المعركة حقيقية . فلنكن واقعيين . تذكروا أننا سنختار بين مرشح الشعب و مرشح الثورة . المعركة بين الشعب و الثورة . هل نضحك أم نبكي ؟! من هنا تأتي الصعوبة . الإشكالية هي أن فرص الثورة أقل كثيرا من فرص الشعب . تقول المرجعيات الفضائية . و يعلمنا حمدين أن الثورة حالما تنتصر ستسلم السلطة إلى الشعب . إخبارية إضافية مثيرة للارتباك ! يخوض المعركة حمدين ليفوز فيها . أمر طبيعي . ليس في سيرة الرجل ما يفيد بأنه مارس مهنة التمثيل .
و من حق من يسألون عن ملكاته أن يعلموا أنه مزارع بديع و صياد شاطر . لا مجال هنا لإساءة الفهم . العمل و الصبر و التوكل أسلحة حمدين السياسي الماضية . السباق لا يزال طويلا و العبرة بالنهاية . يقدر حمدين و مؤيدوه بمن فيهم المحتملون أنه يستطيع الحسم عند خط النهاية بأجزاء من الثانية . لقد تنبأ هو بأنه سيفوز بنسبة 52 % . رائع . هذا يكفي تماما للصعود إلى منصة التتويج و الإدلاء بخطاب ثوري و التصوير سيلفي .
لكن المعركة ليست سهلة . قد تحتاج إلى ما هو أمضى من ذلك . هل يتجاوز قوانين الحرب ؟ محتمل . هل يلجأ إلى أسلحة التدمير الشامل ؟ جائز .
هل يتحالف مع الشيطان ؟ و لم لا . الجرافات تطهر الساحة بعد الاشتباك . كل شيء يقبل التصحيح أو الإخفاء أو النسيان . لم يكن حمدين يوما ما قائدا عسكريا لكنه تحول عبر المظاهرة الأولى في شتاء 72 إلى قائد شعبي . في مواجهة عساكر الشرطة الخيالة و عصيهم الجريد و الطلقات المسمارية يقف الشباب . يهتفون للجيش . يطالبونه بالحرب و الثأر و القصاص . يحتمي حمدين بمسجد صلاح الدين عند أول المنيل .
و من بعد بدار الحكمة التي أخونها لاحقا الرفيق أبو الفتوح على مشارف قصر العيني . استشراف . المظاهرة عبرت كوبري الجامعة و رفعت الرايات . إنجاز . البدايات تحكم . و المصاهرات أيضا . يدرك حمدين أنه لا يستطيع مواجهة خصمه الحاصل على فرقة صاعقة إلا بأسلوب الحرب الشعبية الطويلة الأمد . اتساق مذهل . هو زعيم للتيار الشعبي قبل أن يكون مرشحا للثورة . لهذا يبدأ مبكرا قبل أن تدق الطبول . يسيطر على الأرض و يحذر خصمه من سفك دماء الشعب و تصفية الثورة .
يعقد عليه المسألة . و يعقدها علينا . ألم يكن من الأوفق أن ينزل الجنرال رياض من سمائه لحمدين لينصحه بأن القائد يبقى دائما في المقدمة . و يخبره بأن منافسه ينازعه على الشعب . فالزعيم الذي هبط من السماء لم يذهب إلى وريثه الشرعي بل إلى خصمه الذي ينازعه على الثورة . مفارقة ربانية . لا يحلها إلا أديب يصك رسائل الهداية و الغفران . تماما كأبي العلاء .
يستطيع حمدين أن يفضحنا . نعم فضيحة دولية . ليس بإعلانه الانسحاب في أي مرحلة لاحقة فحسب . بمقدوره أن يلطخ النتيجة و أن ينزل صارخا في ميدان التحرير متحديا قانون التظاهر . فعلها قبل ذلك . في حينه لم يكن التظاهر مقننا . ربما لهذا السبب يطالب حمدين بإلغاء الشقيق الأصغر لقانون الكتابة على الجدران التي تمتلئ بالسباب في حق الأول . نتحدث هنا عن إلغاء الملغيات . حملته لم ترصد مظاهرة الاتحادية الأخيرة و لم تشارك فيها بالطبع . و هي لا ترى مظاهرات الإخوان المسلحة . تمنعها مهام أسمى من ذلك بكثير . صحيح أن اختراق قواعد اللجنة العليا هدف رفيع . لكن توجد أولويات . تأملوا معي . ترهيب الحكومة الانتقالية و الإعلام .
