«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حدودنا مع ليبيا تاريخ حي يهدره الإرهاب

لماذا تنسى الدولة مدنها الحدودية؟ لماذا ننساها أمنيا ومجتمعيا بل وفنيا وأدبيا أيضا؟ ذاكرة البعض قد تلامس الحدود الشرقية، نظرا لأنها كانت تمثل منطقة الصراع الكبرى بين مصر وإسرائيل. مدن غزة ورفح والشيخ زويد داعبت الأذن والعين قريبا، مع الحملة الأمنية التى يشنها الجيش على الإرهاب.
عموم المصريين لم يكونوا قد سمعوا عن مدن حلايب وشلاتين، إلا بعد أزمة محاولات السودان لضمها إليها فى عهد مبارك، والأنباء التى تناقلت عن تنازل الإخوان عنها. الجانب الغربى ومدنه، يكاد يكون منسيا تماما، مع أنه البوابة الأشهر للتهريب.
ألف و50 كيلومترا هى طول الحدود بين مصر وليبيا، من الشمال عند البحر المتوسط، وإلى الجنوب حيث الحدود مع السودان. هذه الحدود لطالما مثلت صداعا فى رأس الدولة المصرية، لأنها تمثل حدودا مع دولة أصبحت بعد الثورة على نظام القذافى وانتشار الجماعات الإسلامية المسلحة فيها، مصدرة للإرهاب، ولعل حادثة وادى الفرافرة التى راح ضحيتها أكثر من عشرين جنديا شاهد على ذلك.
عصابات التهريب أيضا تستخدم هذه الحدود، وتجعلها معبرا لتجارتها. قوات حرس الحدود المصرية، وعلى الرغم من طول الحدود تحاول بقدر الاستطاعة فرض سيطرتها، فهل تنجح؟
البشر أقوى من الحدود والصحراء الشاسعة
تحمل الحدود المصرية فى غرب البلاد الممتدة مسافة 1115 كيلومترًا تاريخًا عميقًا يمتد آلاف السنين، كان طرفاه القبائل الليبية ومصر الفرعونية، وتبلورت آثار الحركة الدائبة على مدى أزمنة طويلة من الهجرة التى تفرضها الجغرافيا خلال عصر الانتقال الثالث، إذ تلاحمت العلاقات بين مصر والأقوام الليبية، مثل «التنحو» و«التمحو» و«الماشواش»، وتحديدًا فى عهد رمسيس الثانى ورمسيس الثالث، حين بدأ الليبيون يلعبون دورًا فى التاريخ المصرى، ثم تبع ذلك تسلُّل إلى البلاد بعد اضطراب الأحوال فى مصر بعد رمسيس الثالث وما تبع تدهور الدولة المصرية وقتها من إهمال للحدود الغربية، حتى إن الليبيين الذين كانوا قد تغلغلوا سلميًّا فى نسيج المجتمع أسسوا مع القادمين الجدد أُسرًا حاكمة داخل مصر، وقد لعب الليبيون فى مرحلة تالية دورًا مهمًّا فى مقاومة الاستعمار الفارسى حتى الاستقلال.
