عزيزي القارئ الكريم .. أرجو أن تتسامح وتغفر لهذه السطور ما قد تجده فيها من أعراض ارتباك وملامح ركاكة، أعترف بأنني لم أستطع تجنبها وأنا أكتب بينما حالي كحالك تماما، موجوع النفس ومشحون ومعبأ حتي الحلقوم بغضب لا متنفس له ولا مخرج سوي لغة الكلام علي بؤسها وعجزها التعبيري الفاضح عن وصف شعور غائر وعميق بالعار والشنار كان مطوياً ساكناً بين الضلوع حتي نكأته وهيجته بعنف صباح أمس أنباء أحدث جرائم العدو الصهيوني الوحشية وأكثرها غوصاً في الخسة والهمجية والغباء معاً، فضلا عن تجسيدها البليغ والمذهل لطبيعة وسمات كيانه العنصري اللقيط القائم علي اللصوصية والعدوان الذي ما فتئ يتفاقم ويستفحل ويزداد يوماً بعد يوم دموية وجنونا تحت غطاء واق ومحكم لايوفره فقط دعم أمريكا وحكومات الغرب اللامحدود لهذا الكيان مهما عربد وأجرم، وإنما يساهم في بنائه (ربما بالنصيب الأكبر) ضعف وتخاذل وانحطاط بل وتواطؤ حكام أمتنا العربية المنهوبة والمنكوبة بهم. أكتب إذن، والأخبار تتري وتتزاحم راسمة أبعاد وتفاصيل الجريمة المروعة الرهيبة التي ارتكبها العدو فجر أمس في عرض البحر المتوسط عندما استهدف بآلة القتل الحربية الأمريكية الصنع ثلاث سفن مدنية مسالمة كانت تحمل علي متنها مئات العزل من شرفاء وأحرار العالم تركوا بيوتهم وأهلهم وأوطانهم تلبية لنداء الضمير الإنساني الذي انتهكه وجَرحه الصمت المخزي والمشين علي الجريمة الأسوأ بين كل جرائم ومخططات الإبادة والقتل الجماعي البطيء التي عرفها تاريخ البشر، أي تلك التي اقترفها العدو وهو يفرض علي مليون ونصف المليون إنسان من أهلنا في قطاع غزة حصاراً شاملاً وطويلاً وغير مسبوق جعل من القطاع أضخم وأفظع سجن في الدنيا، تاركاً مهمة حراسة بوابته الوحيدة ولا فخر لنظام الرئيس حسني مبارك فإذا بهذا الأخير يؤدي المهمة بإخلاص وصرامة يثيران العجب !! لقد سقط في جريمة العدوان والقصف المجنون علي سفن "أسطول الحرية" الذي كان ينقل إلي لحمنا المحاصر في غزة إضافة لشحنات الغذاء والدواء أنبل وأجمل مشاعر التعاضد والتضامن الإنسانيين، عشرات الشهداء والجرحي أغلبهم لا يتحدثون لغتنا ولا ينتمون لأمتنا ولا يعرفون أرضنا لكنهم ارتقوا أعلي مراتب الشرف والرقي الروحي والأخلاقي، إذ أخلصوا بعظمة وبسالة وحتي الموت لقضية الحرية والكرامة الإنسانيتين . إن أدني واجب يفرضه علينا هذا الحدث الجلل وأقل ما نستطيع أن نهديه نحن المصريين بالذات للدماء الذكية التي أسالها العدو في عرض البحر والأرواح الطاهرة التي صعدت إلي الخلود أمس، أن نتوحد ونرفع الصوت عاليا في وجه حكامنا الذين أهانونا ومرغوا شرفنا وسمعتنا في الوحل، مطالبين باتخاذ إجراءين اثنين يمثلان الحدود الدنيا التي تحفظ ما تبقي لهذا البلد من قيمة وكرامة وهما: أولا: الإنهاء الفوري لعار مشاركتنا في حصار قطاع غزة عن طريق إعلان تمسك مصر بسيادتها علي أرضها وحدودها، ومن ثم فتح معبر رفح تماما وبشكل مستمر وإخضاعه لجميع الإجراءات المتبعة في كل منافذنا الحدودية الأخري. ثانيا: طرد سفير العدو الذي يلوث بأنفاسه سماء القاهرة وسحب سفيرنا من فلسطينالمحتلة، وقطع ( أو علي الأقل تقليص) العلاقات التجارية والسياسية مع الكيان الصهيوني، والتوقف نهائياً وفوراً عن دعوة واستقبال كل المجرمين الصهاينة في القاهرة أو في شرم الشيخ .. ولا حول ولا قوة إلا بالله.