من الواضح أن المترصدين لباسم يوسف كانوا كثيرين، ولكنهم كانوا يرتدون قناع التجاهل تارة، وقناع الاستهتار تارة أخرى، وقناع الاستكبار تارة ثالثة. وفي أي حال من الأحوال، فقد تم تسليط الضوء على "السرقة" وربطها بجملة من العوامل، على رأسها السامية ومعاداة السامية وإسرائيل. ناهيك عن أن باسم أصلا في مرمى نيران الجميع لجرأة برنامجه والضجة التي أثيرت حول منع "البرنامج" ثم بثه علي شاشة أخري. فهل كان المقال الأصلي تافه إلي هذا الحد، أم أن النقل إلي اللغة العربية جعله تافها لدرجة أن أحدا لم يقترب من المقال نفسه؟ ولماذا تجاهل الجميع المقال، ونزلوا بالسياط علي باسم ليصنعوا منه بطلا تراجيديا جديدا بعد بطولاته الكثيرة؟ وربما الانتقام منه بتشويهه، مع أن ذلك يحدث يوميا!! أعتقد أن باسم يوسف لم يسرق أي شئ. والأقرب إلى الواقع أنه سُرِقَ هو شخصيا. وأكثر جملة تؤكد أنه سُرِق، هي تلك الجملة التي ذيَّل بها المقال (بصرف النظر عن تاريخ كتابتها). الجملة في حد ذاتها خطيرة: (لمحاولة فهم زاوية جديدة للصراع في القرم استعنت بعدة مقالات من بن جودا بموقع بوليتيكو، وتيموثي سنايدر بنيويورك ريفيو، إلى جانب (ما نقل من وكالات الانباء))!! إذن، فقد استعان الكاتب باسم يوسف ب "عدة مقالات" لكاتبين، و"ما نُقِل من وكالات الأنباء". أي أن المقال جاء بعد عناء وبحث وتعب وجهد "لمحاولة فهم زاوية جديدة للصراع في القرم"! إن المقال يبدأ بمطلع أو مقدمة "الحواديت". ثم تأتي كلمة "يزغر" التي تحتمل أكثر من معنى، أولها "التخويف"، ما يعني أن هناك من يخيف، وهناك من يخاف. وربما جاءت للسخرية أو للجمع بين كل تلك المعاني! والمسألة هنا مرتبطة بأزمة خليج الخنازير عام 1961 وتداعياتها. وعلى الرغم من أن مقدمة الموضوع تصلح كمقدمة طريفة ومشوِّقة لإحدى حلقات برنامج "البرنامج"، إلا أنها تتناقض تماما مع الروايات التاريخية وأحداث تلك الفترة وتدفع بها في اتجاه آخر تماما قد يرتبط بجملة "محاولة فهم زاوية جديدة للصراع في القرم" التي جاءت في نهاية المقال! أما في ما يتعلق بغسيل الأموال، فالطرفان مذنبان: أصحاب الغسيل وأصحاب المغسلة. أم أن لكاتب المقال الأصلي ولكاتب المقال غير الأصلي رأيا آخر؟! هناك عمليات إجرامية متبادلة تتم داخل إطار القانون الأوروبي والأمريكي وبعلم جميع الأطراف. وروسيا ليست استثناء في هذا المجال. ومع ذلك فموسكو ترى جيدا الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو والولايات المتحدة، وإلا لما كان قد حدث كل ما يحدث أصلا. أما مشاكل البرتغال وأسبانيا واليونان وإيطاليا وقبرص ودول البلطيق، فهي مشاكل اقتصادية تخص سياسات الاتحاد الأوروبي في المقام الأول، وتتعلق بمدى الفساد في تلك الدول والذي يقابله فساد سياسي في بروكسل – معقل الاتحاد الأوروبي. ذلك الكيان الذي يعرف جيدا مدى عمق الفساد وانتشاره