هذه هى طريقة أن نتقدم ونمضى فى طريقنا، أن لا نضع الإخوان فى بالنا خالص.
نعم الإخوان شأن أمنىّ ونفسىّ من هنا ورايح، فلا حلَّ سياسيًّا معهم، ولن يكون فى إطار إجرامهم وخيانتهم للبلد.
ثم لا حلَّ فكريًّا ثقافيًّا معهم، فهذه جماعة تكفيرية وعنصرية تتعامل على أن المسلمين هم أعضاؤها، والأغيار من خارجها جاهليون، وهذه عقيدة حسن البنا المتطرفة دون أى مساحيق تجميلية، وزادها سيد قطب وضوحًا وانفضاحًا.
الحل الأمنى فى مواجهة وملاحقة مخططاتهم ومؤامراتهم، ثم الحل الآخر المطروح مع الجماعة هو الحل النفسى، فهؤلاء مَرضَى الجماعات المنغلقة التى تجنِّد أعضاءها من طفولتهم وصباهم حتى شيبتهم، فتعلِّمهم الكذب المنحط وازدواج الشخصية والخداع والتضليل.. أسلحة التعامل مع المجتمع الجاهلى الذى لم يحظَ بشرف الانحناء وتلبيس المرشد الجزمة.
هذه جماعة تغسل عقول أفرادها وتحوِّلهم إلى قُطْعان وراء راعيهم وتسوقهم كما تهوى، ويصبح العضو أمام مرشده كالميت فى يد مغسِّله. وهؤلاء أدعياء التدين لا يتورعون -فى انفصام شخصية مذهل- عن السَّبّ والشتيمة، وقلة الأدب والضرب والاعتداء والقذارة فى مواجهة خصومهم، مستحلِّين معهم كل شىء من السفالة والشماتة والفبركة والكذب إلى التعذيب والقتل والتمثيل بالجثث.
ثم هؤلاء -كما هو واضح من قفص المهاويس فى محاكمة مرسى- منفصلون عن الواقع فى عزلة شعورية تامة عن الحقيقة ككل أعضاء الجماعة خارج القفص الذين تعاملوا مع هستيريا مرسى على أنها بطولة، وعدم ارتدائه الملابس البيضاء على أنها صمود، والتكلم عن بضعة آلاف أمام المحكمة من قُطَّاع الطرق والمعتدين على العابرين والإعلاميين بأنهم الشعب.
إذن لا حلَّ إطلاقًا إلا الأمن وعلم النفس، أما أن نفكر فيهم أبعد من ذلك، فهذا معطِّل ومُرهِق وبلا طائل.
هيا بنا نترك للأمنيين ولعلماء النفس حل معضلة التعامل مع مجموعة خونة وجماعة مريضة ونتفرغ لمشكلات البلد ولحل معضلات الواقع ومهام المستقبل.
لا يوجد أى انقسام سياسى فى مصر، ولا يوجد أى اضطراب، ولا تستسلموا لكلام الإخوان وطابورهم الخامس وميكروفونات الغرب المضللة جهلا أو عمدًا، فمصر لم تشهد إجماعا كما تشهده الآن، فأكثر من تسعين فى المئة من المصريين (قارن مثلا بين مظاهرات 26 يوليو وكل مظاهرات الإخوان اللاحقة) يُجمعون على رفض التيار المتاجر بالدين وإرهاب الإخوان وحلفائهم، ثم هم مجمعون على خريطة لبناء مصر، ولا أحد محتار ولا مرتبك أو مشوَّش إلا أمثال عبد المنعم أبو الفتوح، فحيرتهم وارتباكهم من كيفية مداراة ولائهم للإخوان أو كراهيتهم للدولة المصرية ولجيش 23 يوليو، وليست لأى حيرة أخرى. ثم لا شىء يعكِّر هذا الإجماع الشعبى إلا الاستنزاف الذى يحاوله الإخوان وموالوهم وإذا به كل يوم ينفضح أكثر ويتآكل ويتعرَّى ويبدو على حقيقته تماما فى حاجة إلى علاج أمنى ونفسى..