والله بجد .. لست أدري لماذا يرفض الثمانية ملايين مصري المتهمون من «اللجنة العليا للانتخابات» بالذهاب إلي لجان الاقتراع وانتخاب ممثلي الحكومة في مجلس الشوري، تصديق أنهم ارتكبوا هذه الفعلة فعلاً، مع أن الست «العليا» المذكورة مشهورة بأنها مهذبة ومتربية ولا تكذب وإنما تتجمل وتتأنق وتضع علي خلقتها بعض البودرة والمساحيق قبل أن تخرج علي الناس، كعادة السيدات «الشيك» أمثالها؟! المشكلة التي لاسبيل لإنكارها أن آفة النسيان هي من علل وأمراض الشعب المصري المعروفة للقاصي والداني والساكن في بلاد السلعوة ، فهذا الشعب يأكل (لو أكل) ويشرب من المجاري وينسي، ويتنفس زبالة وينسي ، ويُهان وتُنهب مقدراته وثرواته وينسي ، ويتمتع عموماً بإنجازات نظام الرئيس مبارك ونجل سيادته وهو ناسي تماماً.. لهذا لا غرابة البتة أن ينتخب ويرقع بالصوت الانتخابي الحياني أمام عيون «اللجنة العليا» الكحيلة ثم ينسي فورا!! غير أنه لاشك أن معالي المستشار انتصار نسيم رئيس «اللجنة العليا» له نصيب كبير من اسم سيادته ، فقد رأيناه «ينتصر» للحقيقة ولا يتردد أو يهاب ويخشي في قول الحق من لومة أي لائم ، بالعكس تحدي معاليه بشجاعة كل لئيم وحاقد في هذا البلد وعمل مؤتمراً صحفياً عالمياً قبل أيام كشف فيه بوضوح ودقة يستحقان التهنئة تفاصيل ما جري في هاتيك الانتخابات التي ينكرها المصريون ، مؤكداً بثقة أن 7 ملايين و829 ألف مواطن بالتمام والكمال يمثلون 30 في المائة من الشعب الناخب المسجل في كشوف الصدقة، شاركوا بقوة وفاعلية في العملية الانتخابية ما أدي لنجاح «العملية» وموت المريض وأهله وكل من يتشدد له ، وقد وقعت تلك البيانات والأرقام والحقائق التي قالها المستشار «انتصار» علي قلوبنا ونفوسنا وقع «النسيم» الطري في يوم صيفي قائظ. ومع ذلك ربما لن تنضب جعبة اللئام الحاقدين علي «اللجنة العليا» من حجج وحيثيات التشكيك في مصداقية بياناتها وصدق النتائج التي أعلنتها ، ولعل أكثر هذه الحجج والحيثيات شيوعاً ما يتفوه به البعض حالياً من أن أغلب الذين أعلنت اللجنة فوزهم بحصانة «الشوري» ومقاعدها الوثيرة منحتهم حضرتها عشرات أو مئات ألوف الأصوات، رغم أن نسبة كبيرة من هؤلاء لاتكاد أمهاتهم تحفظ أساميهم فما بالك بجماهير الناخبين ، فضلاً عن وجود حالات لأشخاص وكائنات نُسب إليهم النجاح في دوائر ومناطق لايعرفونها ولم يُضبط واحد منهم يعبر أو يمر في أي من شوارعها أو حواريها يوماً ، ولو في «توك توك»!! طبعاً هذا النوع من التخرصات يقوم وينهض علي افتراض وهمي مؤداه أن حصد أصوات الناخبين في الانتخابات له طريق واحد فقط هو الوجود وسط الناس وكسب ثقتهم ، بينما الواقع يؤكد توافر طرق ووسائل أخري تعرفها «اللجنة العليا» جيداً ، وأنا شخصياً أعرف نواباً موقرين «شوريين» و«شعبويين» ينفقون السنوات الطويلة مابين كل استحقاق انتخابي وآخر وهم يسمنون ويربون «كتاكيت ناخبين» في «عشش» فوق سطوح بيوتهم ، وعندما يحل موعد الانتخابات فإن هؤلاء الناخبين «المتربيين» يتم تسليمهم للست «العليا» لكي تذبحهم ذبحاً شرعياً في مجازرها وتعمل عليهم «ملوخية انتخابية» لذيذة جداً!!