رغم تواضع مستوى الحملتين الانتخابيتين لمرشحى الرئاسة «المشير السيسى وحمدين صباحى»، فإن المؤشرات تقول إننا سنشهد إقبالًا رائعًا على الانتخابات، بدأت بوادره بهذا الإقبال غير المسبوق على المشاركة من المصريين بالخارج، حتى رأينا الطوابير تمتد لمسافات طويلة حتى فى قلعة الإخوان وحلفائهم فى دولة قطر، حيث خرج المصريون هناك يعلنون التحدّى لدعوات الأفاقين فى القنوات الفضائية القطرية بمقاطعة الانتخابات، ويبصقون-بمشاركتهم الفعالة فى التصويت- على وجوه أصحاب فتاوى الإفك من القرضاوى إلى عبد الرحمن البر إلى غيرهم من الصعاليك الذين دعوا لمقاطعة الانتخابات واعتبروا المشاركة فيها «حرام»، وفق تعليمات أسيادهم فى تنظيمات الإرهاب التى تدَّعى الإسلام وهو برىء منها بعد كل جرائمها فى حق أعظم الرسالات السماوية وفى حق شعوب العرب والمسلمين فى كل أنحاء المعمورة. الإرهاب -كما هو دائمًا- جبان وغبى، لا تختلف فى ذلك «القاعدة» عن «الإخوان».. يهربون من المعارك الحقيقية إلى استعراض الخسَّة والنذالة فى أعمال إرهابية قذرة، لأنهم يعرفون أنهم ضد شرع الله وضد إرادة الشعب.. الدعوة التى وجهوها بمقاطعة الانتخابات كانت تعبيرًا عن إحساسهم بالعجز والضآلة فى مواجهة شعب كتب نهايتهم.. فتاوى الإفك والكلام الأهبل عن «تحريم الانتخابات» كشفت للناس جميعًا أننا أمام سماسرة يتاجرون بالدين وعملاء يضعون أنفسهم فى خدمة أعداء الوطن.
موقف الإخوان وباقى الذيول التى التحقت بهم من جماعات الإرهاب أو من الذيول والفضلات التى تخلَّصت منها الثورة.. هذا الموقف جعل معركة الانتخابات أكثر وضوحًا، خصوصًا مع تركّز المنافسة بين السيسى وحمدين.. أى داخل معسكر الثورة.. أصبحت المشاركة فى الانتخابات والتصويت لأى منهما واجبًا وطنيًّا لا بد من الوفاء به.. لسنا أمام انتخابات رئاسية عادية، بل نحن أمام استحقاق لنستكمل به طريقنا الذى اخترناه، وأمام استفتاء جديد على 30 يونيو بكل ما يعنيه من انتصار للشعب، وانحياز الجيش لإرادة الأمة، وسقوط حكم الإخوان الفاشى، واستعادة الشعب لثورته، والتأكد مرة أخرى أنه لا مجال لتحقيق أى من أهداف الثورة إلا بتأكيد الاستقلال الوطنى أولًا.. فقد تعلَّمنا -ضمن ما تعلمناه من تجربة الإخوان فى عام حكمهم الأسود- أن مَن تربّوا فى حضن العمالة (من القاعدة إلى الإخوان) لا يمكن أبدًا أن يعودوا إلى حضن الوطن.. إلا إذا كان ذلك جزءًا من مؤامرة أو تنفيذًا لتعليمات أسيادهم فى الخارج.
تعرف الملايين الآن أن انتخابات الرئاسة القادمة ليست مجرد اختيار لحاكم، بل تأكيد أن الثورة ماضية فى طريقها، وأن الشعب الذى استرد ثورته لن يفرّط فيها أبدًا، وأن الحاكم القادم -أيًّا كان- سيجىء لينفّذ برنامج الثورة أو يرحل!!
قد نختلف فى التفاصيل، وفى طريقة الوصول إلى الهدف، ولكن الهدف محدّد الآن، بل منذ 25 يناير، والطريق إليه معروف.. والقطار لن يغيّر مساره، وكل ما سنفعله فى الانتخابات القادمة أن نختار السائق، ثم نبدأ الرحلة إلى المستقبل على بركة الله، وفى حماية شعب مصر وجيشه الوطنى.
هذا لا يعنى أن نغمض عيوننا عن الأخطار المحتملة.. الإقبال غير المسبوق من المصريين فى الخارج على الانتخابات سيفقد «إخوان الإرهاب» وحلفاءهم ما تبقى لديهم من عقل.. إذا كان قد تبقّى لديهم شىء منه. سيفعلون المستحيل لتعطيل الانتخابات فى الداخل، أو تقليل نسبة المشاركين فيها.. سيلجؤون إلى كل محاولات الترويع التى جرَّبوها من قبل ولم تنجح، إلا فى فضح إرهابهم وانحطاطهم.. إنهم لا يتعلَّمون. لو كانوا يتعلّمون لما كرروا جرائمهم على مدى ثمانين عامًا، ليصلوا إلى هذه النهاية البائسة.. داخل السجون أو خارج التاريخ أو الاثنين معًا.
سيخرج شعب مصر ليشارك فى الانتخابات، وليؤكد مرة أخرى انحيازه إلى 30 يونيو وحكمه النهائى بسقوط فاشية الإخوان إلى الأبد.. سيخرج شعب مصر ليعطى صوته للثورة، سواء اختار السيسى أو حمدين.. يعرف كل مواطن مصرى الآن أن مشاركته فى الانتخابات ليست فقط تصويتًا للأمن والاستقرار والتقدّم، ولكنها أيضًا تعنى التصديق على حكم الشعب فى 30 يونيو، وتعنى أنه لا مجال للمساومة على استقلال مصر وكرامة شعبها، ولا تراجع عن بناء الدولة الديمقراطية الحديثة التى حلمنا بها طويلًا، وفتحنا الباب إليها فى ثورة يناير وموجتها الثانية فى يونيو.
قد تبدو الحملة الانتخابية للمرشحين الرئاسيين أضعف من المنتظر.. لكن شعب مصر سيخرج لما هو أكبر من الحملات الانتخابية. سيخرج ليؤكد أنه اختار فى 30 يونيو و3 يوليو الطريق الصحيح، وأنه سيواصل السير فيه حتى النهاية.