سفير مصر الأسبق فى روسيا: القاهرة ماضية فى مرحلة جديدة من التعاون الاستراتيجى مع دول العالم علاقات مصر الخارجية تحتاج إلى إعادة تصحيح مسار، وتأتى زيارة المشير السيسى ووزير الخارجية أحمد فهمى إلى موسكو، كواحدة من الخطوات الجادة لتصحيح هذا المسار، بعد «فتور» فى العلاقات بين روسيا ومصر استمر لسنوات.
سفير مصر الأسبق بموسكو، رؤوف سعد، أوضح أن الزيارة الثنائية للمشير السيسى ووزير الخارجية المصرى تأتى ردا على زيارة نوفمبر الماضى من الجانب الروسى، وتعكس قرارا سياسيا بأن القاهرة ماضية فى مرحلة جديده من التعاون الاستراتيجى لا تبحث فيه عن بديل، بل تسعى لتأصيل التعاون الاستراتيجى، قائلا «فالبديل يتغير والأصيل يبقى»، حسب قوله، لافتا إلى أن وجود السيسى بصفته وزيرا للدفاع يؤكد أن البعد العسكرى يحتل مكونا أساسيا من بناء هذه العلاقات، كما أن التعاون بين مصر وروسيا ودول كثيرة فى مكافحة الإرهاب يأتى على قائمة المباحثات.
سعد أوضح أن هناك نوعا من التعاون بين البلدين فى مجال مكافحة الإرهاب، ومن منطلق أن روسيا تهتم بظاهرة الإرهاب لكونها تعانى فى داخلها من هذه الظاهرة، وتتابع عن كثب النشاطات الإرهابية، خصوصا أن هذه المنظمات تضع شعارها الدعوة للإسلام وتسعى لنشر الدعوة الإسلامية بالتجارة وليس بالاقتناع، وهو ما يهم روسيا كونها بلدا يعيش فيه تقريبا 25 مليون مسلم، وعلى حدودها الجنوبية، ما يزيد على 100 مليون مسلم.
سفير مصر الأسبق فى موسكو أضاف أن قضية المياه تعد مصيرية لمصر، والتى باتت تعانى من نقص المياه، وأنها فى مرحلة لا بد من تبنى حلول فنية جديدة لزيادة مواردها من المياه، سواء باستثمار أفضل لمياه النيل أو بأساليب أخرى لتحلية المياه أو استخدام الطاقه النووية، مؤكدا أن بناء القدرة النووية لمصر يمكن أن يأتى من خلال روسيا، خصوصا أن لديها الرغبة والقدرة على مساعدة مصر فى ذلك.
سعد أشار إلى أن زيارة السيسى تتواكب مع أزمة سد النهضة ولجوء مصر إلى الإطار الدولى للضغط على إثيوبيا، حتى لا تستمر فى بناء مشروع بهذا التصميم، موضحا أن روسيا قادرة على أحداث تغيير فى هذا الإطار.
نورهان الشيخ، أستاذة العلوم السياسية جامعة القاهرة، أوضحت أن الشراكة مع روسيا شراكة طبيعية، من منطلق الدور التنموى الذى كانت تلعبه بداية من بناء السد العالى ومصانع الحديد والصلب والألمنيوم، وغيرها من الصناعات الثقيلة التى تمت بالتعاون مع روسيا.
أستاذة العلوم السياسية أكدت أن العلاقة مع روسيا مهمه لتحديث الجيش المصرى ومكافحة الإرهاب الذى يستنزفنا كل يوم، إضافة إلى تطوير البنية الصناعية وإقامة مشروعات طموحة مثل الضبعة، خصوصا أن خبرة التعامل مع روسيا كانت ممتازة، واحتياجات مصر المستقبلية فى الصناعة والتقنية والزراعة تؤكد أن روسيا الشريك الأمثل لنثق فيه ونطمئن إليه.
