رئيس مجلس الشيوخ: قانون الاجراءات الجناىية خطوة تشريعية تاريخية    المؤتمر: المشاركة الواسعة في المرحلة الأولى تؤكد وعي المصريين وإيمانهم بالديمقراطية    نقابة المهندسين بالإسكندرية: المهندس عبد الله الحمصاني تخصص بتروكيماويات ولا يعمل في الكيمياء النووية    مدير التعليم الفني بالمنوفية يتابع سير العملية التعليمية بعدد من المدارس    رئيس الوزراء يتابع جهود جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية    محافظ القاهرة يوجه بالإسراع فى إنهاء إجراءات التقنين بمنطقة شق الثعبان    ارتفاع 35 جنيهًا.. سعر الذهب اليوم الخميس 13-11-2025 في الصاغة    وزير الداخلية يبحث مع نظيره التركي تعزيز التعاون الأمني ومكافحة الجريمة    نتنياهو: محاكمتي تضر بالمصالح الأمريكية والإسرائيلية.. ولا أخشى السفر إلى نيويورك    عون: نرحب بأي مشاركة أوروبية في حفظ الاستقرار بعد انسحاب "اليونيفيل"    «الأوروبي للدراسات»: الكرملين يتوقع تفاوض أوكرانيا بعد التفوق الروسي    موعد مباراتي منتخب مصر المشارك في كأس العرب أمام الجزائر وديا    السجن 3 سنوات لممرضة أشعلت النار داخل 7 غرف رعاية بمستشفى حلوان العام    المشدد 10 سنوات لبائع خضار قتل مُسنة بسبب خلاف على لهو الأطفال بقنا    بصوت صاحبة السعادة.. تكريم أعلام التلاوة المصرية في "دولة التلاوة"    مصطفى حسني: تجربتي في لجنة تحكيم دولة التلاوة لا تُنسى.. ودوّر على النبي في حياتك    الشيخ خالد الجندي: كل لحظة انتظار للصلاة تُكتب في ميزانك وتجعلك من القانتين    الدكتور خالد عبدالغفار يبحث مع وزير الصحة العراقي سبل تعزيز العمل بمجالات التعاون المشترك    ننشر رابط التسجيل الالكتروني للتقدم ل امتحانات «أبناؤنا في الخارج» 2026    المجلس الوطني الفلسطيني: قوات الجيش الإسرائيلي لا تزال موجودة على 54% من مساحة قطاع غزة    «مش بتحب الخنقة والكبت».. 3 أبراج الأكثر احتمالًا للانفصال المبكر    بروتوكول بين الهيئة المصرية البترول ومصر الخير عضو التحالف الوطني لدعم القرى بمطروح    بأوامر الرقابة المالية.. حسام هنداوي ملزم بترك رئاسة شركة الأولى بسبب أحكام قضائية    وزير الأوقاف: بنك المعرفة المصري أداة لتمكين الأئمة ودعم البحث العلمي الدعوي    جلسة حوارية حول النموذج التحويلي للرعاية الصحية الأولية في مصر    بسبب فشل الأجهزة التنفيذية فى كسح تجمعات المياه…الأمطار تغرق شوارع بورسعيد وتعطل مصالح المواطنين    إعلان موعد خروج الفنان محمد صبحي من المستشفى    شاهدها الآن ⚽ ⛹️ (0-0) بث مباشر الآن مباراة العراق ضد الإمارات في ملحق آسيا لكأس العالم 2026    إخماد حريق شب في عقار بالفيوم    المركز الإعلامي لمجلس الوزراء: أكثر من 700 مادة إعلامية نُشرت حول افتتاح المتحف المصري الكبير في 215 وسيلة إعلامية دولية كبرى    الصحة: مصر حققت تقدما ملحوظا في تقوية نظم الترصد للأوبئة    الدقيقة الأخيرة قبل الانتحار    سر رفض إدارة الكرة بالزمالك لتشكيل اللجنة الفنية    محمد عبد العزيز: ربما مستحقش تكريمي في مهرجان القاهرة السينمائي بالهرم الذهبي    جراديشار يصدم النادي الأهلي.. ما القصة؟    عاجل- أشرف صبحي: عائد الطرح الاستثماري في مجال الشباب والرياضة 34 مليار جنيه بين 2018 و2025    التنسيق بين الكهرباء والبيئة لتعظيم استغلال الموارد الطبيعية وتقليل الانبعاثات الكربونية    محافظ الغربية: كل شكوى تصلنا نتعامل معها فورا.. ومتفاعلون مع مطالب المواطنين    القسام تستأنف البحث عن جثث جنود الاحتلال    ليفاندوفسكي على رادار ميلان وفنربخشة بعد رحلته مع برشلونة    إجراء 1161 عملية جراحية متنوعة خلال شهر أكتوبر بالمنيا    وزير الصحة يُطلق الاستراتيجية الوطنية للأمراض النادرة    في قلب الشارع.. قتل مهندس كيمياء نووية مصري ب13 رصاصة في الإسكندرية    باريس سان جيرمان يحدد 130 مليون يورو لرحيل فيتينيا    متحدث الأوقاف: مبادرة «صحح مفاهيمك» دعوة لإحياء المودة والرحمة    رئيس جامعة قناة السويس يكرّم الفائزين بجائزة الأداء المتميز عن أكتوبر 2025    الغنام: إنشاء المخيم ال17 لإيواء الأسر الفلسطينية ضمن الجهود المصرية لدعم غزة    موعد شهر رمضان 2026.. وأول أيامه فلكيًا    ندب قضاة ومنفعة عامة.. قرارات جديدة لرئيس الوزراء    «مبروك لحبيبتي الغالية».. فيفي عبده تهنئ مي عز الدين بزواجها    إيطاليا تواجه مولدوفا في اختبار سهل بتصفيات كأس العالم 2026    الداخلية تلاحق مروجى السموم.. مقتل مسجلين وضبط أسلحة ومخدرات بالملايين    ضبط 5 أشخاص أثناء التنقيب عن الآثار داخل عقار بالمطرية    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 13نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا    إنهاء أطول إغلاق حكومى بتاريخ أمريكا بتوقيع ترامب على قانون تمويل الحكومة    10 صيغ لطلب الرزق وصلاح الأحوال| فيديو    صاحب السيارة تنازل.. سعد الصغير يعلن انتهاء أزمة حادث إسماعيل الليثي (فيديو)    «البورصة» تدخل «الذكاء الاصطناعي» لخدمة المستثمرين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.




