أكد الدكتور إيهاب الخراط – الخبير النفسي ووكيل مؤسسي الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي – أن الحزب ينتظر الاجتماع مع الدكتور عصام شرف –رئيس مجلس الوزراء – لعرض المبادرة الشخصية التي أعدها نشطاء "المصري الديمقراطي" لإعادة هيكلة جهاز الشرطة المكونة من عشر نقاط لطرح سبل تفعيلها مضيفا أن ما تم من تغييرات بوزارة الداخلية لا يرقى أبداً لمستوي مطالب الثورة ولا التحديات الأمنية التي تواجه الوطن ولذلك حرصنا على القيام بهذه المبادرة لعلاج مظاهر الانفلات الأمني المتزايد في الفترة الماضية. الخراط لفت خلال المؤتمر الصحفي عقد بمقر الحزب بالجيزة صباح اليوم الأحد لإعلان المبادرة - أنه في ظل استمرار الانفلات الأمني الذي يختلط تفسيره بين العجز وشبهات التواطؤ داخل أجهزة الدولة بما فيها بعض أجهزة الشرطة واستمرار التراخي في القبض علي البلطجية المعروفين للداخلية منذ زمن بعيد والاستمرار في استخدامهم بنفس الطريقة الموجودة قبل سقوط مبارك لا مفر من إصلاح جهاز الأمن بشكل جذري وثوري وشجاع متفق مع مباديء ثورتنا. الخراط أكد أنه كطبيب نفسي قابلته حالات عديدة من رجال اغتصبوا في أقسام الشرطة لذا لا يمكن إنكار حدوث مثل هذه الانتهاكات كما أن افراد الشرطة الذين شهدوا أحداث الثورة وقتل زملائهم حدثت لهم صدمات نفسية ولابد من علاجهم قبل عودتهم للعمل حتي لا يكون أمن الوطن في يد أشخاص مضطربين نفسياً، الكتلة المصرية بدورها ستتبنى مبادرة الحزب وستسعى لتفعيلها لعلاج أكثر قضايا الوطن إلحاحاً في هذه المرحلة. مبادرة الحزب تتكون من عشر نقاط أولها عودة الشرطة تتطلب قبولاً اجتماعياً ولن يتحقق ذلك على الأغلب سوى بإلغاء أسوأ أجهزتها سمعة وهي الأمن السياسي (الأمن الوطني حالياً) والأمن المركزي ورقابة شعبية على أدائها وتقسيما لإداراتها بما يمنع تركز قوة قمعية ضخمة تحت يد مسئول واحد. ثانيا: تتطلب عودة الشرطة إجراءات قوية بحق الضباط الممتنعين عن أداء عملهم وقبول استقالة كافة المتقدمين بها، وكذلك إنهاء خدمة كل من يثبت القضاء إرتكابه لجرائم التعذيب أو الفساد أو السرقة وغيرها من جرائم ترويع الآمنين، مع التخريج الفوري لدفعتين من كلية الشرطة للدفع في الشوارع بوجوه جديدة ليس لديها المشكلات التي تولدت عن المواجهة مع الشعب خلال الثورة ولم تكوّن بعد عداءات وتخلق ثأرات لدى المواطنين بحكم الممارسات المستفزة، كما يمكن تأسيس برنامجين فوريين؛ الأول لاستيعاب أعداد من خريجي كليات الحقوق في جهاز الشرطة بعد تأهيلهم من خلال دورات للعمل الشرطي وتدريبات بدنية، والثاني برنامج للمعاش المبكر (الذي يعرض على مجموعة محددة) للضباط والأفراد المشكوك في ارتكابهم انتهاكات لحقوق الإنسان أو تورطهم في الفساد ويصعب إثبات ذلك عليهم قانونياً. ثالثاً: بالنظر إلى جهاز الأمن الوطني بشكل خاص فسنجد أن نسبة كبيرة من العاملين به هم من رجال جهاز مباحث أمن الدولة -المنحل- وغالبيتهم العظمى متورطة في التعذيب سواء بأيديهم أو بإعطاء الأوامر والتستر، كما أن العقيدة الأمنية التي تربوا عليها تعادي الحريات العامة وتقدس السلطوية وترى في الأجهزة الأمنية وصياً على أفكار وتصرفات المواطنين في مواجهة أخطار متوهمة، كما أن مكافحة التجسس في مصر يعد نشاطاً حصرياً للمخابرات، لذلك يجب حل هذا الجهاز تماماً لانتفاء أهميته ولتورط أفراده في الانتهاكات، ويمكن لاحقاً تأسيس جهاز جديد بالكامل لمكافحة الإرهاب أو ضم هذا الدور للمباحث العامة كما هو الحال في الولاياتالمتحدة. رابعاً: فيما يتعلق بالأمن المركزي، فلم يعد مقبولاً في القرن الحادي والعشرين أن نضع مئات الآلاف من الجنود المخصصين لمواجهة التظاهرات والاعتصامات تحت إمرة شخص أو جهاز واحد، كذلك فإن فيديوهات منشورة وشهادات عن أحداث 28 و29 يونيو الماضي تظهر تطور أداء هذا الجهاز في اتجاه غير مهني ينذر بتحولها إلى شكل أقرب للعصابة المنظمة، ويمكن رصد هذه الملامح في قيام رجل شرطة بسب المتظاهرين عبر ميكرفون "ميري" في الميدان، والمفترض أن يكون استخدام مثل هذه الأداة محدداً بإلقاء الأوامر أو التحذيرات أو حتى الاستغاثات. وفي