محافظ الدقهلية يتابع من خلال مركز الشبكة الوطنية للطوارئ والسلامة أعمال التصدي لمخالفات البناء    روسيا تتهم أوكرانيا بإرجاء عملية تبادل أسرى الحرب بينهما    إصابة طفيفة تُهدد مشاركة نجم الأهلي في ودية الفريق أمام باتشوكا    الزمالك يستعد للثورة.. موسم جديد بأبطال جدد وأحلام متجددة    دورات تدريبية متقدمة لمنقذي شواطئ الإسكندرية استعدادًا لصيف 2025    المنشآت والمطاعم السياحية تنظم دورة تدريبية في مجالات صحة وسلامة الغذاء    في الذكرى ال 37 على رحيله، أبرز المحطات في حياة القارئ الشيخ إبراهيم المنصوري (فيديو)    وزير الخارجية يلتقى اتصالًا من نظيره القبرصي    الكويت ترحب بقرار منظمة العمل الدولية منح فلسطين صفة "دولة مراقب"    إذاعة الجيش الإسرائيلي: العثور على جثة يُرجح أنها تعود للمسؤول العسكري البارز في حماس محمد السنوار جنوبي غزة    شهباز شريف: باكستان تسعى دائما إلى الحفاظ على السلام والأمن في المنطقة    ريابكوف: روسيا عرضت على الولايات المتحدة استئناف الرحلات الجوية المباشرة    شعبة الدواجن: هبوط أسعار الفراخ البيضاء بنسبة 25%    النقل: تعاون مع المرور لإقرار مخالفة للمركبات التي تسير داخل حارة الأتوبيس الترددي    بعد رحيل زيزو.. من هو أغلى لاعب حاليا في الزمالك؟    كهربا يدخل حسابات حلمي طولان للمشاركة في كأس العرب    استمرار فتح باب التقدم والحجز إلكترونيًا ل 1800 قطعة أرض صناعية    الداخلية تواصل حملاتها وتتمكن خلال 24 ساعة من ضبط 363 قضية مخدرات و160 قطعة سلاح    خطوات الاستعلام عن نتيجة الصف الثالث الإعدادي الأزهري 2025 برقم الجلوس والاسم    الداخلية ترسم البهجة فى العيد.. رعاية شاملة للأيتام فى مشهد إنسانى مؤثر.. احتفالات وعروض وإنقاذ نهرى.. اشترت ملابس العيد وقدمت الهدايا للأطفال.. وتنفذ برامج المسئولية المجتمعية لتعزيز قيم الانتماء الوطنى.. صور    الداخلية تواصل التيسير على الراغبين فى الحصول على خدمات الإدارة العامة للجوازات والهجرة    قاوم اللصوص فطعنه أحدهم.. تفاصيل مقتل موظف أمن في 15 مايو    في لفتة إنسانية كريمة، الرئيس السيسي يطمئن على أحد الأئمة الحضور بخطبة عيد الأضحى (فيديو)    إعلام فلسطينى: 34 شهيدا فى غارات إسرائيلية على عدة مناطق بغزة منذ فجر اليوم    مها الصغير: كان نفسي عبدالحليم حافظ يحبني ويغنيلي (فيديو)    د.عصام الروبي يوضح معنى" الكوثر ومن هو الشانئ وما معنى الأبتر"    نصائح لمرضى النقرس قبل تناول اللحم.. اتبعها    في ثاني أيام العيد، انتشار الفرق الطبية بساحات وميادين الإسماعيلية (صور)    صحة الأقصر تعلن انتشار الفرق الطبية بمختلف الإدارات الصحية فى عيد الأضحى.. صور    جولة تفقدية لمستشفيات جامعة كفر الشيخ خلال إجازة عيد الأضحى المبارك    خالد الغندور: 14 لاعبا سيرحلون عن الزمالك    زلزال يضرب إيران بقوة 4.3 على مقياس ريختر    وزير الزراعة يتابع أعمال لجان المرور على شوادر وأماكن بيع الأضاحي وجهود توعية المواطنين    آخر تطورات الحالة الصحية لنجل الفنان تامر حسني    لليوم الثاني.. 