فيتو داخل منزل نوران نبيل السادسة على الجمهورية: أفتخر بلقب أخت الدكاترة ومثلي الأعلى مجدي يعقوب (فيديو)    ارتفاع كبير في عيار 21 بالمصنعية.. مفاجأة بأسعار الذهب اليوم الأربعاء بالصاغة محليا وعالميا    أسعار سيارات Genesis في السوق المصري    أمريكا: الشرع يخاطر بفقدان القوة الدافعة التي أتت به وعليه مراجعة سياسته    «أنا منعزل عن العالم».. مرتضى منصور يعتذر ل حسن شحاتة    لاعب الأهلي يقترب من الانضمام إلى الوداد المغربي    مقتل 4 أشخاص في مشاجرة بالأسلحة النارية بين عائلتين أولاد عمومة بقنا    حريق يلتهم مطعما شهيرا بكرداسة    مستشار الرئيس للصحة ينفي شائعات انتشار متحور «Xfg»: لم نرصد أي حالة في مصر حتى الآن    حزب الجبهة الوطنية يُكافئ أوائل الثانوية العامة ب50 ألف جنيه    الجيش الإسرائيلي: إصابة ضابط ومقاتلين إثر انفجار عبوة ناسفة في قطاع غزة    ترامب يتهم باراك أوباما بالخيانة بشأن تدخل روسيا في انتخابات 2016    المنزل الذي تحوّل إلى مقبرة.. نرصد القصة الكاملة للغز «أسرة الموت» بالمنيا    تسرب غاز وراء الكارثة.. النيابة تكشف كواليس حريق مطعم شهير بكرداسة    بانوراما أيامنا الحلوة تجسّد مشاعر الحنين إلى الماضي على المسرح المكشوف بالأوبرا    إحالة وزيرة فرنسية وكارلوس غصن إلى المحاكمة.. ما السبب؟    فيروس شيكونجونيا.. ما هو وباء البعوض الذي حذرت منه منظمة الصحة العالمية ويهدد 5 مليارات شخص؟    ب 550 مليار دولار.. ترامب يعلن عن إبرام أكبر صفقة تجارية مع اليابان    لمدة 7 ساعات.. قطع التيار الكهربائي عن 12 منطقة في البحيرة    رئيس اتحاد الخماسي يُكرم طالب بني سويف الأول على الجمهورية ب100 ألف جنيه    7 شهداء إثر استهداف شقة سكنية في منطقة تل الهوا غرب قطاع غزة    البعثة الروسية: انسحاب دولتين من اليونسكو يكشف أزمة هيكلية تضرب المنظمة من الداخل    إعلام فلسطيني: الاحتلال يشن غارات على دير البلح وخان يونس    "مستقبل وطن" يحشد جماهير مطاي في مؤتمر لدعم مرشحيه بانتخابات الشيوخ 2025    «الأهلي بياخد الدوري كل أثنين وخميس».. نجم الزمالك السابق يتغنى ب مجلس الخطيب    رياضة ½ الليل| وفاة لاعب فلسطيني.. صفقة الزمالك «منظورة».. رحيل «عادل» للإمارات.. وأحلام زيزو بالأهلي    تعليم البحيرة تهنئ الطالبة نوران نبيل لحصولها على المركز السادس فى الثانوية العامة    جامعة الإسكندرية تستقبل وفد المركز الإعلامي الأوزبكستاني    بعد ظهور نتيجة الثانوية العامة 2025 .. نصائح لاختيار الجامعة والكلية المناسبة لك    رئيس "بنك الطعام": نقدم نموذج شمولي فريد بالتعاون مع 5 آلاف جمعية    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية قبل بداية تعاملات الأربعاء 23 يوليو 2025    حزب الجبهة الوطنية: دعم مادي بقيمة 50 ألف جنيه لأوائل الثانوية العامة    الأولى على الثانوية العامة شعبة أدبي ل«المصري اليوم»: «بكيت فرحًا وسألتحق بالألسن»    عبد المنعم سعيد: الاستقرار في مصر والسعودية نتاج قرار وطني ينبذ التفرقة الطائفية    عبدالمنعم سعيد: المنطقة كانت تتجه نحو السلام قبل 7 أكتوبر    شخص مقرب منك يؤذي نفسه.. برج الجدي اليوم 23 