في تلك الدول، ولكنه مع ذلك يقوم بحمايتها وحماية ساستها ورجال أعمالها. الحديث يجري فعلا لا عن حقوق إنسان ولا عن حريات. والأموال (الفلوس) جزء من الموضوع وليست كل الموضوع. في هذا الإطار تحديدا تدخل مغامرات الولايات المتحدة والناتو الدموية في أفغانستان والعراق وليبيا وسورية، وربما مصر وتونس أيضا. غير أن العلاقات الاقتصادية، أو بالأحرى الجيواقتصادية، لم تعد تتوقف على طرف واحد قادر على كل شئ. المسألة أكثر تعقيدا. فلا الصين تستطيع تركيع الولايات المتحدة ولا العكس. لا روسيا تستطيع تركيع أوروبا ولا العكس. فعالم القهر الرأسمالي والثروات العابرة للقارات تزوَّجت من بعضها البعض وأنجبت مصانع ومخازن للأسلحة، وحروب طائفية وعرقية في ظاهرها، وأنظمة فاسدة تتحدث عن حقوق الإنسان وحرية التعبير. فمن أي شئ يمكن أن يخاف بوتين أو أوباما أو كاميرون أو آشتون أو هولاند؟ هنا نصل إلى حرب القوقاز في 8 أغسطس 2008. تلك الحرب التي بدأها النظام الجورجي بقيادة الابن المدلل لأوروبا والولايات المتحدة ميخائيل سآكاشفيلي. من الواضح أن كاتب المقال الأصلي، وكاتب المقال غير الأصلي أيضا، يعتمدان الرواية الغربية للأحداث. فقبل بداية الحرب بعدة أشهر تم اصطياد طائرات إسرائيلية بدون طيار انطلقت من تبليسي نحو أوسيتيا الجنوبية. وبعدها اعتذرت إسرائيل رسميا لروسيا، بينما كان نظام يوشينكو – تيموشينكو في أوكرانيا يقدم كل المساعدات الممكنة لسآكاشفيلي بأوامر أوروبية – أمريكية. بل وأعلنت كييف آنذاك أنها تفتح البحر الأسود أمام السفن الحربية الأمريكية لإنقاذ الشعب الجورجي من مجازر الروس. بينما تجاهل الجميع قتل أفراد قوات حفظ السلام الروس تحديدا، وتجاهلوا أيضا كيف أعلن سآكاشفيلي مساء 7 أغسطس أنه لن يمس سكان أوسيتيا الجنوبية ودعاهم للنوم في هدوء. وفي الساعة الثانية عشرة إلا عشرين دقيقة انطلقت صواريخ "جراد" على بيوت أوسيتيا الجنوبية التي يسكنها 60 ألف نسمة فقط يحمل معظمهم المواطنة الروسية. لقد تجاهل الجميع سقطات إعلامية أخرى، عندما قامت كبريات الوكالات والفضائيات الأمريكية والأوروبية بتزوير لقطات الفيديو على اعتبار أن صواريخ "جراد" انطلقت من روسيا نحو جورجيا. وبعد يومين اعتذرت وسائل الإعلام هذه على تلك السقطة المهنية والسياسية والتاريخية. ولكن وسائل الإعلام العربية نقلت ما بثته الوكالات والقنوات الغربية في البداية ولم تنتبه (أو تجاهلت) الاعتذار ومناقشة حيثياته. هذه الحالة تحديدا تكاد تكون مشابهة لأزمة باسم يوسف مع "المقال". فقد أعجبته الفكرة، ورأي أنه قادر على الإدلاء بدلوه، فنقل وانتهى الأمر دون أن يفكر في جوهر المكتوب واتجاهه. أنا شخصيا كنت في تبليسي فجر يوم 8 أغسطس 2008، ثم انتقلت إلى مدينة "جوري"، ومنها نحو الحدود بين جورجيا وأوسيتيا الجنوبية لتغطية الحرب التي بدأت ليلا. وفي 9 أغسطس اعتقلتنا