يا لها من أهداف عظيمة . التهديد المتكرر بالانسحاب ورقة صالحة لاغتراف المزيد من الأصوات على طول السباق . أن يخصم حمدين من رصيد منافسه أمر يتجاوز في أهميته الإضافة إلى رصيده هو . فالأرزاق على الله . و هذه من عقائد الصيادين . و المزارعين أيضا . في مرحلة الإحماء يحمل مناصروه صوره عن الشباب و الثورة و النضال . لا بأس هنا من صورة مع مانديلا . الرجل تصور مع طوب الأرض . من حسن الحظ أنه لم يدرك جيفارا . فالمصالحات مطلوبة . و العدالة الانتقالية فرس رهان . الصور التي تستفز خصمه حول المضمار لا صلة له بها . ست البنات بالذات . هذه تخالف ميثاق الشرف . يعتب على شباب حملته . ماذا يفعل يعني ؟ شباب متحمس . يحرقهم حتى ترتاحوا ؟ يقرر الانطلاق قبل أن تدوي طلقة البداية . يزوم متحديا المحكمين المتسامحين في اللجنة العليا . يتوعد العداد الإلكتروني بنظراته ملوحا ببطاقة الانسحاب . يتعامى الكل عن الحواجز التي يضعها أنصاره في الحارة التي يعدو فيها خصمه . عشرة حواجز و عشرة أمتار إضافية . ألسنا بصدد سباق مئة متر عدوا بلا حواجز . على استحياء يسأل من بقيت لهم عقول في الرءوس . لا توجد أي اعتراضات على المشهد الغرائبي الذي يتابعه الملايين . يمضي السباق . الاجتهاد لا يكفي . البون لا يزال شاسعا . لا يسمح بالوصول إلى الهدف . اللحظة التي تسجل فيها الكاميرات دخول حمدين على الخط بمقدمة رأسه بالكاد وسط صراخ المؤيدين . قد تأتي هذه اللحظة . لكن الداخل على الخط لن يكون حمدين أو منافسه . هو شخص آخر أو هكذا سيبدو . أمر غريب إضافي . ما الذي يمنع من طلاء أسود للوجه و ما يبين من الجسد . تخيلوا . مزيد من الإزعاج للخصم مطلوب . نكتشف فجأة أن جذوره تعود إلى دولة جامايكا . العائلة الأم استقرت في بلطيم مع استقرار صلاح الدين على عرش مصر . حارب أجداده في حطين . و بعدها شاركوا في حفر القنال و بالطبع في تأميمها . حمدين من أنصار الدولة بالمعنى الاقتصادي . و السياسي أيضا . قائمة أنصاره من الحركات و الأحزاب و الجبهات و الحملات . بما في ذلك المحتملون ؟ لا . تملأ عشر صفحات . و لا تملأ عشرة صناديق . جميعهم من أنصار اللادولة . يشكرهم و يختلف معهم . هكذا هي الديمقراطية . " هيا نتعلم " ثقافة الاختلاف و التعايش . مع حمدين . و مع مبارك و الولدين . و مع المرشد و النائبين . و لم لا ؟! أليسوا مصريين ؟ أليسوا من دعاة اللادولة ؟! المصالحة و القصاص و العدالة الانتقالية تصنع المعجزات . مادامت الرفيقة ليلى و الرفيق عمرو يؤثران الصمت . بمقدور حمدين و شيعته أن يصدقوا أنه كان أول دفعته . المهدي المنتظر . الأول دائما . أن يصدقوا أيضا مظلومية الإخوان و الأتباع من كل مذهب و اتجاه . بلغة الانتخاب يلزم حمدين في الحد الأدنى 12 مليون علامة على النسر و ليس النجمة . من المنتمين إلى التيار الرئيسي . قلت لكم إن المعركة حقيقية و صعبة . من يناهض 25 لا يلزمه . و من يعارض 30 لا يفهمه . حمدين