مشهد آخر يظهر رجل شرطة يلوح ويرقص ويقوم بحركات بذيئة متوعداً المتظاهرين ب"سنجة" وهي سلاح معروف لدى البلطجية واللصوص بشكل خاص ومنتشر في المناطق الشعبية بشكل عام، والأكيد أنه ليس سلاحاً نظامياً تستخدمه الشرطة المصرية، أيضا استخدمت قوات الأمن المركزي الحجارة بشكل رئيسي في الاشتباك مع المتظاهرين بشكل يوحي أولا بجبنهم عن المواجهة المباشرة وثانياً بضعف الانضباط وسطهم أو الأوامر الغير نظامية التي تقول "استخدم أي حاجة تعور المتظاهرين وخلاص"، وأخيراً استخدام مجموعات مدنية مسلحة بأسلحة بيضاء لدعم قوات الأمن بشكل يوحي أن الشرطة تقبل مخالفة القانون (يمنع القانون في مصر منعاً باتاً حمل الأسلحة البيضاء) إذا كان ذلك في مصلحتها. أيضاً لم يعد من المعقول أن تكون الخدمة الوطنية التي يؤديها مئات الآلاف من الشباب -مجبرين- تتمثل في حماية النظام السياسي وقمع الشعب، فمن الأفضل إعادة هذه الأعداد لمجال تأدية خدمتهم الوطنية الحقيقة (خدمة العَلَم وحماية الحدود). ويمكن استبدال جهاز الأمن المركزي بمجموعات صغيرة من فرق مكافحة الشغب مع قصر عملها على الظروف المشددة ضمن ضوابط دستورية واضحة. خامساً: يجب العمل على إعادة هيكلة وزارة الداخلية عبر فصل كافة القطاعات والإدارات التي لا تقوم بأعمال من صميم العمل الأمني عن الوزارة وضمها لوزارات متخصصة، كأن يتم فصل شرطة المرور والسياحة إلخ وضمها إلى الوزارات المعنية مثل النقل والآثار إلخ، وفصل الأحوال المدنية عن الشرطة وجعلها جهازاً مستقلاً أو ضمه لوزارة مختصة. وهناك ضرورة لتحويل تبعية مديريات الأمن إلى المحافظين، خاصة بعد تحويل نظام اختيار المحافظين من التعيين إلى الانتخاب، ليصبح المحافظ هو رئيس جهاز الشرطة في محافظته وبالتالي تسهل محاسبته على أي تجاوزات يقوم بها موظفوه، ويمكن بعد تطبيق هذه الهيكلة البحث في إلغاء وزارة الداخلية تماماً، أو تحوليها لوزارة دولة. سادساً: إحدى الوسائل المهمة لبناء الثقة في المواطنين والشرطة هي الرقابة الشعبية على أداء الشرطة، فكما حلت اللجان الشعبية مكان رجال الشرطة في حفظ الأمن فيمكن تكوين لجان شعبية تضم ممثلين منتخبين عن الأحياء تراقب الأقسام وتفتش عليها، ويمكن ضم فرد أو أكثر من السلطة القضائية لهذه اللجان لإعطائها سلطة أكبر. كما يمكن إحياء مبادرات مثل “المجموعة المدنية للرقابة على جهاز الشرطة”، وهي مجموعة كانت تقول عن نفسها إنها “أمين مظالم مدني”، ينصب تركيزها على مجال فساد الشرطة وسوء المعاملة، والتشجيع على قيام منظمات حقوق الإنسان بدور في عمليات الرقابة الشعبية على أداء الشرطة. سابعاً: توجد ضرورة قصوى أيضاً لإعادة هيكلة الرواتب في جهاز الشرطة، فخلطة راتب ضعيف وسلطة كبيرة هي خلطة مؤكدة للفساد، ويجب في سبيل ذلك السماح بتكوين التنظيمات النقابية للعاملين بجهاز الشرطة و تشجيع تطور الأشكال الأولية القائمة منها بالفعل مثل "ائتلاف أفراد وأمناء الشرطة". ثامناً: التأكيد على كون جهاز الشرطة (جوهرياً وليس اسمياً) هيئة مدنية وليس هيئة عسكرية ضرورة قصوى، وفي سبيل ذلك يجب إلغاء الرتب العسكرية العليا مثل رتبة لواء من جهاز الشرطة والعودة للرتب القديمة مثل حكمدار أو مفتش عام الخ، ويجب حظر محاكمة أفراد أو ضباط الشرطة أمام محاكم عسكرية في المخالفات المهنية أو التحقيقات الداخلية. تاسعاً: التأهيل النفسي لضباط وأفراد الشرطة العاملين حالياً يعد مشروعاً ملحاً خاصةً وأن الكثير منهم تم تأهيله وإعداده نفسياً خلال عهد مبارك ليتقبل قيامه بالقمع والتعذيب باعتباره مهمة عمل تقليدية، ويمكن أن تشارك مؤسسات المجتمع المدني في هذا النشاط بما يخفف العبء على الجهات الحكومية المتخصصة. عاشراً: النقطة الأخيرة في هذه المجموعة من الأفكار هي المحاسبة عن كل الجرائم التي ارتكبتها الشرطة خلال السنوات الماضية وخاصة جرائم التعذيب، ومعروف طبعاً أن جرائم التعذيب لا تسقط بالتقادم في مصر، ويمكن الاستفادة هنا من تجارب الأمم الأخرى مثل بلدان أمريكا اللاتينية وحتى المغرب، التي شكلت لجنة باسم “لجنة الحقيقة والعدالة والمصالحة”، هدفت لطي صفحة الدكتاتورية وجرائمها السياسية.