مر عامان و7 أشهر علي تصفية نوفل سعد الدين.. خط الصعيد الأشهر.. ورجل العلاقات الغامضة مع جنرالات الداخلية.. رحل الرجال بعد أن انتهت حياته رمياً بالرصاص في زراعات القصب بمعقله بقرية حمرا دوم في قلب محافظة قنا.. لكن رحيله عن الوجود لم يضمن علي الأرجح رحيلاً مماثلاً لكم هائل من الأسرار التي تكشف عنها «الدستور» نقلاً عن روايات موثقة بالصور لزوجته ونجله الوحيد الذي لم يتجاوز عمره السابعة عشرة. أحمد نوفل سعد الدين هذا هو اسم الابن الوحيد لخط الصعيد التقيناه في محطة القطار.. فجراً اتجهنا إلي قرية «حمرا دوم» داخل سيارة ملاكي وبدأ الحوار داخل مندرة الفيلا في الطابق الأرضي.. بدأ «أحمد» ابن ال«17 عاماً» يروي ما يتذكره عن والده.. حيث قال ذهبت مع والدي كثيراً إلي اللواء يحيي البهنساوي محافظ قنا الأسبق وتقابلت مع مدير أمن قنا واللواء درويش مصطفي اللي كان ماسك الأمن العام في قنا.. وكنت أشاهد العشرات من قيادات الداخلية يحضرون إلي منزلنا فقد كانوا يرتبطون بوالدي بعلاقة صداقة قوية فهو صاحب الفضل عليهم في إنهاء أعمالهم التي يعجزون عن القيام بها خاصة فيما يخص الهاربين في الجبال فوالدي كان خبيراً بكل الممرات والمغارات الجبلية علي مستوي الصعيد. وأضاف أحمد أنه حضر مع والده أكثر من افتتاح حضره العديد من القيادات الأمنية والمحافظ ومنها افتتاح مدرسة «حمرا دوم» ذات الفصل الواحد «عام 2001 والتي تبرع والده بأرضها» وبنيت المدرسة برعاية السيدة سوزان مبارك وافتتحها وكيل أول وزارة التربية والتعليم ورئيس المجلس المحلي لنجع حمادي.. وقد تقدم والده بأكثر من طلب للتبرع لبناء معهد أزهري ومدرسة إعدادي لأبناء القرية.. وقام والده ببناء مسجد نقطة شرطة «حمرا دوم» التي تبرع جده «سعد الدين» بأرضها للشرطة. وأشار أحمد غاضباً إلي أنه يرفض إطلاق لقب «خط الصعيد» علي والده فهو ليس خطاً كما تقول الصحف.. فوالده لم يوقف قطاراً أو يقطع طريقاً ولم يأخذ جنيها لقتل شخص... إنما كان يساعد الشرطة في القبض علي الإرهابيين وكبار اللصوص وقتلهم إن استدعي الأمر ومنهم «خالد الخلاوي» أحد أصحاب ضربة الدير البحري بالأقصر و«محمد عبدالوهاب وحسن الشاطبي» قتلة اللواء «عبدالحميد غبارة» الذي تم قتله في كمين نجع حمادي. وأضاف أنه يتحدي أي شخص حتي لو كان من الداخلية نفسها أن يقول إن والده باع له بندقية أو ذخائر أو مخدرات.. وهذه المقولة كان يقولها والده دائماً عندما يسمع شائعات بأنه يتاجر في المخدرات والأسلحة.. والذي يثبت ذلك هو دفاتر أحوال مركز نجع حمادي والقضايا التي تم اتهام والده فيها ظلماً.. فوالده كان معه ترخيص ثلاثة أسلحة نارية طبنجة بلجيكية الصنع عيار 9 مم وبندقية خرطوش من نوعية ميزر الإيطالي وسلاح آلي.. وقد قابل والده اللواء حسن الألفي وزير