39 مجزر يستقبل الأضاحي في مراكز المنيا    وزير الري يتابع الموقف المائي خلال إجازة عيد الأضحى    السيسي يقود أحدث إنجازات الدولة في تطوير التعليم الجامعي    العيد أحلى بمراكز الشباب.. فعاليات احتفالية في ثاني أيام عيد الأضحى بالشرقية    إصابة 8 أشخاص نتيجة انقلاب «ميكروباص» بطريق أسيوط- الفيوم الغربي    محافظ أسيوط يعلن عن تشغيل غرفة طوارئ بالتأمين الصحي خلال عيد الأضحى المبارك    دعاء يوم القر مستجاب للرزق والإنجاب والزواج.. ردده الآن    اليابان: لا اتفاق بعد مع الولايات المتحدة بشأن الرسوم الجمركية    دار الإفتاء تكشف آخر موعد يجوز فيه ذبح الأضاحي    الطبطبة على الذات.. فن ترميم النفس بوعى    محمد الشناوي: كنا نتمنى حصد دوري أبطال إفريقيا للمرة الثالثة على التوالي    استقرار أسعار الذهب في مصر خلال ثاني أيام عيد الأضحى 2025 وسط ترقب الأسواق العالمية    دوناروما: أداء إيطاليا لا يليق بجماهيرنا    بعد تصدرها الترند بسبب انهيارها .. معلومات عن شيماء سعيد (تفاصيل)    "مش جايين نسرق".. تفاصيل اقتحام 3 أشخاص شقة سيدة بأكتوبر    محمد عبده يشيد ب " هاني فرحات" ويصفه ب "المايسترو المثقف "    البابا لاون يُحيي تقليدًا حَبْريًّا اندثر في عهد سلفه    سفارة الهند تستعد لإحياء اليوم العالمي لليوجا في 7 محافظات    «الدبيكي»: نسعى لصياغة معايير عمل دولية جديدة لحماية العمال| خاص    محاضرة عن المتاحف المصرية في أكاديمية مصر بروما: من بولاق إلى المتحف الكبير    الثلاثاء أم الأربعاء؟.. موعد أول يوم عمل بعد إجازة عيد الأضحى 2025 للموظفين والبنوك والمدارس    «المنافق».. أول تعليق من الزمالك على تصريحات زيزو    بمشاركة 2000 صغير.. ختام فعاليات اليوم العالمي للطفل بإيبارشية المنيا    معلومات من مصادر غير متوقعة.. حظ برج الدلو اليوم 7 يونيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا منقحة ولا مزيدة
نشر في الدستور الأصلي يوم 12 - 01 - 2010

مبدئيا هذا فصل من روايتي (مقتل الرجل الكبير) أنشره بمناسبة واحدة هي صدور طبعة جديدة لها لا منقحة ولا مزيدة هذا الأسبوع ، لا أقصد من النشر غير ذلك ولا أستهدف أي تشابه من أي نوع مع أي حدث في أي واقع أو أي بلد مع أي شخص في أي لحظة مع أي حاجة في أي حاجة حتي لو فيه أي حاجة توهمك إنه فيه حاجة فأنا أؤكد لك إنه مفيش أي حاجة لأنني المؤلف وعارف كل حاجة فلا يمكن أي واحد يقول لي إنه حاسس بأي حاجة من أي سطر من حاجة جاءت في هذا الفصل لأنه لو فيه حاجة كنت والله قلت لكم أي حاجة عنها وأنتم تعرفون عني تقريبا كل حاجة حيث لا أجد أي مشكلة في أن أكتب أي حاجة طالما هي حاجة أنا مؤمن أنها تخدم حاجة أكبر هي حاجة الناس لمعرفة كل حاجة لأن الناس لو عرفت كل حاجة سوف تفهم أنه لا يوجد أي حاجة من غير ما يكون وراءها حاجة فلا تصدق أي حد يقولها أي حاجة لأنها اتنورت بالحقيقة واستوعبت إن الحاجة مهما كان وراءها حاجة فلابد أن تعرفها، فالشعب هو كل حاجة حتي لو الرئيس والحكومة شايفينه ولاحاجة، لكنه سيتحول فعلا إلي أي حاجة لو ظل مصمما علي تجاهل أي حاجة توقظه من غفلته وتشرح له كل حاجة لأن الحاجة بقت غالية، لعلك فهمتني الآن وستقرأ السطور المقبلة بدون ما تشغل بالك بأي حاجة مشابهة للحاجة التي تقرأها وربنا ما يوقعك في حاجة ! واقرأ ياسيدي بعضا مما كتبته في مقتل الرجل الكبير:
كان الرئيس متقلبا، لكنه نجح في أن يتقلب له علي أي جنب يريده، تعلم مشية القردة، مواء القطة، حتي يرضي عنه فيبقيه علي كرسيه، كان يحلم بهذا المقعد منذ سنوات حين حبا إلي أول مقعد في مجلس الوزراء يرتج عمره مع كل تغيير وزاري، يرتعش إيمانه كلما ترددت شائعة عن تعديل أو تغيير كان مستعدا أن يعمل خادما للوزراء أصحاب النفوذ وخادما للأقربين عند الرئيس كان يبعد عن الصراعات ويسلم جسده لمن يركب فقط ليتركوه هنا، يشم سجاد مبني مجلس الوزراء، طلاء الحوائط، يتحسس بروز الخشب في المقاعد، رسوم البلاط، نقش الأسقف، كل ليلة علي فراش سريره يرتعد خوفا من أن يمر الصبح علي جثة منصبه تعلق بالوزارة حتي أدرك قطعا أنه سيموت لو تخلت عنه فزاد جريه وجبنه وهضم قلقه من زوال النعمة فرحة بنزولها وأوقعه توقعه حلول النقمة في براثن العلة، كان يدخل مرضا يخرج من مرض لكنه كان يرفض أن ينام علي وسادة في مستشفي مخافة أن يعود معافي من مرضه معفيا من سلطته ووزارته.
حتي جاء اليوم الذي سطع فيه نور شمسه وغار منه غم نفسه واستدعاه الرئيس في عجلة ليخبره بأنه قرر تعيينه رئيسا للوزارة، لايزال يتذكر، قفز قلبه وغمره نهر من السعادة حتي فاض فبلل روحه، انحني علي كف الرئيس وقبلها امتنانا لا حدود له، عبودية لا تردد فيها، يتذكر أنه من صباحها لم يمس زوجته ولا أيا من النساء نشوته بسلطته أشبعته حتي الامتلاء، من صباحها كان غرامه موجها إلي بوق السيارات السوداء إلي لون سيارته وإلي طريق يخليه الحرس من السيارات والعابرين حتي يمر، كان يهبط بقدميه من السيارة بعد أن يفتح الحارس بابها مترددا وئيدا، يتمني أن يظل عمره كله في المقعد الخلفي الوثير الطري، يسند ظهره علي المسند ويرقب الموكب مارقا والطريق يخلو من الناس والسيارات.
كم تمني أن يطلب من سائقه أن يبطئ من سيارات حراسته أن تتمهل مستعجلين علي إيه أليس الأسفلت يبرق تحت العجلات، أليست تغاريد العصافير تتدني وتتقزم أمام نفير أبواق السلطة، أليس الحارس بخوذته المعدنية فوق رأسه، علي دراجته النارية كرؤوس الخيول في مواكب الخلفاء والأمراء؟!
حين انسحب عنه موكبه، احتلته الريبة وظنون الشك ورعشة الحمي، حاول أن يخفيها عن حرسه وسائقه، ظن أنه بال علي نفسه اضطرابا فأخذ يمسح بجنون وتوتر مكبوت بنطلونه بورق المناديل، لم يغضب الرئيس في شيء.. لكن من يعرف؟ آخر مرة هل تجاوز حده من الأحلام في جلسته مع الرئيس.. هل أن عليه جموح الرغبة، طلب منه الرئيس أن يعد قائمة بتغيير وزاري شامل؟ وضع أوراقه في ملفه ومضي إليه في القصر وجد أن اللقاء في جناح المتحف وماله؟ هذا هو المكان الذي يشعر فيه الرئيس بتمام لذته وكمال عافيته وعلو ذاته، المتحف يحمل اسمه ويحتل أبرز مواضع المباني في القصر الرئاسي بلونه الأبيض وقبته السماوية وتضاريسه العربية ومدخله الرحب وأشجاره الباسقة وأعلامه المرفرفة وبوابته الأندلسية وخضار أرضه. يدخل المرء ليري قاعات متساوية في دائريتها تمتلئ جدرانها بصور الرئيس في كل قاعة مجموعة لمناسبة في قاعة الرياضة صورة بكل الأحجام والمساحات والارتفاعات للرئيس وهو يلعب التنس في ملعبه الرئاسي في نادي