يناصر ثورتين . يكسب حمدين ليس بمفاجأة واحدة مدوية . بعدة مفاجآت كل منها أكثر دويا من الأخرى . للنسر و النجمة مدلول حربي . هذه هي طبيعة المعركة . و هي أيضا الفكرة . هو طلب النسر بمنشور ميري للجنة العليا . لن يتمكن النسر من اصطياد الكثير من الأصوات التي لا تقرأ . تضع علامة فحسب على الرموز . حمدين يعد بمحو أميتهم . بعد الانتخابات بالطبع . لا مجال للحماقة . الأصوات الخاطئة لن تكفى لسد الفجوة . معلوم . هي نواة تسند النواة المركزية من المؤيدين . زير الأصوات المتحمس لتكسير عظام الدولة الخشنة العميقة . أحسنت . يناشد حمدين الذين ينوون المقاطعة . هؤلاء لا يريدون خصمه . و المترددين . هؤلاء لا يثقون بخصمه . فليكن . كل هذا لن يصنع الفارق . انتظروا . يعد حمدين كل فلاح بفدان من الأرض و قرض . الأرض لمن يزرعها . و أقسام الشرطة لمن يحرقها . كل عامل بماكينة و نسبة من عوائد الإنتاج . كل طالب بكراسة " رومني " عليها صورة للزعيم الذي سيعيد قلاع الصناعة الوطنية إلى العمل . و منحة تفوق دائمة . سيعد أيضا كل جندي بحرب بطولية عادلة يخوضها دفاعا عن الوطن . معها بالطبع ترقيات استثنائية . و أخيرا . كل رجل بامرأة تحبه . و كل امرأة بزوج مطيع . هذا ضرب من المستحيل . و الفدادين أليست مستحيلة ؟! " هيا نزرع و نتعلم " . الأعمال بالنيات و النتائج بالنوايا التي تسند الأزيار و تملؤها . صيغة جديدة لتحاف قوى الشعب العامل . الناصرية و كل المصادر الصناعية التي تنزل من السماء مفاهيم متغيرة مع الزمن . تأمل . الفوضوية . و الجهادية . الآن أنت تفهم . و في الرأسمالية يعتقد حمدين أن المبدأ الأساسي لا يزال صالحا . رأس المال حر . يستثمر فيما يشاء . من يستثمر اليوم في الإرهاب يستثمر غدا في الانتخاب . أمور تقديرية و شخصية . لم تستوقف الطاغية مبارك و جماعته التي تهلل في المدرجات بكل خسة و دناءة لمنافس حمدين . لا تستوجب المساءلة . حمدين لا يتصور أبدا أن جماعة إرهابية تدعمه . إلى حد الآن لم يتمكن من سد الفجوة . لا مفر من الاعتراف بأن دماء أبناء أمهات الإرهابيين مصرية و ليست " منكورة " . المحاكمات هي الأخرى واجبة . يسأله شريف الغاضب عن العدالة الانتقالية . اسمع يا شريف . " مستهدف " محاكمته . و ليس " أستهدف " . و الضمير غائب . و في مجال التصحيح . " ليس من المقبول " و ليس " المعقول " و الضمير الغائب يعود على الكل الذي " يجب أن يحاسب " . للحملة مستشار لغوي يتعين مكافأته أو إقالته . يسأل المذقونين عن طلباته . لا توجد . الرجل زاهد و له ميزانه . تأتيه من حيث لا يحتسب . يقول المشايخ . و الله غالب على أمره . حمدين يقترب أكثر من خط النهاية في حارته الممهدة . خصمه يتجاوز الحواجز بهمة و لا يزال في المقدمة . مزيد من الحواجز مطلوبة على وجه السرعة . تقليل عدد الحضور يوم الاقتراع يخفض الحد الأدنى المطلوب لانتصار العداء الجامايكي . بمقدور الأجناد و الأنصار حل الإشكالية . و