فى ما بعد أدَّى التداخل الطبيعى للحركة عبر حدود البلدين فى الحقبتين الوسيطة والحديثة إلى أن تنتشر القبائل، فتداخلت بين جانبى الحدود كل من قبائل أولاد علِى والجوازى والبراعصة والفوايد وأولاد فايد والهنادى والفرجان والبهجة والجميعات والجهمة والقطعان والجبالية والرماح والحبون والعمايم والحوتة وهوارة والحسون وأولاد سليمان وأولاد الشيخ، وغيرها من أبناء قبائل ليبيا، وهذه القبائل نزح بعض بطونها إلى مصر فى أوقات متفاوتة وظروف مختلفة، وقد شارك الليبيون الذين توطّنوا فى مصر فى صنع تاريخها الحديث، كعائلة الباسل -على سبيل المثال لا الحصر- وهى من قبيلة الرماح التى تُعرف أحيانًا ب«البراغيث»، إذ برز منها الأخوان حمد باشا الباسل وعبد الستار بك الباسل. فكان حمد باشا أحد مؤسسى حزب الوفد ومن قادته الكبار فى عهد سعد زغلول، ونفاه معه الاحتلال البريطانى، وكان يعتز دائمًا بلباسه البدوى «يُعرف وقتها بالزى المغربى»، حتى سمى عمدة قبيلة الرماح، أما عبد الستار بك فكان عضوًا بارزًا فى مجلس شيوخ المملكة المصرية وأحد رجال حزب الأحرار الدستوريين الكبار، وفى ما بعد انتخب المهندس أبو بكر محمد حمد الباسل عضوًا بمجلس الشعب ورئيسًا للجنة الزراعة به، ولآل الباسل تاريخ لا يحصى من المآثر فى مساعدة المهاجرين والمجاهدين الليبيين إبان الاحتلال الإيطالى لليبيا، إذ كانت بيوتهم ومزارعهم وعزبهم بما فيها قصرهم الشهير فى الفيوم ملاذًا لكل اللاجئين الليبيين، هكذا كانت الحال طوال التاريخ، واعتبارًا من سبعينيات القرن الماضى تمت انتقالات وهجرات مؤقتة ضخمة من العمالة المصرية إلى ليبيا قُدّرت فى بعض الأحيان بما يزيد على مليون فرد، ويشير بعض التقديرات إلى أن المصريين وصل عددهم قبل انفجار الأوضاع الداخلية أخيرًا إلى مليون ونصف المليون.
مدينة الحدود اليتيمة
الصحارى الشاسعة والجبال والكهوف والرمال الأكثر نعومة من الدقيق أو «بودرة التلك» على هيئة كثبان رملية تمتد طويلاً، وكل هذا هو البطل فى جغرافيا الحدود بين مصر وليبيا، حيث لا أثر للمدن على طول الحدود الممتدة من ساحل البحر الأبيض المتوسط شمالاً حتى السودان جنوبًا، وتكسر هذه القاعدة مدينة واحدة فقط هى مدينة السلوم، وهى المدينة الحدودية المصرية الصغيرة المتاخمة لليبيا، أو بالأحرى قرب حدود مصر الغربية مع ليبيا، وتقبع على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وقد اختار مَن أنشؤوا هذه المدينة فى الماضى البعيد هذا الموقع بذكاء، لأنها تحتل «خور» نحتته المياه، كما لو أن ريشة فنان مبدع رسمته فى قلب البحر، يحدها من الشرق الساحل الذى تطل المدينة منه على الخور ومن الشمال هضبة السلوم، ويقع بها منفذ السلوم البرى الحدودى مع الشقيقة ليبيا، وتبلغ مساحة المدينة 35 كم بخلاف ما يتبعها من بعض القرى الصغيرة، وقريتى بقبق وأبو زريبة، وتبعد قرابة 725 كيلومترًا عن القاهرة، وتتبع إداريًّا محافظة مرسى مطروح، وتبعد عنها 215 كيلومترًا، ويبلغ عدد سكانها 12000 نسمة تقريبًا، وتقطن بها أغلبية من قبائل أولاد علِى، وفى خلفيتها هضبة السلوم المطلة على خليج السلوم، ويشتغل أهلها بمهن الصيد والتجارة، لقربها من المنفذ، وكذا الخدمات السريعة للعابرين، ويتصف منظر المدينة من فوق الهضبة بجمال أخّاذ، وقد عبرها الملايين من المصريين والليبيين فى رحلة الإياب والذهاب، وتحديدًا أولئك الذين يمرون رسميًّا فى الانتقال بين البلدين، وكانت المدينة نقطة ارتكاز فى الخمسينيات من القرن الماضى للقوافل البرية المتحركة بالأسلحة والذخائر والمؤن التى تساند بها مصر جبهة التحرير الجزائرية فى حربها مع الاستعمار الفرنسى، ومن الطريف ما يتبقّى فى ذاكرة محبى السينما عن السلوم وقائع فيلم جميل هو «الإنسان يعيش مرة واحدة»، جرت أحداثه فى هذه المدينة فى سابقة لم تتكرر، وكانت بطولته لعادل إمام ويسرا.
