لماذا تلجأ إسرائيل إلى الأكاذيب المفضوحة لكى تعيد الحديث عن مؤامرة توسيع قطاع غزة على حساب الأراضى المصرية فى سيناء، زاعمة أن هناك اتفاقًا (مصريا- فلسطينيا) جديدًا بهذا الشأن؟! نعرف جميعًا أن المشروع التآمرى كان مطروحًا فى ظل حُكم الإخوان.. حيث معنى الوطن غائب، ومنطق «طظ فى مصر» يسود فكر الجماعة، والرضا الأمريكى مطلوب حتى لو كان ثمنه التنازل عن أجزاء من أرض الوطن.. سواء فى سيناء، أو فى حلايب، أو على ضفاف قناة السويس!! بعد 30 يونيو انطوت هذه الصفحة السوداء فى تاريخ مصر، وبدأت المحاسبة على جرائم ارتكبها النظام الذى سقط، منها عقد الصفقات المشبوهة على حساب الوطن ووحدة أراضيه، وجاءت إلى الحكم قيادة كان من أهم أوراق اعتمادها لدى الشعب أنها وقفت فى وجه هذا المخطط أيام حكم الإخوان، وأنها حَمَت سيناء فى هذه الأيام السوداء، ووقفت بالمرصاد لقوانين وقرارات أرادت التسلل لهذا الجزء العزيز من الوطن، بالإرهاب، وبفتح الباب لشراء الأراضى هناك لغير المصريين، وبمنح الجنسية المصرية لمن لا يستحقها، وبتحويل مشروع تنمية قناة السويس إلى صفقة لانتزاعها من سيادة مصر!! وقد تكون صدفة أن تنشر إسرائيل أكاذيبها الجديدة عن هذه المؤامرة، فى نفس الوقت الذى نسمع فيه بعض الأصوات النشاز فى الخرطوم تثير من جديد قضية «حلايب وشلاتين»، ربما لتقطع الطريق على تحسن العلاقات الرسمية بين القطرين الشقيقين وتعاونهما فى العديد من القضايا وأولها وأهمها قضية مياه النيل. وقد تكون صدفة أيضًا أن يقع ذلك فى الوقت الذى يحال فيه الرئيس المعزول مرسى للمحاكمة بتهمة الخيانة والتخابر مع جهات أجنبية، وتسريب وثائق بالغة الأهمية عن أمن مصر القومى لجهات أجنبية فى مقدمتها دويلة قطر!! لكن ما لا يمكن أن يكون صدفة -من جانب إسرائيل- أن يتم ذلك بعد نجاح مصر فى إيقاف مذبحتها ضد الشعب الفلسطينى فى غزة، وقبل أن تبدأ المحادثات المقررة على القضايا الأساسية بينها وبين الجانب الفلسطينى، تريد إسرائيل أن تحيل الصراع من استرداد الأرض الفلسطينية المحتلة، إلى خلاف مزعوم حول سيناء، وإلى حل يعفيها من مسؤولية الاحتلال والجرائم النازية التى ارتكبتها بحق الفلسطينيين. وتريد إسرائيل أن تقول إن الأمر لم يكن «صفقة مع الشيطان» عقدتها جماعة «الإخوان» مع أمريكا، بل هى مشروع قائم ومستمر، يتبناه السيسى كما تبناه مرسى، ويتبناه أبو مازن كما تبنته حماس.. ولهذا كان التكذيب الرسمى والعلنى من الرئيسين السيسى وأبو مازن، حتى وهما يعلمان أن لا يوجد طفل مصرى أو فلسطينى يمكن أن يصدق هذه الأكاذيب. لكنهما كانا يدركان أن الرسالة الإسرائيلية مقصودة، وأن الرد عليها بحسم مطلوب، ليسمع أصحاب الشأن أن «بالونة الاختبار» التى أطلقوها لا قيمة لها!! أيضا.. لا يمكن أن يكون صدفة -من جانب إسرائيل- أن تنشر أكاذيبها فى الوقت الذى تعلن فيه مصر أن القضية الفلسطينية أكبر من قضية «معبر» فى غزة أو مساعدات إنسانية لضحايا الإرهاب الإسرائيلى، بل هى قضية شعب يريد الحرية، ودولة فلسطينية لا بد أن تقام. وفى الوقت الذى ترفض فيه مصر التدخل الأجنبى فى ليبيا، وتدعو إلى الحل السياسى «لا العسكرى» للصراع فى سوريا، وتتضامن مع الأشقاء فى الخليج لمواجهة الإرهاب وصد الابتزاز الدولى والإقليمى!! الشىء «الإيجابى» الوحيد -إذا صح التعبير- فى نشر الأكاذيب الإسرائيلية، أنها تعلن ارتباطها بالإرهاب الذى نسعى لاستئصاله فى سيناء، وتؤكد أنهم يريدون -من خلاله- امتلاك ورقة ضغط على مصر لتمرير سياسات أمريكا فى المنطقة التى ما زالت تعتقد أن هناك فرقًا بين إرهاب «داعش» وإرهاب أخواتها وأولهم «الإخوان»، والتى تريد حلفًا يدافع عن مصالح أمريكا والغرب، ويترك العالم العربى يدفع الثمن ويسدد الفواتير!!