وحول ما يتردد من إحلال روسيا بديلا عن الولاياتالمتحدهالأمريكية فى شراكتها مع مصر، قالت أستاذة العلوم السياسية إن روسيا أكبر من أن تكون بديلا لأحد، فهى شريك أساسى، وما يحدث الآن هو توسيع وتحديث للشراكة القائمة، ومصر تستطيع بناء شراكة مع روسيا دون تعارض لعلاقتها مع أمريكا.
الشيخ أكدت أن الزيارة فى المرحلة الحالية تمثل أهمية كبيرة وترتكز على محاور ثلاثة، أولها تحديث الجيش المصرى وإمداده بمنظومات ذات تقنية عالية، لا سيما أن أمريكا كانت حريصة على إخلال التوازن لصالح إسرائيل وعدم إمداد مصر بمنظومة حديثة، موضحة أن المحور الثانى يتمثل فى التعامل الاستخباراتى والأمنى، نظرا للخبرة الكبيرة التى تتمتع بها روسيا فى مكافحة الإرهاب وامتلاكها لقدرات معلوماتية هائلة، كما أن روسيا ساعدت مصر فى كشف كثير من المخططات التى كانت تقوم بها الولاياتالمتحدة وتركيا وقطر، وكذلك التعاون التقنى للكشف عن المفرقعات من خلال الأجهزة الحديثة التى تمتلكها.
وفى ما يخص المحور الثالث فيتمثل فى تدريب القوات المسلحة على مكافحة الإرهاب، وسوف يتم توقيع اتفاقية لتنظيم مناورات مشتركة بين مصر وروسيا.
أستاذة العلوم السياسية أوضحت أن روسيا تتمتع بخبرات كبيرة فى مجال التنقيب عن البترول والغاز، إضافة إلى أنها أكبر مصدر للسياحة فى مصر وتمدنا بأكثر من 2.5 مليون سائح سنويا قبل الثورة، كما أن السائح الروسى السائح الوحيد الذى لم تنقطع زياراته لمصر منذ قيام الثورة حتى الآن.
الشيخ أشارت إلى أن روسيا يمكن الاعتماد عليها فى إمداد مصر بالقمح، وهى فى المرحلة الحالية تمد مصر بما يقارب من ثلث ما نستورده سنويا بأسعار أقل ودون شروط سياسية بعكس الولاياتالمتحدة.
أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، عبد المنعم المشاط، أوضح أن زيارة وزير الخارجية ووزير الدفاع إلى موسكو هى تصحيح لخطأ مصرى عمره 30 عاما، بالاقتصار على علاقة قوية مع الولاياتالمتحدة فقط، وهو ما دفعنا ثمنه كثيرا، لافتا إلى أن مصر بتلك الزيارة لا تبحث عن بديل للولايات المتحدةالأمريكية، وإنما هى تعمل على إعادة بناء سياستها الخارجية، وتبحث عن التنوع فى مصادر السلاح، والتقارب من القوى المؤثرة على النظام الدولى.
المشاط أشار إلى أن مصطلح «البديل» فى السياسة الخارجية ليس له وجود، وإنما الموجود هو مفهوم «التكامل»، مشددا على أن السياسة الخارجية لأى دولة تقوم على أساس المصالح القومية لها، والمصالح القومية تتوقف على رؤية صانع القرار لها، مضيفا أن ما يحدث الآن رغبة لدى القيادة الجديدة للبلاد فى تصحيح مسار السياسة الخارجية «لكى تستفيد من أفضل ما هو موجود».
أستاذ العلوم السياسية أضاف أن وضع مصر الجيوستراتيجى يحتم عليها الاحتفاظ بعلاقات استراتيجية مع الأطراف الدولية الفاعلة، لتحقيق مصالحها الشخصية، وتوقع المشاط أن تعمل الإدارة المصرية على توطيد علاقاتها مع كل الأطراف الفاعلة فى السياسة الدولية خلال الفترة المقبلة.