روعة ظهير الحدود
ما بين خط الحدود المصرية-الليبية ونهر النيل، تقع صحراء مصر الغربية التى تبلغ مساحتها 681 ألف كيلومتر مربع، بما يساوى 86% من مساحة البلاد، وتأخذ شكلاً أقرب إلى المستطيل، وأهم ما تشتهر به الصحراء الغربية جبل العوينات ومنخفض القطارة، ومن الأماكن المميزة بها فى إطار الشهرة أيضًا الساحل الشمالى ومرسى مطروح والواحات الخارجة والداخلة والفرافرة التى شهدت اعتداءين آثمين على قوات حرس الحدود، لكن ما يخفى فى هذه الصحراء بعيدًا عن أعين الإعلام الغافل المستسهل فى قراءة تفاصيل هذه المساحة مترامية الأطراف واحات مهجورة كواحة الأرج التى تقع وسط الكثبان الرملية والتى تخفيها من الجنوب أجراف من الأحجار الجيرية الضخمة، وفى قلب هذه الواحة نبع عذب، وتزخر ببقايا أثرية من الأوانى الفخارية ومقبرتين فى الصخور تحملان النقش الفرعونى القديم لشكل ثعبان الكوبرا وقرص الشمس وأشكال من النباتات المنقوشة على الجدران والسلالم المؤدية إلى السقف، وفى الصحراء الغربية مناطق خلابة يندر أن يكون لها مثيل فى صحراوات العالم، حتى إننا -من المؤسف- لم نعرف روعة منطقة مثل الجلف الكبير إلا بعد أن شاهدنا الفيلم الأجنبى «المريض الإنجليزى»، ومن المخذى أنه بعد انبهارنا بهذه الطبيعة الخارقة عرفنا بعد السؤال أنها جزء من ترابنا الوطنى، وتقع هضبة الجلف الكبير على مسافة 2000 كم من القاهرة، كما تعتبر الصحراء البيضاء من أكثر الغرائب الصحراوية تميُّزًا، فقد نحتت الطبيعة الصخور هناك بفعل الرياح على شكل فطر عملاق أو بلورات معلقة، مما جعلتها إحدى نوادر الطبيعة على سطح الكرة الأرضية.
السلكاوى
عبر التاريخ الطويل الذى يُقاس بآلاف السنين، نحت الحراك الإنسانى والهجرات ممرات تغلبت بها إرادة البشر على الجغرافيا الصعبة وأنشأت الخبرات بالغريزة والخبرة طرقًا بريّة تناسب إمكانيات الانتقال عبر الصحراء القاحلة، إذ كانت هناك محطات تسمح بالتوقف للتزود بالماء والراحة فى ظل وسائل الانتقال البدائية التى كانت تعتمد على الدواب، لكن مع تغيُّر أدوات التحرُّك فى العصر الحديث انتهكت هذه الطرق، وعُصف بقيمة هذه الدروب ومعانيها التى صنعها بين الجبال أو الكثبان الرملية عبر الفيافى الشاسعة مترامية الأطراف تفاعل إنسانى خلاق، وتحوَّلت بعد الهجرات والتجارة وبناء الأنساب والمصاهرة إلى ممرات للتخريب وتهديد الأمن القومى، ويستخدم المخربون الذين استجدوا على هذه المدقات سيارات الدفع الرباعى وأجهزة ال«G.P.S» ووسائل الاتصال عبر الأقمار الصناعية، لتنفيذ أعمالهم الإجرامية، لقد كان أقصى انتهاك لهذه الطرق والمدقات التاريخية النبيلة حتى وقت قريب يتمثّل فى دخول بعض أفراد العمالة إلى ليبيا دون تأشيرة أو تهريب بعض البضائع، وفى أسوأ الأحوال المخدرات، وبالأخص الحشيش، وكان يطلق على مَن يتّبع هذا الأسلوب فى التحرك بين البلدين «السلكاوى»، لكن «سلكاوية» هذه الأيام المدججين بالأسلحة الثقيلة (المتوسطة بالتعريف العسكرى) ووسائل التحرُّك والاتصال التى أُشير إليها هم عتاة الإرهاب والإجرام، كل منهما على حدة أو بتعاونهما معًا، ويعمل هؤلاء السلكاويون الجدد على مساعدة الإرهابيين على التسلل إلى داخل البلاد بعد أن سُدّت عليهم المنافذ الشرقية فى سيناء وتهريب السلاح بعد أن انفجرت بالوعته الرهيبة فى ليبيا وتهريب أسوأ أنواع المخدرات المخلَّقة المخرِّبة للعقول والصحة.
السلوم.. 30 سنة من التجاهل والتهميش
حياة بدائية تخلو من التحضر والمدنية تحف بها المخاطر ويكتنفها مستقبل غير معلوم وسط تجاهل وتهميش من الدولة المصرية على مدى العقود الثلاثة الماضية، تلك هى حياة أبناء مدينة السلوم الحدودية آخر المدن الفاصلة بين الأراضى المصرية وجارتها الليبية رغم امتلاكها جميع المقومات الطبيعية والسياحية التى من الممكن أن تجعلها فى مصاف أولى المدن السياحية فى العالم.
«تجاهلتنا الحكومات المتعاقبة على مدى ثلاثين عاما خلت فيها خطط الدولة من تطوير مدينة السلوم فأصبحت المدينة تعيش حياة القرون الوسطى وسط تدنى الخدمات الصحية رغم وجود مستشفى السلوم المركزى الذى لا يعدو فى تجهيزاته مستوصفا، وحرمت المدينة من أقل حقوق المواطن العادى فى الحصول على مياه الشرب ورغيف العيش، وأصبح التعليم بالمدينة مؤسسة عقابية للمعلمين المستبعدين من المحافظة»، هكذا قال الحاج بشير عبد الله دجنون أحد أبناء السلوم.
بشير أضاف أن الشباب محرومون من الحصول على فرصة عمل تتيح لهم توفير قوتهم اليومى وسط انعدام أى مشاريع أو مصانع أو مزارع بالمدينة، فلم تترك لهم الدولة المصرية إلا بابا واحدا ليقتاتوا عيشهم، وهو العمل على نقل البضائع من وإلى ليبيا أو تهريبها فى مقابل مبالغ زهيدة قد يدفع فيها الشاب حياته وحريته، ومنذ زوال عهد الإخوان ونحن ننتظر أن يتبدل الحال خصوصا مع قدوم محافظ مطروح الحالى اللواء بدر طنطاوى، والذى قرر قيام لجان شبابية بكل مركز ومدينة يتم اختيارهم بعناية من الشباب الواعى المدرك لمشكلات مدينته والقادر على طرح حلول من شأنها إصلاح حال المحافظة على أن تتولى المحافظة العمل على تنفيذ خطط ومقترحات اللجان الشبابية على أرض الواقع إلا أن هذا القرار لم يعد كونه حبرا على ورق وفرقعة إعلامية، وإلى الآن لم يتم تفعيل أى من هذه اللجان فما الفرق بين عهد مبارك ومرسى والمؤقت؟
منفذ السلوم.. بوابة أرق للمصريين
منفذ السلوم البرى ذلك المعبر الذى شهد كثيرًا من آلام المصريين فى رحلة البحث عن فرصة عمل تبدأ بخطوة واحدة إلى الأمام داخل الأراضى الليبية، أكثر مما شهد لحظات الفرح التى اعتلت وجوه الإخوة الليبيين، حينما كان لهم هذا المنفذ بمثابة بوابة النجاة والحياة من جحيم نظام القذافى البائد، فى أعقاب اندلاع الثورة الليبية فى فبراير 2011م.
