حذر خبراء سياسيون وأكاديميون من اطمئنان الجانب المصري إلي التحالف مع السودان في ملف حوض النيل مؤكدين أن التطورات السياسية التي تشهدها السودان تجعل من الصعب التنبؤ بموقف الجنوب السوداني تجاه الاتفاقية المنفردة التي وقعتها دول المنابع، وقال الدكتور محمود أبوالعينين - عميد معهد البحوث والدرسات الإفريقية - خلال ندوة نظمها مركز البحوث السياسية التابع لكلية الاقتصاد بعنوان «مدخل إلي العمل الإقليمي لمصر في حوض النيل» لابد من أن تضع مصر في حساباتها تجاه العلاقة مع السودان أنها ستتعامل مع بلد واحد بنظامين مختلفين لا نعرف حتي الآن كيف يتعاطي أحدهما مع تلك الأزمة، مشيراً إلي أن الجنوب السوداني إذا ظهر في صورة دولة مستقلة فإنه سيمثل حاجزاً خطيراً بين مصر وشمال السودان ودول الحوض. لذلك فمن المهم تنشيط العلاقات المصرية مع الجنوب، خاصة أن الجانب الإثيوبي الذي يقود دول الحوض ضد مصر والسودان يدرك جيداً أن العلاقة بين البلدين ليست علي المستوي المطلوب. وأشار أبوالعينين إلي أن البدائل المتاحة أمام مصر لبناء موقف تفاوضي يعيد الهيبة للدور المصري في أفريقيا بدأ بتكوين جبهة قوية مع السودان بطرفيه والسعي بكل السبل لتوفيق الأوضاع بين الجانبين، لأن السودان في الفترة المقبلة قد يختلف بشكل كبير عن السودان الذي اعتدنا علي التعامل معه موضحاً ضرورة البحث عن صيغة مناسبة لاستئناف وتفعيل اتفاقية الدفاع المشترك وعمل جبهة قوية تلجأ إليها مصر سياسياً وعسكرياً. وأضاف: علي مصر أن تطور من نشاطها الإقليمي للضغط علي تكتل دول المنابع مطالباً جامعة الدول العربية بمساندة مصر، إذ لا يمكن اتخاذ أي موقف قانوني أو سياسي في الوقت الذي تقوم فيه دول عربية بالتوسع في أعمال البيزنس مع دول الحوض. وأضاف الدكتور مغاوري دياب - خبير المياه، ورئيس جامعة المنوفية الأسبق - أن النظرة الموضوعية لطبيعة حوض النيل تؤكد ضرورة الاهتمام بمنطقة وسط وجنوب السودان، مؤكداً ضرورة تغير سياسة مصر المائية بشكل جذري سواء تعلق ذلك التغيير بالشخصيات أو الآليات بهدف الابتعاد عن العمل الفردي، مضيفاً: من الواضح أن هناك تكتلاً ضد السياسة المصرية من دول الحوض بعد توقيع كينيا وانضمام الكونغو للاتفاقية بشكل يؤكد أن مصر تتعرض للابتزاز لا ينفع معه استمرار التفاوض في المرحلة الحالية لأن مصر لا يجب أن تخضع لأي ضغوط. وقال الدكتور ضياء الدين القوصي - أستاذ المياه المتفرغ بمركز البحوث المائية - إذا كانت مصر والسودان جادتين في التصدي للملف فيجب البدء علي الفور في تنفيذ المشروعات التي طرحها كبار الأساتذة منذ عشرات السنين للاستثمار في أفريقيا. من جانبه أكد السفير نبيل بدر - مساعد وزير الخارجية الأسبق، وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية - ضرورة بدء مشروعات تنموية في جنوب السودان لتعزيز الموقف المصري في التفاوض ولتعويض النقص المائي المحتمل مشككاً في إمكانية لعب الجامعة العربية أو الدول العربية دوراً مؤثراً لدعم مصر في قضيتها مع دول الحوض. أما هاني رسلان - رئيس برنامج دراسات السودان وحوض النيل بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية - فقد حذر من الاستناد إلي التحالف السوداني قائلاً: إن الجنوب السوداني له لسانين يتحدث بأحدهما إلي مصر وبالآخر لإثيوبيا و لايمكن الوثوق في موقفه في الوقت الحالي.