الرفعة في ملاعب الرؤساء الأجانب بالشورتات البيضاء بقبعة في الصيف تحمي من الشمس تحت ملعب مغطي في الشتاء، صور مقربة ليده تمسح المضرب، لقدمه تجري علي النجيلة، لعينه تتابع الكرة، لظهره ينحني لالتقاط كرة، لعنقه يعلو لصد رمية، لقبضة كفه علي كرة يستعد لإطلاقها في الإرسال، لابتسامته مع الخصم، لمصافحته مع المهزوم بعد الهزيمة، لمداعبته بطل التنس العالمي، لصورة تجمعه مع بطلات التنس لدي حضورهن بطولة في البلاد. وقاعة تجمع صوره وهو يتسلم الدكتوراه الفخرية من شتي جامعات العالم بروب العالم الأسود الحريري بقبعة التخرج المثلثة بوشاحات شتي في ألوانها تلف كتفيه، بمصافحته للأساتذة الذين يقلدونه الدكتوراه، وجوههم تعكس عالميته وشهرته النابضة، صور مع رئيس جامعة بكين، موسكو، برلين، بروكسل، كوالالمبور، واجادوجو، جوهانسبرج، بنسلفانيا، القاهرة، بوخارست، كييف، الزقازيق، أم القري. الوجوه البيضاء والسوداء والحمراء والبنية التي تصافحه وتحتضن صوره. يلبس روب الأساتذة، يتسلم الدكتوراه، يتقلد الوشاح، يصافح، يعانق، يحيي، ينزل السلالم، يتكلم في الميكروفون، يخلع الروب، يعطي الحقيبة الجلدية التي تضم الشهادة إلي سكرتيره، يعانق طالبة تهنئة، قاعة الملابس العسكرية تضم صوره وهو يرتدي بذلات البحرية، الجوية، الدفاع الجوي، الصاعقة، والكوماندوز، بذلة القائد العام، بذلة المشاة، بذلة سلاح المهندسين، بذلة الاستعراض العسكري، بذلة ضابط إنجليزي، زي ضابط ألماني، في زي قوات المارينز الأمريكية قبعة روسيا القطنية علي رأسه فوق حصان بزي سلاح الفرسان، فوق جمل في زي سلاح حرس الحدود، بزي قوات حفظ السلام الدولية.
لا يرتاح الرئيس إلا في قاعة الشعب، حيث تمتلئ الجدران بصوره مع الشعب في كل مكان، عبر كل هذه السنوات، مزدحمين علي رصيف قطار وهو يطل برأسه مشيرا بيديه بالتحية، عشرات الآلاف يجرون وراء سيارته في موكب يطوف الشوارع، مئات الطلاب من الشباب حوله في زيارة للجامعة، وفد نسائي يحيط به في مقر المؤتمرات العامة، أعضاء مجلس النواب يتزاحمون لمصافحته مئات الأطفال يرقصون حوله بملابس سندريلا، الجونلات البيضاء المرفوعة والدثار الحريري المزركش، الفنانون في طابور لمصافحته أثناء زيارة أحد استديوهات التليفزيون، مئات العمال يلتفون في مصنع حوله وهو يرتدي البالطو الأبيض والقبعة البلاستيكية وآلاف الجنود يهتفون له في زيارته لموقع عسكري، الأجانب والسياح في أحد المعابد يلتقطون الصور معه، مزاحمة المثقفين والصحفيين حوله وهو يفتتح معرضا للكتاب.
من شدة راحة الرئيس في هذه القاعة سماها «الواحة» وأمر بوضع مكتب صغير في أحد أركانها وفي الأمور المهمة الخاصة بمقدرات الأمة يستدعي الرئيس المسئول إلي هذا المكان حيث يتباحثان والأمة تشهد عليهما. وقد استقبل رئيس الوزراء في هذا المكان حتي يستقرا علي التغيير الوزاري الشامل بعد أن امتلأ البلد بشائعات حول قرب حلوله ودنو حدوثه.
وضع رئيس الوزراء الورق وقال للرئيس وهو يرتعش من الوجل والفرحة: - تحب سيادتك نبدأ بمن؟
رد الرئيس في صحة وعافية لا تشي أبدا بسن الثمانين الذي تجاوزه: بالزراعة؟
قال رئيس الوزراء: - سيادتك أنا رشحت أربعة لتولي هذا المنصب الوزاري المهم.
