عندما اشتد الصراع بين النبي و كفار مكة ظهر المنافقون ، و عندما اشتدت الفتنة بين على و معاوية ظهر الخوارج ، وعندما احتدم الخلاف بين الدولة والاخوان ظهر التيار الثالث و حزب مصر القوية . التيار الثالث هو خليط من المنافقين و الخوارج ، و المنافقون في الدرك الأسفل من النار ، و الخوارج هم كلاب جهنم . خطورة هذا التيار أنه يظن أنه امتلك الحقيقة الكاملة التي لا يملكها غيره ، مجموعة من الجهلة الذين لا يملكون عقلا يميزون به بين الحق والباطل ، فكلاهما عندهم سواء . التيار الثالث هو مجموعة من المحايدين أو بالأحرى مدعي الحياد الذين توعدهم دانتي في كتاب الكوميديا الإلهية بقوله : " أظلم وأسوأ حجرات الجحيم محجوزة لهؤلاء الذين يبقون على الحياد فى أوقات المعارك الأخلاقية العظيمة " ، و كأن دانتي يستلهم قول الحق تبارك وتعالى : " إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا " . أسوء من الإرهابي هو المحايد الذي يدافع عنه ، و عن حقه في ممارسة العنف ، و حقه في الترويج الإعلامي لأفكاره المتطرفة ، و يهاجم كل من يدعم أجهزة الأمن في مواجهة الإرهاب ، و يعتبره عميلا لجهاز الأمن الوطني . هذا التيار على ضعفه و قلة عدده إلا أنه كالكلاب النابحة ، مزعجة و تعطي أنطباعا أكبر من حجمها ، يفزع الجبناء و المرتعشين الذين يرعبهم الإتهام بالإنحياز للدولة في مواجهة الإرهابيين ، و يزعجهم الإتهام بعدم الإستقلالية و الحياد أو أنهم مطبلاتية للسلطة . لو كان المدافعون عن الدولة في مواجهة إرهاب خصومها وصوليين و متملقين و مطبلاتية ، فعلينا أن نسأل هل كان حسان بن ثابت شاعر الرسول مطبلاتيا ، حين مدح قتل الصحابة لشاعر اليهود كعب بن الأشرف و سلام بن أبي الحقيق ، بعد أن أمر النبي بقتلهما ؟ ، قال حسان : لله در عصابة لاقيتهم يا ابن الحقيق وأنت يا ابن الأشرف يسرون بالبيض الخفاف إليكم مرحا كأسد في عرين مغرف حتى أتوكم في محل بلادكم فسقوكم حتفا ببيض ذفف مستنصرين لنصر دين نبيهم مستصغرين لكل أمر مجحف و تهمة بن أبي الحقيق أنه حزب الأحزاب ضد المسلمين وأعانهم بالمؤن و الأموال ، أما بن الأشرف فكانت تهمته إنشاد أشعار يبكي فيها على أصحاب القَلِيب من قتلى المشركين ، يثير بذلك حفائظهم، ويذكي حقدهم على النبي صلى الله عليه وسلم، ويدعوهم إلى حربه . ولما علمت اليهود بمصرع أكابر مجرميهم دب الرعب في قلوبهم العنيدة، وعلموا أن الرسول صلى الله عليه وسلم لن يتوانى في استخدام القوة حين يري أن النصح لا يجدي نفعاً لمن يريد العبث بأمن الدولة وإثارة الاضطرابات وعدم احترام المواثيق، فلم يحركوا ساكناً لقتل طواغيتهم، بل لزموا الهدوء، وتظاهروا بإيفاء العهود، واستكانوا، وأسرعت الأفاعي إلى جحورها تختبئ فيها . و أمثال كعب بن الأشرف اليوم كثر ، يبكون على قتلى رابعة والنهضة ، و يخرجون على قناة القواعد الأمريكية المشهورة بقناة الجزيرة ، يطالبون بمحاكمة السيسي أمام المحاكم الدولية . لقد أمر النبي بقتل شاعر و لم يهتم بما يقوله أنصار التيار الثالث الآن عن حرية الرأى و التعبير ، لأن الخيانة والتأمر على الدولة و أمنها ليس وجهة نظر يحق للمثقفين التعبير عنها دون عقاب . إننا كمثقفين أمام شاعرين في عهد النبوة ، أولهما هو حسان بن ثابت الذي شملته الدولة برعايتها و أهتمامها لأنه يدافع عنها ، و هي المؤيدة بكتاب الله و رسوله ، ومع ذلك احتاجت إلى مثقفين يدافعون عنها و عن سياساتها ، و الآخر هو كعب بن الأشرف الذي حكمت عليه الدولة بالإعدام لأنه هدد أمنها و أمن مواطنيها . و علينا أن نختار أي الشاعرين يمثلنا و يعبر عنا ؟ . المدافعون عن الدولة و أمنها من الكتاب و المثقفين في مواجهة جماعة الاخوان الارهابية و أنصارها من عملاء الغرب ليسوا منافقين ولا مطبلاتية للنظام ، لكنهم أتباع مخلصون لشاعر النبي حسان بن ثابت المؤيد بروح القدس . أما معارضو الدولة الآن من أنصار التيار الثالث فهم أتباع كعب بن الأشرف ، وواجب الدولة أن تتعقبهم و لا ترحم منهم أحدا ، و لا تهتم بإعلام القواعد الأمريكية أو تعيره إهتماما . لقد انتهى زمن كان المثقفون فيه يتباهون بمعارضتهم لعبد الناصر ، و يفتخرون باعتقالهم في عهده ، حتى إذا مات راحوا يبكونه ويتحسرون علي سني حكمه . يجب أن نتعلم من أخطاء من كان قبلنا ، و لا نبحث عن مجد زائف في معارضة نظام يواجه أمريكا في معركة الحفاظ على وحدة الوطن . يا أتباع حسان بن ثابت ، أيها المدافعون عن الدولة و أمنها ، لا تخذلوا السيسي حيا و تبكوه ميتا ، كما فعل مثقفو ستينيات القرن العشرين مع الزعيم خالد الذكر جمال عبد الناصر . يا أتباع حسان بن ثابت اثبتوا ، و اعلموا أن الدفاع عن الدولة و أمنها ليس سبة أو تهمة أو جريمة ، ولكنه فخر و شرف و مجد ، من حق الدولة أن يكون لها إعلام يدافع عنها في مواجهة إعلام القواعد الأمريكية و أنصار التيار الثالث وعملاء الإخوان من أمثال أعضاء حزب أبي الفتوح .