كان الطابور طويلًا، لكن عملية التصويت لم تستغرق إلا القليل من الوقت. ذهبت مبكرًا، وكانت للسن أحكام تكفلت باختصار بعض الجهد والوقت، بينما تكفل التنظيم الدقيق للعمل فى اللجنة بالباقى. ونحن فى الطابور جاءت أول أنباء العنف الإخوانى المنتظر فى بعض المحافظات، لم يكن للأمر أثر إلا مزيد من التصميم وكثير من الاحتقار. لو عرف الإخوان حجم ما أصبح المصريون يكنونه لهم من احتقار بعد غرقهم فى مستنقع الإرهاب لاختفوا من على وجه الأرض إلى الكهوف، التى كانوا يريدون للناس أن يذهبوا إليها، ليعيشوا النعيم الذى يعيشه شعبا الصومال وأفغانستان وكل من ابتلى بهذا السرطان، الذى ابتليت به الأمة الإسلامية بظهور هؤلاء الخوارج على كل دين، الخائنين لكل وطن.
تصور البعض -فى البداية- أن التنافس بين المشير السيسى وحمدين صباحى سوف يشق الصف الوطنى. لم يحدث ذلك إلا فى حدود المناوشات الانتخابية المعتادة. ورغم صعوبة الموقف بالنسبة لحمدين وأنصاره، فقد التزموا بنظافة التنافس وبأداء رائع، أضاف للعملية الانتخابية كلها مزيدا من الاحترام لدى الجميع.
وتصور البعض أن التقارب فى وجهات النظر من القضايا الأساسية بين المرشحين سوف يفقد التنافس معناه. ولكن ما حدث أن شخصية كل مرشح فرضت نفسها على الموقف. واكتشف المواطن بعد ذلك أن فى كل الدول المتقدمة «بما فيها أمريكا» فإن الاختلافات بين برامج المرشحين قليلة، بعد أن تراجعت الصراعات الأيديولوجية وبرز التنافس على حل المشكلات العاجلة التى تواجهها المجتمعات.
من ناحية أخرى كان انحصار المنافسة بين السيسى وحمدين عاملًَا إيجابيًّا فى التأكيد أن أعداء الثورة قد تم إبعادهم بقرار من الشعب أو بهروب من جانبهم من غضب الشعب. انحصرت المنافسة بين الأجنحة الملتزمة بأهداف الثورة التى ما كان لها أن تنتصر مرتين «فى يناير وفى 30 يونيو» إلا بهذا اللقاء الذى لا ينفصم بين شعب مصر وجيشها الوطنى على مر العصور.
كان التنافس بين السيسى وحمدين (من وجهة نظرى المتواضعة) تنافسًا من أجل التكامل لا الانفصال. ومن أجل أن تتضح شروط هذا التكامل بين أجنحة الثورة، حتى لا تتسلل قوى الظلم مرة أخرى، وحتى لا تكون هناك أى فرصة لعودة الماضى البغيض، وحتى تنضج أجيال الثورة فلا تضيع بين التشرذم والانقسام، ولا بين الطفولة الثورية من ناحية والارتداد عن الثورة من ناحية أخرى!!
لهذا خرجت الملايين الواعية لتدلى بصوتها فى عز الحر «لا أدرى لماذا لا نمد التصويت لساعة متأخرة من المساء هربًا من هذا الحر؟ ولماذا لا تفتح اللجان أبوابها فى السابعة صباحًا لنفس السبب، حتى وإن أغلقتها فى فترة الظهيرة؟!».
كانت الجماهير تعرف أنها لا تختار اسمًا من اثنين فقط، ولكنها تختار طريقها لتحقيق أهداف ثورتها، وتحكم على أعداء الثورة جميعًا بأن دورهم قد انتهى إلى غير رجعة!! كانت الجماهير التى خرجت بالملايين لتعطى صوتها تقول إن كل محاولات «إخوان الإرهاب» وحلفائهم لإثارة الفوضى ومنع استكمال مصر لخريطة المستقبل قد انتهت إلى «صفر» كبير!!.. وأن دماء شهدائنا لم تذهب هدرًا، بل جعلت الثورة أكثر قدرة على مواجهة ضغوط وانحياز أمريكا وحلفائها وذيولها، ودعمهم الذى ما زال قائمًا ل«إخوان الإرهاب» لتعطيل مسيرة الثورة.. وهو الدعم الذى يركله الآن شعبنا بالحذاء، وهو يحتشد للتصويت فى انتخابات رئاسة بين مرشحَى الثورة، بينما «إخوان الإرهاب» ما زالوا ينشرون إرهابهم على وقع تشجيع أمريكا وعملائها!!
المنتصر الوحيد فى الانتخابات الرئاسية هو مصر الثورة.. الرئيس القادم ملتزم بتنفيذ أهدافها، والشعب لم يعد يعطى شيكات على بياض، بل يعرف المطلوب والموعد والهدف، وينتظر الوفاء بالعهود مع الاستعداد لتقديم مزيد من الجهد والتضحية حتى تتحول شعارات الثورة إلى واقع.
لأنصار السيسى وحمدين.. شكرًا على معركة تليق بمصر الثورة.