نشر في الدستور الأصلي يوم 31 - 12 - 2013

كان الرجل مملًّا جدًّا جدًّا، ومع ذلك بدا لى طيبًا ومهذبًا رغم ثقل ولزوجة الصمت الرهيب الذى كنت مضطرًّا إلى الانحشار فيه معه زمنًا طال أكثر من قدرتى على الاحتمال.

ولكى أساعد نفسى على عبور كل هذا الملل والخروج منه بأقل قدر ممكن من الأضرار العصبية والنفسية تركت عقلى يسرح ويشطح فى أى حاجة والسلام. ولسبب ما زلت أجهله فقد ذهب بى السرحان والانشطاح إلى نص طريف فى جدته وساحر فى فكرته، كتبه قبل أكثر من قرنين المفكر والمصلح الاجتماعى الفرنسى ذائع الصيت المرحوم سان سيمون، وقد أطلق الناس على هذا النص اسم «أمثولة سان سيمون» ومن يومها وحتى الساعة هو ومبدعه وحدة واحدة لا تنفصم!!

المهم.. تذكرت هذه «الأمثولة» الرائعة وصاحبها وابتسمت، ثم وجدت نفسى رغما عنى أسأل الرجل الطيب الصامت الممل المحشور معى، مباشرة ومن دون مقدمات: حضرتك تعرف المرحوم سان سيمون؟!

أدهشنى أن الرجل لم يندهش من السؤال، لكنه ظل على صمته واكتفى بأن أتحفنى ببقية ابتسامة هزيلة ألحقها بإيماءة خفيفة تركنى أفهم منها أنه فعلا ولحسن الحظ يعرف هذا المصلح والمفكر الشهير، غير أننى تجاهلت معنى الإيماءة وافترضت أن الرجل لا يعرف حقا المرحوم سان سيمون، وانطلقت أشرح بحماس حكاية مذهب «السان سيمونية» المنسوب لهذا المفكر الذى عايش أحداث الثورة الفرنسية وأنفق عمره كله وهو يدعو ويبشر بأفكار تقدمية وخيالات نهضوية، لها جميعا تقريبا طعم الأحلام، ولكنها ترسم صورة لمجتمع إنسانى فاضل ونموذجى يزهو ويزدهر بالبراءة والتطهر من كل صنوف الظلم والعسف والجور والاستغلال والتخلف.

