فيه ناس كتير قوي نفسها يبقي ليها أي دعوة من قريب أو من بعيد بالفن، وصلت لمرحلة بقيت حاسس فيها من كتر ما باشوفه إن الناس نوعين، نوع عايز يبقي فنان، ونوع عرف يقتل جواه الرغبة في إنه يكون فنان، عمري ما شفت مثلا محاسب وبيندم إنه مطلعش محامي، أو مهندس ندم إنه ماطلعش دكتور، بس لو فتشت في معظم الناس هتلاقيهم في يوم من الأيام كان نفسهم يكتبوا، يخرجوا، يمثلوا، يغنوا يلحنوا أو حتي يطلعوا لعيبة كورة. في منهم ناس تنازلت عن الحلم ده لسبب إنهم حسوا إن الموضوع صعب، أو لأن هناك فرصاً جاهزة ثانية أغرتهم، أو لأن خوف الفنان من قدرته علي الإبداع غلبتهم، وفي منهم ناس كتير علقوا الموضوع علي شماعة إن ماعندهمش وسايط ومش ولاد مشاهير وإن ماتوفرلهمش الحظ أو الفرص الملائمة. ناس تانية لسه بتحاول، وكل واحد بيحاول بطريقته، في ناس بتحاول «تصقل موهبتها بالدراسة» ودخلت معاهد وجامعات، في ناس ذاكرت مع نفسها، في ناس قعدت تجرب وتتعلم من غلطها، وفي ناس تانية بتحاول تتعرف علي أي حد يساعدها، وفي ناس تانية خدت الموضوع للتطرف وبقوا بيلاحقوا أي حد هم فاكرين إنه يقدر يحققلهم أحلامهم. المشكلة الحقيقية في الناس الأخيرة، إنهم بيحلموا بفرصة تجيلهم من العدم، كل الكتاب والمخرجين والمغنيين والملحنيين وأي حد ربنا كرمه وإتشهر بشكل أو بآخر بيلاحقه كل يوم عشرات الألوف من المواهب الشابة اللي نفسها موهبتها يشوفها الناس وتطلع للنور. وطبعا مهما كان الفنان نفسه يساعد مش هيقدر يساعد الناس دي كلها، ويبقي خير قوي لو قدر يساعد واحد أو اثنين. والحقيقة المطلقة النهاردة، إنك مش محتاج حد يساعدك، مش محتاج تليفون شخص مشهور نمره شبه بعض عشان تحقق حلمك، مش محتاج قريبك يبقي حد واصل، وكل ده... آسف إني أقولك... بقت حجج فارغة. أنا شايف، إنك لو عايز تنجح بجد، وتوصل فنك للناس، محتاج حاجات تانية خالص، ودية نصيحة مش بس تحطها حلقة في ودنك، تحطها وشم علي وشك عشان تفتكر كل ما تيجي تلوم الظروف إن السبب في عدم نجاحك هو إنت. النهاردة بقي عندنا اختراع رهيب اسمه النت، بقي عندك كمبيوتر فيه كاميرا ومايكروفون، ودول لوحدهم كفلاء بأنهم يوصلوك للناس. نفسك تبقي مخرج؟ فيه كاميرات النهاردة برخص التراب لو هتشتريها وأرخص بكثير من التراب لو هتأجرها، وببلاش لو هتستلفها، تقدر تورينا إبداعك، اعمل فيلم في أوضتك، طلع فكرة عبقرية تصور فيها الكلب اللي تحت بيتكم، اعمل فيلم قصير، اعمله مونتاج علي اللاب توب، ماعندكش لاب توب، كمبيوتر أخوك الكبير، هتقولي ما بعرفش أعمل مونتاج، هقولك غلطتك، خش علي النت، إتعلم، اتعلم إنجليزي لو مش لاقي حاجات تعلمك بالعربي، نزل الكتب والبرنامج من علي النت، اتعلمه. لو مغني، غني قدام الويب كام، حط الأغنية علي اليوتيوب، لو مذيع، اعمل فيديو بلوج، افتح الويب كام، ورينا قدراتك في تعليقك علي الأحداث، لو كاتب اعمل بلوج، وهكذا. لو محتاج حد يساعدك، اطلب من إخواتك وأصحابك. كلامي يبان رومانسي، هتقولي مش سهل، هقولك لو عايز حلول سهلة تبقي كسلان وعضمك هش وعزيمتك رخوة، مافيش حاجة سهلة، هتعمل في الأول منتجات زبالة، والناس ممكن تتريق عليك، وماله، إتعلم من ده، وجرب ثاني وثالث وعاشر، ولو عجبت الناس، الناس هتحبك وهيزيدوا، وساعتها المنتجين هم اللي هيجروا وراك. في مخرج ما في أمريكا، المخرج ده