يوليو    محمد التاجي: جدي «عبدالوارث عسر» لم يشجعني على التمثيل    محمد التاجي: فهمي الخولي اكتشف موهبتي.. ومسرح الطليعة كان بوابتي للاحتراف    الرابعة على الثانوية: تنظيم الوقت سر النجاح.. وحلمي أكون طبيبة    فرصة لإدراك تأثير جروح الماضي.. حظ برج القوس اليوم 23 يوليو    أخبار مالية غير سارة.. برج العقرب اليوم 23 يوليو    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأربعاء 23 يوليو 2025    برلماني: «ثورة يوليو» الشرارة الأولى لإرساء مبادئ العدالة الاجتماعية    منها السبانخ والكرنب.. أهم الأطعمة المفيدة لصحة القلب    «الإندومي» والمشروبات الغازية.. أطعمة تسبب التوتر والقلق (ابتعد عنها)    بدون أدوية.. 6 طرق طبيعية لتخفيف ألم الدورة الشهرية    الكشف عن بديل الهلال في السوبر السعودي    دروجبا: محمد شريف هداف مميز.. والأهلي لا يتوقف على أحد    أتلتيكو مدريد يتعاقد مع مارك بوبيل رسميا    وساطات بتركيا تسعى لإطلاق سراحه .. إعلام "المتحدة" يُشيع تسليم محمد عبدالحفيظ    نشرة التوك شو| قانون الإيجار القديم ينتظر قرار الرئيس السيسي.. و"الزراعة" توفر الأسمدة رغم التحديات    من 4% إلى 70%.. الطالبة ميار حماده تحقق قفزة دراسية لافتة في قنا    درس حصوله على الجنسية المصرية.. شوبير يكشف مفاجأة بشأن وسام أبو علي    ما حكم الاعتداء على المال العام؟.. أمين الفتوى يجيب    ما هي كفارة اليمين؟.. أمين الفتوى يجيب    هل يجوز الوضوء مع ارتداء الخواتم؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    أدعية لطلاب الثانوية العامة قبل النتيجة من الشيخ أحمد خليل    حملة دعم حفظة القرآن الكريم.. بيت الزكاة والصدقات يصل المنوفية لدعم 5400 طفل من حفظة كتاب الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا منقحة ولا مزيدة
نشر في الدستور الأصلي يوم 12 - 01 - 2010

مبدئيا هذا فصل من روايتي (مقتل الرجل الكبير) أنشره بمناسبة واحدة هي صدور طبعة جديدة لها لا منقحة ولا مزيدة هذا الأسبوع ، لا أقصد من النشر غير ذلك ولا أستهدف أي تشابه من أي نوع مع أي حدث في أي واقع أو أي بلد مع أي شخص في أي لحظة مع أي حاجة في أي حاجة حتي لو فيه أي حاجة توهمك إنه فيه حاجة فأنا أؤكد لك إنه مفيش أي حاجة لأنني المؤلف وعارف كل حاجة فلا يمكن أي واحد يقول لي إنه حاسس بأي حاجة من أي سطر من حاجة جاءت في هذا الفصل لأنه لو فيه حاجة كنت والله قلت لكم أي حاجة عنها وأنتم تعرفون عني تقريبا كل حاجة حيث لا أجد أي مشكلة في أن أكتب أي حاجة طالما هي حاجة أنا مؤمن أنها تخدم حاجة أكبر هي حاجة الناس لمعرفة كل حاجة لأن الناس لو عرفت كل حاجة سوف تفهم أنه لا يوجد أي حاجة من غير ما يكون وراءها حاجة فلا تصدق أي حد يقولها أي حاجة لأنها اتنورت بالحقيقة واستوعبت إن الحاجة مهما كان وراءها حاجة فلابد أن تعرفها، فالشعب هو كل حاجة حتي لو الرئيس والحكومة شايفينه ولاحاجة، لكنه سيتحول فعلا إلي أي حاجة لو ظل مصمما علي تجاهل أي حاجة توقظه من غفلته وتشرح له كل حاجة لأن الحاجة بقت غالية، لعلك فهمتني الآن وستقرأ السطور المقبلة بدون ما تشغل بالك بأي حاجة مشابهة للحاجة التي تقرأها وربنا ما يوقعك في حاجة ! واقرأ ياسيدي بعضا مما كتبته في مقتل الرجل الكبير:
كان الرئيس متقلبا، لكنه نجح في أن يتقلب له علي أي جنب يريده، تعلم مشية القردة، مواء القطة، حتي يرضي عنه فيبقيه علي كرسيه، كان يحلم بهذا المقعد منذ سنوات حين حبا إلي أول مقعد في مجلس الوزراء يرتج عمره مع كل تغيير وزاري، يرتعش إيمانه كلما ترددت شائعة عن تعديل أو تغيير كان مستعدا أن يعمل خادما للوزراء أصحاب النفوذ وخادما للأقربين عند الرئيس كان يبعد عن الصراعات ويسلم جسده لمن يركب فقط ليتركوه هنا، يشم سجاد مبني مجلس الوزراء، طلاء الحوائط، يتحسس بروز الخشب في المقاعد، رسوم البلاط، نقش الأسقف، كل ليلة علي فراش سريره يرتعد خوفا من أن يمر الصبح علي جثة منصبه تعلق بالوزارة حتي أدرك قطعا أنه سيموت لو تخلت عنه فزاد جريه وجبنه وهضم قلقه من زوال النعمة فرحة بنزولها وأوقعه توقعه حلول النقمة في براثن العلة، كان يدخل مرضا يخرج من مرض لكنه كان يرفض أن ينام علي وسادة في مستشفي مخافة أن يعود معافي من مرضه معفيا من سلطته ووزارته.
حتي جاء اليوم الذي سطع فيه نور شمسه وغار منه غم نفسه واستدعاه الرئيس في عجلة ليخبره بأنه قرر تعيينه رئيسا للوزارة، لايزال يتذكر، قفز قلبه وغمره نهر من السعادة حتي فاض فبلل روحه، انحني علي كف الرئيس وقبلها امتنانا لا حدود له، عبودية لا تردد فيها، يتذكر أنه من صباحها لم يمس زوجته ولا أيا من النساء نشوته بسلطته أشبعته حتي الامتلاء، من صباحها كان غرامه موجها إلي بوق السيارات السوداء إلي لون سيارته وإلي طريق يخليه الحرس من السيارات والعابرين حتي يمر، كان يهبط بقدميه من السيارة بعد أن يفتح الحارس بابها مترددا وئيدا، يتمني أن يظل عمره كله في المقعد الخلفي الوثير الطري، يسند ظهره علي المسند ويرقب الموكب مارقا والطريق يخلو من الناس والسيارات.
كم تمني أن يطلب من سائقه أن يبطئ من سيارات حراسته أن تتمهل مستعجلين علي إيه أليس الأسفلت يبرق تحت العجلات، أليست تغاريد العصافير تتدني وتتقزم أمام نفير أبواق السلطة، أليس الحارس بخوذته المعدنية فوق رأسه، علي دراجته النارية كرؤوس الخيول في مواكب الخلفاء والأمراء؟!
حين انسحب عنه موكبه، احتلته الريبة وظنون الشك ورعشة الحمي، حاول أن يخفيها عن حرسه وسائقه، ظن أنه بال علي نفسه اضطرابا فأخذ يمسح بجنون وتوتر مكبوت بنطلونه بورق المناديل، لم يغضب الرئيس في شيء.. لكن من يعرف؟ آخر مرة هل تجاوز حده من الأحلام في جلسته مع الرئيس.. هل أن عليه جموح الرغبة، طلب منه الرئيس أن يعد قائمة بتغيير وزاري شامل؟ وضع أوراقه في ملفه ومضي إليه في القصر وجد أن اللقاء في جناح المتحف وماله؟ هذا هو المكان الذي يشعر فيه الرئيس بتمام لذته وكمال عافيته وعلو ذاته، المتحف يحمل اسمه ويحتل أبرز مواضع المباني في القصر الرئاسي بلونه الأبيض وقبته السماوية وتضاريسه العربية ومدخله الرحب وأشجاره الباسقة وأعلامه المرفرفة وبوابته الأندلسية وخضار أرضه. يدخل المرء ليري قاعات متساوية في دائريتها تمتلئ جدرانها بصور الرئيس في كل قاعة مجموعة لمناسبة في قاعة الرياضة صورة بكل الأحجام والمساحات والارتفاعات للرئيس وهو يلعب التنس في ملعبه الرئاسي في