عقب الرئيس: مهم ليه؟
ارتج رئيس الوزراء - نعم.
- بأقولك مهم ليه؟
حاول أن يجد أي حروف تشكل أي كلمات أي كلمات ترضي أن تجيبه بسرعة.
- إنتاجنا الزراعي انخفض في السنوات الأخيرة.
في حسم: - وإنت كنت فين؟
ضعف وتحلل رئيس الوزراء تماما.
- سعادتك الأرقام بدأت في الانخفاض قبل أن تشرفني بتكليفي تولي رئاسة الوزارة.
في براءة قال الرئيس: - ومتي توليت أنت رئاسة الوزارة؟
- من ثلاث سنوات.. آه..
ثم صمت الرئيس قليلا وقال: - يعني إنت عاوز تغير وزير الزراعة؟
أحس أنه طفل أسنانه مسوسة أمام مدرسة الحضانة فقال بتهتهة: - يا أفندم أنا مش عايز أغير حد خالص سيادتك الذي أمرت بتغيير وزاري.
- فيه وزير الزراعة.
- سعادتك قلت شامل.
- وشامل يعني فيه وزير الزراعة.
في أسي واستئناس قال رئيس الوزراء: - ليس شرطا يا سيادة الرئيس، ممكن يبقي شامل ولا يشمل وزير الزراعة.
في سرعة سأله: - ويبقي ساعتها شامل إزاي؟
- يعني فيه استثناءات بالتأكيد.
أطرق برأسه ثم عاجله بحكمة سريعة: - لأ.. إحنا قلنا شامل يبقي شامل، صحيح محدش حيحاسبنا، لكن إحنا قلنا شامل، خلاص يبقي شامل.. قولي إنت رشحت مين؟
استعاد رئيس الوزراء ريقه الغائب: - رقم واحد أستاذ بكلية الزراعة اسمه....
حدق فيه الرئيس مستفهما وناقما: - اشمعني كلية الزراعة.
ارتبك رئيس الوزراء: - يا أفندم دا عشان وزارة الزراعة؟
علا صوت الرئيس ولقنه درسا: - وهوه يعني وزير الزراعة لازم يبقي أستاذ في كلية الزراعة.
تراجع رئيس الوزراء فورا: - لأ.. مش لازم.
فتراجع الرئيس غاضبا: - مش لازم إزاي.. يعني أجيب أستاذ في كلية الآداب أجعله وزيرا للزراعة؟
لم يعرف ماذا يقول رئيس الوزراء فانكتم، فصاح فيه الرئيس: - انكتمت ليه.. ماتقول رأيك؟
في استكانة: - الرأي رأيك يا أفندم!
لف الرئيس برأسه ونظر للسقف وأخذ يشرح لثلث ساعة تفاصيل ازدحام الناس علي أرصفة القطارات لرؤيته ورئيس الوزراء يؤمن علي كلامه، حامدا الله أن موضوع وزير الزراعة لم يفجر غضب الرئيس.
سكت الرئيس فجأة وقال: - طيب ح أقولك حاجة.. إحنا نأجل تحديد اسم وزير الزراعة لغاية ما نستقر.. هو لازم يبقي أستاذ زراعة ولا لأ.
- أوامرك يا سيادة الرئيس؟
- طيب نتوكل علي الله كده ونختار وزير إيه.
- إللي تشوفه سيادتك.
شاخطا فيه: - إنت شايف إيه.. إنت رئيس الوزراء.
بسرعة: - نتكلم عن وزير الداخلية.
بحسم: - خلاص نتكلم عن وزير الثقافة.
استسلم رئيس الوزراء كمصارع سقط تحت جسد خصمه.
- بالنسبة لوزير الثقافة أنا رشحت ثلاثة أسماء.
في لهجة الناصح قال الرئيس هامسا في رقة أبوية: - اسمع كلامي.. العالم المثقفة دي محتاجة وزير حاسم حازم.. محتاجين راجل بجد.
أَمّن رئيس الوزراء علي كلامه، فلم يعر الرئيس اهتماما لموافقته.
- أنا مرشح لسيادتك اسما هنا لمثقف كبير.
