فصل الشتاء يناسبها تماما.. هي اعتادت أن تهمس بحكايات تلائم طقس هذا الفصل، إليسا تواصل قفزاتها التي لاتتلائم إطلاقا مع إمكانات حنجرتها الضعيفة أو قل الرقيقة بل تتفوق كثيرا بسبب ذكاء حاد وطموح أكبر مساحات الصوت بكثير. «تصدق بمين» اسم الألبوم واسم أغنية المفتتح.. الإيقاعات تدخل في أكثر من موضع بالأغنية مع وصولها للكمان يدخل جو من الرومانسية تحبه إليسا وتجيده في الحقيقة وينتظره جمهورها، الكلمات التي كتبها نادر عبدالله عادية: «ماخبيش عليك ده لو يوم يعدي وأنا بين ايديك يساوي في عينيا علي الدنيا دي كمان دنيتن»، وإليسا تحاول أن تدخل بها منطقة الطرب لكنها تعرف أيضا حدود صوتها ولا تتجاوزها، مع لحن مناسب لوليد سعد، ثم تأتي بأغنية من أجمل وأرق أغنيات الألبوم هي «ع بالي»، التي كتبها فارس اسكندر ولحنها سليم سلامة..لا تصلح هذه الأغنية إلا لها، هي رومانسية لكنها تبتعد عن رومانسية التمسح بالأقدام التي احترفتها عدد من المطربات مؤخرا، بها صور ومعان جديدة «ع بالي حبيبي أغمرك ما تركك، أسرقك ما أرجعك، أحبسك ما طلعك من قلبي، اخطف لك نظراتك ضحكاتك حراكتك.. علقهن بغرفتي نيمهن ع فرشتي أحملهن بغرفتي»، الأغنية منذ أول كلمة بها مكتوبة بحرفية عالية وإليسا لم تخذل مستمعيها وأدتها بلا تصنع. اللحن كذلك كان علي نفس المقاس، وإليسا تفوقت علي نفسها وهي تؤدي وحاولت أن تداري عيوب صوتها خصوصا وهي تقول«ليلة ألبسلك البيض وصير ملكك والدنا تشهد وأجيب منك أنت طفلك أنت مثلك أنت وأشيب لما تشيب». الوداع في نهاية الأغنية كان متروكا للبيانو وكان اختيارا موفقا جدا. هنا موعد الأغنية التي تحمل فكرة مميزة «من غير مناسبة».. عتاب قاس يصلح بين زوجين، وهي كادت بالفعل تكون علامة في تاريخ شاعرها نادر عبدالله الذي له هو والملحن وليد سعد النصيب الأكبر من أغنيات الألبوم لولا بعض الاستسهال الذي غلف الأغنية بنوع من السوقية التي كانت نشازا مع إليسا «بعد النهاردة إزاي علي نفسي أرضي أرجع لحد قدر يمد إيديه عليا» قسوة الكلمة قد لايمكن تحملها في أغنية ذات طابع رومانسي، واللحن جاء عاديا جدا وإليسا لم تكن في أفضل حالاتها، عيوب صوتها ظهرت حتي تشعر أنها كادت تختنق وهي تقول«أصل إلي يتهاون في جرح كرامته مرة يستاهل إنه يتجرح ميت مرة فيها». جاء الموعد الأول لنا مع مروان خوري من خلال لحن رشيق وتوزيع فخم يشترك فيه القانون والكمان من خلال أغنية «أمري لربي»، وان كانت جملة البداية هي نفسها الجملة اللحنية في أغنية «كرمالك» والتي لحنها وكتب كلماتها مروان خوري لإليسا منذ ثلاث سنوات، لكن رغم ذلك اللحن جاء أفضل كثيراً من مستوي الكلمات وأضاف فعلا للكلمات التي كان أفضلها «انت القوي طيب ياظالمني جرب ترتاح بالليل وتغفي هو العليم وحده بينصفني ولا عنه شي بالدنيا بيخفي»، بداية جميلة في أغنية «في شي انكسر» ..«بيني أنا وبينك خلاص في شي انكسرمش هأسألك مين انهزم مين انكسر..