«إخلال باتفاقية 1959 الموقعة بين مصر والسوان»، هذا ما أعلنه الخبراء تعليقا على إعلان الخرطوم حيادها تجاه قضية سد النهضة الإثيوبى، وهو الموقف الذى صرح به وزير الخارجية السودانى على كرتى، معلنا أن موقف بلاده حيادى تجاه أزمة سد النهضة بين القاهرةوأديس أبابا، نافيا تعاطف السودان مع أى طرف باعتبار أن الخرطوم تجمعها مصالح مشتركة مع كلا البلدين. كرتى أشار فى تصريحاته إلى أن الخلافات العالقة بين إثيوبيا ومصر، لن تتم معالجتها عبر الصراخ الإعلامى والنظرة الدونية للآخرين، على حد وصفه، مؤكدا أن بلاده ستواصل جهودها لتقريب وجهات النظر بين إثيوبيا ومصر، تجاه خلافات البلدين حول سد النهضة، موضحا أنه سيزور مصر قريبا، وأن هناك ترتيبات مع الحكومة المصرية بشأن الزيارة، قائلا: إن «الترتيبات تجرى بصورة عادية وليس هناك سبب لتأجيل الزيارة».
تصريحات وزير الخارجية السودانى تعد تغييرا فى الموقف السودانى الذى كان يعتبر سد النهضة مصلحة مشتركة للخرطوم وأديس أبابا معا، إضافة إلى إعلان السودان مشاركته فى الجوانب الفنية لبناء السد.
الدكتور محمد نصر الدين علام وزير الموارد المائية والرى الأسبق أوضح فى تصريحات خاصة ل«الدستور الأصلي» أن الموقف الحيادى الذى أعلنته السودان يخالف التزاماتها الموقعة مع مصر فى ضوء اتفاقية عام 1959، حيث تنص الاتفاقية على أنه عند التفاوض مع أى دولة من دول حوض النيل يجب أن يكون هناك رأيا موحدا لمصر والسودان، وهذا الرأى تعده الهيئة الفنية المشتركة لمياه النيل، ويلتزم به البلدان وبالتالى لا يجوز أن تكون هناك دولة محايدة وأخرى متضررة، ويجب أن تعمل الدولتان معا لرفع الضرر عنهما، وفى هذا الصدد يجب أن تعمل الحكومة المصرية على جميع الأصعدة لتوحيد المواقف وتأكيد التزام البلدين باتفاقية عام 1959.
علام طالب بتقديم مذكرة قانونية لإثيوبيا تتضمن المطالب المصرية والتحفظات على حجم السد وسعته وسنوات التشغيل والملء، لافتا إلى أن سد النهضة بدأ يظهر فوق الأرض وانتهى الإثيوبيون من أكثر من 25٪ من بنائه، مشيرا إلى أنه فى حالة استكمال البناء إلى 50٪ من السد سيكون من الصعب جدا إيقافه، مطالبا بتغيير مسار المفاوضات الحالى لينتقل من مرحلة استكمال الدراسات الناقصة إلى التفاوض حول سعة السد وسياسات التشغيل وسنوات التخزين، واصفا المسار الحالى للمفاوضات بين مصر وإثيوبيا بأنه «مسار فاشل» وأن إثيوبيا تتعمد إضاعة الوقت، قائلا «للأسف مصر تنصاع للأجندة الإثيوبية»، مطالبا بإيقاف بناء السد لحين انتهاء المفاوضات خصوصا أن إثيوبيا تراوغ لإلهاء مصر وإغراقها فى اجتماعات غير ناجحة.. وزير الرى الأسبق طالب بتشكيل لجنة تقصى حقائق دولية لدعم المفاوضات وأن يتم الاتفاق بين الدول الثلاث على حجم سد أصغر من الذى تطالب به إثيوبيا، والتفاوض حول سنوات الملء وسياسات التشغيل، إضافة إلى إرسال مذكرة قانونية من الخارجية المصرية إلى نظيرتها الإثيوبية تشرح فيه مصر حقوقها التاريخية فى مياه النيل، مع شرح الأسانيد القانونية. وقيام أديس أبابا بشكل منفرد بالبدء فى إنشاء سد النهضة دون الإخطار المسبق لدولتى المصب مصر والسودان، مع التأكيد أن إثيوبيا لم تراع الآثار السلبية على مصر والسودان، وكذلك إبراز المرونة التى أبداها الجانب المصرى والاستجابة لطلب رئيس الوزراء الراحل ميليس زيناوى لمشاركة مصر فى أعمال اللجنة الثلاثية التى استمرت عاما ونصف وأظهرت قصورا شديدا فى الدراسات الإثيوبية من الناحية الإنشائية والهيدرولوجية.
علام أوضح أنه بعد الانتهاء من هذه المذكرة يجب إرسال نسخة منها إلى كل من الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقى والبنك الدولى والاتحاد الأوروبى، لإثبات حالة النزاع القائمة بين مصر وإثيوبيا، مطالبا القاهرة بالتوجه إلى السودان لاستعادته كشريك استراتيجى فى هذا الملف وتوحيد الرؤى بين البلدين، مشيرا إلى أن إثيوبيا تتعنت فى موقفها مع مصر وتصر على إنشاء سد بهذا الحجم الضخم للتحكم فى المياه بالحوض الشرقى، وترغب فى الترويج بأنها دولة كبرى على حساب مصر كما تهدف إلى كسر الإرادة المصرية