الكتائب الإلكترونية . مفهوم . هذه تعمل منذ اللحظة الأولى . تبث الإشاعات القاتلة التي تدمر شخصية خصمه و يصعب محو آثارها . آه منكم أنتم يا أنصار نظرية المؤامرة . الحواجز لا تبدو كافية . فليسقطه حاجز المناظرة . اجعلوه كالساتر الترابي . لا يحل عقداته إلا عبقري . عقدة وراء الأخرى . عودة نظام الطاغية مبارك الذي لم يذهب حتى يعود . المصالحة التي يرفضها الشعب الذي سيسلمه حمدين السلطة . القضاء على الفقر الذي يتوظف انتخابيا . استعادة الدولة البوليسية التي تحمي منزل حمدين . يتحرك حمدين بحرية و أمان لا يتمتع بهما خصمه . ممتاز . الأسئلة تتشكل في عقول المتفرجين . كيف سيحكم . يلتقي و يتفقد و يفتتح و يكرم . الحملة غير تقليدية . الحكم له أصول و قواعد ثابتة . بثورية جامحة يرفض حمدين الحماية الشخصية اللصيقة . الملايين المطلوبة لم تكتمل . حمدين ابن الشعب . واحد مننا . ولد و نما و عاش و تربى وسط الجماهير . يعرف أنه سيتعرض لمحاولة اغتيال . العرافة هي التي التي قالت . الفلكية . عودة أخرى إلى السماء . رباه . و ما ذنب السماوات . لا تنزعجوا . لن تنجح . كل المرشحين في كل زمان و مكان دائما على صلة بالسماء . تذكروا . حدث هذا في السابق . على مقربة من ناصرته في كفر الشيخ . عند البحيرة . أنقذه الصيادون الذين آمنوا به . مسح على رءوسهم و صب اللعنات على رءوس الكتبة و العشارين . زبانية مبارك . يقف ذراعه مربوطة . بالضبط . اليسرى . اليمنى ستؤدي دورها في الخطاب الثوري الحماسي الذي سيعقب المحاولة . هو مرشح مدني لا يستخدم القبعات و لم يذهب بعد إلى المنصة . موعظة الجبل ستغازل قلوب و أصوات النساء . من كان منكم بلا خطيئة فليرمه بحجر . لا يعرف حمدين من استهدفوه . صدقوه . لا أحد يعرف على الإطلاق . صدقوا هذا الأحد . يمكنكم الرجوع إلى السماء . حلت البركة . الآن يتوقف العداد . الالتزام لا يجلب الأصوات المطلوبة . و التجاوز . لن يفعل هو الآخر . مأساة . المعركة الفعلية بين قوى الشعب و قوى النظام البائد بكل مشتملاته من دعاة اللادولة - الغائبة أو المفككة . أنت تعرف . عظيم . هو أيضا يعرف . التغييب ليس خيارا للشعب . و التفكيك ليس هدفا للثورة . أنصار اللادولة من النوع الأول لن يدفعوا به إلى الفوز . الفارق أنه لا يحتاج إليهم . لعله لا يرغب فيهم . هم يهددون الشعب بالجوع و ضنك العيش . نجوع معك . يقول لمنافسك بائس من أتباع هوجو . الشعب يريد . أن يتحرر من قوى الفساد . أن يتطهر . و أنصار اللادولة من النوع الثاني لن يذهبوا بك إلى النصر . لا مجال للاستثناء . المنظمات المدنية و حقوق الإنسان و المجتمع المتعدد الثقافات و سلطة مجالس الحكم المحلية و إمارات الخلافة . كلهم تحالفوا مع نظام الطاغية في مواجهة البؤساء . هؤلاء يهددون الشعب بالفوضى العارمة . بالموت و قطع الرءوس . الفرصة التي أمامك أن ترفع أسهم الشعب و الثورة . هل أفلتت . أعتقد . و الآن . دعني أخوض التجربة .