في قضية مقتل الشاب خالد سعيد التي روعت مصر كلها بسبب صورة وجه الضحية التي ظهرت ممزقة وأسنانه التي تكسرت وفكه الذي انخلع وملامحه التي تشوهت والدماء التي غطته..انتظر الناس تقرير الطب الشرعي الذي يضع الأمور في نصابها، ذلك أن وزارة الداخلية قالت إن لفافة بانجو ابتلعها خالد هي التي قتلته، بينما شهد من أبصروا الواقعة بأن التعذيب الشديد والضرب المتواصل هما من قتلا الشهيد بعد أن قام اثنان من المخبرين بضربه بوحشية منقطعة النظير ترتب عليها أن لفظ أنفاسه وهو بين أيديهما. أخيراً ظهر التقرير الذي انتظره الناس وأكد أن خالد سعيد مات ليس بسبب التعذيب الهمجي والضرب العنيف وإنما بسبب ابتلاعه لفافة من نبات البانجو أدت إلي اختناقه. كان ينبغي بعد ظهور التقرير أن يهدأ الناس ويطمئنوا إلي أن رجال الشرطة لم يقتلوا الشاب، وكان ينبغي أن يكذّبوا كل هذا العدد من الشهود الذين رأوا خالد يتم سحله وركله ولكمه حتي الموت، لكن شعب مصر الذي أدمن الافتراء علي السلطة لم يقنع بأن تقرير الطب الشرعي يقطع مثل الأخت «جهيزة» قول كل خطيب، ولم يقنع الشعب الظالم بأن شهود الجريمة كلهم كاذبون يستغلون ضعف ورقة حال الضابط والمخبرين ليرددوا بحقهم الأكاذيب والافتراءات وينسبون إليهم ارتكاب جريمة تقشعر لهولها الأبدان علي الرغم مما هو معروف عنهم من الحنان البالغ في التعامل مع المواطنين في منطقة سيدي جابر والمناطق المجاورة . أنا شخصياً أصدق تقرير الطب الشرعي وأعتقد بصحة كل ما جاء فيه خاصة الفقرة التي تقول «كما تبين وجود إصابات تتفق مع تقرير الطب الشرعي الأول ناتجة عن المصادمة بجسم صلب، ولا يوجد ما يمنع من جواز حدوثها نتيجة الضرب أثناء محاولة السيطرة علي المجني عليه»، هذه الفقرة واضحة تماماً ولا تقبل تشكيك المشككين الذين زعموا أن حكاية "أثناء محاولة السيطرة علي المجني عليه" لا تجوز في تقرير علمي لأنها تتعلق بالنوايا التي لا يعلمها إلا الله، وكان يجدر أن يصف التقرير الحالة دون أن يتطرق إلي الدوافع وراء ضرب القتيل حيث إنها لا تدخل في التقارير العلمية المحايدة..أقول إن المرددين لهذه الحجة لا يفهمون في الطب الحديث ولا خبرة لديهم في كتابة التقارير الطبية،مثلهم مثل من زعموا بأن الشاب لم يكن بحاجة إلي ابتلاع لفافة البانجو لو كان يوجد لفافة بانجو من الأساس حيث كان يكفيه أن يرميها.. وأزيد أيضاً بأن المشككين والمرجفين آن لهم أن يتوقفوا عن ترديد الكلام الفارغ بخصوص أسباب كسر فك القتيل وتكسير أسنانه، لأنني من واقع تجربة شخصية شهدتها في الأرجنتين عام 28 رأيت لفافة بانجو تكسر قدم صاحبها ثم تكسر ذراعه ثم تتحول وتأخذ في تكسير أسنانه الواحدة تلو الأخري قبل أن تضرب وجه الرجل في الرخام وتخلع فكه وبعد ذلك تتفرغ لجمجمته فتسحقها دون رحمة. حدث هذا أمام عيني، وأستطيع أن أشهد بأن ما حدث في بيونس أيرس من ثمانين سنة يمكن أن يتكرر في الإسكندرية اليوم..فلماذا ترديد الكلام الفارغ والافتراءات من قبل شهود الزور المجرمين في حق الناس الأبرياء؟