هي ليست المرة الأولي التي يشارك فيها بهاء طاهر في مهرجان أدبي عالمي، وهي ليست المرة الأولي أيضاً التي يحاول فيها بهاء طاهر المساهمة في تعريف الآخر بأحقية الشعب الفلسطيني في العيش آمنا علي أرضه.. لكنها المرة الأولي التي يعود فيها بهاء طاهر من تظاهرة ثقافية متحمساً بهذا الشكل للحديث عن وقائع لمسها؛ فقد تزامن وجود بهاء طاهر في مهرجان براغ الأدبي الذي أقيم في الفترة ما بين الخامس وحتي الحادي عشر من هذا الشهر في تشيكيا مع الاعتداءات الإسرائيلية علي أسطول الحرية، وقتها سألوا بهاء طاهر باعتباره عربياً: «إنتوا إزاي عايزين تاخدوا أرض إسرائيل؟»، السؤال كان طبيعياً جداً وسط عاصمة مليئة بالنفوذ الصهيوني بحسب ما يصف بهاء طاهر، لذا كان إنجازاً أن يحصل بهاء طاهر علي توقيع خمسة عشر من المشاركين في المهرجان علي بيان يدين الاعتداءات الإسرائيلية ويدعو لحياة أكثر عدالة للفلسطينيين، يقول بهاء طاهر:" قلت في أول ندوة للمهرجان:" بما أن المؤتمر عن حرية التعبير فسأعطي لنفسي الحرية، وأتحدث عن الاعتداء علي سفن مدنية من قبل قوات مسلحة، وقلت إنني سأصدر بياناً يوقع عليه من يرد من الحاضرين في المؤتمر من الكتَّاب أو الأصدقاء أو الجمهور نطالب فيه برفع الحصار عن غزة وحل القضية علي أساس قيام دولتين تتمتعان بالسيادة والاستقلال وعلي أساس السيادة الكاملة للكل». وبالفعل كتبت بياناً باللغة الإنجليزية، وتمت ترجمته للفرنسية وتركته في السكرتارية الخاصة للمهرجان للتوقيع عليه" وفوجئت بأن خمسة عشر كاتباً ومشاركاً بالمهرجان وقعوا عليه وكما قيل لي إنها معجزة أن تلاقي دعوتي قبولاً من هذا العدد في عاصمة يسيطر عليها النفوذ الصهيوني، بل إن النفوذ الإسرائيلي في شرق أوروبا عموماً يفوق التصور، وكان من بين الموقعين علي البيان الذي صدر في الثامن من هذا الشهر الأديبة الجزائرية آسيا جبار المرشحة لجائزة نوبل هذا العام، والشاعر الأمريكي مايكل مارش المشرف علي المهرجان، والكاتب الأمريكي الكبير بيتر ماتيسين الذي يتبني منذ نصف قرن الدفاع عن حقوق الهنود الحمر سكان البلد الأصليين ضد الاضطهاد والتمييز ولهذا السبب حصل علي جائزة حرية التعبير من المهرجان هذا العام، إلي جانب الأديب الاسكتلندي يان بانكس الذي كان أول من أصدر بياناً يدين فيه الاعتداء الإسرائيلي علي سفن أسطول الحرية ويطالب بمقاطعة إسرائيل ثقافياً وتعليمياً، والروائي الأمريكي مارتن بيلك والكاتبة اليونانية لاريسا فيرجوس التي تمنح جائزة حرية التعبير باسم والدها فيرجوس لمساهمته في تأسيس المهرجان، وهذا إلي جانب عدد آخر من الكتَّاب التشيكيين. جدير بالذكر أن فكرة البيان وجدت صدي لدي الإعلام التشيكي حيث أجرت صحيفة «براغ بوست» الأسبوعية لقاء مع بهاء طاهر بخصوص هذا الأمر قال خلاله:«إنني عشت في الغرب فترة طويلة بحيث أعرف ما يمكن أن أتوقعه، أو لا أتوقعه لذلك لست مندهشاً من قبول ما يحدث بحيث يحصل أحد الطرفين علي كل الحقوق باسم الدفاع عن النفس، بينما الآخر ليس له أي حقوق ومحروم كلياً من أي حق وبرغم معيشتي الطويلة في الغرب لكنني مندهش بل مشمئز من أن الدم العربي ليست له قيمة» وأضاف في الحديث أيضاً: «أطالب برفع الحصار عن غزة، وأدين مشاركة أي حكومة فيما حدث لركاب الأسطول حتي لو كانت الحكومة المصرية لأنه من غير المنطقي أن يهجم أي مسلحين علي ركاب سفينة». جدير بالذكر أن المهرجان لاقي هجوماً شديداً بسبب فكرة البيان علي موقعه الرسمي، وحضر عدد من الموقعين علي البيان الحفل الذي أقامته السفيرة المصرية أمل مراد في مقر السفارة للمشاركين بالمهرجان، ووجهت كلمة موجزة عن أهمية التعاون الثقافي بين الشعوب، وجاء في ختام البيان «إننا نعرب مجتمعين عن الأسي لإزهاق الأرواح الجديدة بسبب هذا الهجوم وندعو إلي حل سلمي دائم للنزاع العربي الإسرائيلي ورفع الحصار فوراً عن غزة وإنشاء دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة تعيش جنباً إلي جنب مع إسرائيل علي أساس مبادئ المساواة في الحقوق لكل الأطراف».