نادي الرفعة في ملاعب الرؤساء الأجانب بالشورتات البيضاء بقبعة في الصيف تحمي من الشمس تحت ملعب مغطي في الشتاء، صور مقربة ليده تمسح المضرب، لقدمه تجري علي النجيلة، لعينه تتابع الكرة، لظهره ينحني لالتقاط كرة، لعنقه يعلو لصد رمية، لقبضة كفه علي كرة يستعد لإطلاقها في الإرسال، لابتسامته مع الخصم، لمصافحته مع المهزوم بعد الهزيمة، لمداعبته بطل التنس العالمي، لصورة تجمعه مع بطلات التنس لدي حضورهن بطولة في البلاد. وقاعة تجمع صوره وهو يتسلم الدكتوراه الفخرية من شتي جامعات العالم بروب العالم الأسود الحريري بقبعة التخرج المثلثة بوشاحات شتي في ألوانها تلف كتفيه، بمصافحته للأساتذة الذين يقلدونه الدكتوراه، وجوههم تعكس عالميته وشهرته النابضة، صور مع رئيس جامعة بكين، موسكو، برلين، بروكسل، كوالالمبور، واجادوجو، جوهانسبرج، بنسلفانيا، القاهرة، بوخارست، كييف، الزقازيق، أم القري. الوجوه البيضاء والسوداء والحمراء والبنية التي تصافحه وتحتضن صوره. يلبس روب الأساتذة، يتسلم الدكتوراه، يتقلد الوشاح، يصافح، يعانق، يحيي، ينزل السلالم، يتكلم في الميكروفون، يخلع الروب، يعطي الحقيبة الجلدية التي تضم الشهادة إلي سكرتيره، يعانق طالبة تهنئة، قاعة الملابس العسكرية تضم صوره وهو يرتدي بذلات البحرية، الجوية، الدفاع الجوي، الصاعقة، والكوماندوز، بذلة القائد العام، بذلة المشاة، بذلة سلاح المهندسين، بذلة الاستعراض العسكري، بذلة ضابط إنجليزي، زي ضابط ألماني، في زي قوات المارينز الأمريكية قبعة روسيا القطنية علي رأسه فوق حصان بزي سلاح الفرسان، فوق جمل في زي سلاح حرس الحدود، بزي قوات حفظ السلام الدولية.
لا يرتاح الرئيس إلا في قاعة الشعب، حيث تمتلئ الجدران بصوره مع الشعب في كل مكان، عبر كل هذه السنوات، مزدحمين علي رصيف قطار وهو يطل برأسه مشيرا بيديه بالتحية، عشرات الآلاف يجرون وراء سيارته في موكب يطوف الشوارع، مئات الطلاب من الشباب حوله في زيارة للجامعة، وفد نسائي يحيط به في مقر المؤتمرات العامة، أعضاء مجلس النواب يتزاحمون لمصافحته مئات الأطفال يرقصون حوله بملابس سندريلا، الجونلات البيضاء المرفوعة والدثار الحريري المزركش، الفنانون في طابور لمصافحته أثناء زيارة أحد استديوهات التليفزيون، مئات العمال يلتفون في مصنع حوله وهو يرتدي البالطو الأبيض والقبعة البلاستيكية وآلاف الجنود يهتفون له في زيارته لموقع عسكري، الأجانب والسياح في أحد المعابد يلتقطون الصور معه، مزاحمة المثقفين والصحفيين حوله وهو يفتتح معرضا للكتاب.
من شدة راحة الرئيس في هذه القاعة سماها «الواحة» وأمر بوضع مكتب صغير في أحد أركانها وفي الأمور المهمة الخاصة بمقدرات الأمة يستدعي الرئيس المسئول إلي هذا المكان حيث يتباحثان والأمة تشهد عليهما. وقد استقبل رئيس الوزراء في هذا المكان حتي يستقرا علي التغيير الوزاري الشامل بعد أن امتلأ البلد بشائعات حول قرب حلوله ودنو حدوثه.
وضع رئيس الوزراء الورق وقال للرئيس وهو يرتعش من الوجل والفرحة: - تحب سيادتك نبدأ بمن؟
رد الرئيس في صحة وعافية لا تشي أبدا بسن الثمانين الذي تجاوزه: بالزراعة؟
قال رئيس الوزراء: - سيادتك أنا رشحت أربعة لتولي هذا المنصب الوزاري المهم.