كما شهد أيضا الكثير من الأحداث التى مرت عليه لدرجة أن عددا كبيرًا من الجنسيات المختلفة تعدت الخمسين جنسية، قد وطأت أقدامها أرضه، حينما كان هذا المنفذ هو البوابة الوحيدة والنافذة الأقراب لنقل أحداث الثورة الليبية منذ بدايتها، وحينما نقول إن الأرض تحب من عليها، فإن هذه المقولة تتأرجح بعض الشىء عندما نذكر منفذ السلوم، والذى يعد لأهالى السلوم تارة المنفذ الوحيد لشريان الحياة حينما يسمح لهم بالعبور للأراضى الليبية للحصول على أرزاقهم من خلال تجارة الترانزيت، التى لا يعرفون منها إلا هذه البوابة، وتارة أخرى يكون هذا المنفذ هو حقنة الموت الأخيرة التى تودى بحياة من يعبره ولكن بطريقة غير شرعية، فيكون مصيره بإحدى طريقتين، الأولى الألغام والتى نجحت قوات الاستعمار الإيطالية والألمانية فى زرعها عند احتلالها لدولة ليبيا، أو يلقى مصرعه بإحدى رصاصات حرس الحدود الليبى لتوغلهم داخل أراضيهم بطريقة غير شرعية.
أرواح كثيرين من المصريين تحوم فوق هذا المنفذ، طالما فقد الكثير منهم حياته بسبب عبوره للمنفذ بطرق غير شرعية بحثًا عن الرزق، ولطالما استوقف جنوده المارين من على هذا المنفذ لساعات طويلة من أجل التحقق من هوياتهم وتأشيرات عبورهم للبحث عن العمل، ومن ناحية أخرى يقف كثير من الأسر الليبية لعدة ساعات فى انتظار دخول الأراضى المصرية، فى محاولة للهروب من جحيم الميليشيات المسلحة والفصائل والجماعات الجهادية التكفيرية التى تنتشر فى مناطق متفرقة من ليبيا.
إغلاق المنفذ.. موت للأهالى
على أى حال فإن هذا المنفذ المصرى الذى يقع غرب آخر مدينة حدودية مصرية «السلوم»، ويعد نقطة التقاء على الحدود المصرية الليبية، والتى شهدت كثيرا من الأحداث التاريخية ومرور عدد من العظماء والمشاهير على هذا المنفذ، وما زال يمثل كثيرا من الأرق والمتاعب أكثر مما يمثل بوابة للأمل والتبادل التجارى، وكثير من أهالى السلوم يعلمون جيدًا أن الصباح بهذا المنفذ من الممكن أن يختلف تمامًا عن المساء، بسبب تغير القرارات الليبية التى تتغير بين ضحية وعشاها، حينما تقرر السلطات الليبية بمنع دخول المصريين عبر الطريق البرى، وبعدها تتحول القرارات بعد المساعى الأمنية والشعبية والدبلوماسية، ويتم دخول العمالة إلى الأراضى الليبية بشروط، ولعل آخر هذه القرارات ما يتم تطبيقه الآن بعد حذر دخول المصريين الأراضى الليبية عبر منفذ السلوم، هذا القرار الذى أصبح نافذًا منتصف يناير 2014، وتوجيه العمالة المصرية إلى النقل الجوى، وبالتالى اتخذت السلطات المصرية قرارًا بالمعاملة بالمثل، ومنع الليبيين من دخول مصر برا مع السماح لهم بالدخول جوا. ما زالت أرواح وأفئدة الكثير من الجنسيات المصرية وغير المصرية والليبية، معلقه بأبواب هذا المنفذ، حيث يستقبل المنفذ بصورة دورية عديد من جثامين المصريين الذين يلقون حتفهم بالأراضى الليبية، ويتم نقلهم لتشيعهم إلى مثواهم الأخير فى قراهم فى دلتا وصعيد مصر.
