زاخر: ما يحدث الآن ليس صراعًا مسيحيًّا إسلاميًّا.. بل صراع مدنى دينى الحوار الذى أجره «الدستورالأصلي» مع الأنبا بولا، أسقف طنطا وممثل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بلجنة الخمسين لتعديل الدستور، أثار ردود فعل واسعة بين مفكرين وسياسيين أقباط، ومنهم من أيده فى موقفه الرافض لوجود نص مادة 219 فى ديباجة الدستور ورفض إلغاء كلمة مدنية، ومنهم من أيد نفس الكلام، لكنه تحفظ على وجود ما يسمى «ممثل الكنيسة»، أو«ممثل الأزهر» داخل لجنة الدستور، باعتبار أن الدستور يكتبه سياسيون وقانونيون، كما نوه إلى أنه لا بد أن يبتعد ممثلو الكنائس عن معركة مادة 219 ويتركوها للقوى المدنية حتى لا تستغل من قبل الإخوان.
الأنبا بولا، فى حواره، أعلن عن رفضه لما آلت إليه الأمور بعد التصويت بنسبة 10 مقابل 4 داخل لجنة مقومات الدولة على حذف 219، ووضع كلمة «مدنية»، فى مادة 1 الخاصة بتعريف مصر، ثم خروج ممثلى الأزهر والسلفيين ليرفضوا ما تم، ويتم الاستجابة لهم بحذف كلمة مدنية ووضع جوهر مادة 219 فى ديباجة الدستور.
المفكر القبطى كمال زاخر، منسق التيار العلمانى، وصف ما قام الأنبا بولا بطرحه خلال الحوار ب«الموضوعى»، مضيفًا «وبالتالى نؤيد كلامه والنتائج التى وصل إليها»، موضحًا «نحن أمام وثيقة تحدد شكل الدولة، وبالتالى يجب التصدى لفكرة ما جاء بمادة 219»، مؤكدًا أن ما يحدث الآن ليس صراعًا مسيحيًّا إسلاميًّا، بل صراع مدنى دينى.
وحول تلويح الأنبا بولا بالانسحاب حال استمرار الوضع كما هو عليه، قال زاخر إن الانسحاب هنا آلية من آليات الضغط والتعبير عن وجهة النظر، وبالتالى آلية متاحة وليس عليها أى ملاحظات طالما يتم التلاعب بفكرة الأغلبية والأقلية فى التصويت، وهى أساس الديمقراطية، مضيفًا: «لا نريد أن نتحمل كأقباط أو كنيسة وزر دستور معيب تحاسبنا عليه الأجيال القادمة، فقد تعدينا مرحلة الحقوق وصار صراع وجود»،
وحول تخصيص «كوتة» للأقباط، قال زاخر إن التسمية الصحيحة هى «التمييز الإيجابى»، وهى آلية من آليات ضبط المشهد لفترة مؤقتة، وطالب أن ينص الدستور على المساواة وإتاحة الفرصة بالتساوى للجميع، ومن خلالها يتم وضع قوانين تحقق ذلك، وتكون لفترة مؤقتة لنعود إلى النظم الطبيعية، مشيرا إلى أن «فى فترة كالتى نمر بها الكلام على التمييز الإيجابى له مبرره لعلاج بعض السلبيات».
ومن جانبه، قال المفكر والسياسى جمال أسعد إنه يتحفظ على تمثيل الأقباط فى ما يسمون «ممثلو الكنائس»، فهذا تكريس للطائفية وتكرار لسياسات طائفية خطيرة، وهو إصرار أن الأقباط ليسوا مواطنين وليسوا تابعين للدولة بل للكنيسة.
.وفى ما يخص اللجنة، قال أسعد إن مجمل أعمالها للأسف لم تعتمد ما يسمى بالتوافق بل التوفيق الذى يؤدى إلى التلفيق، ما يعنى إنها تريد مراضاة كل الاتجاهات، موضحًا أنه فى ما يخص الهوية الإسلامية فهى لعبة تتاجر بها الأحزاب الدينية، لأنه لا خلاف حولها لا من المسلمين أو غير المسلمين.
أسعد لفت إلى أن التركيز على فكرة الهوية الإسلامية والخلاف على مادة 219 أو فى تعريف مبادئ الشريعة الإسلامية، وهى حسب المتفق عليه منذ 1971 حسب تعريف المحكمة الدستورية، «هى مبادئ قطعية الثبوت وقطعية الدلالة»، وتعنى أنها الثقافة العليا للإسلام، وتعطى الجميع حقوقهم مسلمين وغير مسلمين، أما التزيد ب219 والسماح لكل من «هب ودب» باقتراح أفكار فقهية مرتبطة بالزمان والمكان ولا وجود لها الآن، فهى تفقد التشريع صلاحيته والدستور مصدقيته.
أسعد انتقد الأنبا بولا بأن يكون هو المعترض على مادة 219 حتى لا يستغلها الإسلاميون الذين يتربصون بالأقباط ويحولونه لصراع، موضحًا أنه يجب أن يترك الاعتراض لبقية أعضاء اللجنة والرأى العام.