من قال إن عصر المعجزات انتهى لابد أن يشاهد الحدود الحرس رفض رفع الراية البيضاء فاستحق الصعود لمنصة التتويج من قال إن زمن المعجزات انتهي ارتكب خطأ جسيماً لأن مباراة نهائي كأس مصر بين الأهلي وحرس الحدود أمس الأول الاثنين.. كانت أكبر دليل علي أن تحقيق المعجزات ممكن، لكن ليس بالكلام ولكن بالجهد والعرق والكفاح واحترام المنافس وليس الخوف منه. قبل المباراة كانت كل الترشيحات لمصلحة الأهلي لوجود وفرة هائلة من اللاعبين أصحاب الخبرة والمواهب الكروية التي قلما تجتمع في فريق واحد، إضافة إلي غياب عدد من اللاعبين الأساسيين في مقدمتهم الحارس مارتين كاميني وقلبا الدفاع أحمد سعيد «أوكا» وأحمد عاصم والمهاجم أحمد سلامة، ومع ذلك رفض طارق العشري - المدير الفني للحرس - رفع الراية البيضاء ونجح في اختيار تشكيل جمع بين الخبرة والشباب، وقام بتوظيف اللاعبين بشكل أكثر من رائع، وكان اللاعبون أيضاً في قمة مستواهم الفني والبدني والنفسي ووصلوا إلي درجة عالية من الالتزام والوعي التكتيكي، ورغم أن رباعي خط الدفاع لعبوا إلي جوار بعضهم لأول مرة ونجح إسلام الشاطر في استخدام خبرته والإجادة كقلب دفاع بجوار إسلام رمضان وقدم محمد مكي وأحمد كمال حتي خروجه في الشوط الثاني نموذجاً لأداء ظهيري الجانبين في طريقة 4/4/2، حيث قاما بالتغطية العكسية بإجادة تامة ونجح أحمد كمال في إيقاف أحمد فتحي تماماً وبالمثل فعل محمد مكي مع محمد بركات ونجح رباعي خط الدفاع في نصب مصيدة التسلل في الشوط الأول ففقد الأهلي القدرة علي الاختراق سواء من الجانبين أو العمق. العشري من المدربين الذين يجيدون السيطرة علي لاعبيهم داخل المستطيل الأخضر فلا يوجد لاعب يلعب بمزاجه أو لحسابه الخاص، وهو ما ظهر واضحاً طوال المباراة حتي بعد إصابة اللاعبين بالإرهاق في الوقت الإضافي كان الكل ملتزماً بتنفيذ ما يقوله العشري الذي دخل التاريخ من أوسع أبوابه عندما أصبح أول مدرب يفوز بثلاث بطولات علي حساب الأهلي، الأولي: كانت كأس مصر الموسم الماضي، وهزم الأهلي في دور ال 16 ثم كأس السوبر في بداية الموسم بالفوز علي الأهلي 2/صفر ثم أنهي الموسم بالحصول علي كأس مصر بعد الفوز علي الأهلي بركلات الترجيح. أهم ما ميز طارق العشري ولاعبيه في نهائي الكأس أنهم احترموا الأهلي لكنهم لم يخافوا منه، وهذا الخوف يعتبر سبباً أساسياً في هزيمة معظم فرق الدوري أمام الأهلي فالاحترام شيء والخوف شيء آخر لكنه يقتل الطموحات ويجعل الفريق يستسلم من البداية للنهاية، وهذا لم يحدث مع لاعبي الحرس الذي عرفوا قيمة الأهلي فزاد احترامهم له وكان هذا الاحترام دافعاً لهم للأداء بقوة والالتزام بتفيذ تعليمات مدربهم والاحتفاظ بالتركيز طوال 120 دقيقة وحتي ركلات الترجيح. سيناريو المباراة كان مثيراً في أوقات كثيرة لكن الغريب أن الأهلي طوال الشوط الأول افتقد كل مميزاته فلم يتحكم في الأداء ولم يملك نجومه الحلول أمام طريقة لعب الحرس، خاصة مصيدة التسلل، إضافة لفقدان المباراة الهجومية وهو ماحدث كثيراً في مبارات الكأس صحيح أن الأهلي نجح كعادته في العودة وسيطر علي الشوط الثاني وسجل هدف التعادل إلا أن العودة لم تكن مثل مباراتي الزمالك والإنتاج الحربي لأسباب لا علاقة لها بلاعبي الأهلي وإنما بلاعبي الحدود الذين لعبوا بتركيز شديد وهدف بركات جاء من الخطأ الوحيد الذي ارتكبه عبدالرحمن فاروق بعد نزوله في الشوط الثاني بدلاً من أحمد كمال. ورغم ارتفاع معدل السن في الأهلي فإنه كان الأفضل في الوقت الإضافي، وكان بركات يسجل هدفاً لولا أن كرته مرت بجوار القائم وهذا دليل علي أن لاعبي الأهلي يتمتعون بلياقة بدنية هائلة، وهو ما يحسب للجهاز الفني بقيادة حسام البدري. إذا كان الفوز قد رفع طارق العشري إلي عنان السماء وفتح له أبواب التاريخ وهذا حقه فالهزيمة لاتنقص من قدر حسام البدري لأنه لم يخسر المباراة داخل الملعب لكن بركلات الترجيح، وهي وسيلة لكسر التعادل لأن البدري لعب بتشكيل مثالي وأجري تغييرين موفقين في الشوط الثاني بنزول أحمد شكري وأحمد حسن صانع هدف التعادل لمحمد بركات في توقيت بالغ الحساسية كان يمكن أن يستسلم فيه أي فريق للهزيمة. من سوء حظ البدري أن محمد فضل أهدر ركلة الترجيح وأن لاعبي الحرس سجلوا الركلات الخمس ولولا ذلك كان من الممكن أن يفوز الأهلي ويحقق حسام البدري الثنائية التاريخية لكن يكفي البدري أنه حقق بطولة الدوري قبل نهايتها بثلاثة أسابيع تأهل لدور الثمانية في دوري أبطال أفريقيا وقهر الزمالك في دور ال 16 لكأس مصر ثم ضاع منه الكأس لأن القائم تصدي لكرة محمد فضل. البدري تعامل مع المباراة بشكل جيد، خاصة في الشوط الثاني عندما دفع بأحمد شكري بدلاً من أحمد فتحي، وقام بنقل محمد بركات للجبهة اليمني فتفوق علي أحمد كمال وأنهكه تماماً تم تفوق علي بديله عبدالرحمن فاروق وسجل هدف التعادل، ولو نجح أبوتريكة في إحراز هدف من الفرصتين اللتين اتيحتا له لخرج البدري محمولاً علي الأعناق لكنها كرة القدم التي ابتسمت للبدري في مباراة الاتحاد الليبي ومباراة الزمالك ثم أظهرت له وجهها القبيح في المباراة النهائية لكأس مصر. الحدود والأهلي أمتعا عشاق الكرة الجميلة بأداء رائع وإثارة لا حدود لها لكن في النهاية هل فاز من يستحق؟، الإجابة: نعم؛ لأن الحدود استحق الفوز عن جدارة واستحق الأهلي كل الاحترام والتقدير.