عقب الرئيس: مهم ليه؟
ارتج رئيس الوزراء - نعم.
- بأقولك مهم ليه؟
حاول أن يجد أي حروف تشكل أي كلمات أي كلمات ترضي أن تجيبه بسرعة.
- إنتاجنا الزراعي انخفض في السنوات الأخيرة.
في حسم: - وإنت كنت فين؟
ضعف وتحلل رئيس الوزراء تماما.
- سعادتك الأرقام بدأت في الانخفاض قبل أن تشرفني بتكليفي تولي رئاسة الوزارة.
في براءة قال الرئيس: - ومتي توليت أنت رئاسة الوزارة؟
- من ثلاث سنوات.. آه..
ثم صمت الرئيس قليلا وقال: - يعني إنت عاوز تغير وزير الزراعة؟
أحس أنه طفل أسنانه مسوسة أمام مدرسة الحضانة فقال بتهتهة: - يا أفندم أنا مش عايز أغير حد خالص سيادتك الذي أمرت بتغيير وزاري.
- فيه وزير الزراعة.
- سعادتك قلت شامل.
- وشامل يعني فيه وزير الزراعة.
في أسي واستئناس قال رئيس الوزراء: - ليس شرطا يا سيادة الرئيس، ممكن يبقي شامل ولا يشمل وزير الزراعة.
في سرعة سأله: - ويبقي ساعتها شامل إزاي؟
- يعني فيه استثناءات بالتأكيد.
أطرق برأسه ثم عاجله بحكمة سريعة: - لأ.. إحنا قلنا شامل يبقي شامل، صحيح محدش حيحاسبنا، لكن إحنا قلنا شامل، خلاص يبقي شامل.. قولي إنت رشحت مين؟
استعاد رئيس الوزراء ريقه الغائب: - رقم واحد أستاذ بكلية الزراعة اسمه....
حدق فيه الرئيس مستفهما وناقما: - اشمعني كلية الزراعة.
ارتبك رئيس الوزراء: - يا أفندم دا عشان وزارة الزراعة؟
علا صوت الرئيس ولقنه درسا: - وهوه يعني وزير الزراعة لازم يبقي أستاذ في كلية الزراعة.
تراجع رئيس الوزراء فورا: - لأ.. مش لازم.
فتراجع الرئيس غاضبا: - مش لازم إزاي.. يعني أجيب أستاذ في كلية الآداب أجعله وزيرا للزراعة؟
لم يعرف ماذا يقول رئيس الوزراء فانكتم، فصاح فيه الرئيس: - انكتمت ليه.. ماتقول رأيك؟
في استكانة: - الرأي رأيك يا أفندم!
لف الرئيس برأسه ونظر للسقف وأخذ يشرح لثلث ساعة تفاصيل ازدحام الناس علي أرصفة القطارات لرؤيته ورئيس الوزراء يؤمن علي كلامه، حامدا الله أن موضوع وزير الزراعة لم يفجر غضب الرئيس.
سكت الرئيس فجأة وقال: - طيب ح أقولك حاجة.. إحنا نأجل تحديد اسم وزير الزراعة لغاية ما نستقر.. هو لازم يبقي أستاذ زراعة ولا لأ.
- أوامرك يا سيادة الرئيس؟
- طيب نتوكل علي الله كده ونختار وزير إيه.
- إللي تشوفه سيادتك.
شاخطا فيه: - إنت شايف إيه.. إنت رئيس الوزراء.
بسرعة: - نتكلم عن وزير الداخلية.
بحسم: - خلاص نتكلم عن وزير الثقافة.
استسلم رئيس الوزراء كمصارع سقط تحت جسد خصمه.
- بالنسبة لوزير الثقافة أنا رشحت ثلاثة أسماء.
في لهجة الناصح قال الرئيس هامسا في رقة أبوية: - اسمع كلامي.. العالم المثقفة دي محتاجة وزير حاسم حازم.. محتاجين راجل بجد.
أَمّن رئيس الوزراء علي كلامه، فلم يعر الرئيس اهتماما لموافقته.
- أنا مرشح لسيادتك اسما هنا لمثقف كبير.