ويعد المنفذ هو الأمل الأخير الذى يتوق إليه قيادات الجماعة الإرهابية والجماعات الجهادية والتكفيرية وأعضاء تنظيم القاعدة، للفرار من الملاحقة الأمنية بمصر والتوجه إلى الأراضى الليبية.
بلطجة وتهريب واشتباكات
وصباح كل يوم يشهد المنفذ عددًا من شباب المدينة، يمارسون جميع أنواع البلطجة من أجل عبور الحدود المصرية الليبية، كما يتسببون فى إحداث المشكلات مع قوات الأمن المكلفة بتأمين المنفذ من الشرطة والجيش، ويشهد المنفذ مافيا تهريب البشر وسماسرة الجوازات، الذين يلقون بشباكهم على فريستهم من الشباب الراغب فى السفر للبحث عن فرصة عمل بالأراضى الليبية ويعجزون عن اجتياز المنفذ بطريقة شرعية، وقد يلجأ هؤلاء البلطجية إلى سرقة أختام الجوازات ليستخدموها فى ختم الجوازات للمهاجرين غير الشرعيين.
ويشهد المنفذ عمليات تهريب منظم بكل أنواعه، من السلاح الذى يسعى المهربون لإدخاله مفككا داخل مخازن سرية بالسيارات أو داخل سخانات المياه، فضلًا عن الملابس والأقمشة والسجائر الصينية الصنع وغير المطابقة للمواصفات والمكياج وأنواع عديدة من المخدرات، وتهريب للعملات الليبية والأجنبية، وكل نوع من هذه المنتجات له طريقة تهريب مختلفة.
فى التأمين.. السلوم أسهل من سيوة
وتعد واحة سيوة نقطة حدودية مهمة للوضع الأمنى المصرى، فيقول الشيخ عمر راجح، شيخ قبيلة أولاد موسى، إن المهربين والمتسللين يسلكون طريق بهى الدين الذى يبعد عن مدينة سيوة بنحو 30 كيلومترا، وإنه لا يمكن أن ينكر عاقل مدى خطورة وتأثير الأوضاع فى ليبيا على أمن مصر، وهناك بالفعل جماعات مسلحة متشددة فى ليبيا لا تريد الخير لمصر، وأما عن تأمين الحدود مع ليبيا فأكد أن الحدود بالنسبة إلى السلوم أسهل فى تأمينها من سيوة، ويضيف «نحن نرتبط مع ليبيا فى حدود مشتركة من سيوة إلى واحة جغبوب الليبية بفاصل من الرمال المتحركة دأب المهربون على ارتياد تلك الطرق فى التهريب ورغم الدوريات المسلحة من القوات فإننا نطالب بتكثيف أكبر من تلك الدوريات وتمشيط أكبر للمنطقة»، ورغم انحسار عمليات التهريب خصوصا السلاح وتحول المهربين إلى تهريب السجائر فإنه يجب القضاء على تلك الطرق غير الشرعية التى تنقل المهاجرين غير الشرعيين من وإلى ليبيا، لأنها من الممكن أن تكون من أسباب تهريب العناصر المتشددة التى تريد الإضرار بمصر فى تلك الفترة الصعبة.