أنهيت المحاضرة تلك ونظرت فى وجه الرجل فلم أعثر لها على أى أثر من أى نوع، لكن هذه الحقيقة المادية لم تفت فى عضدى ولم تنل من تصميمى على نقل شطحتى من حيز عقلى إلى الحيز العلنى الصامت الممل، لهذا أمعنت فى الجرأة وعدت أسأل رفيق الملل إن كان يعرف نص «أمثولة سان سيمون».. طبعا لم يجاوب ولا اندهش، ولا حتى استعان بأى إيماءة وإنما بقى شاخصا لى بملامح حجرية تماما، وكان ردى أنا أن تجاهلت تجاهله وضغطت بشدة «متعمدا» على طيبته وأدبه الصامت فأسرفت فى الوقاحة، وعدت أسأل: طيب حضرتك تعرف معنى كلمة «أمثولة»؟!

هذه المرة فاجأنى بأنه حطم صمته وأسمعنى صوته لأول مرة منذ انحشرنا معا فى زنزانة الملل، إذ قال باقتضاب: أيوه أعرف معناها..

فرحت جدا وفاض حماسى، وانطلقت أشرح كيف أن نص «أمثولة سان سيمون» يتمحور حول سؤال افتراضى مزدوج شطره الأول يتعلق بما يمكن أن يحدث لفرنسا لو فقدت فجأة أهم علمائها فى الفيزياء والكيمياء والهندسة والصيدلة والطب والرياضيات، وأهم أدبائها وشعرائها ورساميها وموسيقييها وصناعها وعمالها المهرة وأبرع حرفييها من نجارين وسباكين وحدادين وخبازين وساعاتية.. إلخ؟

وقد كانت إجابة سان سيمون، أن فرنسا لو فقدت كل هؤلاء فإنها ستنهار وستسقط فورا، وستفقد مكانتها بين أمم الدنيا وتصبح جسدا بلا روح.

أما الشطر الثانى من سؤال المفكر الفرنسى، فقد كان عن حال فرنسا إذا احتفظت بصناعها ونوابغها ومبدعيها جميعا، لكنها بالمقابل فقدت شقيق الملك وزوجته وأى عدد من الأمراء والنبلاء وكل الوزراء والمفتشين والمحافظين وكبار رجال الدين والأثرياء الكبار وباقى الطبقة المترفة فى المجتمع.. ماذا ستخسر؟! وقد أجاب سيمون بأن رحيل هذا الصنف الأخير من الناس سيؤدى إلى شعور كثير من المواطنين الطيبين بشىء من الألم والحزن، غير أن الأمة الفرنسية لن تخسر أى شىء نتيجة غياب هؤلاء، بل ربما تكسب.

ختمت هذا الشرح للأمثولة «السان سيمونية» وعدت أتفرس فى وجه رفيقى فهالنى اهتمامه البادى من نظراته التى زايلها الخمول واكتست ببريق لا تخطئه عين، وهو أمر أنعش معنوياتى وشجعنى على سؤاله من جديد: ماذا يا صديقى لو حاولنا تمصير الشطر الثانى من سؤال هذه «الأمثولة»، يعنى تخيل معى حضرتك حالتنا وصورتنا وطعم دنيانا لو لم يكن سوء الحظ وقدرنا الأسود ابتلانا بجماعة الشر الإخوانية لكى تلوث حيواتنا وتسوّئ سمعتنا وتعرقل تقدمنا وتسوّد عيشتنا كل هذا الزمن.. ألا تشاركنى الرأى بأن الحياة من غيرها كان لونها غالبا سيصير بمبى مسخسخ على الأقل؟!

رد رفيقى بضحكة رائقة مجلجلة بددت الصمت والجهامة والملل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.