زوجة الجاسم: تفاعل الناس مع قضيتنا خفف الأزمة شقيقته: أخي رفض إغراءات كثيرة لإثنائه عن طريقه المعارض.. كان الجاسم يردد دائمًا أن الكويت تستحق منا التضحية وقد كان أول من ضحي في اللحظة التي وقف فيها وزير الشئون الاجتماعية والعمل الكويتي أمام مجلس حقوق الإنسان في جنيف لمناقشة أوضاع حقوق الإنسان فيها، كان الكاتب والمحامي البارز محمد الجاسم يسلم نفسه إلي جهات التحقيق في جهاز أمن الدولة ليتم اعتقاله في 11 مايو 2010 بتهمة نشر مقالات في موقعه الإلكتروني الشهير (ميزان) بزعم أنها تنتقد حاكم الكويت وتهدد بقلب نظام الحكم. وتصاعدت الأحداث بصورة دراماتيكية سريعة، دخل خلالها «الجاسم» في إضراب طويل عن الطعام، وهو الذي يعاني مرض القلب، وقد سبق أن أجري تسع عمليات للقسطرة بالإضافة إلي عملية رئيسية للقلب المفتوح، وقد تدهورت صحته خلال فترة اعتقاله مما أدي إلي نقله مقيداً ومعصوب العينين إلي المستشفي العسكري، ثم أصدرت النيابة العامة في الكويت قرارها بتمديد فترة حجزه إلي 21 يوماً علي ذمة التحقيق، حيث لا يزال الجاسم معتقلاً في السجن المركزي في دولة الكويت. وفي منزله البسيط بمنطقة (قرطبة) جنوب مدينة الكويت العاصمة، كان ل(الدستور) هذا الحوار مع عائلة الكاتب والمحامي محمد الجاسم حول ظروف اعتقاله والأحداث التي رافقت ذلك الاعتقال. في البدء كان الحديث مع السيدة أم عمر، زوجة المعتقل محمد الجاسم، التي عبرت عن ثقتها في ثبات زوجها وقدرته علي تخطي مثل هذه الظروف التي لن تزيده إلا صلابة وعزيمة ورغبة في الثبات علي الموقف الحر الذي اتخذه. وقد رأت أم عمر في ردود أفعال الناس في الكويت، سواء علي مستوي الأهل والأقارب والأصدقاء، أو حتي علي مستوي من لا تعرفهم ممن يعلنون تأييدهم مواقف زوجها، دليلاً علي صواب خطه ومنهجه، وأن الأقاويل والتهم الموجهة إليه لم تجد طريقها إلي عامة الناس الذي يعلمون حقائق الأمور، وأن زوجها لم يحرض يوماً علي قلب نظام الحكم في الكويت كما جاء في الدعوي المرفوعة ضده. كما عبرت السيدة أم عمر عن حزنها لما آلت إليه الأمور في قضية زوجها، وقالت: إن مثل هذه المعاملة التي يواجهها الجاسم لا يستحقها من كان قلبه علي الكويت، والكثيرون هنا مستاءون بشدة لما وصلت إليه الأوضاع في الكويت، فالكويت كانت دائماً منارة للحريات ولا يمكن أن نقبل بسهولة تحولها إلي ما هو غير ذلك. سمية، البنت الكبري لمحمد الجاسم، رأت في اعتقال والدها الخطوة التنفيذية الأولي لتنفيذ مخططات البعض للسيطرة علي الكويت من خلال إبعاد كل الأصوات. وقد روت بتفاصيل دقيقة اللحظات التي عاشتها وأسرتها في محاولات الوصول إلي والدها عندما نقل إلي المستشفي العسكري للعلاج بعد تدهور صحته. ووصفت كيف أرعبها منظر الجنود المخصصين لحراسة غرفته بالمستشفي، وكيف أنها بكت أمام الضابط المسئول عن الجناح الطبي كي يسمح لها برؤية والدها ولو من بعيد، إلا أن الضابط أعرب لها عن عدم قدرته علي تجاوز الأوامر التي تمنع زيارته. أما الابن الأكبر، عمر، فيقول: كنا دائماً مهيئين لمثل هذه الظروف، حيث كان والدنا يذكرنا دائماً بأن نحسب حساب مثل هذا الوقت العصيب، وأننا يجب أن نكون علي استعداد للتعامل مع احتمالات اعتقاله تحت أي سبب ولأي مدة، فمن يخوض مثل هذا المجال لا بد أن يعي عواقبه، الحرية ثمنها باهظ. وقد كان الوالد يشرح لنا دائماً الأوضاع السياسية المحيطة ويوضح لنا نظرته للأحداث وتوقعاته المستقبلية حتي نكون قادرين علي التكيف مع أي وضع طارئ، وقد حدث الآن ما كان يحضرنا له. وتحدثت شقيقة المعتقل، وفاء الجاسم، عن قدرة أخيها علي الثبات والصمود أمام المغريات العديدة التي كانت تقدم له من أجل أن يتنازل عن مواقفه وأن يتجنب الخوض في القضايا التي قد لا تعجب البعض، وكيف أنه كان يردد دائماً وعلي مسامع الجميع، بأن الكويت تستحق منا التضحية، وقد ضحي شقيقي ولا يزال للكويت، وبإذن الله لن تذهب تضحياته دون نتيجة إيجابية للكويت وأهلها.