يمر الوطن بلحظة دقيقه وخطيره، فالارهاب يتصاعد ويتسع ليستهدف المواطنين ورجال الشرطة ومؤسسات الدولة والسياحة فى كل مكان، اتساع قد كشف عن عجز حقيقى للاجهزة الامنية للتصدى لهذا التحدى المتزايد. فاستهداف مديريات الامن والاغتيال اليومى لأمناء الشرطة والجنود والضباط فى كل محافظات مصر، ومؤخرا الهجوم الإرهابي على حافلة للسياح الكوريين في طابا، ترك انطباعا عاما لدى قطاع واسع من المواطنين المصريين ان وزارة الداخلية غير قادره على التعامل مع الموقف الصعب. وفي نفس الوقت، فإن شهادات التعذيب من السجناء السياسيين و شباب الثورة وحتى الجنائيين اصبحت اخبارا يومية يطالعها المصريين. فبين التعذيب فى السجون والاقسام وأنتهاك القانون والتوحش فى التعامل مع الاهالى كما حدث فى الايام الأخيرة مع أهالى عزبة النخل والنهضة، وغياب الكفاءه فى التصدى لخطر الإرهاب الذى طالت يده كل مكان فى مصر، مع سخط طبيعى من افراد الأمن الذين يدفعون ثمنا باهظا، سخط عبر عن نفسه باغلاق أمناء الشرطة مديريات الأمن فى عدد من المحافظات، تبدو الداخلية فى أزمة عميقة تفقدها ثقة عموم المواطنين فيها وفى الدولة المصرية فى لحظة تحتاج الدولة المصرية دعم المجتمع. هذا الدعم الذى لن يأتى بينما تفشل الدولة فى تحقيق الحد الأدنى من مهامها وهو"الأمن"، بينما تستمر انتهاكات الداخلية فى حق المواطنين، الأمر الذى يفقد الجهاز اى تعاطف أو دعم يوما بعد يوم.
لهذا يعود شعار هيكلة الداخلية فى هذه اللحظة مطلبا وطنيا بامتياز. فالوطن أصبح فى حاجة لداخلية جديدة قادره على تحقيق الأمن واكتساب ثقة الشعب المصري ودعمه، داخلية قادرة على حماية افرادها وتأمين بيئة اجتماعية داعمه لها بينما تقوم باداء واجبتها الوطنية التى يتطلع لها كل الشعب المصري، داخلية تحرص على آمن المواطن وتحترم الدستور وتخضع للقانون وتقبل المحاسبة والرقابة من مؤسسات المجتمع ومن الجهاز المركزى للمحاسبات.
أن استمرار الحصانه التى تتمتع بها الداخلية والتى حمتها من المراقبة وحمت افرادها من المحاسبة على بعض الممارسات الأجرامية على مدى العقود الماضية فى حق الشعب المصرى لن ينتج سوى سخط شعبي متزايد و بيئة اجتماعية مثالية لنمو الارهاب.
إن شعار هيكلة الداخلية ومنذ أن رفعته ثورة 25 يناير 2011 لم يكن الهدف منه الانتقام من الشرطة، بل كان الحرص على الوطن. فلا قدره لاى نظام على التصدى لمشكلات الوطن وأزماته المتفاقمه بدون ثقة أغلبية المواطنين فى عدالة الدولة ورشادتها. وفى هذا السياق، تمثل وزارة الداخلية ركنا مهما لاكتساب الدولة هذه ثقة المواطنين.
بناء عليه يطالب الموقعون أدناه عدم الإبقاء على الوزير محمد إبراهيم في تشكيل الحكومة الجديدة، و اختيار وزير جديد يقوم بتغيير سياسات الداخلية و العمل على إعادة هيكلتها. فقد رفعت ثورة يناير مطلب اعادة هيكلة الداخلية ضمن مطالبها الاساسية التى تضمنت ايضا استقلال القضاء وانجاز اصلاحات جادة لتحقيق العدالة الاجتماعية. وان الموقعون أدناه لازالوا يرون ان هذه المطالب هى السبيل الوحيد لانقاذ الدولة المصرية والوطن من براثن الارهاب والاضطرابات، هى السبيل الوحيد لبدء مشروع وطنى لاصلاح الدولة وتحقيق التنمية. وبدون التحيز لهذه المطالب ولثورة 25 يناير، سيظل الوطن مآزوم، يدور فى دوائر مفرغة من الفشل والتراجع. تحيزوا للوطن وأعيدوا هيكلة الداخلية كخطوه حاسمة للتصدى للارهاب، كخطوة اولى فى الطريق نحو الاستقرار والتقدم.