الاستخبارات الجورجية وتم ترحيلنا إلى أرمينيا. وبعد عدة أيام عدنا إلى موسكو، ومنها إلى أوسيتيا الجنوبية عن طريق فلاديقفقاز عاصمة أوسيتيا الشمالية. وعدنا إلى نفس النقطة الحدودية ولكن من ناحية تسخينفال عاسمة أوسيتيا الجنوبية. وفي يوم 21 أغسطس دخل الصحفيون إلى أراضي جورجيا بعد أن تم "ردع" نظام سآكاشفيلي الذي اعتدى على الأطفال والنساء تحت جنح الليل. ذلك النظام الذي أمر جنوده بأن يطلقوا النار على زملائهم الروس من قوات حفظ السلام من على مسافة 30 سم فقط. لم يتحدث الغرب الأوروبي – الأمريكي عن أي شئ من ذلك، بل اعتبر أن روسيا تغزو جورجيا وقام بتصدير الصورة إلى عالم ينقل بدون أن يفكر، ينقل لمجرد أن الفكرة أعجبته! هل يستطيع كاتب المقال الأصلي، أو المنقول" أن يذكر أسماء "المعارضة الروسية" التي تم الزج بها في السجون؟ سأساعدهما قليلا، هل يستطيع الكاتبان أن يتذكرا ماذا كانت تعمل تلك "المعارضة الروسية" في حقبة تسعينيات القرن العشرين، وكيف جمعت ثرواتها، وماذا كانت تريد بالضبط، وما علاقتها بحربي الشيشان؟ سأساعدهما قليلا، هل يستطيع الكاتبان أن يتذكرا من هم ميخائيل خودركوفسكي، وفلاديمير جوسينسكي، وبوريس بيريزوفسكي، وبوريس نيمتسوف والعشرات غيرهم؟ ماذا كان يفعل كل هؤلاء في الكرملين وفي مجلس الأمن القومي الروسي وفي الشيشان وفي شركات النفط والغاز الروسية؟ ومع ذلك فقد هاج الغرب الأوروبي – الأمريكي وماج بسبب خودركوفسكي وبيريزوفسكي وجوسينسكي. واستضافت بريطانيا بيريزوفسكي إلى أن استنفدت كل ثروته ووجدوه منتحرا. وها هو خودركوفسكي يخرج بعفو رئاسي من السجن ويعتزل البيزنس والسياسة. إذن، فأين جوسينسكي؟! الغرب لم يهمس، بل هاج وماج وأرغى وأزبد. ولكن مهما كانت القدرة على الكيل بمكالين وبثلاثة، فالوقاحة لها حدود، وهدم الحدود بين الأبيض والأسود، لا يعني أبدا أنهما غير موجودين! نعم، "الدليل على ذلك هم رموز أوروبا السابقون، أبطال العالم الحر. فتونى بلير رئيس وزراء بريطانيا السابق هو المستشار الإعلامى لديكتاتور كازاخستان الذى يساعده على تحسين صورته فى الغرب ليغسل صورته بعض موجات الاعتقالات والقتل المتكرر ضد معارضيه. ساركوزى رئيس فرنسا السابق غارق حتى أذنيه فى التعاملات المالية مع دولة قطر وحكامها. أما جيرهارد شرودر مستشار ألمانيا السابق فهو عضو فى مجلس إدارة الشركة التى تنشئ أنابيب الغاز بين روسياوألمانيا عن طريق البحر الأسود". هذا مقطع من المقال. إذن، عن أي شئ يدور الحديث؟ عن الأموال و"الفلوس"، أم عن شئ أكبر من ذلك بكثير؟ الحديث يدور في جانب منه حول فساد السياسة الأوروبية والأمريكية وتداعيات هذا الفساد على شعوب الدول الأخرى. ويدور أيضا عن فساد الساسة – رجال الأعمال الأوروبيين والأمريكيين وانعكاس ذلك على النساء والأطفال الذين يتحولون إلى مجرد إحصائيات لحروب لا ناقة لهم فيها ولا جمل. ويدور في جانب آخر منه حول اقتسام الكعكة بين دول رأسمالية تتحكم فيها حفنة من رجال الأعمال والساسة الفاسدين وتجار السلاح والحروب، وأموال ضخمة عابرة للقارات والضمائر والدماء. .. "لكن سيبنا من أمريكا وأوروبا. لنعد لبوتين وروسيا. بوتين يحتاج إلى إوكرانيا. هو يحتاج إلى القرم. بوتين يحتاج إلى حرب حتى ولو كانت على الورق. حين جاء بوتين رئيسا كان هناك وعد بالاستقرار، بالقضاء على الفوضى التى خلفها يلتسين ورفاقه. جاء بوتين رئيسا ثم أصبح رئيسا للوزراء تحت الرئيس الدمية ميديفيف، ثم عاد رئيسا. لم تتمتع روسيا بالاستقرار ولم تتوقف الفوضى، بل استشرى الفساد والقمع والفقر. فى ديسمبر 2011 خرج أكثر من مئة ألف روسى للتظاهر ضد بوتين. تم قمعهم وتخويفهم. ولكن بوتين يدرك تماما أنه يحتاج لقصة أخرى لتجميل وجه النظام. فالقمع لا يستطيع أن يحميه للأبد مع تصاعد الغضب".. هذا مقطع آخر من "المقال".. لنفترض أن بوتين يحتاج لأوكرانيا، هل أوباما لا يحتاج إليها؟ هل ميركل وكاميرون وهولاند وآشتون لا يحتاجون إلى أوكرانيا؟ هل يعرف الكاتبان شيئا عن "كييف الروسية"، عن "كييف" أم المدن الروسية؟ هل يعرف "الكاتبان" شيئا عن شبه جزيرة القرم؟ إذن، فمن الذي يحتاج إلى "الحرب"؟ بوتين أم أوباما أم آشتون أم راسموسن؟ إن فكرة "احتياج بوتين للحرب من أجل إنقاذ نظامه" هي كلمات نفس "المعارضة الروسية" التي قادت روسيا في تسعينيات القرن العشرين، وهي التي خرجت في مظاهرات تدعم القوميين المتطرفين والنازيين الجدد في أوكرانيا تحت راية الحرية والديمقراطية وتحت شعارات "روسيا بدون بوتين" أيضا. وماذا لو كان بوتين "يريدها حربا على الورق فقط"، بينما أوباما وميركل وهولاند وكاميرون وآشتون يريدونها "حربا على الأرض" تخلف دماء وضحايا ودمارا؟! وهو ما حدث بالفعل في ميدان الاستقلال وميدان أوروبا والشوارع المحيطة بهما علي أيدي مقاتلي قطاع اليمين المتطرف الحاكم الفعلي لكييف الآن. هل سمع "الكاتبان" عن القناصة الذين أطلقوا الرصاص على رجال الأمن والمتظاهرين في آن واحد يوم 20 فبراير 2014 في ميدان الاستقلال؟ وهلا سمعا عن "السيارة" التي دهست المتظاهرين؟ هل يمكن أن يتذكر أي من "الكاتبين" أين حدثت تلك المشاهد وفي أي ميدان آخر في شمال أفريقيا؟ نعم خرج الروس ليحتجوا ضد سياسات بوتين وحكومته. هل هذا يعني شيئا آخر غير ما يعنيه خروج الأمريكيين والفرنسيين والإسبان والبرتغاليين والقبارصة والإيطاليين والبريطانيين للاحتجاج ضد سياسات حكوماتهم؟ لكن عندما يقود المظاهرات في روسيا نفس "الشلة" التي أحاطت بيلتسين، فهي تختلف طبعا، من وجهة نظر حقوق الإنسان وحرية التعبير في الغرب، عن مثيلاتها في أوروبا وأمريكا!!! ويتكرر نفس الكلام ونفس البروباجندا، مع التعمد في خلط الزمن، عن تأسيس الاتحاد الأوراسي. إن ذكر الاتحاد الأوراسي بعد مقطع المظاهرات ونظام بوتين يعطي انطباعا بأن بوتين أسس هذا الاتحاد منذ ساعتين فقط. والأكثر إثارة للدهشة أن بوتين يريد إحياء الاتحاد السوفيتي. هذا الكلام تحديدا هو ما تنتجه الألة الدعائية الغربية لأصحاب العقول الضعيفة. أي اتحاد سوفيتي، وأي بوتين الذي يريد إحياء الاتحاد السوفيتي؟ ويأتي الجزء الخاص "بأهمية أوكرانيا"! لنكتشف أن بوتين يريد ضم الدول الأخري ومن ضمنها أوكرانيا لإحياء الاتحاد السوفيتي. عن أي شئ يدور الحديث؟ لا أحد يفهم بالضبط عن أي دول تتحدث الآلة الإعلامية الغربية! إن دول البلطيق الثلاث (أستونيا ولاتفيا وليتوانيا) أصبحت أعضاء في الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، وتشكل عالة اقتصادية علي الاتحاد. وأوزبكستان تناور إلى جانب تركيا، وتركمانستان أعلنت نفسها دولة محايدة. وأذربيجان تناور هي الأخرى مع تركيا وتراوح بين أوروبا والولايات المتحدة. وجورجيا تحولت إلى دولة فاشلة بفعل سياسات ومغامرات سآكاشفيلي وتوجيهات الغرب. ومولدافيا التي تنتظر مصير أوكرانيا في أحسن الأحوال. وقيرغيزيا تلملم نفسها بعد بوادر حرب أهلية ووقوعها بين أنياب الولايات المتحدة والناتو لسنوات طويلة.. إذن، الحديث يدور حول كازاخستان وبلوروسياوأوكرانيا! وبالتالي يبدو كلام الآلة الإعلامية الغربية مدعاة للسخرية. ولكن هذا الكلام ليس موجها لمن يستطيع الاطلاع وبذل الجهد لمعرفة الحقيقة. إنه موجه لأصحاب العقول الضعيفة والهمم الضعيفة وهواة الوجبات السريعة "تيك أوي".. إن أكثر ما يثير السخرية، هو التركيز على أن الشباب في أوكرانيا يريد الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. فهل أخذ "الكاتبان" رأي الاتحاد الأوروبي في ذلك؟ هل أعلن الاتحاد الأوروبي أنه يريد ضم أوكرانيا؟ وهل وجه الشباب أنفسهم هذا السؤال للاتحاد الأوروبي؟ إذن، هناك آلة أخرى تسعى لخلط الأوراق وتمرير اتفاقية الشراكة بين أوكرانيا والاتحاد الأوروبي. وهي اتفاقية لا علاقة لها بانضمام أوكرانيا للاتحاد الأوروبي. وفي النهاية تأتي الجملة الأهم التي تثير شهية "المجتهدين الذين يريدون الحقيقة والزوايا الأخرى": " النتيجة ثورة عارمة للشباب بسبب الاتحاد الأوراسى والفقر والفساد وقمع المعارضين. فثار الشعب على يانوفوكيتش الذى هرب إلى موسكو"... إذن، المسألة ثورة عارمة بسبب "الاتحاد الأوراسي"، و"الفقر والفساد" و"قمع المعارضين".. إن الاتحاد الأوراسي عامل متغير وورقة سياسية – اقتصادية، سواء لدى يانوكوفيتش أو تيموشينكو – يوشينكو أو حكام كييف الجدد. كل منهم يستثمره لأهداف سياسية ومصالح اقتصادية خاصة وشخصية. ومع ذلك لم تكن أوكرانيا عضوا نشطا في هذا الاتحاد، ولا حتى مجرد عضو في الاتحاد الجمركي. أما قمع المعارضين، فهو عامل آخر مشترك بين يانوكوفيتش وتيموشينكو ويوشينكو، بينما الحكام الجدد في كييف يقتلون