الداخلية السابق شخصياً وجلس معه بعد مذبحة السياح بالأقصر وكرمه الوزير وأعطاه مكافأة مالية قدرها 15 ألف جنيه. وأوضح أحمد: لقد كان والده يخدم الداخلية بكل ما استطاع من قوة هو وأبناء أعمامه «رجاله» حيث كان يحمي جميع محال المجوهرات بنجع حمادي. واستطرد أحمد: قائلاً إن مشاكل والده مع الشرطة بدأت عام 98 بعد مقتل «شندي» ابن عمه في الوقت الذي كان فيه هو ووالده في الإسكندرية ولكن وضع اسمه في القضية لأنه الكبير وقد حكم عليه بالمؤبد غيابياً والداخلية هي من منعته من الذهاب للمحكمة لإثبات براءته. وأوضح أن عائلته ببيت «سليمان» ليس لها أي خصومات ثأرية سوي خصومة واحدة مع عائلة «هنداوي» وتعود إلي عام 1941 وتجددت عام 1976 عندما قتل أولاد هنداوي «جده وعمه أبوشندي و4 من أبناء عمه» وكانت بداية المشكلة بسبب الخلاف ع+لي صرف الكيماوي من الجمعية الزراعية.. وقد كان والده عند مقتل جده وعمه في العاشرة من عمره وقد أخذ إخوته وأبناء عمه الثأر من عائلة «هنداوي» وتم الصلح بين العائلتين علي يد الدكتور عبدالحميد رضوان وزير الثقافة الأسبق وكبير قبيلة هوارة البلابيش وهناك مساع أخري حالياً لإنهاء آثار الخصومة من المحاسب أحمد مختار عثمان كبير البلابيش حالياً ونجل كبير النواب وعضو مجلس الشعب مختار عثمان واللواء عمر الطاهر. وقال أحمد إن من قتل والده هو الشرطة ومن تقتله الداخلية ليس له ثأر وما يقال عن اتهامه لعائلة «الراوي» بقتل والده غير صحيح فقناص الداخلية هو من أصابه من منزلهم وليس لهم ذنب لأن محدش هيقدر يقول للحكومة لأ.. وبيت «الراوي» أبلغوا والده بوجود القناصة بمنزلهم ولكن والده لم يهتم.. والدليل علي ذلك أن عائلة «سليمان» لم تقم بخطوة واحدة اتجاه بيت «الراوي» أخذاً بالثأر حتي الآن. وأشار أحمد إلي أنه يتحرك بكل حرية يذهب للمدرسة ويجلس علي المقهي ويراعي أرضه ولم يسبق أن أطلق عليه أحد الرصاص ولا يوجد من يحميه بالسلاح كما يقال ومنزله عادي جداً بالنسبة لمنزل عائلة ثرية ولكنه ليس قلعة أو حصنا.. فقد أوصاه والده بمراعاة أرضه بقوله «الزرع بيحس بصاحبه» بالنسبة لخدمة الأرض حيث كان يخدم والده أرضه بذراعه. وأوضح أن ثروة والده جاءت من عمله بمزادات الألومنيوم ومصنع السكر وحصة السمك بنجع حمادي بالإضافة إلي سفره للعمل بالعراق لعدة سنوات بخلاف ما ورثه عن والده «سعد الدين ربيع» فقد كان من كبار البلد وأغناها. مضيفاً أنه تصالح من ابن عمه «ناهض» عن طريق لجنة من كبار العائلات وقدروا إرثه بمبلغ 100 ألف جنيه في حضور اللواء محمد بدر مدير الإدارة العامة لمباحث قنا والمقدم هيثم عطا رئيس فرع البحث الجنائي والرائد أحمد يحيي رئيس مباحث نقطة حمرا دوم وأبوحزام.. فكل من حضر الصلح يعلم جيداً أن اسم والده كان شماعة لجرائم الآخرين وإلا فكيف كان يدخل