همي أنا بالليل نسيان الألم دوب مع النسيان لحظات الندم»، ثم أجواء مختلفة قليلا في ماعاش ولا كان، لكن اللحن نسخة معدلة من لحن «أيامي بيك» وأيضا عادية الكلمات تضع الأغنية في خانة أقل من المتوسط، وتسير علي نفس الوتيرة حتي النهاية فلا يعلق بذكراك منها شيئا، مروان خوري يتألق هنا فعلا من خلال لحن يشبه الأجواء الرحبانية مع فرح أكثر هذه المرة من خلال أغنية «سلملي عليه»، كلمات عذبة ولحن يوازيها «مشتاقة كتير بنرجع نتلاقي يوم بننسي العتب واللوم .. نتمشي ع دروب الهوي» وهي نفس الأجواء الفيروزية، جواء الفرح والرقص الهادئ مع الرحبانية تتواصل مع إلياس رحباني في أغنية «لوفيا»، الأجواء الممتعة المعتادة من إلياس الرحباني مع أن الجملة الموسيقية ليس بها أي جديد والكلمات كذلك. إليسا أيضا تغني بمزاج رائق وبفرح لا يرافقها كثيرا. بداية هادئة تتناسب مع الرومانسية الحزينة المبكية في أغنية «افتكرت»، لحن قوي ومحاولة مختلفة لإليسا وكلمات قوية كذلك لمحمد جمعة ولحن مناسب لمحمد رحيم... تجربة مهمة لها وتطور في أدائها لولا أهاتها التي تشعر معها أنها فقط تفتح فمها لتتثائب، هنا جميع العناصر مكتملة لحنا وغناء وشعرا وتوزيعا لا يحتفي سوي بالبساطة، الآن جاء موعد أيقونة الألبوم، الأغنية المنتظرة «بيستحي»، وهي من أكثر أغنيات إليسا نضجا حتي الآن «وقف حبيبي من الخجل ع حافة البسمة كلما اجي يحكي غزل بيضيع الكلمة.. وبيستحي وبعز لحظات الهوي كل شي ع باله بينمحي ياريت لو بطفي القمر تا يحكي ع العتمة»، صورة جميلة كلمات رقيقة، تليق بشاعرة انثي هي سهي الشعشاع ومحمد رحيم يدخل بأوتاره في نسيج الأغنية لكن المشكلة أن إليسا تكمل فيها وصلة التثاؤب التي بدأتها في الأغنية السابقة، نادر عبد الله ووليد سعد مرة أخري، أغنية تكمل الأجواء الرومانسية التي تسيطر علي الألبوم، «متعرفش ليه؟..بحس انك انت اللي بقيت مسئولة منه وأحس انك أنت اللي أنا مسئولة عنه.. متعرفش ليه أنا ازاي مابخافش وجريئة في هواك» أسئلة عادية لكنها إليسا التي تملك صوتا بلا أبعاد تقريبا لكن رصيدها من الإحساس والذكاء يمنح أغنياتها بريقا وسحرا يميزها.. الثنائي نفسه في «عيشة والسلام» لكن هدوءا غريبا يغلف - أداء إليسا تشعر أن الأغنية ينقصها بعض الحماس «أنا عارفة ليه بصبر عليك علشان فاكرة ليك أيام وعشرة وحب وحاجات حلوة برضه»، لا يوجد جديد هنا علي أي مستوي. وأخيرا أغنية «مصدومة»، الأغنية في كلماتها تشبه أغنية «من غير مناسبة» مع دقة أكثر في صياغة الكلمات وتحسب لإليسا هنا الجرأة في اختيار كلمات من هذا النوع: «معقول بقيت دلوقت مش حلوة في عنيه معقول كمان كل العبر طلعها فيا» هي أيضا تصلح كعتاب بين زوجين لكنها لا تصلح ختاما لتجربة احتفلت بالرومانسية لمطربة لم تقدم مغامرة بالفعل لكنها قدمت مفاجآت وهدايا غنائية تصلح طوال العام وليس لأعياد رأس السنة فقط.