المعارضين ولا يقمعونهم. يقتلونهم في الشوارع والميادين. يبقى فقط "الفقر والفساد"، وهو السبب الحقيقي لخروج الناس إلى الشوارع سواء ضد يانوكوفيتش أو تيموشينكو أو يوشينكو. الفقر والفساد، لأن يانوكوفيتش وتيموشينكو ويوشينكو رجال أعمال أصلا ويمتلكون شركات ومؤسسات عاملة في مجال الطاقة (الغاز والنفط) وفي مجالات الخدمات والسياحة. ونصل إلى "وهنا جاء غزو القرم"! عنوان صادم وواضح ومباشر: "غزو"! فبوتين بحاجة إلى غزو القرم لإلهاء الناس عن الكوارث التي يرتكبها يوميا بحق البشرية. لقد حاولت الآلة الإعلامية الغربية ضرب "أوليمبياد سوتشي" فلم تنجح. والآن يتم ربط "غزو القرم" بأوليمبياد سوتشي". وبالتالي، لدينا غزو وحرب وقتل ودمار ودماء وتشرد وتهجير، ولدينا أيضا "أوليمبياد" مبني على الرشوة والفساد والقمع والفقر والجهل والأمية!! ويأتي المقطع الكارثة: "بوتين يحتاج إلى حرب يهلل لها الروس. فالقرم ليست «تبليسى». القرم كانت جزءا من روسيا حتى سنة 1954. القرم هى مقر الاسطول الاسود الروسى. القرم هى وجهة السياحة لأكثر من مليون روسى سنويا. القرم هى النادى الريفى المرفه الذى يعرفه الروس جيدا ويرتبطون به وطنيا وعاطفيا. القرم هو اخر مثال لرومانسية القرن التاسع عشر حين احتلتها روسيا وأخذتها من الدولة العثمانية"..... .. "القرم ليست تبليسي. القرم كانت جزءا من روسيا".. "القرم... احتلتها روسيا وأخذتها من الدولة العثمانية"! إنها كارثة بكل المعايير عندما نبدأ مقطعا وننهيه بهاتين الجملتين. ونكتشف أن شبه جزيرة القرم تركية واحتلتها روسيا بعد أن كانت روسية وأعطاها خروشوف لأوكرانيا!! عن أي شئ يتحدث "الكاتبان" هنا؟ أو بالأحرى، ماذا يريد أن يقول "الكاتب" و"المترجم"؟!! وليكن الأمر كما يريد أي منهما أو كلاهما. ولكن ماذا يعتقد كل منهما بشأن أهمية القرم بالنسبة لأوروبا والولايات المتحدة وحلف الناتو؟ وهل قرز أي منهما عن حرب القرم في أواسط القرن التاسع عشر التي وقفت فيها فرنساوبريطانيا خلف الدولة العثمانية لضرب روسيا، وأسفرت الحرب آنذاك عن مقتل نصف مليون شخص؟! في الحقيقة، لا يهم، هل سرق باسم يوسف المقال أم لم يسرقه. المثير في الأمر، أن باسم يوسف سُرِق مع سبق الإصرار والترصد. وهو الذي سرق نفسه. وعموما هذه مشكلته هو وعليه أن يحلها مع نفسه أولا ومع علاقته بالثقافة والمعرفة، وفهمه لجوهر دور الفنان أو المثقف. ولكن ما جاء في المقال يثير الشكوك، أو التساؤلات في أحسن الأحوال. فهل اختار باسم يوسف هذا المقال تحديدا لهذا الكاتب تحديدا بشكل عفوي ليترجمه؟ والسؤال بشكل أوضح: هل كان مقصود أن يقوم باسم يوسف تحديدا، وهو الشخصية الأكثر شهرة وإثارة للجدل، باختيار هذا المقال لهذا الكاتب ليطرحه بهذا الشكل على محبيه ومعجبيه؟! إن باسم يوسف لم يسرق أي شئ، لأنه يفكر بالضبط هكذا، ويرى الموضوع من هذه الزاوية فعلا!!