هكذا تقول الأسطورة: إن هؤلاء الأشباه من " المتعاطفين" مع جماعة الإخوان - من غير المنتمين أو دافعي الاشتراكات- الذين يدافعون بضراوة عنها وعن شرعية مرسي المزعومة ، أو "المتنطعين" من النخبة مدمني الثورات اللذين يهاجمون الجميع علي السواء ، يمكن أن ينجحوا في بناء وطنا حقيقيا متكاملا يحميه جيش عظيم وشرطة فاعلة تحت مظلة قضاء عادل. فكلا الفئتين ليسوا فيما أري أقلا خطرا من"الإخوان" "الإرهابيين" حاملي السلاح ذاتهم المنفذين للجرائم. فلولا "هؤلاء" ما كان "تلك", فسلم الإرهاب لم يكن ليصل إلي مبتغاه من القتل والتدمير إلا علي ظهور هؤلاء وهؤلاء. فهو يبدأ بدرج المريدين وحملة المباخر "المتعاطفين" المباركين للعمليات الإرهابية- حتي وان لم يحملوا السلاح بأنفسهم ، ليزداد ارتفاعا بدرج "النخبة المتنطعة" المنددة بحكم العسكر المبررين للإرهاب علي أنه رد فعل طبيعي لفاشية الدولة الظالمة وفشل السيسي في مواجهة الأمور بحكمة.
حقا لماذا لا يبحث هذا السيسي عن حل سحري ،كعصا موسي مثلا أو عمر نوح أو صبر أيوب أو مال قارون، لكي يستطيع الخروج بنا من تلك الكارثة دون أن يمس أحدا بسوء ،فيخرج الجميع فرحين مهللين يتبادلون القبلات والأحضان الدافئة؟ لماذا لا يفعل كآنفه فيتمني السلامة للخاطفين والمخطوفين والارهابيين والضحايا؟
لماذا لا يكتب قصائد غزليه ملتهبة ويجمع الرياحين ويلقي بها علي هؤلاء الإرهابيين الطيبين مع بعض من المعطر الوردي لتنتعش الأجواء؟ لماذا لا يحمل هذا المرسي علي الأعناق ويلقي به من جديد علي كرسي الحكم حتي يهدأ الإرهابيون ونعاود اللعب من جديد بعد أن فهم كل الدور المنوط به والتزم الجميع بقواعد اللعبة المعدة سلفا : الإخوان 'يحكمون' ، والأحباء 'يبررون' ، والنخبة "يتفلسفون"، وجنودنا "غدرا يقتلون".
يبدو أن فكرة "الثورة" عند البعض لم تكن في حقيقتها سوي حالة تمرد كاملة الأركان، شائكة المعالم. إنها حالة من التمرد الفوضوي والرفض الدائم والأبدي لكل سلطة كائنة من كانت. إنه رفض مطلق : لسلطة الحكم، وهيبة الدولة ، وقوانين المجتمع، فأصبح الوطن لدي البعض ليس سوا منفعة خاصة كل يراه كما يروق له. فهو "التنظيم" لأفراد الجماعة والمتعاطفين معهم اللذين صاروا ملكين أكثر من الملك ذاته. وهو " المواقع الالكترونية والفضائيات "للنخبة الثائرة" اللذين اكتفوا بالمشاركة في قضايا الوطن عن طريق مواقع الفيس بوك وتغريدات تويتر. فأصبحوا يديرون الدولة بمقالاتهم النارية ورؤاهم السياسية الحصيفة وتحليلاتهم الابداعية المنمقة التي لا تسمن ولا تغني من جوع ولا تقيم وطنا أو تؤمن شعبا أو تحفظ أرضا أو ترهب عدوا. فرفضوا بورع كاذب كل شئ وأدانوا هؤلاء وهؤلاء بلا فهم وبلا رؤية ، وهنأوا أنفسهم علي مواقفهم المتعقلة الحصيفة المحايدة التي لم تزج بهم في بركة الدم كهؤلاء الجنود الفاشيون ،ولكن محتمين في الوقت ذاته بهؤلاء الملعونين في مواجهة هذا الفصيل الإرهابي ولكن مع وعد غدا بمعاودة الشتائم والتخوين وصب اللعنات لتبرئة الساحة وتبيض الوجوه.
حقا لقد كشفت البيادة العسكرية عن كم هائل من الخيانات، و الجهل، والعقد والأمراض النفسية المتغلغلة في الأعماق. يبدو فيما يبدو أننا أصبحنا محاصرين في ثالوث غامض ملعون يحتل أضلعه الثلاثة: "الإخوان"، و"مريدوهم"، و"النخبة الثائرة" دائما وأبدا.
والعجيب انه إذا فعلها الجيش وانسحب تاركا الشعب الأعزل في مواجهة حتمية مع جماعة الإخوان التكفيرية المسلحة بجميع الأسلحة الخفيفة والثقيلة، والتي لم تتورع حتي عن قتل محبيها وذويها وأولي القربى أنفسهم وتقديمهم قرابين ضمانا لسلامة قادتها ليساوموا بجثثهم في سبيل خروجهم الآمن ، لكان هؤلاء أول من تعلوا أصواتهم لاعنين مولولين مستغيثين بالجيش والشرطة معا وعاتبين عليهم التراخي والتقصير.
إن هؤلاء الأشباه من " المتعاطفين" الجهلاء و"المتنطعين" الأغبياء , لهم أشد شقاء من " الإرهابيين" أنفسهم الذين يتقاضوا أجر ما يفعلون,فالشقي هو من يأخذ الدنيا ثمن خيانته أما الأشقي فهو من يخون بلا ثمن.
حقا إن " الأشباه" لا " ثوار حقيقون " سطعوا ولا " إخوان منتمون" انتفعوا!!.