والده مديرية الأمن والمحكمة ويحضر الافتتاحات وهو مطلوب لتنفيذ أحكام قضائية؟! كما التقت «الدستور» زوجة نوفل الذي بدأت كلامها بأن زوجها كان طيباً ولكن الناس ظلمته أثناء حياته وبعد موته.. فقد كانت الشرطة تدخل منزلهم كثيراً للتفتيش ولم تعثر علي شيء.. وما يقال إن الشرطة كانت ممنوعة من دخول القرية غير صحيح فقد كانت عملية المنع تستمر حتي يهرب الرجال خوفاً من الاعتقال وكان إطلاق الرصاص فوق الرءوس فقط اتباعاً لتعليمات نوفل لرجاله حيث كان يقول لهم «الراجل منكم ميسواش جنيه أما الضباط فأهلهم صرفوا عليهم ثقلهم ذهب فاحموا أنفسكم واهربوا ولا تؤذوا أحد» وكان نوفل يقضي معظم حياته مع رجال الشرطة وخدمهم كتير.. فقد كان كل أمله هو تربية أبناء إخوته وعددهم «11 يتيما». وأشارت أم أحمد إلي أن الشرطة كشرت عن أنيابها علي نوفل من كلام الناس فعندما كانوا يذهبوا للقبض علي أحد المجرمين يقول لهم «إنتو مش قادرين علي نوفل وعايزين تقبضوا علينا إحنا الغلابة». وأضافت أن زوجها كان يعيش علي أمل أن زوجة أخيه أم شندي تصالحه ليذهب إلي المحكمة ويصفي كل الأحكام التي كانت صادرة ضده.. فقد كان نوفل يتلقي العديد من الاتهامات الباطلة ومنها أن ابن خاله أحضر ناسا ونصب عليهم وقال إنه نوفل وأخذ ينادي علي أهل بيته بأسمائنا لإيهام الناس أثناء عملية بيع آثار وقد استولي علي مبلغ مالي كبير وهدد الناس بالسلاح وطردهم.. وعندما علم نوفل اتصل بالناس وأحضرهم إلي منزله وعرفوا الحقيقة ودلوه علي النصاب وعندما عرف أنه ابن خاله دفع هو المبلغ لعدم إيذائه.. فقد كان نوفل هادئ الطبع خاصة في منزله حنين جداً عليها وعلي أبنائها وأبناء إخوته. وفجرت أم أحمد مفاجأة عندما أكدت أن زوجها هو من سمح للشرطة بدخول القريتين عقب مقتل النقيب «أحمد عوض» معاون مباحث دشنا حيث حضرت ثلاث سيارات إلي المنزل في وقت متأخر وطلبوا من نوفل الذهاب معهم إلي مديرية الأمن.. وعندما سألته قال لها «ساعتين وراجع» وبعدها بعدة ساعات جاء ومعه قوة من الشرطة ودخلوا القرية وألقوا القبض علي المتهمين فطالبهم نوفل ببناء نقطة شرطة بالقرية لمنع الإجرام، وتم بناؤها بعد أن كانت النقطة عبارة عن زريبة مواشي. وأشارت إلي أن نجلها تقدم للواء مجدي أيوب - محافظ قنا - بعدة طلبات للتبرع بأرضه لبناء معهد أزهري ومركز شباب ومدرسة إعدادي في زيارته للقرية اتباعاً لوصية والده وعندما ذهب للسؤال عن الطلبات أجابه موظفو المحافظة بأنها فقدت فنحن نريد أن نعيش في سلم ونوضح للناس حقيقة نوفل الذي نعتبره ضحية من ضحايا الشرطة، خاصة أن الحقيقة ظهرت بعد وفاته بعدم انقطاع العمليات الإجرامية داخل القريتين فعمليات الاتجار في الأسلحة والخطف والمخدرات والآثار مازالت مستمرة حتي الآن ومركز نجع حمادي تشهد دفاتره علي صحة كلامي.