- خرع.. ؟
بتردد وفقدان بوصلة التكهن: - هو سيادتك تؤمر بإيه؟
- في إيه. - في وزير الثقافة.
- مش فاهم.
- يعني عايزه سيادتك خرع.. ولا مش خرع..؟
- وهي تفرق؟
- الحقيقة....
ثم سكت كمن حط عليه الخرس، توقف الكلام في حلقه، لا راضي يطلع ولا راضي ينزل..
حل الرئيس الموقف بتدخله في الصمت: - طيب أنا ح أقولك حاجة إحنا نأجل الكلام في وزير الثقافة لحد ما نعرف إحنا عايزينه خرع.. ولا مش خرع..
أخذ رئيس الوزراء نفسه بالعافية أخيرا وبلع ريقه وانسحب ضيقه وعاد الرئيس ليتكلم.
- من الوزير التالي؟
- كما تري سعادتك.
في صخب وغضب وحماس قال الرئيس منفعلا: - نتكلم عن وزير الصحة؟
في أدب جم وهمس نم عن ارتجاج الأمر عليه سأل رئيس الوزراء.
- سيادتك عايزه إيه؟
- هوه مين؟
- وزير الصحة؟
- يعني ح أعوزه إيه!
- سيادتك يعني عايزه دكتور ولا مش دكتور.
شخط فيه الرئيس ونطر:
- أنت بتستهبل.. وزير الصحة عايزه دكتور ولا مش دكتور.. طبعا دكتور.
خلاص داخ رئيس الوزراء تماما وتمتم.
- طبعا طبعا.
لكن الرئيس عاد بظهره للوراء واضطجع.
- لكن والله فكرة وجيهة.. ليه ضروري وزير الصحة يبقي دكتور.. هوه يعني ح يكشف علي الشعب في مكتبه بالوزارة ولا ح يضرب حقن لوكلاء الوزارة والموظفين..
ثم انتفض الرئيس قبل أن يعطي لرئيس الوزراء فرصة في موافقته.
- لكن شوف أنا كل يوم قاعد أقرأ في الجرايد عن الإهمال في المستشفيات والناس إللي بتموت فيها.. اسمع هيه الناس فاكره إيه.. قال يعني عشان دخل مستشفي ميمتش، ليه يعني هوه شعب بيستهبل وعينه فارغة أنا عارف، فاكر إن مادام عندنا مستشفيات محدش يموت ليه يعني ناس معندهاش ريحة العقل ولا الدم. عشان كده أنا عايز وزير الصحة إللي جاي حتي لو كان كمسري يكتب علي مدخل كل مستشفي الآية الكريمة «كل نفس ذائقة الموت» أما نشوف بأه مين ح يعترض علي إرادة ربنا.
أخذ رئيس الوزراء يكتب هذه الملاحظات كأنه يدون الوحي ولما صمت الرئيس استسمحه رئيس الوزراء سائلا: - قلت إيه سيادتك في وزير الصحة؟
- فيه إيه؟
- عايزه سيادتك إيه؟
- خرع.. ولا مش خرع..؟
- لا يا أفندم دكتور ولا مش دكتور.
صمت الرئيس كثيرا وطويلا، تنهد ووضع كفا علي فخذه ثم ضرب بالأخري علي المكتب، ثم عاد بظهره للوراء، ثم حدق في السقف، ثم صرخ في وجهه: - إنت لم تشرب أي حاجة.
ضرب الجرس فأسرع السكرتير بالدخول، شتمه الرئيس.
- جاي تجري زي دكر البط ولم ترسل السفرجي بأي حاجة يشربها السيد رئيس الحكومة.
تراجع جسده وكلامه، وقال السكرتير:
- سيادتك كنت أمرت محدش يدخل عليكم الاجتماع ويقاطع سيادتك.
شاعرا بالمفاجأة:
- أنا قلت هذا الكلام؟
- نعم سيادة الرئيس.
سيادة الرئيس لم يعجبه الكلام فسأله: - ليه يعني محدش يدخل؟
- يمكن عشان أسرار التغيير الوزاري؟
قام الرئيس منتفضا في ثورة بلا ذرة مقدمات.
- أهوه يا سيدي، لا رئيس الحكومة طفح حاجة ولا إحنا عملنا التغيير الوزاري فين السفرجي بقي؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.