سيوة.. واحة الأساطير والإسكندر ومقبرة جنود قمبيز
قوات حرس الحدود أحبطت فى سيوة محاولة هروب صفوت حجازى وعدد من قيادات الإخوان
مدينة سيوة.. واحة فى الصحراء الغربية المصرية، وتبعد نحو 304 كيلومترات عن ساحل البحر المتوسط إلى الجنوب الغربى من مدينة مرسى مطروح، وتبعد عن الحدود الليبية بنحو 100 كيلومتر، وتتبعها إداريًّا وتقع بها منطقة «شالى» القديمة التى بها قلعة أثرية ومعبد فرعونى، كما تُعد إحدى المحميات الطبيعية فى مصر، ويتبعها عدد من القرى أهمها مشندت والمراقى وأغورمى، وقد زارها الإسكندر المقدونى عام 331 قبل الميلاد، وزار معبد التنبؤات بمعبد آمون، ومنحه الكهنة المصريون لقب «ابن آمون»، ويعود أصل سكانها إلى قبائل الأمازيغ التى تقطن الجزء الأوسط من الصحراء الكبرى بجنوب الجزائر وليبيا، ويعتمد سكانها الذين يبلغ عددهم 30 ألف نسمة ويعملون فى الزراعة بأشجار النخيل والزيتون وجزء يعمل بالسياحة والتجارة وسياحة السفارى والعلاجية على وجه الخصوص.
وتعد واحة سيوة نقطة حدودية مهمة بالنسبة إلى الوضع الأمنى المصرى، إذ تقع بالقرب من الحدود المصرية-الليبية قبالة واحتَى الجغبوب والكفرة، وتعد سيوة أحد القطاعات الثلاثة فى الحدود الغربية مع ليبيا، إذ يبدأ هذا النطاق من الكيلو 65 شمال مدينة سيوة وحتى حدودها الإدارية الجنوبية مع محافظة الوادى الجديد.

ممر الهجرات غير الشرعية
وتعتبر سيوة ثانية المناطق الحدودية بمحافظة مطروح بعد السلوم، إذ تشهد سيوة هجرات غير شرعية وعمليات تهريب أسلحة وسجائر مسرطنة والخمور، وفى بعض الأحيان لتهريب الحيوانات النادرة، مثل السلاحف البرية. ويسلك المهربون والمتسللون الدروب والمدقات المنتشرة غربى سيوة، مرورًا بقرية بهى الدين التى تبعد عن سيوة المدينة نحو 30 كيلومترًا غربًا، ويتمكَّن المهربون والمتسللون من اجتياز هذه القرية بواسطة أدلّاء وسماسرة ينقلونهم من القرية إلى خارج حدودها الصحراوية، ومنها إلى المسالك ببحر الرمال والكثبان الرملية، حتى دخول الأراضى الليبية والتى تبعد عن سيوة بأقل من 100 كيلومتر ناحية الغرب. هذا القطاع الاستراتيجى على الحدود مع ليبيا، تقوم قوة من عناصر حرس الحدود بتأمينه وتشديد الرقابة الأمنية على مداخل ومخارج المدينة عامة وبهى الدين خاصة، كما توجد نقاط تتبع حرس الحدود على الطريق من مرسى مطروح وسيوة بطول 300 كيلومتر، ويوجد به نحو 3 نقاط، وقد تمكَّن كمين بير النص من القبض على القيادى الإخوانى صفوت حجازى، وغيره من العناصر الإخوانية الخطرة التى كانت فى طريقها إلى سيوة لتسلل الحدود مع ليبيا وهروبها من الأحكام القضائية الصادرة بشأنها فى وقائع تعذيب ضابط رابعة العدوية، كما أحبطت هذه القوات كثيرًا من موجات الهجرات غير الشرعية عبر قرية بهى الدين القريبة من الحدود الليبية. خلال الأشهر القلية الماضية قامت مجموعة من المهربين بإشعال النيران فى زراعات النخيل والزيتون الخاصة بأهالى «بهى الدين» وقرية مشندت، لاعتراضهم على مرورهم عبر أراضيهم واستخدامها فى تهريب الأسلحة والبضائع غير خالصة الرسوم الجمركية، وتسهيل مرور المهاجرين غير الشرعيين من أبناء محافظات الصعيد وتوصيلهم إلى الجانب الليبى.
