعمال في التليفزيون ومنها «امرأة من زمن الحب»، و«أميرة في عابدين»، و«ياورد مين يشتريك»..عندما تجلس إليها لا تملك إلا أن تستمع كثيراً وتتحدث قليلاً ليس لأن سميرة أحمد فنانة متميزة ومخضرمة فقط ولكنها أيضاً لأن لها حضورًا طاغيًا وجاذبية ملفتة تتحدث بتلقائية ممزوجة بحكمة السنين وتجارب الأيام..هي انتهت لتوها من مسلسل تنتظر عرضه في شهر رمضان المقبل وهو «ماما في القسم».. ألا تعتبرينها مغامرة أن تعودي من خلال عمل كوميدي تماما خصوصا وأن الجمهور غير معتاد عليك في هذا النوع من الدراما في الأعمال التليفزيونية؟ إطلاقا لأنني من أشد المتحمسين للكوميديا الهادفة التي لا ترفع شعار الضحك لمجرد الضحك بل يستطيع المتفرج أن يتواصل معها ويستفيد منها مثلما حدث من قبل في أفلامي «أم العروسة»، و"صاحب الجلالة»، و"عالم عيال عيال»، وقد فضلت الابتعاد لمدة عام بعد مسلسل «جدار القلب» لأني كنت أبحث بكل طاقاتي عن المختلف، لذا كانت فترة التوقف ضرورية جداً لأني كان لازم أقف وأشوف أنا رايحة علي فين، وإيه إللي ممكن أقدمه مختلفًا، وأعتقد أن أهم مميزات مسلسل «ماما في القسم» هو أنه يقدم كوميديا مختلفة غير مفتعلة، أو تحمل ابتذالاً، أو إسفافًا لأنها أساليب ووسائل مرفوضة تماماً بالنسبة لي فهي ترتكز بشكل أساسي علي الضغط علي الجمهور من أجل انتزاع الضحكات منه، فلا اسمي ولا تاريخي يمكن أن يسمح لي بالاستظراف، أو الموافقة علي الاستخفاف بعقول المشاهدين أو تضييع وقتهم فيما لا يفيد، وشخصية «فوزية» التي أقدمها بالمسلسل في حد ذاتها لا تهدف إلي الإضحاك مباشرة سواء في شكلها، أو تصرفاتها، أو طريقة كلامها، ولكنها تجد نفسها في مواقف تفجر الضحكات، فالبطل وصانع الضحك هو الموقف وليس الشخصية، وعموماً أشعر أن الناس أصبحت في حاجة إلي الأعمال الفنية التي ترسم البسمة علي شفاههم». اعترضت في البداية علي وجود المطرب الشعبي عبد الباسط حمودة ضمن فريق عمل المسلسل..فلماذا غيرت رأيك فيما بعد؟ أعترف أن عبد الباسط حمودة كان مفاجأة جامدة قوي بالنسبة لي رغم اعتراضي عليه في البداية عندما رشحه يوسف معاطي، وهذا لأنني لم أكن قد سمعت عنه من قبل، وهو يجسد خلال المسلسل دوراً محورياً من خلال شخصية المطرب الشعبي «أوفه» الذي يثير الكثير من المشاكل، والمشاجرات مع «فوزية» وينشأ عن ذلك العديد من المفارقات والمواقف الكوميدية. البعض دوما ينتقد فكرة تدخلاتك المستمرة في اختيار فريق العمل رغم أن هذه مسئولية المخرج أولا وأخيرا؟ المخرج طبعاً هو المسئول الأول عن العمل، وعن اختيار أبطاله، لكنه يجب أيضاً أن يريح النجم الذي يتعامل معه خصوصاً لو كان هذا النجم هو محور الرواية، وأنا عموماً لست ديكتاتورة بل حريصة علي أن يتم تبادل الاقتراحات، والآراء ووجهات النظر بشأن فريق العمل، فمن حقي أن أشعر بالراحة والهدوء النفسي أمام من أقف أمامه لكي أستطيع أن أخرج أفضل ما عندي، لذلك إذا وجدت أن المخرج رشح شخصية غير مناسبة للدور من وجهة نظري أحاول أن أناقشه فيها حتي نصل إلي حل يرضي جميع الأطراف، أما إذا أصر المخرج علي رأيه لمجرد الإصرار، والتحكم، وفرض السيطرة فهذا طبعاً أمر مرفوض ولا يمكن أن أقبله، لأني في النهاية أتحمل مسئولية العمل أمام الناس. بخلاف ذلك هل تتدخلين بوجهة نظرك في كيفية إدارة العمل داخل بلاتوه التصوير؟ لا فأنا داخل البلاتوه «تلميذة»، وتحت تصرف المخرج، ولا يمكن أن أتدخل من قريب أو بعيد، لأنني ضد الاعتداء علي حق المخرج في قيادة فريق العمل، فأنا حريصة علي عرض اقتراحاتي من خلال جلسات العمل التي تجمعني مع المخرج أو الكاتب قبل بدء التصوير، وفيما بعد لا أتدخل في أي شييء. لماذا تصرين دوما علي تقديم شخصيات مثالية في كل أعمالك مما يعتبر تكرارا قد يسبب مللا للجمهور؟ "معظم الشخصيات التي قدمتها في أعمالي لم تكن امرأة مثالية مائة في المائة كما يتخيل البعض، إنما كانت حياتها مليئة بالمتناقضات الإنسانية والصراعات النفسية، فهي شخصيات واقعية من دم ولحم لها جوانب إيجابية وأخري سلبية، لكنها في النهاية تتمسك بمبادئها وتنتصر للقيم والأخلاقيات، وعموما أنا قررت عبر مسلسل «ماما في القسم» الابتعاد عن نمط الشخصيات المثالية زيادة عن اللزوم، ولن تكون هناك المثالية المفرطة مثلما حدث في بعض الأعمال السابقة فهي بالرغم من أنها تكون علي حق في مواقفها وأفكارها ولا تقبل بالسكوت عن أي خطأ، غير أنها قد تسلك أساليب وطرقا قد لا تعجب البعض في الحصول علي حقها، فالشخصية هنا ليست ملفوفة بورق «السيلوفان». لماذا لا تفكرين هذه الأيام في إعادة تجربة الإنتاج السينمائي مرة أخري خصوصا وأنك أنتجت أعمالا مهمة مثل «البرئ»، و«البحث عن سيد مرزوق»؟ كل هذه أفلام ناقشت قضايا مهمة، وتحمست لها جدا، أما في الوقت الحالي فلا أعتقد أن هناك ورقاً جيداً أو موضوعات جادة يمكن أن تستفزني وتغريني كمنتجة كي أخوض تجربة الإنتاج مرة أخري، أحوال السينما المصرية تمر حاليا بمرحلة عدم اتزان، وهي لا تسر عدوا ولا حبيبا، وأنا أحضر حاليا لمشروعي السينمائي المقبل، وهو فيلم يكتبه يوسف معاطي، سوف أبدأ تصويره بعد الانتهاء من المسلسل.