«فؤش فى المعسكر»، عندما رأيت برومو البرنامج لأول مرة قبل رمضان، وقبل أن تبدأ إذاعته بالفعل وقبل أن نطالع كل هذا السخف والسماجة والإستظراف الفج والإنتاج الضخم الذى على الرغم من ضخامته طالع رخيص، دار فى عقلى هذا السيناريو للبرنامج.. تصورت أن «محمد فؤاد» يمثل فى البرنامج شخصيته الحقيقية كنجم غناء وتمثيل يكتشف أن لديه مشكلة فى طريقة تفكيره وفى طريقة اختياره للأعمال الفنية التى شارك فيها مؤخرًا، هذا بالإضافة إلى ترك نفسه للأكل والبيتزا، وهو ما لا يستقيم مع السلوك الغذائى لنجم ينبغى أن يطل على جمهوره بدون كرش، وبدون كتمة صوت ناتجة عن تراكم البيتزات فوق بعضها البعض فى منطقة ما قبل الحجاب الحاجز. المهم، هيَّأ لى خيالى المريض أن البرنامج ينتمى إلى نوعية برامج تليفزيون الواقع، وأن محمد فؤاد قرر خوض التجربة وضرب القدوة والمَثَل، وإعادة تأهيل نفسه، عن طريق اشتراكه فى معسكر رياضى، والإلتزام بطريقة حياه خاصة، وبسلوك غذائى مدروس، وكل يوم يستضيف نجم أو نجمة يشترك معه فى حياة المعسكر. وفى نهاية البرنامج نشاهد محمد فؤاد الجديد بقوامه الرياضى وحياته الجديدة ونَفَسُه الذى أصبح مفتوحًا بدلاً من تلك الكتمة التى أصبحت معها الكلمات تخرج من حجابه الحاجز بصعوبة متأثرة بطبقات البيتزا المتراكمة فوقه. ومرت الأيام وبدأ عرض البرنامج لنكتشف أنه ينتمى إلى نوعية برامج «التليفزيون الواقع»، وليس «تليفزيون الواقع»، وأصبحت كلما استمع إلى جملة «أضخم إنتاج فى الوطن العربى» التى يقولونها مع برومو البرنامج أتيقن أكثر من أن الضخامة فى الإنتاج ليست مرادفة للغلوّ، وأنها كثيرًا ما تكون مرادفة للرُخص، كما هو الحال مع البرنامج الذى يمكنه الحصول وهو مستريح على جائزة البرنامج الأرخم والأسخف والأبوخ والأسمج وكل ما يمت للسُخف والخنقة من مترادفات لغوية. المشكلة الحقيقية فى البرنامج أن هناك من خدع ذلك الكائن الفؤش الغريب وأقنعه أنه دمه خفيف، وأنه يمكنه أن يتقمص شخصية رامز جلال اللى ماشيه معاه زى الفل حتى أن البعض يتوقع أن تكون خدعته فى رمضان القادم أن يقتل ضيوفه بالفعل ثم يطلعلهم فى الآخرة مخبرًا إياهم أنه كان بيهزر، هذا الشخص الذى يكره محمد فؤاد والذى اقترح عليه فكرة ذلك البرنامج السخيف نجح فى مسعاه وفى الحصول على النحتاية وتدبيس فؤاد مع جمهوره وتحويله إلى فؤش «إسمًا وصفةً» بعد أن كان فؤش بالنسبة لفؤاد مجرد «إسم» شهرة لا يحتوى بداخله على أى دلالات أو إيحاءات فؤشوية. المشكلة أن رامز جلال يشبه برامجه بالفعل، لايق عليها ولايقة عليه، فهو رخم وبيعمل برامج بيرخم فيها على الناس، إذن رِخِم وبيرخم، منطقى تماماً، أما ذلك الكائن الفؤش فليست عنده تلك المَلَكَة من الرخامة الطبيعية والنَزَق اللذان منحهما الله لرامز جلال بدون حساب، لهذا لن تعرف بالظبط هو بيعمل إيه فى البرنامج، كما أنك لن تعرف بالظبط من الذى أقنعه أنه دمه خفيف أو أن أى حد مصدق أن البرنامج معمول بجد وليس تمثيل فى تمثيل؟ أليس هناك من صديق مخلص لذلك الفؤش يجلس بجانبه ويطبطب على كتافه ويهدئ من روعه وهو يخبره بالحقيقة المُرة كاملة: «إنت دمك تقيل وما حدش طايق البرنامج، والموضوع رخيص ومهروش إن كله تمثيل فى تمثيل، دى الحقيقة يا صاحبى». يا جدعان انحتوا بمزاجكو، ما حدش قالكو ما تنحتوش، بس انحتوا نحت غالى، نحت يتشاف، مش نحت رخيص وصلت درجة رخصه إلى أنه كلما إستمع إلى تلك الجملة الخنيقة المصاحبة لبرومو البرنامج الخنيق «الإنتاج الأضخم فى الوطن العربى» سمعها «الإنتاج الأرخم فى الوطن العربى».