ماكنش معاه فلوس، راح اتبرع بالدم مقابل فلوس، واتبرع بالمني، واستلف من البنوك وعمل فيلمه الأول اللي كان زفت بس حطوا علي الساحة وبعدها بست سنين كان بيعمل فيلم لجورج كلوني اسمه الملوك الثلاثة، المخرج اسمه (دايفيد أو راسل). مخرج تاني، عمل فيلم بدون ميزانية خالص، مجهودات ذاتية، دخله مهرجان عجب بعض النقاد، خد جايزة ع الجنب، طلع ع المسرح قال «تبرعوا لفيلمي الجاي» لم مليون دولار، عندهم مليون دولار ده في عالم السينما تجيب شوية خيار وزتون، فاشتغل علي الفكرة وعمل سيناريو عبقري اسمه ميمينتو، بعدها بعشر سنين كان بيعمل بطل الظلام بتاع باتمان ميزانيته 300 مليون دولار وبقي أغلي مخرج في العالم واسمه كريستوفر نولان. مخرج دمه خفيف، عمل فيلم تكلفته 17 ألف دولار في السوبر ماركت اللي شغال فيه والأبطال كانوا زمايله، ودخله كام مهرجان عجب شوية ناس، دلوقتي أشهر مخرج أفلام كوميدي في العالم تقريبا واسمه كيفين سميث. مخرج تاني عمل فيلم تكلفته 100 دولار، فيلم قصير، بكاميرته الخاصة، واتعلم شوية خدع وحط الفيديو علي اليوتيوب، بعد كام يوم عمل أكتر من ثلاثة مليون مشاهدة، قام (سام رايمي) واحد من أشهر مخرجي ومنتجي هوليوود جابه من بلده الفقيرة وهينتجله فيلم أمريكي. دلوقتي أكثر من 80% من المغنيين بيغنوا بعد نجاح فيديوهاتهم علي يوتيوب وماي سبيس، منهم ريهانا مثلا، وساندي توم، وكذا حد تاني. هتقولي الكلام ده برا، ماعدش في برا وجوه دلوقتي، وع العموم هجبلك أمثلة من جوه. شوية شباب، عملوا أربع أفلام بكاميرا فيديو، وعملولهم المونتاج علي كمبيوتر بيت وساعات بجهازين فيديو موصلنهم ببعض، بدون ما يصرفوا نكلة، الفيلم الرابع بتاعهم كان حلو (رجال لا تعرف المستحيل)، الناس نشرته، دلوقتي، بعدها بست سنين، بيعملوا تاني فيلم سينما بطولتهم وكتابتهم وبيكتبوا أفلام نجوم الصف الأول للكوميديا (أحمد حلمي، أحمد مكي، محمد سعد). المنتجين جولهم بعد نجاحهم مش قبله، الناس دي أبدعت الأول، نجحوا ثانيا، جاتلهم الفرصة ثالثا، مش العكس. أغنية أبو الليف (كينج كونج) نجاحها علي الفيس بوك هو اللي جرأ المنتجين يوزعوله، ويعملوله فيديو دلوقتي، بعد ما كان الألبوم مبني علي المجهودات الفردية. أنا نفسي، عملت أربع أفلام قصيرة بدون ميزانيات تذكر، وكنت بلف بسي دي عليه شغلي وأديه للناس في الشارع، لحد ما شوية ناس عجبها شغلي اللي كان ساعتها زبالة، وبدأوا يساعدوني لتعاطفهم مع المجهود أكثر من إعجابهم بالجودة الفنية، ولما جم يساعدوني كان عندي أفكار وساعات سيناريوهات جاهزة كمان، لحد ما عملت فيلم سينما بدون ما أكون متخرج من معهد أو ساعدت مخرجين قبل كده، الحمد لله. الموضوع ممكن يكون فيه توفيق كبير من ربنا، توافر بعض الحظ والوجود في ظروف ملائمة، بس من الآخر، عايز تنجح، طور فنك، إعرضهولي ببلاش، لما يكون فنك حلو بجد هيتنشر لوحده كالنار في الهشيم، شهرتك مع الناس هتجيبلك المنتجين النهاردة، ده بقي الترتيب الجديد، ودي أنا شايفها حاجة عادلة، اللي هينجح مع الناس هيطير، وساعتها هتجيلك الفرصة، وساعتها لازم تكون مستعدلها، ذاكرت قبلها كتير، جربت كتير، فهمت قدراتك فين وإزاي تواجهها. سيبك بقي من جو «أنا ماليش واسطة» و«أنا ماحدش معبرني» و«أنا بكلم المشاهير مش بيردوا عليا» و«أنا حظي وحش» وماتستناش الفرج، إصنعه.