وقف الرئيس الأمريكى الأسبق جيمى كارتر، والذى يترأس مركزًا باسمه يعمل على نشر السلام ومراقبة الانتخابات ومتابعتها فى شتى أنحاء العالم.. وقف يشرح الوضع القائم فى مصر اليوم، وكانت الوقفة بمناسبة الاستعداد لمتابعة الانتخابات الرئاسية التى ستجرى يومى السادس والسابع والعشرين من مايو الجارى، قدم الرئيس الأمريكى الأسبق صورة قاتمة للوضع فى مصر، تحدث عن الدستور المصرى الجديد الذى أقرته غالبية الشعب المصرى مؤكدًا أنه فى حاجة إلى التعديل، وطالب بإلغاء قانون التظاهر والتوقف عن ملاحقة المعارضة وإجراء مصالحة مع جماعة الإخوان المسلمين.
حديث السيد كارتر لا علاقة له بمهمة متابعة الانتخابات، بل يعد نوعًا من التدخل الفج فى الشأن الداخلى المصرى، والسيد كارتر يعلم ذلك جيدًا، فقد بثت قنوات مصرية خاصة أحاديث للرئيس الأمريكى الأسبق بعد وصوله لمتابعة انتخابات الرئاسة السابقة، التزم فيها بالمهمة التى جاء من أجلها، فرفض التعليق على العملية السياسية برمتها وعلى التجاوزات التى تصدر من جانب جماعة الإخوان قائلًا إننا جئنا لمتابعة الانتخابات الرئاسية ونعلم أنه غير مسموح لنا التحدث عن العملية السياسية فى البلاد.
جاء كارتر فى المرة السابقة لمتابعة الانتخابات التى خاضها محمد مرسى عن الجماعة، وذهب كارتر إلى مكتب الإرشاد فى المقطم وتبادل الأحاديث الودية مع المرشد وقادة الجماعة. وعندما تحدث كارتر عن أجواء الانتخابات، أشاد بها ووصفها بالإيجابية، ولم يرصد كارتر فى تقرير مركزه مخالفات للعملية الانتخابية ولم يسطر أيًّا من التجاوزات التى وقعت، أشاد بنزاهة العملية الانتخابية التى تأكد لنا لاحقًا أنها كانت مزورة وشهدت انتهاكات جسيمة على نحو يغير من نتائجها. والسؤال هنا:
هل كارتر لم يعلم بهذه الانتهاكات وتلك التجاوزات التى شابت العملية الانتخابية؟ الإجابة، بلى كان يعلم، ولكن المهمة التى جاء من أجلها كانت منح شهادة صلاحية لهذه الانتخابات التى جاءت بمن كانت ترغب واشنطن فيه. لم يرصد كارتر تهديدات الجماعة بتحويل مصر إلى ساحة حرب فى حال عدم إعلان فوز مرشحهم، لم يسجل فى تقريره أن مرشحًا وعددًا من القضاة الموالين للجماعة خرجوا فجرًا ليعلنوا فوز مرشح الجماعة قبل أن تنتهى عملية فرز الأصوات ورصد النتائج.
اليوم تبدل الحال وتغير، فقد أطاح الشعب المصرى بحكم المرشد والجماعة وتقبع قياداتها فى السجون، وهناك مرحلة انتقالية أوشكت على الانتهاء، وتمثل الانتخابات الرئاسية خطوتها قبل الأخيره، فلن يتبقى بعدها سوى الانتخابات البرلمانية، وتعلم واشنطن جيدًا أن وزير الدفاع السابق المسير عبد الفتاح السيسى هو صاحب الحظ الأوفر فى هذه الانتخابات، وأنه على أعتاب قصر الرئاسة بإرادة شعبية ورغمًا عن إرادة الإدارة الأمريكية، ولذلك فالمطلوب أمريكيا هو تشويه هذه العملية والتشكيك فيها لوضع النظام الجديد تحت ضغط سلاح التشكيك فى سلامة العملية التى جاءت به إلى السلطة، ومن ثم يمكن فى هذه الأجواء ابتزاز النظام الجديد ودفعه للمساومة والتسليم بما تريد واشنطن، بخصوص سياستها فى المنطقة.
خلاصة القول فى ما ورد على لسان كارتر من تعليقات سلبية حول مسار العملية السياسية فى مصر أنه لا علاقة لها بالواقع القائم فى البلاد، بل هى رغبة الإدارة الأمريكية لحسابات تتعلق برؤيتها للمنطقة ومصالحها فيها.