للأسبوع الثانى على التوالى شهد يوم الجمعة بمعرض الكتاب تشديدات أمنية، وتفتيشا دقيقا لجميع زوار المعرض، بعد الأحداث الإرهابية التى وقعت الأسبوع الماضى، إلا أن الإقبال كان أفضل كثيرًا مما كان عليه منذ أسبوع مضى، وتسببت الإجراءات الأمنية فى وقوف الزوار فى طوابير لمدة وصلت إلى عشر دقائق. استقرار الأوضاع نسبيا، جعل كثيرا من الأسر تُقبل على معرض الكتاب فى يوم الإجازة الأسبوعية، لشراء الكتب، وأيضا لمحاولة نسيان ما شهدته مصر خلال الفترة الماضية. معرض الكتاب كان قد شهد مناقشة «حرية التعبير»، ومجموعة «أين الله» للكاتب كرم صابر الذى صدر بحقه حكم بالسجن لمدة خمس سنوات بتهمة ازدراء الأديان. الندوة التى نظمتها لجنة القصة بالمجلس الأعلى للثقافة، بحضور الكاتب الكبير بهاء طاهر، والروائية منصورة عز الدين، والكاتب كرم صابر، وأدارت الندوة الدكتورة أمانى فؤاد.
الأديب الكبير بهاء طاهر قال إن حرية التعبير دائمًا يقال عنها كلام إنشائى ولا يطبق أبدًا، فعلى سبيل المثال فى منتصف التسعينيات ألغيت الرقابة تمامًا، وكان رئيس التحرير هو الرقيب، إلا أن الرقابة أصبحت أكثر قسوة مما قبل، مضيفا أن فى المجتمع المصرى دائما ما يتغنى كثيرون بحرية الإبداع، لكن لا وجود لها بشكل حقيقى، فأحيانا نجد عبارة «بما لا يخالف القانون»، ولا أحد يعرف ما هذا القانون. طاهر أضاف أنه رغم كتاباته التى لا تعتبر جريئة فإن كثيرا من رواياته كانت تُنشر بصعوبة كبيرة، مشيرا إلى أن الكاتب الذى يسير عكس التيار يواجه مصيرا كالذى يواجهه كرم صابر حاليا بالحكم الصادر ضده.
الروائية منصورة عز الدين قالت إنها كتبت تحقيقًا صحفيًّا فى «أخبار الأدب» منذ عدة أعوام عن فكرة وجود الرقابة على مستويات مختلفة بالمجتمع، لكن الرقابة الأكبر تكون رقابة الذات، وإذا كان الكاتب صريحا مع نفسه بشكل كبير، يتخلص من هذه الرقابة، مضيفة أنه دائما يجب أن لا يفكر الكاتب فى القارئ المتخيل، حتى لا يحدث ارتباك فى أثناء الكتابة، ويحاول تعديل وتهذيب ما يكتبه، لافتة إلى أن مساحة الحرية فى التعرض للجنس على سبيل المثال فى كتابات لروائيات عربيات تعتبر كبيرة فى الفترة الأخيرة، كأنها صرخة ضد قمع الحرية الذى يتعرضون له فى المجتمع.
بينما قال الكاتب كرم صابر إنه عندما بدأ فى نشر كتاباته عام 2008، لم يتصور أبدا أن يصدر ضده حكم قضائى لما يكتبه، مضيفًا أن «أين الله» ليس تقييمًا للدين، بل انتقادًا لتصرفات المجتمع الذى يهتم بما هو ظاهرى فى الدين، والتصرفات غير الإنسانية ضد المرأة، مضيفا أن هدف كتاباته هو إبراز ما هو نبيل فى الدين، من مساواة ونشر للعدل والأخلاق الحميدة، إلا أن المجتمع لم يتقبل الانتقاد، وجعل المجموعة القصصية كأنها ضد الدين، رغم أنها ليست كذلك.
صابر أضاف أن ما كتبه ليس غريبًا فكل الناس يعيشونه يوميًّا، لكن الغريب أفعال المجتمع المتناقضة، كما أنه لا يدرى كيف يسمح المجتمع لقاض أن يصدر حكمًا قضائيًّا ضد عمل أدبى، وقد يكون هذا القاضى لم يقرأ عملا أدبيا فى حياته.
وأيضا ضمن فاعليات معرض الكتاب لمناقشة كتب من إصدار مكتبة الأسرة، ناقش الدكتور محمد حافظ دياب، والدكتور أحمد زايد، والدكتور محمد بدوى كتاب «هوية الثقافة العربية» تأليف الراحل الدكتور أحمد أبو زيد، وأدار الندوة رئيس الهيئة العامة للكتاب الدكتور أحمد مجاهد.
الدكتور أحمد مجاهد افتتح الحديث بالندوة، عن كتاب «هوية الثقافة العربية» بأن الكاتب ناقش فيه كيفية التخطيط للهوية، كما عرّف كلمة الثقافة ومفهومها فى المجتمع، بالإضافة إلى أهميتها، واختلاطها بثقافات أخرى.