وقد انحسرت عمليات تهريب السلاح وتحول المهربين إلى تهريب السجائر الأجنبية المسرطنة مجهولة المصدر، كما قلَّت أيضًا حركة المتسللين من المهاجرين غير الشرعيين من وإلى ليبيا، بسبب التشديدات الأمنية على طريق مطروح-سيوة الصحراوى.
كاميرات السينما المصرية بعيدة عن الحدود الغربية
من النادر جدًّا ذهاب كاميرات السينما إلى المحافظات الحدودية، خصوصًا تلك المدن القريبة من الحدود الليبية، رغم أن محافظة مرسى مطروح ومدن مثل السلوم والعلمين وسيدى برانى، شهدت أحداثًا تاريخية مهمة، ويعيش فيها جزء من المجتمع المصرى يعبر الحدود ويتنقل فى المدن الليبية، إلا أن السينما والدراما عمومًا كانت بعيدة عن هذا المكان متقوقعة داخل مدن الدلتا والصعيد، ومنذ تغنَّت ليلى مراد بحب الميّه والهوا وهى جالسة على صخرة على شاطئ مرسى مطروح فى فيلم «شاطئ الغرام» لم ترَ السينما فى هذا المكان إلا الصورة السياحية الجميلة لشاطئ هادئ يطل على مياه البحر الفيروزية النقيّة تحيطه الصحراء والجبال، مرات قليلة للغاية التى اختارت فيها كاميرا السينما مدن الغرب المصرية مسرحًا لأحداثها، مدينة السلوم كانت المكان الذى انتقل إليه المُدرس هانى (عادل إمام) عقابًا له فى فيلم «الإنسان يعيش مرة واحدة» للمخرج سيمون صالح، ظهرت السلوم فى الفيلم الذى كتبه وحيد حامد كمنفى، حيث نرى شخصياته الرئيسية غريبة عن المكان، هاربة من حياتها فى مدن كبيرة فى الدلتا، الطبيبة (يسرا) انتقلت هناك بعد صدمة مصرع خطيبها، وبواب المدرسة الصعيدى الطيب (علِى الشريف) لجأ إلى هذا المكان البعيد هربًا من الثأر، وفى إحدى واحات الغرب يهرب حسن (كريم عبد العزيز) وسلمى (منى زكى)، للاختباء من ضابط شرطة لفَّق لهما تهمة قتل فى فيلم المغامرات الكوميدى (أبو علِى)، ويلجأ العروسان (حسن يوسف) و(ناهد الشريف) إلى العلمين لقضاء شهر العسل هربًا من أهلهما بعد زواجهما رغمًا عنهما فى الفيلم الكوميدى (شهر عسل بدون إزعاج)، والعلمين واحدة من أهم المدن المصرية التى دارت على أرضها أهم معركة بين جيوش المحور بقيادة روميل وجيوش الحلفاء بقيادة مونتجمرى، وانهزم فيها روميل، وهناك عشرات من الأفلام الروائية والوثائقية العالمية التى تناولت هذه المعارك التى دارت فى هذه المدينة الصغيرة، فى حين لا يوجد فيلم مصرى قدَّم هذه المعارك من وجهة نظر مصرية، رغم ذلك العلمين مسرح أحداث بعض الأفلام، منها فيلم الأكشن والإثارة (الأشرار) للمخرج حسام الدين مصطفى، وبطولة رشدى أباظة وعادل أدهم، وكان آخر أعمال عبد العليم خطاب مخرجًا عام 1965 فيلمًا بعنوان (العلمين) عن قصة لسنية قراعة، ويروى الفيلم قصة حب بدوية دارت أحداثها بين شاب وفتاة من قبيلتين متصارعتين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.