- خرع.. ؟
بتردد وفقدان بوصلة التكهن: - هو سيادتك تؤمر بإيه؟
- في إيه. - في وزير الثقافة.
- مش فاهم.
- يعني عايزه سيادتك خرع.. ولا مش خرع..؟
- وهي تفرق؟
- الحقيقة....
ثم سكت كمن حط عليه الخرس، توقف الكلام في حلقه، لا راضي يطلع ولا راضي ينزل..
حل الرئيس الموقف بتدخله في الصمت: - طيب أنا ح أقولك حاجة إحنا نأجل الكلام في وزير الثقافة لحد ما نعرف إحنا عايزينه خرع.. ولا مش خرع..
أخذ رئيس الوزراء نفسه بالعافية أخيرا وبلع ريقه وانسحب ضيقه وعاد الرئيس ليتكلم.
- من الوزير التالي؟
- كما تري سعادتك.
في صخب وغضب وحماس قال الرئيس منفعلا: - نتكلم عن وزير الصحة؟
في أدب جم وهمس نم عن ارتجاج الأمر عليه سأل رئيس الوزراء.
- سيادتك عايزه إيه؟
- هوه مين؟
- وزير الصحة؟
- يعني ح أعوزه إيه!
- سيادتك يعني عايزه دكتور ولا مش دكتور.
شخط فيه الرئيس ونطر:
- أنت بتستهبل.. وزير الصحة عايزه دكتور ولا مش دكتور.. طبعا دكتور.
خلاص داخ رئيس الوزراء تماما وتمتم.
- طبعا طبعا.
لكن الرئيس عاد بظهره للوراء واضطجع.
- لكن والله فكرة وجيهة.. ليه ضروري وزير الصحة يبقي دكتور.. هوه يعني ح يكشف علي الشعب في مكتبه بالوزارة ولا ح يضرب حقن لوكلاء الوزارة والموظفين..
ثم انتفض الرئيس قبل أن يعطي لرئيس الوزراء فرصة في موافقته.
- لكن شوف أنا كل يوم قاعد أقرأ في الجرايد عن الإهمال في المستشفيات والناس إللي بتموت فيها.. اسمع هيه الناس فاكره إيه.. قال يعني عشان دخل مستشفي ميمتش، ليه يعني هوه شعب بيستهبل وعينه فارغة أنا عارف، فاكر إن مادام عندنا مستشفيات محدش يموت ليه يعني ناس معندهاش ريحة العقل ولا الدم. عشان كده أنا عايز وزير الصحة إللي جاي حتي لو كان كمسري يكتب علي مدخل كل مستشفي الآية الكريمة «كل نفس ذائقة الموت» أما نشوف بأه مين ح يعترض علي إرادة ربنا.
أخذ رئيس الوزراء يكتب هذه الملاحظات كأنه يدون الوحي ولما صمت الرئيس استسمحه رئيس الوزراء سائلا: - قلت إيه سيادتك في وزير الصحة؟
- فيه إيه؟
- عايزه سيادتك إيه؟
- خرع.. ولا مش خرع..؟
- لا يا أفندم دكتور ولا مش دكتور.
صمت الرئيس كثيرا وطويلا، تنهد ووضع كفا علي فخذه ثم ضرب بالأخري علي المكتب، ثم عاد بظهره للوراء، ثم حدق في السقف، ثم صرخ في وجهه: - إنت لم تشرب أي حاجة.
ضرب الجرس فأسرع السكرتير بالدخول، شتمه الرئيس.
- جاي تجري زي دكر البط ولم ترسل السفرجي بأي حاجة يشربها السيد رئيس الحكومة.
تراجع جسده وكلامه، وقال السكرتير:
- سيادتك كنت أمرت محدش يدخل عليكم الاجتماع ويقاطع سيادتك.
شاعرا بالمفاجأة:
- أنا قلت هذا الكلام؟
- نعم سيادة الرئيس.
سيادة الرئيس لم يعجبه الكلام فسأله: - ليه يعني محدش يدخل؟
- يمكن عشان أسرار التغيير الوزاري؟
قام الرئيس منتفضا في ثورة بلا ذرة مقدمات.
- أهوه يا سيدي، لا رئيس الحكومة طفح حاجة ولا إحنا عملنا التغيير الوزاري فين السفرجي بقي؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.